بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وبعد:: مرض خطير قد تفشّى في الأمة يزداد يوما بعد يوم.يطغى به أصحابه،وينحرف به أربابه، حتى جعلوه شغل الناس الشاغل ودخل كل بيت وجرى على كل لسان وأفسد كل جنان وعربد فيه الشيطان وغضب من أجله الرحمن، إنه الغناء إنه اللهو،إنه الطرب، إنه مزمار الشيطان
أسماؤه دلت على أوصافه، تباً لذي الأسماء والأوصاف:
قال الله - تعالى -(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشتَرِى لَهوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيرِ عِلمٍ, وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَـئِكَ لَهُم عَذَابٌ مٌّهِينٌ *وَإِذَا تُتلَى عَلَيهِ ءايَـتُنَا وَلَّى مُستَكبِراً كَأَن لَّم يَسمَعهَا كَأَنَّ في أُذُنَيهِ وَقراً فَبَشّرهُ بِعَذَابٍ, أَلِيمٍ,).قال ابن مسعود - رضي الله عنه -:\"والله الذي لا إله غيره إنه الغناء، يرددها ثلاث مرات.\"وصح عن ابن عمر - رضي الله عنهما -،\"أنه الغناء،\"وبه قال ابن عباس - رضي الله عنهما -، وهؤلاء الصحابة - رضي الله عنهم - الذين فسروا لهو الحديث بالغناء شهدوا الوحي والتنزيل، فهم أعلم الناس بكلام الله. وقد حذّر النبي - صلى الله عليه وسلم - من سماع الغناء واتخاذ المعازف أشد التحذير نظرا لما فيه من المفاسد والشرور روى البخاري في صحيحه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ((ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف)) أي الزنا والحرير والخمر والمعازف ولاحظوا اقتران هذه الموبقات الأربع مع بعضها البعض، وعن سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه -قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يكون في أمتي خسف وقذف، ومسخ، قيل: يا رسول الله متى؟ قال: إذا ظهرت المعازف، والقينات، واستحلت الخمرة)) صحيح، أخرجه أحمد والترمذي والطبراني واللفظ له، قال الهيثمي في المجمع (8/10): وفيه عبد الله بن أبي الزناد، وفيه ضعف، وبقية رجال إحدى الطريقين رجال الصحيح. وصححه الألباني، السلسلة الصحيحة (2203). وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة ورنة عند مصيبة)) البزار والضياء حسن. ألا و إن الغناء هو صوت الشيطان، يستفزّ به بني الإنسان، إلى الفجور والعصيان، قال - تعالى -: (وَاستَفزِز مَنِ استَطَعتَ مِنهُم بِصَوتِكَ وَأَجلِب عَلَيهِم بِخَيلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكهُم في الأموال وَالأولادِ وَعِدهُم وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيطَانُ إِلاَّ غُرُورًا) قال مجاهد عن ابن عباس حبر الأمة - رضي الله عنهما - قال عن استفزاز الشيطان بصوته أنه:\"الغناء والمزامير واللهو.\"وقال الضحاك أيضاً:\"صوت الشيطان في هذه الآية هو صوت المزمار\"والسمع أمانة عظمى، ومنة كبرى، امتن الله على عباده بها، وأمرهم بحفظها، وأخبرهم بأنهم مسؤولون عنها، وإن استماع الأصوات المطربة، وما يصحبها من المزامير والطنابير جحود لهذه النعمة، واستخدام لها في معصية الله، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطى، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه)) رواه مسلم والغناء: بريد الزنى ومن أقوى جنوده، ففيه الدعوة إلى الموعد، والدعوة إلى الجلوس والخلوة مع المحبوب، والغرام والعشق والصداقة، والتأوه والتأسف لفراق المحبوب، والدعوة إلى التهتك والسفور وغير ذلك مما لا يخفى عليكم ضرره وفحشه وإسفافه، قال الفضيل بن عياض\":الغناء رقية الزنى،\"وقال يزيد بن الوليد\": يا بني أمية إياكم والغناء فإنه ينقص الحياء، ويزيد في الشهوة، ويهدم المروءة،وإنه لينوب عن الخمر، ويفعل ما يفعل المسكر، فإن كنتم ولابد فاعلين فجنبوه النساء، فإن الغناء داعية الزنى.\"أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (ص 41) وكتب عمر بن عبد العزيز إلى مؤدب ولده\": ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي، التي بدؤها من الشيطان، وعاقبتها سخط الرحمن، فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم أن حضور المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت النفاق في القلب كما ينب العشبَ الماء\"أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (ص 40 ـ 41) وكتب لعمر بن الوليد كتابا جاء فيه:\"وإظهارك المعازف والمزمار بدعة في الإسلام، ولقد هممت أن أبعث إليك من يجزٌّ جمّتك جمة السوء\"أخرجه النسائي في كتاب الفيء من المجتبى وصححه الألباني في صحيح السنن والنساء هن أكثر من يتأثرن بالغناء من جهة الصوت والأنغام ومن جهة معنى الكلمات، وربما يورث ذلك أن تحب الفتاة ذلك المغني ومن ثم تجد صورته وأغانيه لا تفارقها، فأي فتنة في الدين أعظم من هذه؟.والغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل، كما قال ذلك ابن مسعود - رضي الله عنه -، وهذا كلام صحيح أليس الغناء يهيج النفوس إلى الشهوات، فيثير كامنها، ويزعج قاطنها، ويحركها إلى كل قبيح، أليس هو الذي يسوق النفوس إلى وصل كل امرأة؟ فهو والخمر رضيعا لبان، وفي تهييجهما على القبائح فرسا رهان، فإنه صِنو الخمر ورضيعه ونائبه وحليفه وخدينه وصديقه، عقد الشيطان بينهما عقد الإخاء الذي لا يفسخ، وأحكم بينهما شريعة الوفاء التي لا تنسخ، وأكثر ما يورث الغناء عشق الصور، واستحسان الفواحش. وعجبًا من أمة تغني طربًا في حين أنها مثخنة بالجراح والدماء، مثقلة بتلال الجماجم والأشلاء، يُنال من كرامتها، ويُعتدى على أرضها وعرضها، ومقدساتها في الصباح والمساء، تغني طربًا، وكأن لم يكن ثمّ حروب شديدة، ووقائع مبيدة، وقتال مستعر، وأمم من المسلمين تحتضر، نعوذ بالله من موت القلوب وطمس البصائر. ولذلك فقد أفتى الأئمة الأربعة بتحريم الغناء، فأما الإمام مالك - رحمه الله - فإنه نهى عنه وقال:\"إنما يفعله عندنا الفساق.\"وقال:\"إذا اشترى الرجل جارية فوجدها مغنية كان له أن يردها بالعيب\".وأما أبو حنيفة: فإنه يكره الغناء، ويجعله من الذنوب، وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها، كالمزمار، وصرحوا بأنه معصية، يوجب الفسق وترد به الشهادة.وأما الشافعي فقد صرح أصحابه بتحريمه، ويرون أن منفعة الغناء بمجرده منفعة محرمة، وأن الاستئجار على الغناء باطل، وأن أكل المال بالغناء هو أكل مال بالباطل، كما لا يجوز لرجل بذل ماله للمغني، ويحرم عليه ذلك، وأنّ بذله في ذلك كبذله في مقابلة الدم والميتة، وأما مذهب الإمام أحمد، فقال ابنه عبد الله:\"سُئل أبي عن الغناء؟ فقال: الغناء ينبت النفاق في القلب، لا يعجبني ثم ذكر قول مالك: إنما يفعله الفساق.\"قال ابن القيم:\"ومن مكائد الشيطان التي كاد بها من قل نصيبه من العقل والعلم والدين، وصاد بها قلوب الجاهلين والمبطلين، سماع المكاء والتصدية والغناء بالآلات المحرمة الذي يصد القلوب عن القرآن، ويجعلها عاكفة على الفسوق والعصيان، فهو قرآن الشيطان، والحجاب الكثيف عن الرحمن، وهو رقية اللواط والزنا، وبه ينال العاشق الفاسق من معشوقه غاية المنى، كاد به الشيطان النفوس المبطلة، وحسنه لها مكراً منه وغروراً، وأوحى إليها الشبه المبطلة على حسنه، فقبلت وحيه، واتخذت لأجله القرآن مهجوراً، فلو رأيتهم عند ذياك السماع، وقد خشعت منهم الأصوات، وهدأت منهم الحركات، وعكفت قلوبهم بكليتها عليه، وانصبت انصبابة واحدة، يتمايلون لا كتمايل النشوان، ويتكسرون في حركاتهم ورقصهم كتكسر النسوان، والعياذ بالله، - ثم قال – وهو خمارة النفوس، يفعل بالنفوس أعظم من فعل الكؤوس، - ولغير الله – بل للشيطان قلوب هناك تمزق، وأموال في غير طاعة الله تنفق، قضوا حياتهم لذة وطرباً، واتخذوا دينهم لعباً ولهواً، مزامير الشيطان أحب إليهم من استماع سور القرآن، لو سمع الواحد منهم القرآن من أوله إلى أخره لما حرك له ساكناً، ولا أزعج له قاطناً حتى إذا تلي عليه قرآن الشيطان – يعني الغناء- وولج مزموره سمعه، تفجرت ينابيع الوجد من قلبه إلى عينه فجرت، وعلى أقدامه فرقصت، وإلى يديه فصفقت، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله الواحد الديان، عليه توكلت وهو حسبي ونعم الوكيل أ.هـ.\"
تلي الكتـاب فأطـرقوا لا خيفة *** لكنـه إطــراق ســاه لاهــي
وأتى الغنـاء فكالحمير تناهقـوا *** والله مـا رقصـوا لأجـــل الله
ثقـل الكتـاب عليهم لــما رأوا *** تقييــده بأوامـــر ونــواهي
إن لم يكن خمر الجســوم فإنـه *** خمر العقـول مماثل ومضــاهي
فانظر إلى النشوان عنــد شرابه *** وانظر إلى النســوان عند ملاهي
ومن مفاسده اقتران غناء اليوم بالتصوير الفاضح، للبغايا والمومسات فما من مطرب إلا ويترنح حوله نفر من الراقصات، وما من مطربة إلا وحولها نفر من الرجال يتراقصون ويتمايلون ثم إن بعض الأغاني فيها أقوال وألفاظ مخالفة للشريعة وأحيانا تكون هادمة للعقيدة والاستماع إليها والقبول بها والرضا عنها قد يكون مزلقة للكفر والعياذ بالله - تعالى - ففي بعض الأغاني ما فيها من المحادة لله ولرسوله ومن التعدي على رسل الله الكرام، ومن تمييع للمعاني السامية والمثل الرفيعة، ومن الاعتراض على رب العالمين والاعتداء عليه وعلى ما هو مكتوب في اللوح المحفوظ وغير ذلك مما يردده الجيل صباحا ومساء، فيصحو الشاب وينام على أنغامه بل أصبح الكثير لا غنى له عن الغناء وسماعه. أخي الكريم: لقد لحنوا الكفر الصريح والردة المعلنة عن دين الله بما غنوه من قصيدة الشاعر الكافر إيليا أبو ماضي
جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت
ولقد أبصرت قدامي طريقا فمشيت
كيف أبصرت طريقي لست أدري
والله - تعالى - يقول (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) وتقول قائلتهم: ((لبست ثوب العيش لم أستشر)) ويقول الآخر: ((لو كنت أعلم خاتمتي ما كنت بدأت.))عجيب هذا هل هم يحيون ويموتون كما يشاءون، ويفعلون ما يشتهون، يريدون أن يستشاروا في الحياة، من الذي سيستشيركم، (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله و تعالى عما يشركون) وبعضهم يتخرّص ويكذب على الله يقول ((الله أمر، لعيونك أسهر)) (قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله مالا تعلمون) أما اعتداؤهم على أنبياء الله ورسله فاسمع إلى قولهم ((صبرت صبر أيوب، وأيوب ما صبر صبري،)) اعتداء فاحش على نبي الله الكريم الذي ابتلاه مولاه سنوات طويلة فصبر(وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)وهؤلاء يقولون: ((أيوب ما صبر صبري)).أما عقيدة القضاء والقدر ولوم الرب: فلهم فيها النصيب الأوفر، يقول قائلهم: ((ليه القسوة؟ ليه الظلم؟ ليه يا رب ليه؟)) هكذا يتهم الله تعالى الله بالقسوة والظلم،(وما ربك بظلاّم للعبيد)،وهم يميعون القيم العالية والمعاني الفاضلة، فمنزلة الشهادة منزلة عظيمة عند الله (ومن يطع الله رسوله فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً) والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، أرواحهم في حواصل طير خضر تسرح في الجنة، والشهيد هو الذي يقتل بين الصفين مقبلا غير مدبر في سبيل الله، ثم يقول سفيههم
((يا ولدي قد مات شهيدا من مات فداء للمحبوب.)) هكذا جعلوا هذا المقام العظيم مقام الشهادة، جعلوه للمحبوب، ومن مخالفات العقيدة قولهم:
جلست والخوف بعينيها تتأمل فنجان المقلوب
قالت يا ولدي لا تحزن فالحب عليك هو المكتوب
اشتمل هذان البيتان على جلوسه مع امرأة تدعي علم الغيب فهي كاهنة وعرافة ومشعوذة تقرأ الفنجان المقلوب واشتمل أيضا على الكذب على الله في أنه كتب الحب على هذا الرجل، وادعاء علم الغيب كفر واعتداء على خصوصية من خصوصيات الله(عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا) وقراءة الفنجان والكف وضرب الودع والتخطيط في الرمل، والقراءة في كرة الكريستال كل ذلك من أعمال المشركين، ويشيع عند المغنين سب الدهر والساعة والزمان والعمر يقولون: ((قدر أحمق)) ثلاثون سنة والكفر يذاع على المسلمين صباحا ومساء في كل الإذاعات ولم يستطع أحد أن يمنع شتيمة الله عزوجل، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر)) هذا بعض ما يقال، لقد اعتدى هؤلاء المغنون على الشريعة وما أبقوا عزيزا إلا أذلوه، ولا غاليا إلا لطخوه بهذه الكلمات، فيا أمة محمد صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فطهروا بيوتكم ودكاكينكم وأسواقكم وسياراتكم ومدارسكم وكل ما استرعاكم الله عليه من تلك الأغاني والمعازف، وتلك الرعاية أمانة في أعناقكم وسوف تسألون عنها يوم الوقوف بين يدي الله تبارك - تعالى - كما قال - عز وجل -: (يَومَ تَجِدُ كُلٌّ نَفسٍ, مَّا عَمِلَت مِن خَيرٍ, مٌّحضَرًا وَمَا عَمِلَت مِن سُوء تَوَدٌّ لَو أَنَّ بَينَهَا وَبَينَهُ أَمَدَا بَعِيدًا وَيُحَذّرُكُمُ اللَّهُ نَفسَهُ وَاللَّهُ رَءوفُ بِالعِبَادِ)
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد