الذوق الرفيع


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 لا يزال الذوق الرفيع مصدر جذب لأصحاب الإحساس المرهف والشخصيات الرومانسية الحالمة، ومع كثرة وسائل الاتصال الحديث أفسد الإعلام الهابط بجميع وسائله هذا الذوق، بل انتكست الفطر والمفاهيم لديه، ها هو يبرز صورة فتاة تخرج مع شاب في خلوة محرمة ويبادلها النظرات والكلام المعسول يزين الكلمة ويبرر الفعل باسم الصداقة والحب، بل ربما أضاف الإعلام صوراً ساقطة من لقائهما في مطعم بجوار الشاطئ أو على شط النهر، ثم ها هو العشق والرجل المخادع يأخذه الذوق والحس المرهف فيبدأ التأمل في الأفق البعيد ثم تتوالى كلمات النفاق والعشق الكاذب من الحب والغرام والهيام، بل من جمال المحبوبة وحسن صورتها!

ثم إذا قدمت الأطباق جاء إليه الذوق بخيله ورجله فقرب الشوكة وتناول السكين وبدأ يهمس وهو يقطع لها قطعة لحم وكمرات التصوير مركزة والأنفاس مشدودة والمشاهد ينتظر وكأن هناك حدثاً فريداً سوف يقع، فإذا به يرفع في حنان كاذب قطعة اللحم إلى فم الفتاة وهي تتبسم وتشكره، والذئب تهزه نشوة الانتصار والفوز فلقد أوقع الضحية بأسهل أسلوب وأرخص تعبير.

وحينها تتأجج مشاعر الفتى والفتاة ممن يشاهدون الملحمة العظيمة، ويتحدث قلبها ولسانها إنه رجل ذوق، وتسبح في خيال الحب وتجرها العاطفة فلربما وقعت فيما وقعت فيه الفتاة، ونسيت أن خلق الصدق من أعلى مراتب الذوق والحس المرهف و إلا لما كذب عليها ذلك المراوغ واستدر عواطفها بالكلام المعسول والكذب الباهت والضحية الصفراء.

وهذه اللقمة التي رفعها إليها وكأنها قطعة فريدة لم يأت بها السابقون واللاحقون تبعث بمشاعر الفتى والفتاة إلى أحلام وردية ومشاعر فياضة وهي وهم وخديعة!

أتريدون الصدق في المشاعر ودفء الحنان وعفوية التعبير، تأملوا بعيون الواقع صدق محبة الزوج المسلم لزوجته المسلمة وهو يتعبد الله - عز وجل - في كل شيء، قال - صلى الله عليه وسلم -: \" إن أعظم الصدقة لقمة يضعها الرجل في فم زوجته\" رواه البخاري.

إنها مشاعر فياضة وأحاسيس صادقة وعبادة نؤجر عليها. وشتان ما بين مشرق ومغرب وما بين إعلام هابط يزين الفاحشة باسم الحب وبين وحي سماوي نؤجر فيه على كل فعل، يتقرب فيه الزوج بذوق إسلامي رفيع وبخلق نبيل وبنظرات محبة صادقة وهو يرى أن ذلك كله عبادة يتقرب بها إلى الله - عز وجل - الذي بطاعته وامتثال أمره يسوق إليه قلب الزوجة الحبيبة ويجعلها في أعلى مراتب السعادة الصادقة، فما أجمل الذوق الرفيع في البيوت الرفيعة!

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply