خطبة العيد لعام 1418هـ


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الخطبة الأولى:

 أما بعد: أيها المسلمون، إن يومكم هذا يوم عظيم، وعيد كريم، فأقول لكم: كل عام وأنتم بخير، تقبل الله مني ومنكم.

 

أسأل الله - جل وتعالى - أن يجعلني وإياكم وجميع إخواننا المسلمين من المقبولين، ممن تقبل الله صيامهم وقيامهم وكانوا من عتقائه من النار.

 

أيها المسلمون، إن هذا اليوم يوم عظيم من أيام المسلمين، يوم كله بر وإحسان، خرج المسلمون إلى مصليات الأعياد متطهرين مكبرين شكراً لله - تعالى - على إتمام شهر الصيام، وعونه على القيام.

 

لقد حضر المسلمون وقصدوا مصلاهم وقد أدوا زكاة فطرهم للفقراء والمساكين فرحين مكبرين مهللين، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر والله الحمد.

 

عباد الله، أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله - تعالى - في السرّ والعلن ثم أوصيكم بوصية الرسول - صلى الله عليه وسلم -، إذ جعل يقول وهو يجود بنفسه: ((الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم)).

 

إنه لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، من تركها فعليه لعنة الله، من تركها خرج من دين الله، من تركها انقطع عنه حبل الله، من تركها خرج من ذمة الله، من تركها أحل دمه وماله وعرضه، تارك الصلاة عدو لله، تارك الصلاة عدو لرسول الله، تارك الصلاة عدو لأولياء الله، تارك الصلاة مغضوب عليه في السماء، ومغضوب عليه في الأرض، تارك الصلاة لا يؤاكل ولا يشارب ولا يجالس ولا يرافق، ولا يؤتمن، تارك الصلاة خرج من الملة، وتبرأ من عهد الله، ونقض ميثاق الله، لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة.

 

ثم عليكم بصلاة الجماعة والمحافظة عليها في المساجد، فمن صلاها بلا عذر في بيته فإنها لا تقبل منه، فإن من موجبات قبولها صلاتها في جماعة، يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم أخالف إلى أناس لا يشهدون الصلاة معنا فأحرق عليهم بيوتهم بالنار)).

 

الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، سبحان الله بكرةً وأصيلاً.

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

أيها المسلمون، لقد رحل عنّا رمضان، وطويت سجلاته ودفاتره، وكل منا أدرى بنفسه ما قدم، لكن هل يدركنا رمضان القادم؟ هل يمنّ المولى علينا وندرك رمضان القادم؟ أم نكون من الذين يترحّم عليهم؟

 

فيا شهر الصيام فدتك نفسي *** تمهّل بالرحيــل والانتقال

 

فما أدري إذا ما الحول ولىّ *** وعدت بقابل فـي خير حال

 

أتلقانـي مع الأحيـاء حياً *** أو أنك تلقني في اللحد بالي

 

يا خسارة من لم يغفر له في رمضان، يا خسارة من لم يعتق من النار في رمضان، يا خسارة من حرم من فيض الرحيم الرحمن.

 

تـرحّل الشهـر والهفاه وانصرما  *** واختصّ بالفوز في الجنات من خدما

 

وأصبح الغافل المسـكين منكسراً  *** مثلي فيا ويحـه يا عظـم ما حُرِمـا

 

من فاته الزرع في وقت البذار فما  *** تـراه يحصـد إلا الهـمّ والندمــا

 

طوبى لمن كانت التقوى بضاعته *** في شـهره وبحبـل الله معتصمــا

 

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد

 

لقد رحل رمضان، لكن هل سيعود الناس لحالهم قبل رمضان؟

 

فيعود آكل الحرام لأكله، ويعود سامع الغناء لسماعه، ويعود مشاهد الفحش في التلفاز لفحشه، ويعود شارب الدخان لشربه، ويعود ظالم الناس لظلمه، وبذئ اللسان لسبّه، وكل صاحب معصية لمعصيته؟

 

أم رحل رمضان ورحل معه قراءة القرآن، ورحل رمضان ورحل معه صلاة الجماعة، ورحل رمضان ورحل معه نسبة كبيرة من إيمان القلب، وهذه هي المصيبة.

 

يا حسرتى على دموع سكبت في المساجد، ويا حسرتى على دعوات رفعت من أجلها الأيدي إلى السماء، ويا حسرتى على حضور مع الجماعة وتلاوة للقرآن طوال الشهر، فأعقب ذلك كله عودة إلى المعاصي، وتفريط بالصلوات، وهجر للقرآن واستهانة بالمحرمات، وإهمال للمسئوليات.

 

الّلهمّ إنا نعوذ بك من الحور بعد الكور.

 

ونعوذ بك الّلهمّ أن نبدل نعمتك كفراً ونحن نستقبل أيام العيد.

 

إياكم ثم إياكم أيها المسلمون من العودة للمعصية.

 

لعلك تسألني: ما هي المعاصي التي تتحدث عنها؟ فأقول لك: إن من المعصية أن يسمع الغناء وأصوات الموسيقى من صبيحة يوم العيد، تسمعها في الإذاعات والأسواق والشوارع والبيوت.

 

ومن المعصية ما يحصل من الاختلاط بين النساء والرجال في أماكن الترفيه والحدائق العامة وعلى شاطئ البحر في أيام العيد بشكل مزعج بحجة أنه عيد، والنساء والفتيات في قمّة الزينة.

 

ومن المعصية ما يحصل من الميوعة عند بعض الرجال بأن يدع بناته ونسائه يقدن الدرجات النارية على شاطئ البحر وسيارات الألعاب في أماكن الترفيه، ويتعذر بأنها صغيرة، في وسط زخم من الضحك والأصوات، ناهيك ما يصاحب ذلك من التبرج والسفور وإظهار الزينة أمام الرجال وأمام شباب مراهقين يأتون لهذه الأماكن ليصطادوا في الماء العكر، وأوضاع يفتتن بها المؤمنون فضلاً عن الفسقة والضائعين كل هذا يحصل تحت مسمى الفرح بالعيد.

 

ومن المعصية أن نقيم حفلات الزواج دون نظر إلى ما يحل ويحرم، من إسراف فاحش، حتى يصير صاحبه أخاً للشيطان، ومن اختلاط بين الرجال والنساء، ومن دخول الزوج على النساء وهنّ في قمة زينتهنّ، ومن إقامة الغناء المحرّم الذي سمّاه الله في كتابه (لهو الحديث)، ومن تصوير للنساء حتى تصير صورهنّ بضاعة لأصحاب العيون الزائغة.

 

ومن المعصية أن تهجر المساجد حتى لا يكتمل صف واحد في صلاة الفجر بعد رمضان ومن المعصية أن نستمر أمام شاشات التلفاز فننظر إلى كل ما يعرض، ناسين أو متناسين ما قدمنا من صلاة التراويح ودعاء القنوت وإيمانيات رمضان.

 

بل ومن أكبر المعاصي في هذا الوقت، أن يدخل الأب وولي الأمر الدش إلى بيته ويتسبب في إفساد أخلاق أولاده وبناته. عجيب أمر بعض الآباء، يكون من المصلين والمحافظين عليها في المساجد، ثم يرضى وباختياره وطواعيته أن يعرض الفحش و الزنا في بيته وأمام أولاده، نعم الزنا الصريح يعرض الآن عبر هذه القنوات لابارك الله فيها، ويرضى بأن يتفرج أولاده وبناته على الخنا والفجور منذ نعومة أظفارهم، ويرضى بأن يتعود أولاده مشاهدة شرب الخمور، بل الكفر بالله - عز وجل - والسحر يعرض عبر هذه القنوات الخبيثة، وأين يعرض؟ في بيت المسلم المصلي!! أي تناقض هذا الذي نعيشه أيها الأحبة؟

 

وليس بعجيب أن ينشط شياطين إنس الإعلام أيام الأعياد فيقدمون للناس برامج جذابة ليفسدوا عليهم ما جمعوا في رمضان.

 

ومن المعصية ما يحصل من التجمع العجيب في كل سنة على الكورنيش ويجتمع له خلق كثير ويقومون باللعب بما يسمونه الألعاب النارية ـ وبالمناسبة أيها المسلمون فإن اللعب بالنار من أعمال المجوس ـ وسمعنا بأنه يحضره شباب وشابات من دول قريبة ويحصل فيه من المنكرات ما الله به عليم.

 

أيها الإخوة، إن حسن الظن بأنفسنا يجعلنا نتفاءل برجعة إلى الله صادقة، ووقفة مع الناس حاسمة. أسألكم أيها الأحبة، من منّا جاءه علم من ربه أنه قبل صيامه وقيامه؟ من جاءه علم من ربه أنه كتب من المعتقين من النار؟

 

إن الله - تعالى - يقول: \"إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ\" [المائدة: 27]، فهل من صفات المتّقين أن نرجع إلى الوراء ونحرق الحسنات بلهيب السيئات؟

 

لقد أثبت الواقع العملي لدى بعض المسلمين، أنهم ليسوا حريصين على قبول طاعاتهم ذلك أن علامة قبول الطاعة أن يوفق العبد لطاعة بعدها، ومن أعظم الطاعات فعل الواجبات، والكف عن المعاصي التي لا مرية فيها، فانظر أين موقفك يا عبد الله؟

 

شهر كامل وأنت تجاهد النفس وتصّبرها، وتجمع الحسنات وتحسبها، فهل بعد هذا تراك تنقضها، إن الله - تعالى - يقول: \"وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِى نَقَضَت غَزلَهَا مِن بَعدِ قُوَّةٍ, أَنكَـاثًا\" [النحل: 92].

 

الله أكبر..

 

أيها المسلمون، إن لكم عدواً أخرجه الله - عز وجل - من رحمته، وطرده من جنته، كان مأسوراً في شهر رمضان، واليوم قد أطلق أسره، وفك قيده، وسيهجم اليوم عليكم بخيله ورجله هجوماً عنيفاً، وسيحمل عليكم حملة شعواء، عله يفسد ما صلح من أعمالكم وأحوالكم فخذوا حذركم.

 

ثم أيها المسلمون، العيد أيامه أيام فرح، وهذا يدركه الجميع، لكن قَلَّ من يتنبه إلى أن أيامه أيام حزن أيضاً، فهو يوم فرح وحزن معاً، فرح بإتمام شهر الصوم وتوفيق الله على ذلك، ويوم حزن على فراق رمضان، حزن على أيامه الغرّ ولياليه الزاهرة، لكن من الذي منا يتقن فن الحزن والفرح معاً.

 

دع البكـاء على الأطلال والدار  *** واذكر لمن بان من خل ومن جـار

 

ذر الدموع نحيباً وابك من أسـف *** على فــراق ليـال ذات أنـوار

 

على ليال لشهر الصوم ما جعلـت *** إلا لتمحيـص آثــــام وأوزار

 

يا لائمي فـي البكا زدني به كلفا *** واسمع غريب أحـاديث وأخبــار

 

ما كان أحسننا والشـمل مجتمع  *** منا المصلي ومنا القانت القــاري

 

ثم أيها الأحبة في الله، هل تعلمون أن العيد نفسه يحزن؟ نعم العيد يحزن، نكون نحن في فرح وهو في حزن، خاصة إذا جاء العيد وواقع الأمة مرير، كما هي في أيامنا هذه، أعداء الأمة يسومونها سوء العذاب، اليهود من جهة، والنصارى من جهة، والملاحدة والباطنيون من جهة، وكلهم من الخارج، ومنافقون من داخلها من بني جلدتها ويتكلمون بلسانها، لكن قلوبهم معلقة ومتجهة نحو الغرب أو الشرق.

 

إن واقع الأمة اليوم، لا يخفى على عاقل، أراضيها من أوسع بلاد الله، خيراتها من أغنى بلاد الله، شعوبها من أكثر الشعوب عدداً، وفي المقابل، أراضيها مسلوبة، خيراتها منهوبة، شعوبها مظلومة، الفقر يقتلها، والجهل ينهكها، وفوضى لا أول لها ولا آخر، عقولها محجّمة، طاقاتها معطّلة، أموالها مبدّدة، تهدر الملايين في سفاسف الأمور.

 

تسأل وإلى متى سيبقى المسلمون هكذا؟ وإلى متى وواقع الأمة مظلم أسود، لقد تاقت نفوس المخلصين إلى منقذ للأمة من واقعها، أسأل الله جل وعز أن يكون عاجلاً غير آجل.

 

وكلّنا أمل أن يبارك الله في هذه الصحوة المباركة، وفي هذا الشباب المقبل على دينه بأن يكون فاتحة الخير على يديه، أمّا عن واقع الأمة الحالي وفي أثناء أيام العيد، فقد أحسن ذلك الشاعر حين وصفِه حالها فقال:

 

قتـل وتعـذيب وتشــريد *** فمتى سـيغمر كوننا العيد

 

ومتى متى يا أمتـي فرحــي *** ومتى متى ستزغرد الغيد

 

في كل أرض صـرخـة لفـم *** دوّت فدوّت بالصدى البيد

 

لكننا نلهــو فـلا غضـب *** نبدي ولا الإيثار موجـود

 

وكأن وقراً قـد تغلغـل فـي *** آذاننا فالسمـع مسـدود

 

صـرب وصهيـون تمزقنــا *** وسلاحنا في الصدر تنديد

 

والمجلـس المأمـول في شـغل *** عنا يماطل فوقـه الهـود

 

والنخوة القسعـاء صـادرهـا *** متفرد في الرأي نمــرود

 

وإذا العروبة تنبـري شـيعـاً *** عادت إليها الأزمن السود

 

يا أمـة شـاخ الزمـان بهـا *** وعلت محياها التجاعيـد

 

عاث الخـلاف بها وفـرقهـا *** بعد عن الإسلام مشـهود

 

الهدي فيهـا وهي ضـائعـة *** يقتـادها القيثار والعـود

 

قــد خـدرت بفم منغمـة *** شغلت بها والسيف مغمود

 

فـي كـل يـوم يستباح بها *** دم يقامـر فيـه عربيـد

 

يا أمتي مـا ضـاع يرجعـه *** سيف به الإيمان معقـود

 

يـا أمتـي هذا الكتـاب لنا *** ولنا به عــز وتسـويد

 

فـإذا به سـرنا سيغمـرنـا *** نصر من الرحمن موعـود

 

  [البيان 110/41].

 

فنسأل الله - جل وتعالى - أن يفرج عن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -.

 

اللهم فرج عن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، فرجاً عاجلاً غير آجل.

 

نفعني الله واياكم بكتابه واتباع سنة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.

 

الخطبة الثانية:

 الحمد لله معيد الجمع والأعياد، ومبيد الأمم والأجناد، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، إن الله لا يخلف الميعاد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ند ولا مضاد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المفضّل على جميع العباد، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وعلى أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم التناد، وسلم تسليما كثيراً.

 

الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً.

 

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

أما بعد: فيا أيتها الأخوات الحاضرات معنا في هذا المشهد العظيم، الممتثلات أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شهود الخير ودعوة المسلمين، أسال الله جل شأنه بكل اسم هو له، أن يجعلنا وإياكنّ ممن قال فيهم - سبحانه -: \"إِنَّ المُسلِمِينَ وَالمُسلِمَـاتِ وَالمُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَـاتِ وَالقَـانِتِينَ وَالقَـانِتَـاتِ وَالصَّـادِقِينَ وَالصَّـادِقَـاتِ وَالصَّـابِرِينَ وَالصَّـابِراتِ وَالخَـاشِعِينَ وَالخَـاشِعَـاتِ وَالمُتَصَدّقِينَ وَالمُتَصَدّقَـاتِ والصَّـائِمِينَ والصَّـائِمَـاتِ وَالحَـافِظِينَ فُرُوجَهُم وَالحَـافِـظَـاتِ وَالذاكِـرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغفِرَةً وَأَجراً عَظِيماً\" [الأحزاب: 35].

 

أذكركنّ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن خطب الرجال، في مثل هذا اليوم الأغرّ، مشى متوكئاً على بلال - رضي الله عنه -، وخطب النساء، وكان من خطبته أنه تلا عليهنّ آية مبايعة النساء في سورة الممتحنة: \"ياأَيٌّهَا النَّبِىٌّ إِذَا جَاءكَ المُؤمِنَـاتُ يُبَايِعنَكَ عَلَىا أَن لاَّ يُشرِكنَ بِاللَّهِ شَيئاً وَلاَ يَسرِقنَ وَلاَ يَزنِينَ وَلاَ يَقتُلنَ أَولـادَهُنَّ وَلاَ يَأتِينَ بِبُهُتَـانٍ, يَفتَرِينَهُ بَينَ أَيدِيهِنَّ وَأَرجُلِهِنَّ وَلاَ يَعصِينَكَ فِى مَعرُوفٍ, فَبَايِعهُنَّ وَاستَغفِر لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ\" [الممتحنة: 12]، فلما فرغ من الآية قال: ((أنتنّ على ذلك؟)) فقالت امرأة واحدة، ولم تجبه غيرها: نعم يا رسول الله، رواه البخاري.

 

ثم أمرهنّ بالصدقة، وقال لهنّ: ((تصدّقن فإن أكثركنّ حطب جهنم))، فقالت امرأة من وسط النساء: لماذا يا رسول الله؟ فقال: ((لأنكنّ تكثرن الشكاية وتكفرن العشير))، فجعلن رضي الله عنهنّ يلقين من قروطهنّ وخواتيمهنّ وقلائدهنّ في ثوب بلال - رضي الله عنه -، صدقةً لله.

 

فيا أيتها الأخوات والأمهات، اتقين الله - تعالى - وكنّ خير خلف لخير سلف.

 

أيتها النساء، إن عليكنّ أن تتقين الله في أنفسكنّ وأن تحفظن حدوده، وترعين حقوق الأزواج والأولاد، فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله.

 

أيتها النساء، لا يغرنكنّ ما يوجّه للمرأة في هذا الزمان من شتّى أبواب المغريات لإفسادهنّ باسم الموضة وباسم الأزياء ثم المحاولات المتتابعة في إخراج المرأة من مكان صونها وكرامتها ولا يغرنكنّ ما يفعله بعض النساء ممن تأثرن بهذا التيار من الخروج إلى الأسواق بالتبرج والطيب وربما كشف الوجه واليدين أو وضع ساتر رقيق لا يستر، فلقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((صنفان من أهل النار لم أرهما بعد))، وذكر: ((نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهنّ كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنّة ولا يجدن ريحها)).

 

أيتها النساء، إياكنّ ثم إياكنّ من لبس البنطلون، فإنه حرام، ولا يجوز للمرأة لبسه، وإن كان أمام النساء، ومع الأسف انتشرت هذه الظاهرة عندنا، ولم تكن معروفة من قبل، ثم إياكنّ من وضع العباءة على الكتف وإن غطت المرأة وجهها، فإنه حرام ولا يجوز، وفيه تشبه بالرجال، وقد لعن الرسول - صلى الله عليه وسلم - المتشبهات من النساء بالرجال.

 

أيتها النساء، إذا مشيتنّ في الأسواق فعليكنّ بأطراف الطريق ولا تزاحمن الرجال ولا ترفعن أصواتكنّ ولا تلبسن أولادكنّ ألبسة محرمة أو مكروهة، ولا تعودوا بناتكن على لبس القصير وإن كانت صغيرة.

 

أيتها النساء، إياكنّ ثم إياكنّ والركوب مع السائق لوحده، أو الخلوة به بحجة أن هذا سائق، وصار يعامل معاملة أهل البيت فإن في هذا شر عظيم، لا يعلم به إلا الله، وما اختلى رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما.

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply