صور لم تلتقطها عدسات المصورين


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخطبة الأولى:

أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله حق التقوى.

معاشر المسلمين، نستشهد دائمًا ويستشهد الكثيرون من الناس على عداوة اليهود بقوله - تعالى -: \"لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لّلَّذِينَ ءامَنُوا اليَهُودَ وَالَّذِينَ أَشرَكُوا \" [المائدة: 82]، من حيث إنها تتضمن أمرًا ظاهرًا مكشوفًا يجده كل إنسان، والذي يلفت النظر في صياغة العبارة هو تقديم اليهود على الذين أشركوا في صدد أنهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا، وأن شدة عداوتهم ظاهرةٌ مكشوفة وأمرٌ مقرر يراه كلُ من يرى ويجده كلُ من يتأمل، والعطف بالواو في التعبير العربي يفيد الجمع بين الأمرين ولا يفيد تعقيبا ولا ترتيبا، ولكنَّ تقديم اليهود هنا مع أنهم أهل كتاب على المشركين يجعل لهذا التقديم شأنًا خاصا غير المألوف، وهو يوجه النظر إلى أن كونهم أهل كتاب لم يغير من الحقيقة الواقعة شيئًا، وهي أنهم كالمشركين في العداوة أو أشد من المشركين عداوة.

 

إخوة الإسلام، وحين يستأنس الإنسان في تفسير هذا التقرير الرباني بالواقع التاريخي المشهود، منذ فجر الإسلام وحتى هذه اللحظة الحاضرة، فإنه لا يتردد في تقرير أن عداء اليهود للذين آمنوا كان دائما أشدَّ وأقسى وأعمق إصرارًا وأطول أمدًا من عداء الذين أشركوا.

 

لقد واجه اليهود الإسلام بالعداء منذ اللحظة الأولى التي قامت فيها دولة الإسلام بالمدينة، وكادوا لأمة الإسلام منذ اليوم الأول الذي أصبحت فيه أمة، وتضمن القرآن الكريم من التقريرات والإشارات عن هذا العداء وهذا الكيد ما يكفي وحده لتصوير تلك الحرب المريرة التي شنها اليهود على الإسلام وعلى رسول الإسلام وعلى الأمة الإسلامية في تاريخها الطويل، والتي لم تخبُ لحظة واحدة قرابة أربعة عشر قرنًا، وما تزال حتى هذه اللحظةِ يتسعر أوارها في أرجاء الأرض جميعًا، استخدموا في ذلك كلَّ الأسلحة والوسائل التي تفتقت عنها عبقرية المكر اليهودية، وأفادتها من قرون السبي في بابل والعبودية في مصر والذل في الدولة الرومانية، ومع أن الإسلام قد وسعهم بعدما ضاقت بهم الملل والنحل على مدار التاريخ فإنهم ردوا للإسلام جميله عليهم بأقبح الكيد وأشنع المكر منذ اليوم الأول في تاريخ الإسلام وإلى اليوم.

 

ولكنّنا ـ إخوة الإسلام ـ لن نستعرض في هذه العجالة ما تضمنه القرآن من عداوتهم وقبح طباعهم وقتلهم الأنبياء وجرأتهم على الرب جل جلالة، ولن نستعرض شواهد تاريخيةً مضت، ولكنا ننتقل سريعًا إلى عرض شيء من حال إخواننا في أرض الرباط، في أرض الإسراء والمعراج، في فلسطين المحتلة، ليتبين لنا أن عداوة اليهود لا تقارن بعداوة من سواهم، وأنهم فعلاً أشدٌّ الناس عداوة للمؤمنين، أريد أن أنقل لكم صورًا من معاناة إخواننا لم تنقلها لكم عدسات المصورين، لبيان ما قرره كتاب الله من إجرام اليهود وعداوتهم، وهو من باب بيان سبيل المجرمين وطرائقهم، وليتبين أنه لا سلام مع من هذه حاله، ولنعرف حجم معاناة إخواننا فنقوم بالواجب علينا، وأقله الدعاء والدعم الفكري والمعنوي.

 

إخوة الإسلام، إن جرائم اليهود كبيرة وكثيرة جدًا، فهي ليست بالمئات أو الآلاف فقط، فتكاد أن لا تسلم عائلة في فلسطين من شرورهم الآن، وربما تناقلت وسائل الإعلام في العالم كله كثيرًا من صور الجرائم البشعة التي تمت على أيديهم في القديم والحديث، ولكن مع هذا فما ينشر عن معاناة أهلنا في فلسطين هو أقل القليل، وما سنذكره هو من روايات شهود العيان الصادقين من إخواننا، لا تحتاج لخطيب مصقع يلهب الحماسة، ولا تحتاج لشاعر يبكي بها العيون على وقع القوافي، نذكرها على سجيتها دون (رتوش) ولا تجميل، لأن القصصَ الداميةَ لا تحتاج للمحسنات البديعة ولا لجميل البيان.

 

إخوة الإسلام، إن الجرائم التي يمارسها اليهود لا تمثل شخصية شارون، بل إنها ممثِّلة لسياسة اليهود كلهمº فمن الذي دعمه في الانتخابات وأوصله إلى سدة الحكم إلا الأغلبية؟! ووصلت نسبة من يؤيدون سياسته الإجرامية في القمع والاغتيالات إلى أكثر من 72 في المائة كما بينت استطلاعات الرأي، وهي صفعة قوية لمن يحلم بسراب السلام والتطبيع مع اليهود.

 

مظاهر الحقد اليهودي كثيرة جدًا، ونأتي على شيء منها في المظاهر التالية:

أولاً: الحواجز العسكرية: لقد تحولت الضفةُ الغربية وقطاعُ غزة إلى سجن كبير، وقسِّمتا إلى نحو مائتي منطقة مغلقة ومعزولة بعضها عن بعض، وأقيمت الحواجز العسكرية التعسفية بينها، ومن يريد الذهاب من منطقته إلى منطقة مجاورة على بعد مائة متر فقط فربما يضطر إلى سلوك طرق التفافية تستغرق منه ساعتين، مائة متر تستغرق ساعتين كاملة! وكم من امرأة حامل وضعت جنينها عند الحواجز التي أقامها أبناء القردة والخنازير وهم ينظرون إليها ويتلذذون بمعاناتها، مع أن المستشفى لا يبعد عن الحاجز إلا بضع مئات من الأمتار، وكم من طفل مات بعد ولادته دون أن يجد من يسعفه، أو دون أن يأذن له الجنود الصهاينة بالمرور إلى المستشفى، وكم من مريض بالسرطان أو الفشل الكلوي وغيرهما من الأمراض الخطيرة مات عند هذا الحاجز أو ذاك، وكم من سيارة إسعاف حيل بينها وبين المرضى في قراهم النائية، وقد كثرت القصص التي تتحدث عن منع القوات اليهودية لسيارات الإسعاف من نقل المرضى والمصابين إلى المستشفيات أو المراكز الصحية.

 

إحدى النساء لم تتمكن من الذهاب إلى أي مركز صحي، فأجاءها المخاض في السيارة التي هي فيها عند الحاجز العسكري، ورزقها الله - تعالى -بمولودة أسمتها حاجز، لأنها ولدت عند الحاجز.

 

أحد الطرق الرئيسية وضع عليه اليهود حاجزًا لا تعبره السيارات، فينزل الناس ويترجلون ويركبون سيارات الأجرة في الجهة المقابلة، ثم وضعوا حاجزًا آخر يبتعد عنه خمسمائة متر، ليسير الناس هذه المسافة إلى أن يصلوا إلى سيارات الأجرة، ثم تمدد الفاصل بين الحاجزين في سنة واحد إلى ثلاثة كيلومترات يسيرها الناس ليصلوا إلى سيارات الأجرة، ومنهم العجزة وأصحاب العربات ومن معه أمتعه، ولا يضر اليهود قربه ولا بعده، ولكنه الحقد الأعمى والحرب النفسية على إخواننا.

 

أحد المرضى المسنين يعاني من فشل كلوي، ومن المفترض أن تتم عملية غسل الكلى له مرتين أسبوعيًا، لقد كانت رحلة ذهابه إلى المستشفى نوعًا من العذاب والمعاناة له ولذويه، حيث ينقل بسيارة الإسعاف إلى نقطة معينة هي آخر ما يمكن أن تصل إليه سيارة الإسعاف، بعدها يحمل على نقالة ويتعاقب على حمله أقاربه وجيرانه مشيًا على الأقدام، ثم يصعدون به تلاً غير ممهد حتى يصلوا به إلى المستشفى، وبعد إتمام عملية غسيل الكلى تبدأ رحلة المعاناة من جديد، ليمضي عدة ساعات في اليوم وهو على هذه الحال بين الألم والأنين، في انتظار الرحلة القادمة بعد يومين.

 

ثانيًا: التفتيش: نوع آخر من التعذيب، يقوم المجرمون بنصب الحواجز على الطرقات والمعابر، وهي كثيرة جدًا، وفي بدء الانتفاضة كان اليهود ينتظرون مرور أي سيارة محملة بالحجارة الكبيرة أو الرمل أو الحصى فيطلبون من السائق إفراغ الحمولة في الشارع لإغلاقه، فإن رفض أخذوا مفاتيح السيارة وأفرغوا الإطارات من الهواء وطردوا السائق، وغالبًا ما يجبر الشباب على خلع ملابسهم عند الحواجز، وأحيانًا يطلب منهم نزع ملابسهم كما ولدتهم أمهاتهم، ويفتشون بدقة، ويسلبون ما معهم من نقود، ثم يطردون عراة. ذكر شهود عيان أنه في إحدى المرات هرب مجموعة من الشباب بسيارتهم، فما كان من يهود إلا أن أطلقوا النار عليهم، فأصيب من في السيارة كلهم وعددهم ستة بجروح متنوعة بعضها بليغ.

 

ثالثًا: مداهمات البيوت: ليس عند اليهود مزيد من الوقت ينتظرونه لفتح الباب خلال مداهمة المنازل، فلذلك يقومون بنسف الباب عند وصول المنزل فورًا بأحدث الوسائل المتوفرة، وعند مداهمة كثير من البيوت يقوم اليهود بجمع أصحاب البيت كلهم في غرفة واحدة، أو يخرجونهم خارج البيت بعدما يعصبون أعينهم، ويعيثون في البيت فسادًا وتكسيرًا وتخريبًا وتفتيشًا، ويأخذون ما يجدونه في البيت من نقود وذهب ومستندات وأجهزة حاسب وغير ذلك، وبعد خروجهم يصبح البيت كأنه كومةٌ كبيرة من القمامة.

 

رابعًا: هدم البيوت: كل شاب أو فتاة يقوم بعملية استشهادية فإن بيته سيهدم ويدمر، وهذا أمر مفروغ منه، ومع ذلك العمليات مستمرة ويعلن الفلسطينيون عن اسم منفذ العملية، وعن مكان سكنه مما يدل على أنه لم يعد هناك شيء يؤسف عليه ما دام المحتل باقيًا.

 

ولكن هناك تهديم لكثير من البيوت دون القيام بعمليات ضد اليهود، فهذا المواطن الفلسطيني فرج حرباوي من القدس أصبح دون مأوى بعد أن أرسلت بلدية القدس جرافات في حراسة كتيبة من الشرطة إلى حي وادي قدوم الفقير بالقدس الشرقية وهدمت بيته، قال حرباوي: \"طلبنا ترخيصًا لبناء بيتين من طابق واحد ورفضوا الطلب، تجادلنا معهم، ودفعنا الغرامة، ورخصوا لنا، وبعد إتمام البيتين، جاءت الجرافات وهدمت البيتين\"، ومثل هذه القصص في القدس وغيرها كثير.

 

خامسًا: تدمير الحرث والنسل: في إطار خطتهم لتدمير البنية التحتية وحرق مصادر الرزق يقوم اليهود باصطحاب عدد كبير من الجرافات لتجريف وتدمير الأراضي الزراعية، فالجرافات تحرث الشوارع المسفلتة، وتجرف المزارع، وتهدم البيوت، ومن الطبيعي أن تجرف مزارع الخضروات البسيطة للمزارعين، وغالبًا ما يكون التجريف في وقت نضج الثمار، يتركون المزارع المسكين يشقى ويسقي ويجهد ثم يأتون في وقت النضج لتجريف مزرعته، أو رشها بالمبيدات المهلكة لها أو التي لا يمكن أكل الثمر بعدها.

 

ومما يدخل في تدمير البنى التحتية قطع أسلاك الهاتف والكهرباء من بعض المناطق، فضلاً عن نسف أبواب عامة المحلات والدكاكين، وقد نشرت صور كثير منها في وسائل الإعلام، وربما أطلقوا زخات من الرصاص داخل الدكاكين الصغيرة تلك لإفساد ما فيها إن كان ثمة شيء بقي فيها.

 

ومن تدميرهم للبنية التحتية ما يقومون به من تدمير السيارات، وذلك بإعداد كبيرة، وما من شارع تمر فيه الدبابات إلا وتدوس فيه على السيارات الموجودة كما تداس علبة المرطبات الفارغة مما لا أمل في إصلاحها، وقد شاهد الكثيرون في وسائل الإعلام صور عشرات السيارات التي دمرها اليهود بالكامل.

 

سادسًا: السرقة: يقوم اليهود بمصادرة الذهب والمال من المنازل عند تفتيشها، ومن أكثر ما يسألون الناس عنه: \"هل عندكم ذهب؟ أخرجوه فورًا وسلموه لنا\"، ويتم هذا تحت تهديد السلاح، والأطفال يتفرجون ويرون هذا الرعب.

 

ذكر بعض شهود العيان أن اليهود يمسكون بالمارة وهم عائدون إلى بيوتهم ويسلبون ما معهم من نقود، قائلين لهم: \"اذهبوا واشتكوا إلى مجلس الأمن\".

 

قام اليهود بالسطو على البنوك والجمعيات الخيرية ولجان الزكاة، وأكد هذا الأمر بعض المسؤولين الفلسطينيين الكبار.

 

قام اليهود بحرق وإتلاف جميع الوثائق والمستندات والدراسات في بعض مباني الوزارات المختلفة في بعض مناطق وقرى رام الله والخليل ونابلس وغيرها، مما يذكر بأفعال المغول التتر.

 

سابعًا: إثارة الرعب: الحالة النفسية لدى الشيوخ والأطفال والنساء تسوء عند الكثيرينº مما أدى إلى زيادة أمراض ضغط الدم والسكري والكوابيس والتبوّل اللاإرادي لدى الكثير من الأطفال، وقد ذكر أحد الأطباء النفسيين المعروفين أن نسبة التبول اللاإرادي بين الأطفال في منطقة غزة تمثل نحو 35 في المائة بين الأطفال.

 

يقوم اليهود المجرمون بقطع التيار الكهربائي في معظم الأحيان عن القرى خصوصًا خلال الليلº مما يقصد منه إثارة الرعب والخوف لدى الناس، ولا يعرفون مما يجري شيئًا سوى سماع هدير الدبابات والطائرات وأزيز الرصاص طوال الليل، ولا يملكون إلا فرج الله، ثم ترقٌّب الصباح.

 

ثامنًا: إشاعة الفاحشة: سيطر الجيش اليهودي على محطات تلفزة محلية فلسطينية في رام الله، وراح يبث منها أفلامًا إباحية ثلاثة أيام على التوالي، ولا زال جنود الاحتلال بين فترة وأخرى يسطون على هذه المحطات ويعرضون فيها أفلامًا أغلبها إباحية بحتة، إضافة إلى أفلام صهيونية تدّعي حق الصهاينة في فلسطين.

 

تاسعًا: كيف يعامل اليهود المرأة المسلمة في فلسطين؟ هناك كلام بذيء وسيئ للغاية لا يكتب ولا يقال في وسائل الإعلام ولا منابر الجمعة يتلفظ به اليهود أمام النساء والبنات أثناء مداهمة البيوت، وهو كلام ينم عن شخصية اليهودي المنحطة المرذولة.

 

اعتداء اليهود على النساء عند الحواجز: بعد العمليات الاستشهادية بدأت قوات اليهود بإيقاف النساء على الحواجز وتفتيشهن، ومن ترتدي الخمار يطلب منها رفعه وكذلك خلع القفازين، حتى وصل الأمر إلى أنهم في إحدى المرات أمسكوا بإحدى الفتيات من شعرها وأخذ الجنود اليهود يجرونها من شعرها، ومثل هذه القصة كثير.

 

المرأة الحامل يطلب منها الجيش اليهودي رفع ملابسها حتى يتأكدوا أنها حامل وليس بحوزتها حزام ناسف على بطنها.

 

وفي قصص كثيرة طلب الجيش اليهودي من النساء كشف وجوههن أو شعورهن، وخاصة إذا كانت عروسًا، فإن السفلة يحرصون على رؤيتها.

 

أوقف الجيش اليهودي سيارة فورد تحمل بعض الطالبات المحجبات، فطلبوا منهن النزول والوقوف على الأرض حتى توقفت سيارات أخرى في نفس المكان، وفيها بعض الشباب، فأنزلوهم وطلبوا من كل منهم تقبيل إحدى الطالبات، فرفض الشخص الأول ذلك وقال: \"اقتلوني ولا أفعل هذا\"، فقال له الجندي: \"لا بل خذ علبة الكبريت هذه وأشعل النار في ذاك الإطار\" (عجلة سيارة)، وإذا بالإطار قد ملئ بالبنزين والشاب المسكين لم يكتشف ذلك، فاشتعلت النار في وجهه فهرب والنار مشتعلة فيه، وحاول هو وزملاؤه إطفاء الحريق ولكن المسكين تغيرت معالم وجهه، وبقي في المستشفى مدة طويلة.

 

وفي أوائل شهر أبريل 2002م جاء في قناة الجزيرة الفضائية خلال إحدى نشرات الأخبار القصة الآتية: تقول الأخت التي روت القصة: \"إن ثلاث فتيات كن يسرن في الطريق، فاستوقفهن أحد الجنود اليهود، وطلب منهن تحت الإكراه كشف عوراتهن!! وتقول: إن إحداهن كانت ترتدي العباءة، فأجبرها على رفع العباءة إلى أن بان صدرها. تقول: أما أنا فقد طلب مني رفع البلوزة (القطعة العلوية من لباس النساء)، وأمرني بأن أكون على هيئة السجود\"، ثم لم تستطع أن تواصل الحديث.

 

يحصل هذا ونحن نسمع ونرى وأمة المليار لا تستطيع فعل شيء لإنقاذهن! لا نتكلم إلا عن السلام وإنقاذ عملية السلام، نسأل الله أن يقيم علم الجهاد، لينكشف وَهمُ القوة التي يزعمون أنها لا تقهر، وحتى يبطل عن اليهود حبل الناس، فيعودوا كما كتب عليهم من الذلة والمسكنة، ويسومهم سوء العذاب بأيدينا أو بأيدي أولادنا أو أحفادنا، وكل آت قريب، وما ذلك على الله بعزيز، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الثانية:

أما بعد: فيا عباد الله، لا ينقضي العجب من هذه المظاهر التي يقوم بها اليهود وما هي إلا مصداق لما ذكر الله في كتابه، عداوة مريرة، وحقد أزرق، لا يمكن أن تتفتق عنه إلا أنفس الحيات والعقارب وأراذل البشر، ممن رضعوا سمًا زعافًا في الكبرياء والغطرسة والحقد على الآخرين، وما تقدم غيض من فيض ونزر يسير من بحر لجيٍ, كبير، وكثيرة هي القصص، ولكنا نذكر منها ما يحصل به البيان.

 

إخوة الإسلام، العاشر من مظاهر الحقد والعداء اليهودي: سياسة الإذلال والإهانة، ولها صور متعددة وقصص كثيرة، فهذا شخص فلسطيني كان يقود سيارته للنقل كانت تحمل دهانات، فأوقفه اليهود وطلبوا منه فتح جالونات البوية وسكبها على أرضية السيارة، ولما سكب العديد منها واختلطت ببعضها أمروه بالجلوس عليها. ما المقصود من هذا؟ وما هي فائدتهم؟ إنه الإذلال والإهانة وشفاء ما في صدورهم.

 

يقول أحد شهود العيان: \"قبل موسم الحج ولدى محاولة البعض الخروج إلى الأردن للذهاب عن طريقها إلى الحج رفض المسؤول اليهودي خروجهم، ثم طلب من المجموعة التي كانت ستسافر إلى الحج بالطواف حول الدبابة، قائلاً: إن الدين في القلب ويغني عن الطواف بمكة أن يطوفوا حول هذه الدبابة\"، قاتلهم الله.

 

وهناك قصص كثيرة من هذا النوع، فعند إحدى نقاط التفتيش في إحدى القرى مر رجل يرتدي بدلة لونها كحلي فاقع ومعه حقيبة دبلوماسية، فطلب منه اليهود أن يجلس على الأرض الترابية فجلس على حقيبته، فقال له الجندي: اجلس على الأرض، فجلس، ثم طلب منه النوم على شقه الأيمن ثم على شقه الأيسر ثم قال: على ظهرك، ثم قال: على بطنك، وما كان من الرجل إلا أن امتثل لما قال الجندي وأصبحت بدلته مثل لون التراب، ولو لم يفعل ذلك لكان لقي ما لا تحمد عقباه.

 

عادة ما يقف الجيش على الطرقات ويوقفون السيارات المارة فيطلبون من الشباب الوقوف ووجوههم إلى الشمس وأيديهم مرفوعة إلى الأعلى، وفي إحدى المرات تكلم شاب على يهودي بغضب، فأوقفوه جانبًا وطلبوا منه الوقوف، ثم طلبوا منه فتح رجليه إلى أبعد نقطة يستطيعها ثم انهالوا ضربًا على رجليه ومفاصله حتى سقط أرضًا بزاوية 180 درجة، وحمل إلى المستشفى.

 

أحد مندوبي المبيعات كان معه ابنه الوحيد، ولحبه له فقد كان ابنه متعلقًا به دائمًا، سأله اليهود: كم عندك من الأولاد؟ قال: من الذكور هذا، قالوا له: هل تحب أن يموت؟ قال الأب: لا، فأخذ الجنود الكلاب الولد وأوقفوه على بعد عدة أمتار، وطلبوا من والده الوقوف والنظر إليهم وهم يتدربون على إطلاق النار من بعيد بالقرب من الولد، فمرة يمر الرصاص من أمامه ومرة عن يمينه أو يساره أو من بين رجليه، ولم يتوقفوا إلا عند الغروب بعد أن جمد الدم في عروق الرجل. يقول الرجل: \"والله، كنت أموت مع كل رصاصة موتة\"، ألا لعنة الله على اليهود. نعم إخوة الإسلام، هذا الفن لا يتقنه إلا اليهود، ومع مَن؟ مع الذين آمنوا.

 

الحادي عشر: القتلى والجرحى من الأطفال: هناك تقارير كثيرة مفصلة في هذا الجانب، حيث قتل عشرات الطلاب ممن كانوا على مقاعد الدراسة، وهؤلاء الأطفال قتلهم جنود الاحتلال الإسرائيليون بدم بارد وبوحشية لا توصف، معظمهم قضوا نحبهم وهم في الطريق إلى مدارسهم، أو عائدون إلى بيوتهم، ومنهم من قُتل وهو في بيته، بين كتبه ودفاتره وألعابه، والشواهد على ذلك كثيرةº فمحمد الدرة قتل وهو عائد إلى بيته، وإيمان حجو الطفلة الصغيرة التي اخترقت القذائف جسمها الصغير، وسامر طبنجة الذي قتل وهو يلعب في محيط منزله، وأبو دراج قتل وهو في غرفته وعلى سريره إلخ... وعشرات القصص المماثلة، أما الإصابات فهي بالآلاف، وقد أدت قذائف وصواريخ ورصاص الاحتلال الإسرائيلي إلى جرح آلاف الأطفال، ومنهم من أصيب بجراح خطيرة سببت لهم إعاقات وعاهات دائمة، ومنهم من فقد عينه أو رجله أو يده، فضلاً عن قصف مئات المدارس لا العشرات بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة: رصاص الرشاشات وقذائف الدبابات وصواريخ الطائرات، بشكل همجي سافر، لا مثيل له في التاريخ.

 

وفي أكثر المشاهِد وحشية ما أقدمت عليه قوات الاحتلال حين قصفت الدّبابات مدرسة المكفوفات في مدينة البيرة، حيث دبّ الرعب والهلع في صفوف الطالبات الكفيفات وتفرقن في صخب على غير هدى، ويتقصد اليهود المدارس أثناء وجود الطلبة على مقاعد الدرس وأحيانًا وهم يقدمون امتحاناتهم لقتل أكبر عدد ممكن منهم.

 

الثاني عشر: هذا هو شارون يقول: \"أتعهد بأن أحرق كل طفل فلسطيني يولد في هذه المنطقةº فالأطفال والنساء الفلسطينيون أكثر خطورة من الرجالº لأن وجودهم يعني استمرار أجيال قادمة من الفلسطينيين\".

 

هذا ما قاله رئيس الوزراء الصهيوني إريل شارون في لقاء معه نشر عام 1956م، والذي أوضح فيه المبادئ التي ما زال يتبعها في حربه ضد الفلسطينيين بعد مرور 45 عامًا.

 

وتنقل صحيفة (فلسطين كرونيكل) الفلسطينية الصادرة بالإنجليزية في عددها الصادر على الإنترنت الاثنين 1/4/2002م بقية حوار شارون الذي قال فيه: \"أتعهد بأني حتى لو فقدت كل المناصب وأصبحت مواطنًا (إسرائيليًا) عاديًا، فإنني سأحرق كل فلسطيني أقابله في الطريق، وسأجعله يتعذب قبل أن يموت\"، وأضاف: \"أنا لا تهمني الأعراف الدوليةº فقد قتلت بضربة واحدة أكثر من 750 في رفح عام 1956م، وأريد أن أشجع جنودي على اغتصاب الفتيات الفلسطينياتº لأنهن عبيد لـ(للإسرائيليين)، ولا يملي أحد علينا إرادتنا، بل نحن من يصدر الأوامر، وعلى الآخرين الطاعة\"، وأمريكا تقول: هذا رجل السلام! ويحق له أن يدافع عن نفسه!! وينبغي أن لا تشعر إسرائيل بأنها مقيدة في الدفاع عن نفسها، وهذا ميزان العدل عند من يدعونه، وهؤلاء هم شركاء السلام ارتموا في أحضان اليهود في هيام تاريخي وقصة حب عجيبة، \" وَسَيَعلَم الَّذِينَ ظَلَمُوا أَىَّ مُنقَلَبٍ, يَنقَلِبُونَ \" [الشعراء: 227]، \" وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىُّ عَزِيزٌ \" [الحج: 40].

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد...

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply