قصة مكالمة هاتفية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الساعةُ تشيرُ إلى السابعة صباحاً: كنتُ في البيت جالساً على مكتبي، أراجعُ بعضَ الأوراقِ الهامة، إذ رنَّ جرس الهاتف، قلتُ في نفسي لا بدَّ أنَّها مكالمةً هامةً في مثل هذا الوقت المبكر، رفعتُ السماعة، فإذا بفتاةٍ, تسألني: أهذا بيتُ فلان؟ قلتُ لا، قالت بيتُ من إذن؟ قلتُ: هذا ليس بيتُ فلان، فما تريدين؟ فاسترسلت معي في الحديث بجرأةٍ, عجيبة، فعلمتُ أنَّها فتاةً عابثة، تبحثُ عن فتىً عابث مثلها، ومن خلال حديثي معها تبينَ لي أنَّها في الرابعة عشرة من عمرها (!!)، وأنَّها ضربت الرقم عشوائياً، حاولتُ نصحها بطريقةٍ, مباشرة، وبيان خطورةِ مثل هذا العمل، ولكن أنَّى لفتاةٍ, مراهقةٍ, في مثل هذا السن أن ترعوي وتقبل النصيحة، إلاَّ ما شاءَ اللهُ، فلمَّا رأيتُ أنَّ الأمرَ قد تجاوز حدَّهُ، قلتُ لها أتدرين مع من تتحدثين، قالت ساخرةً: مع من يا تُرى؟ مع رجل أعمالٍ,؟! - حتى نظرتها كانت مادية - فأخبرتها بحقيقةِ الأمر، وأنَّى أمقتُ مثل هذه التصرفاتِ الهوجاء، فلمَّا رأت منى الجد، انسحبت وهي تندبُ (حظَّها) العاثر، حيثُ لم تظفر بمن تريد.

 

وإنِّي لأتساءلُ: من المسئولُ عن مثل هذه التصرفات الصبيانية الطائشة، أهمُ الآباءُ والأمهاتُ الذين ضيَّعوا الأمانةَ وتركوا لأولادهم الحبلَ على الغارب؟ أم هي وسائلُ الإعلامِ المختلفةِ التي تشجعُ في كثيرٍ, من الأحيان مثل هذه التصرفات، وتدعو إليها باسم الحريةِ أو البحث عن الفارسِ المنتظر، أم للدعاةِ والخطباءِ والمصلحين وطلاب العلم، الذين لم يقوموا بواجبهم تجاهَ مثل هذه القضايا الهامة؟ ! أجيبوا أيٌّها الإخوة والأخوات؟ ثُمَّ متى كانت الفتاةُ هي التي تخاطبُ الرجال، وتبحثُ عنهم بهذهِ الطريقةِ، حتى ولو كان الأمرُ لا يُعدٌّو حديثاً عابراً عبر الهاتف.

 

أين الحياء يا بنت حواء؟ بل أين العقلُ والذكاء؟ فإنَّ المرأةَ التي تسلكُ هذا المسلك تسقطُ من أعينِ الرجال ولو كانوا من أفجرِ الناس، ويظلُ عملها هذا وصمةَ عارٍ, تلاحقُها حتى بعد الزواج.

 

 ثُمَّ ما حالُ هذه الفتاةُ المراهقة لو وافقت عند اتصالها ذئباً من الذئابِ البشرية، وخدعها بكلامهِ المعسول، أتُراها تسلمُ من شرِّهِ، وتستطيعُ الخلاصَ من أذاه؟ و الله إنِّي لأعجبُ ويزدادُ عجبي، فأتذكر قول الشاعر:

 

عجبي تعجبت من عجيب فِعالهم *** فعجيبٌ أعجبُ لم أزل متعجباً   

 

وإذا لم تستح فاصنع ما شئت.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply