بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن موضوع الغَيْرة موضوعٌ ذو أهمية كبيرة خاصة في هذه الأيام التي كثر فيها الفساد، والتي يسعى فيها أعداء الإسلام لإفساد المرأة المسلمة بشتى الوسائل. وحقيقة فإن أعداءنا استطاعوا تحقيق شيء ليس بالقليل في جهودهم ضد المرأة المسلمة، ساعدهم على ذلك ضعف الغيرة، أو موتها عند كثير من الرجال، وعدم حماية الرجال أصحاب القوامة لأعراضهم من زوجة وبنت وأخت وأم وقريبة. والمصيبة العظمى أن موت الغيرة لم يعد صفة للذين ابتعدوا عن تعاليم الإسلام؛ فقد جرفتهم الحضارة المزعومة إلى الهاوية السحيقة، وإنما أصبحت صفة لبعض الملتزمين المحافظين على تعاليم الإسلام الظاهرة، مما يجعلك تستغرب من هؤلاء الرجال الذين يتساهلون في حراسة أعراضهم من كل غادر فاجر متربص ساع في إفساد نساء المؤمنين؛ لذلك كان لزامًا أن نكتب في هذا الموضوع وإن لم نكن أهلًا لذلك؛ لأن المفروض أن يكتب عن هذا الموضوع من هو أكثر علمًا وبحثًا وتحقيقًا، لكن من باب المساهمة في نصح المسلمين كتبت عن هذا الموضوع لعله يُحيي الغيرة في قلوبهم، فيقومون بحراسة أعراضهم قبل فوات الأوان. نسأل الله -عز وجل- أن يجعل عملنا خالصًا له وحده، وأن يعيد المسلمين إلى التمسك بتعاليم الإسلام السمحة العادلة.
- تعريف الغيرة:
الغيرة: بفتح الغين وسكون الياء وفتح الراء، وأصله من الأنفة والحمية، وقيل: المنع؛ لأن الرجل الغيور يمنع أهله من التعلق برجل أجنبي بنظر، أو غيره.
قال عياض: هي مشتقة من تغير القلب، وهيجان الغضب بسبب المشاركة فيما به الاختصاص، وأشد ما يكون ذلك بين الزوجين، وقال العلاّمة بكر أبو زيد في كتابه القيّم «حراسة الفضيلة»: الغيرة هي ما ركبه الله في العبد من قوة روحية، تحمي المحارم، والشرف، والعفاف من كل مجرم وغادر.
أنواع الغيرة: الغيرة نوعان هما:
١- الغيرة المحمودة: وهي المعتدلة الشرعية التي تجعل صاحبها يحمي محارمه من الوقوع في المنكر، ومن اختلاطهن بالرجال الأجانب.
٢- الغيرة المذمومة: وهي أن يشك الرجل في أهله، ويتجسس عليهم ويظن بهم السوء، وهم بعيدون عنه كل البعد، وكم انهارت من الأسر، وكم وقعت من نساء في الفاحشة بسبب اتهام الرجل لها بالفاحشة، فيوسوس بها الشيطان أن تعمل الفاحشة! فهي على كل حال متهمة، فتتجاوب مع ضعف إيمانها، وهذا بسبب هذه الغيرة المذمومة التي يبغضها الله -تعالى- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من الغَيْرة ما يحبه الله، ومنها ما يبغضه الله، فأما الغيرة التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يبغضها الله؛ فالغيرة في غير الريبة"(١).
قال بدر الدين العيني في «عمدة القاري»: قال شيخنا: لكن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص؛ فرب رجل شديد التخيل فيظن ما ليس بريبة ريبة، ورب رجل متساهل في ذلك فيحمل الريبة على محمل يحسن به ظنه.
- أهمية الغيرة:
الغَيْرة غريزة فطرية، وصفة ربانية، وسجية نبوية، وخلق محمود، وصفة حسنة. لقد كانت الغيرة أمرًا مهمًا، حتى في الجاهلية قبل الإسلام، حتى وصل بهم إلى الغلو في هذا الأمر أن كانت تدفن البنت وهي حية خوفًا من أن تعمل الفاحشة إذا كبرت، حتى قال شاعرهم يبين حماية الرجل لمحرمه: منعَّمة ما يستطاع كلامها على بابها من أن تزار رقيب.
ولقد أقر الإسلام هذا الخُلق وهذّبه، وضبطه بضوابط الشرع. والغيرة تكريم للمرأة، وحفظ لها من العابثين المفسدين، لا كما تظن بعض النساء الجاهلات أنه تضييق عليها، وتحكم في تصرفها. كما أنه من حقوق الزوجة على زوجها أن يغار عليها، وأن يحميها؛ وذلك دليل على صدق حبه لها. يقول أحد الرجال في بيان شدة غيرته على زوجته:
أغار عليك من عيني ومني ومنك ومن زمانك والمكانِ
ولو أني خبأتك في عيوني إلى يوم القيامة ما كفاني
إن الأعراض غالية ثمينة عند أصحابها أهل الغيرة والعفة ـ إلا عند قوم أسافل أراذل ـ فهم يبذلون الغالي والنفيس في الحفاظ على أعراضهم، بل قد يبذلون أرواحهم؛ لقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من قُتل وهو يدافع عن أهله، وعرضه أنه شهيد قال صلى الله عليه وسلم: "من قتل دون عرضه فهو شهيد"(١).
والغيرة صفة من صفات الله -تعالى- وهي كذلك صفة من صفات المؤمن الصادق. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه"(٢).
إن غيرة الرجل على نسائه دليل على قوة إيمانه وعلو همته، ومجتمع يُحفظ فيه النساء مجتمع طهر وعفاف. قال في الإحياء: كل أمة وضعت الغيرة في رجالها وضعت الصيانة في نسائها. قال المناوي في الفيض: أشرف الناس وأعلاهم همة أشدهم غيرة.
- صور من غيرة الأوائل:
الله -عز وجل- أشد غيرة ورسول الله صلى الله عليه وسلم أشد خلق الله غيرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد أغير من الله؛ من أجل ذلك حرم الفواحش"(٣).
قال صلى الله عليه وسلم: "يا أمة محمد! واللهِ ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده، أو تزني أَمَتُه"(٤).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أَغْيَرُ منه، واللهُ أَغْيَرُ مني"(٥).
وسنذكر شيئًا من غيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى فاطمة ـ رضي الله عنها ـ مقبلة فقال: "من أين جئت؟ فقالت: رحمت على أهل هذا الميت ميتهم"(٦).
فرسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل فاطمة الطاهرة الفاضلة: أين ذهبت؟ ومن أين أتت؟ لا شكًا فيها، وإنما حفاظًا لها.
وعن سهل بن سعد قال: اطَّلع رجل من جحر في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ومع النبي صلى الله عليه وسلم مدرى يحك به رأسه، فقال: "لو أعلم أنك تنظر لطعنت به في عينك، إنما جعل الاستئذان من أجل البصر"(٧).
فهذا النبي صلى الله عليه وسلم عندما شعر أن هذا الرجل يطلع من ثقب إلى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يطعن في عين الرجل بحديدة كان يحك بها رأسه؛ حماية لعرضه، وغيرة على أهله، وما منعه إلا أنه لم يتأكد من صحة ظنه.
وكما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد الخلق غيرة، كان أصحابه رضوان الله عليهم ـ أشد الناس غيرة، ونذكر هنا شيئًا من غيرتهم؛ فهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ـ يروي عنه أنه لما رأى الأسواق يزدحم فيها الرجال والنساء، قال غيرة على نساء المسلمين: ألا تستحيون! ألا تغارون أن يخرج نساؤكم؟ فإنه بلغني أن نساءكم يخرجن في الأسواق يزاحمن العلوج. وهم الرجال الفحول من الأعاجم. وهذه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ـ عندما كانت تنقل النوى لزوجها الزبير بن العوام رضي الله عنه ـ فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار، فأراد صلى الله عليه وسلم أن ينيخ لها بعيره لتركب عليه، قالت: "فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته، وكان أغير الناس، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أني قد استحييت فمضى"(٨).
فأسماء تذكر غيرة زوجها الزبير، وأنه كان من أشد الناس غيرة على أهله، وهذا سعد بن عبادة سيد الخزرج كان مشهور بشدة غيرته، قال سعد رضي الله عنه: لو رأيت رجلًا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "تعجبون من غيرة سعد؟ والله! لأنا أْغْيَر منه، واللهُ أغْيَر مني"(٩).
وفي رواية مسلم: "قال سعد: يا رسول الله! لو وجدت مع أهلي رجلًا لم أمسه، حتى آتي بأربعة شهداء؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم! قال كلا، والذي بعثك بالحق! إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسمعوا إلى ما يقول سيدكم! إنه لغيور، وإني لأغير منه، واللهُ أغير مني" (١).
وهذه امرأة مسلمة تذهب إلى سوق يهود بني قينقاع لتبيع لها شيئًا في هذا السوق، فجلست إلى صائغ يهودي، فجعل اليهود يطلبون من هذه المرأة المسلمة أن تكشف لهم وجهها، وهكذا هي عادة اليهود عهر وفجور، ونقض للعهود، فأبت هذه المرأة، ورفضت أن تكشف وجهها، فعمد الصائغ اليهودي إلى طرف ثوبها وربطها إلى ظهرها؛ فلما قامت انكشفت عورتها، فضحك اليهود عليها، فجلست وصاحت؛ فأسرع رجل من المسلمين من أهل الغيرة على حرمات المسلمين إلى الصائغ فقتله، فشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاصرهم، ثم أجلاهم عن المدينة. هكذا يفعل أصحاب الغيرة لحماية أعراضهم.
- أسباب موت الغيرة:
ما دام أن الغيرة سجية من سجايا النفس البشرية، وغريزة من غرائزها الفطرية لذلك لا بد أن هناك أسبابًا أدت إلى موت الغيرة أو ضعفها، ومن هذه الأسباب ما يلي:
١- ضعف الإيمان: فكلما كان العبد أقوى إيمانًا كان أشد حفظًا لنفسه، ولأهله من أي شيء يلوث سمعتهم، أو يقتل حياءهم ودينهم، ولا يضعف الإيمان إلا الذنوب، وإذا ضعف الإيمان هان على العبد مخالفة الدين الصحيح والفطرة السليمة.
٢- البعد عن تعاليم الإسلام وآدابه وأخلاقه: فالإسلام جاء بمكارم الأخلاق، والتي منها الغيرة على المحارم، وإذا ابتعد العبد عن تعاليم الإسلام بدأت أخلاقه عمومًا، وخلق الغيرة خصوصًا بالانهيار، حتى يصير مُنحلًا أخلاقيًا والعياذ بالله.
٣- الجهل بخطورة موت الغيرة: فعلى المسلم أن يعلم أهمية الغيرة على الأعراض، وأن ضد الغيرة الدياثة، وضد الغيور الديوث، وهو الذي يقر الفحش في أهله، ولا غيرة له عليهم، والديوث محروم من دخول الجنة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة قد حرَّم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق، والديوث الذي يقر في أهله الخبث"(٢). والخبث: الفاحشة.
٤- الجهل بعظم المسؤولية تجاه الأهل: فإن كل رجل مسؤول يوم القيامة عن رعيته، ومن تحت رعايته من بنت، وزوجة، وغيرهما من أهل بيته من إناث أو ذكور؛ فهم أمانة في عنقه، وفي الحديث المتفق عليه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته؛ فالرجل راعٍ في أهل بيته وهو مسؤول عنهم"(٣) ؛ فيجب عليه تربيتهم تربية إسلامية صحيحة، وأن يحميهم من الأقوال البذيئة والأفعال القبيحة، والعقائد الرديئة، والأفكار الدخيلة، والأخلاق السيئة، والسلوكيات الخاطئة، وجلساء السوء، وعليه أن يحرس عرضه متمثلًا بنساء أهل بيته، وأن يغار عليهم من أن يعبث بهن لصوص الأعراض.
٥- قلة الحياء: فالحياء خلق إسلامي يبعث على صيانة العرض، ودفن المساوئ، والتحلي بالمكارم؛ فإن الذي لا يستحي لا يهمه ما يقال في أهله، ولا يستحي مما يفعله أهله من الرذائل، بل لو رأى زوجته جالسة مع رجل أجنبي تمازحه وتضحك معه لما تحركت فيه شعرة، وكأن الأمر لا يعنيه والمرأة ليست بقريبة له.
إذا لم تصن عرضًا ولم تخش خالقًا وتستحي مخلوقًا فما شئت فاصنع.
٦- جلساء السوء: فللجلساء تأثير على الشخص، إن كانوا أهل صلاح كانوا سببًا في صلاحه، وإن كانوا أهل فساد كانوا سببًا في فساده؛ فإذا كان الرجل جلساؤه ممن لا غيرة له، ممن يزعم أنه واقعي عصري فإنه كلما غضب الرجل على أهله إذا ارتكبوا ما يخل بالشرف قال له جليس السوء: لا تشدد على أهلك! الناس كلهم يفعلون هذا، خلهم على حريتهم، ونحو ذلك.
٧- الغلو في الثقة بالأهل: إلى حد التعامي عن أمور واضحة بينة تخدش الشرف والعفاف؛ بحيث يتساهل في خروج أهله ودخولهن، يذهبن إلى الأسواق متى شئن، ويرجعن متى شئن، يسافرن دون محرم، يعملن في أماكن لا تخلو من الاختلاط والخلوة، وإذا نُصح قال إنه يثق في أهله، إنهن سيحفظن أنفسهن، ولن يقعن في الرذيلة، وكأنهن معصومات من الخطأ.
ألقاه في اليم مكتوفًا وقال له: إياك إياك أن تبتل بالماء!
فهذا الرجل يرمي بمحارمه إلى أماكن تقربهن من الفاحشة والرذيلة، ويتعامى عنهن باسم الثقة، حتى يضيع عرضه وشرفه، عند ذلك يعض أصابعه ندمًا بعد فوات الأوان. ويقابل الغلو في الثقة انعدام الثقة عند بعض الرجال؛ فدائمًا ينظر إلى أهله بعين الريبة، يشك فيهم، بل يتهمهم بالفاحشة، عائشًا في أوهام وظنون ليس لها أصل من الصحة، إنما هي مجرد إصغاء لوساوس شياطين الإنس والجن، ونسي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثْمٌ}[الحجرات: ١٢].
٨- ضعف شخصية الرجل في بيته وعند أهله: بل الكلمة في البيت لزوجته؛ فهي الآمرة الناهية، وبالطبع فالمرأة ضعيفة، تتجاوب مع الإغراءات والشهوات، وعندما تكون متحكمة في أمور البيت فإنها ستفسد أهل البيت، خاصة مع ضعف التزامها، فستشتري لبناتها عباءات، وملابس التبرج ظنًا أن هذا من التقدم والتحضر، والرجل لا يحرك ساكنًا، وإنما ينفذ أوامر زوجته المخالفة للشرع، المضيعة للعرض والعفاف؛ ولْتَبْكِ البواكي على مثل هذا الرجل!
أين الأب الراعي وأين الزوج في بيت تنهى النساء وتأمرُ؟
إني لأسأل عن رجال عشيرتي أين الثبات وأين أين الجوهرُ
أين القوامة يا رجال أما لكم شرف؟ أليس لكم إباء يذكرُ؟
أين العقول أما لديكم حكمة؟ أين القلوب أما تحس وتشعرَ؟
إن عدت الفتن العظام فإنما فتن النساء أشدهن وأخطرُ
أخشى على الأخلاق كسرًا بالغًا إن المبادئ كسرها لا يجبرُ
فليعلم الرجل أن القوامة له على المرأة شرعًا، ولتعلم ذلك المرأة المسلمة المنقادة لأمر الله تعالى قال عز وجل: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}[النساء: ٣٤].
قال العلامة السعدي -رحمه الله- في تفسيره: أي قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى من المحافظة على فرائضه، وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك، وقوامون عليهن أيضًا بالإنفاق عليهن والكسوة والمسكن.
٩- قلة حديث العلماء في الموضوع مع أهميته وغفلة المسلمين عنه: مع أن قتل الغيرة هدف من أهداف أعداء الإسلام لتدمير المجتمعات الإسلامية؛ فهم يريدون إفساد المسلمين، وصرفهم عن دينهم وتدمير أخلاقهم بنشر الفواحش ووسائلها من التعليم والوظائف المختلطة، والبعثات العلمية للنساء إلى بلاد الكفر والتبرج والسفور إلى غير ذلك. وبالطبع فإن أهل الغيرة هم عقبة أمام مخططات الأعداء فيجب على العلماء وطلبة العلم والكتّاب أن يتكلموا ويكتبوا عن هذا الموضوع المهم العظيم مواجهة لأعداء الله -تعالى- دعاة الفاحشة والرذيلة ولتحيي في نفوس الرجال الغيرة على الأعراض وحماية المحارم.
١٠- الإعلام الفاسد بوسائله المختلفة مقروءة ومسموعة ومرئية: ذلك أن للإعلام دورًا مهمًا في تشكيل عقول متابعيه، وأفكارهم وسلوكياتهم، والإعلام الموجود هذه الأيام ينشر الفساد والمنكرات والإباحية، والسلوكيات الشاذة عن تعاليم ديننا الإسلامي عبر البرامج المنحرفة، والأغاني الهابطة، والمسلسلات الخليعة، والأفلام القبيحة، والمفاهيم السقيمة الدخيلة التي تظهر الرذيلةَ فضيلةً، والقبيح حسنًا، والشر خيرًا، وغير ذلك من المفاهيم التي يقوم الإعلام بقلب حقائقها. وفي عصرنا هذا عصر البث المباشر تنقل لنا القنوات الفضائية عادات وتقاليد، وسلوك أمم الكفر والفجور إلى داخل بيوت المسلمين من خلال أفلام تعرض فاحشة الزنا من البداية إلى النهاية، والأخرى تعرض فاحشة اللواط، وصور نساء عاريات ـ نعوذ بالله من سوء الحال والمنقلب، وتُظهِر هذه المنكرات على أنها هي التقدم والتحضر، فتولد عند الرجل موتًا للغيرة، فلا حرج إن قلَّدت بنته أو زوجته أو أخته أو غيرهن ممثلة، أو راقصة، أو مغنية في لبسها أو سلوكها.
١١- التأثر بحضارة الغرب وتقدمه التقني والاقتصادي: فيظن هذا الرجل ضعيف الإيمان أنه لا بد من تقليدهم في اللباس والهيئة والسلوك، حتى نتقدم ونتحضر مثلهم؛ لذلك تراه يسمح لنسائه بالتبرج وبالسفر إلى بلاد الكفر للتعلم، أو العمل، أو السياحة بمفردهن، أو مع أفواج مختلطة بين الرجال والنساء دون أن يغار عليهن ويحميهن؛ فعنده الأمر لا حرج فيه؛ فهو ليس رجعيًا متخلفًا، بل هو متحضر واقعي، زعم ذلك.
- مظاهر موت الغيرة:
إن من يتابع أحوال المسلمين يرى مظاهر كثيرة لموت الغيرة لدى الرجال، نذكر هنا جملة من أهم هذه المظاهر، وأكثرها انتشارًا في مجتمعاتنا الإسلامية.
١- عندما تموت الغيرة ترى الرجل يسمح لمحارمه أن يلبسن الملابس الضيقة والقصيرة، والخفيفة التي تُظهر ما تحتها، مثل البنطلون وغير ذلك من ملابس التبرج، وإن وُجد لديه شيء من الحياء فإنه يلزمهن بلبس العباءة، لكن هل هذه العباءة حجاب؟ لا، ليست عباءة التبرج والفتنة بحجاب، وقد زينت من الأمام، وزخرفت لها الأكمام، وضيقت من الأعلى، ووسعت من الأسفل، وصنعت بألوان وأشكال مختلفة، حتى زادت من جمال المرأة، وزادت الفتنة بها، فلو لبستها امرأة قبيحة الشكل لظن الرجل أنها ملكة الجمال لتزيين العباءة لها، وهذا الرجل يظن أنه قد عمل ما عليه من إلزام أهله بالحجاب المشروع، ولا يعلم أنه بعمله هذا قد خالف الشرع، وضيع أهله.
فللحجاب الشرعي شروط لا بد من توفرها في هذه العباءة، وهذه الشروط هي:
أ- أن تكون ساترة لجميع البدن بما فيه الوجه، وهذا رأي كثير من العلماء لا سيما في زمن الفتن.
ب- أن تكون واسعة لا تبدي تفاصيل الجسم.
ج- أن تكون خالية من الزخارف والنقشات والكتابة.
د- أن تكون سميكة لا تظهر ما تحتها.
هـ- أن تكون من قماش لا يلصق بما تحته.
ولتعلم كل امرأة مسلمة أن الله -عز وجل- لم يلزم المرأة المسلمة بهذا الحجاب إلا وفيه خير لها في الدنيا والآخرة؛ فالحجاب له أسرار عظيمة، وفضائل محمودة، ومصالح كثيرة، منها:
أ- أنه حراسة للأعراض، ودفع لأسباب الفتنة والفساد.
ب- حصانة للمرأة من أن تكون إناء لكل والغ.
ج- أنه علامة على عفة المرأة وحيائها واحتشامها.
د- أنه حصانة للمرأة من أذى أراذل الرجال؛ فهو يكفّ الأعين الخائنة، والأطماع الفاجرة.
وليعلم كل رجل مسلم أنه مسؤول عن حماية أهله من وسائل الفساد التي منها هذه العباءة العصرية: عباءة التبرج والسفور؛ فعليه أن يمنعهن من لبسها وشرائها، حتى يحمي عرضه ويصون مجتمعه.
قال العلاَّمة بكر أبو زيد: «وإذا أردت أن تعرف فضل الحجاب، وستر النساء وجوههن عن الأجانب فانظر إلى حال المتحجبات ماذا يحيط بهن من الحياء والبعد عن مزاحمة الرجال في الأسواق، والتصوُّن التام عن الوقوع في الرذائل أو أن تمتد إليهن نظرات فاجر، وإلى حال أوليائهن ماذا لديهم من شرف النفس والحراسة لهذه الفضائل في المحارم، وقارن هذا بحال المبترجة السافرة عن وجهها التي تقِّلب وجهها في وجوه الرجال، وقد تساقطت منها هذه الفضائل بقدر ما لديها من سفور وتهتك، وقد ترى السافرة الفاجرة تحادث أجنبيًا فاجرًا، تظن من حالهما أنهما زوجان بعقد أُشْهِدَ عليه أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ ولو رآها الديوث (زوجها) وهي على هذه الحال لما تحركت منه شعرة؛ لموات غيرته، نعوذ بالله من موت الغيرة، ومن سوء المنقلب».
٢- عندما تموت الغيرة يسمح الرجل لزوجته وبناته عند ذهابهم إلى بعض البلاد التي لا تلتزم بالحجاب الشرعي للعلاج أو السياحة أو غيرها بترك الحجاب والتشبه بأهل تلكم البلاد، بل قد يأمرهن بذلك والعياذ بالله، حتى لا ينظر إليه وإلى أهله بأنهم جهلة وغير مثقفين.
٣- عندما تموت الغيرة يسمح الرجل لزوجته، أو بنته بالسفر للدراسة وغيرها دون محرم، سواء إلى بلاد إسلامية أو بلاد الكفر، بل تجده يعمل لسفرها ويأتي بالوساطات، ويدفع الأموال لتمنح زوجته أو بنته أو أخته منحة دراسية إلى إحدى الدول، ويفتخر بذلك أمام الناس أن إحدى نسائه حصلت على منحة إلى الخارج، فتذهب تقضي عدة أشهر، أو عدة سنوات بمفردها. وقد وقع بعض من ينتسب إلى الحركات الإسلامية في هذا الأمر ـ ولا حول ولا قوة إلا بالله ـ فتراه يسمح لأهله بالسفر إلى الخارج باسم الدعوة إلى الله وحضور المؤتمرات الإسلامية، ولم يعلم هذا الرجل الذي قل علمه، وماتت غيرته أن سفر المرأة بلا محرم من الرجال لا يجوز كما ثبتت بذلك الأدلة.
فعن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم: "نهى أن تسافر المرأة مسيرة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم"(١).
وعن ابن عباس أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: "لا يخلوَنَّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله! إن امرأتي خرجت حاجَّةً، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: فانطلق فَحُجَّ مع امراتك"(٢).
فهذا الرجل كانت امرأته ذاهبة إلى الحج وهو سفر طاعة، وزوجها قد استعد للجهاد، ومع ذلك أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يلحق بزوجته، وشروط المحرم أن يكون مسلمًا بالغًا ذكرًا عاقلًا والحرمة فيه على التأبيد.
٤- عندما تموت الغيرة يذهب الرجل بأهله إلى طبيب رجل ليكشف عليها، مع وجود الطبيبات؛ وهو ليس مضطرًا، وسيكون الكشف على حسب المرض، قد تكشف وجهها، أو صدرها، أو بطنها، بل بعض الرجال يجعل الطبيب يولِّد زوجته، مع أنه لا توجد ضرورة لذلك؛ فهناك طبيبات يقمن بالعمل نفسه الذي يقوم به هذا الطبيب، لكنه موت الغيرة.
٥- عندما تموت الغيرة يهمل الرجل أهله: من بنت، أو زوجة، أو أخت، أو غيرهن، فيختلين بالأجانب من الرجال، والأماكن التي يحصلن فيها الخلوة المحرمة كثيرة منها:
أ- الخلوة في العمل؛ فكم تقع الخلوة بين الموظفين والموظفات، وهذا مشاهد؛ فبعض المكاتب لا يوجد فيها إلا موظف وموظفة، بل قد تعمل المرأة في الليل، خاصة في المستشفيات المختلطة، سواء كانت طبيبة أو ممرضة، وبحكم العمل فقد تجلس الطبيبة مع الطبيب ساهرين في غرفة واحدة، ينتظران المرضى ليس معهما أحد في الغالب، أما في أقسام الرقود؛ فهناك غرف خاصة في كل قسم بالممرضة والممرض المريض حتى يتابعا حالة المرضى في الليل، وبالطبع يجلس الرجل مع المرأة بمفردهما يتبادلان الأحاديث الودية بحكم الزمالة، وثالثهما الشيطان، والرجل الديوث في بيته يشاهد الفضائيات، أو يغطُّ في نوم عميق، ولا يرى ماذا يعمل أهله. لا أريد بكلامي هذا أن أطعن في عرض أحد، لكن هذا هو الواقع والغالب في أكثر الوظائف إلا من رحم الله؛ لأن هذا ما يريده لصوص الأعراض وأعداء الفضيلة.
ب- الخلوة مع الطبيب في عيادته، بحيث يسمح الرجل لزوجته أن تذهب إلى الطبيب بمفردها تختلي به في العيادة، بل يصل الأمر في بعض الرجال أن يذهب مع أهله إلى الطبيب، وينتظره في الخارج، وزوجته مع رجل أجنبي في غرفة مغلقة، وقد نبهنا سابقًا أنه لا يجوز أن تذهب المرأة إلى طبيب إلا للضرورة.
ج- الخلوة بالمدرس، وهذا حاصل في الأسر الثرية؛ حين يأتي الرجل لبنته بمدرس خاص لتعليمها بعض المواد، وقد صارت هذه البنت في المرحلة الثانوية أو الجامعية، وبالطبع لا بد من غرفة خاصة هادئة لا يوجد فيها إلا حضرة الأستاذ وتلميذته، حتى يتمكن المدرس من الشرح وتلميذته من الإصغاء، ويجب أن لا يدخل عليهما أحد، حتى ينتهي الدرس الذي يستغرق ساعة أو ساعتين أو أكثر، والله أعلم ماذا يحصل بالداخل والأب المفضل في سبات عميق، مع أن هذا العمل لا يجوز ولو كان المدرس عالمًا من العلماء؛ فكيف والمدرس فاسق لا دين له، ولا خلق؟ فهذا من باب أوْلى.
د- خلوة المخطوبة مع خطيبها، وهذا حاصل حتى عند من يدَّعون الغيرة، وهذا لا يجوز شرعًا؛ لأن الخاطب لا زال أجنبيًا عن هذه المرأة حتى يعقد عليها، وتصبح زوجته، كما أنه لا تُؤْمَن عليها الفتنة والوقوع في الفاحشة؛ فالشيطان حريص على ذلك أعاذنا الله منه. وليعلم كل مسلم ومسلمة أن الخلوة سبب من أسباب الوقوع في فاحشة الزنا؛ لذلك سدت الشريعة هذا الطريق، وأغلقت هذا الباب؛ حفاظًا على الأعراض، وحماية للفضيلة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يخلوَنَّ أحدُكم بامرأة إلا مع ذي محرم"(١)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان"(٢).
٦- عندما تموت الغيرة ترى الرجل يتساهل في مسألة اختلاط النساء والرجال، زعمًا منه أن هذه عادة أهله وقبيلته، فترى الجلساء في بيته مختلطين رجالًا ونساء، فيسمح لزوجته أو بنته أو أخته بالجلوس مع الرجال؛ فهذا أخ الزوج، وهذا ابن العم، وابن الخال، وابن الجيران، وما شابه ذلك، مع ما في الاختلاط من مفاسد كثيرة منها: تبرج النساء في هذه المجالس، فيقع النظر المحرم من الرجال للنساء والعكس، ويقع بذلك فتنة عظيمة، فيرى الرجل أن زوجة فلان أجمل من زوجته، وترى الزوجة أن فلانًا وسيم ليس كزوجها ذميمًا، فيقع التقاطع وسوء العشرة. ومنها إثارة الشهوات بالنظر المحرم، والضحك والمزاح؛ فيستساغ هذا العمل عند الرجل فتموت الغيرة، وعند المرأة فتفقد حياءها. ومن أماكن الاختلاط المدارس والجامعات المختلطة؛ فلا يجوز لرجل بقي عنده ولو شيء يسير من الغيرة والشرف أن يسمح لمحارمه بالدراسة في هذه الأماكن، بأي حجة من حجج الشيطان، ومن باب أوْلى الفصل في الأماكن المختلطة.
٧- عندما تموت الغيرة يذهب الرجل بأهله من النساء إلى الأماكن المزدحمة، مثل: الأسواق، والحدائق، يزاحمن الرجال؛ فهذا يلتصق بها من أمامها وهذا من خلفها، وهذا عن يمينها، أو شمالها، وأشد حماقة من هذا الرجل ذلك الذي يذهب بأهله إلى الأسواق المزدحمة فتنزل المرأة من السيارة إلى تلك الأسواق تزاحم الرجال وهو منتظر لها في السيارة الساعة والساعتين وكأن أمرها لا يعنيه.
٨- عندما تموت الغيرة يسمح الرجل لزوجته أو إحدى محارمه بالعمل خارج المنزل في أماكن مختلطة، مفقود فيها الحياء والشرف، وموجود فيها الاختلاط والنظر المحرم، والخلوة في بعض الأحيان، وهذا كله لا يهم ذلك الرجل الذي قد ماتت غيرته، إنما المهم هو كم المعاش، وليس للشرف والعفاف عنده أي أهمية؛ فالمال عنده كل شيء، فلا مانع لديه من أن تعمل زوجته أو بنته ليلًا أو نهارًا، أو حتى تسافر دون محرم من قرية إلى قرية، ومن مدينة إلى مدينة، ويستمر سفرها عدة أيام، أو أشهر؛ وذلك شبيه الرجال وليس برجل، والأمر عنده عادي وطبيعي، ما دام وراء ذلك فائدة مادية ممتازة؛ فسحقًا لمثل هؤلاء الرجال الذين أضاعوا دينهم، وأعراضهم!
٩- عندما تموت الغيرة ترى الرجل يسمح لنسائه بالاحتفاظ بصور الممثلين والمغنيين والرياضيين وغيرهم؛ لأنها معجبة بهم والرجل لا يعارض ذلك؛ لأنه يرى أنها حرة، تحب من تريد، وتعجب بمن تريد؛ فهذا من خصوصياتها، ولا يعلم هذا الرجل الأحمق أن الرجل الغيور لا يرضى أن يتعلق أهله بالرجال الأجانب، كيف وهؤلاء الرجال فسقة منحرفين؟ فكيف يرضى بهذا من لديه شيء من الشهامة والشرف؟ وأشد دياثة من هذا ذلك الرجل الذي يسمح لزوجته أن تحتفظ بصورة حبيبها الأول، زاعمًا أنه يحترم مشاعرها، وحبها القديم؛ فأي ديوث هذا؟ والعياذ بالله.
١٠- عندما تموت الغيرة يسمح الرجل الديوث لزوجته، أو بنته، أو قريبته بمسايرة رجل أجنبي، فيراها تأتي وتذهب مع زميلها في الجامعة، أو الوظيفة على أقدامهما، أو بالسيارة، وهو لا يحرك ساكنًا، بل قد يشجعها، ويقول: اركبي مع فلان ابن الجيران؛ فمعه سيارة يوصلك على طريقه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
١١- عندما تموت الغيرة تجد رجلًا لا يدري عن أهله شيئًا، ولا يهتم بأمورهم، فهو لا يعلم من دخل بيته، ولا يعلم عن زوجته وبناته أي شيء، متى دخلن البيت، ومتى خرجن منه، ومع من يذهبن، ومع من يأتين؟ فهذا الرجل في غفلة عن أهله الذين سيُسأل عنهم يوم القيامة، مشغول بأمواله وأعماله، يوفر لهم المال، ولا يهتم بتربيتهم ولا بأخلاقهم، وقد حصل بسبب هذا الإهمال قضايا كثيرة؛ فهذا أب يتلقى خبر وفاة بنته التي ذهبت في الصباح إلى الجامعة، والتي من المفترض أن تكون في الجامعة ولكن الخبر جاء بوفاة هذه البنت مع شاب غير معروف في حادث مروري خارج المدينة، وما أكثر القصص التي تحكي أحوال آباء وأزواج غافلين عن أهلهم، لا يعلمون إلا بعد وقوع فضيحة كبيرة؛ عند ذلك يعلم هؤلاء أشباه الرجال بأنهم قصروا فيما كان يجب عليهم فعله، فيندمون حين لا ينفع الندم.
١٢- عندما تموت الغيرة فإن الرجل يكلف زوجته، أو بنته بشراء حاجات البيت دون ضرورة؛ فهو صحيح ولديه وقت فراغ، وإن كان مشغولًا فلديه أولاد كبار يذهبون إلى الأسواق بدلًا عنه، لكنه موت الغيرة، بل يصل الأمر في بعض الرجال أن يلقي مسؤولية البيت كاملة على زوجته؛ فهي التي تذهب إلى السوق، وتشتري الطعام والشراب ولباسها ولباس الأطفال، بل وملابس زوجها، وهي من تستأجر البيت، وتتفاهم مع صاحب البيت، وتدفع الإيجار وتذهب لتسديد فاتورة الكهرباء والمياه، وأصبحت هي الرجل تختلط بالرجال، وتحتك بهم، وزوجها يسلِّم لها ما تحصَّل عليه من مال، ثم يذهب ليأكل ويشرب، وينام وكأنه بهيمة، ليس عليه أي مسؤولية؛ فأي رجل هذا، وأي رجولة لديه؟
أخيرًا: هذا الموضوع ذو أهمية كبيرة؛ فقد أكون قصرت فيه، ولكني كما قلت سابقًا إن هذا المقال مجرد نصيحة، وتنبيه لأهل الغيرة، كما أرجو من الدعاة وطلبة العلم أن يتكلموا في هذا الموضوع المهم عن طريق محاضرة، أو خطبة أو مقال، حتى تعود للرجال رجولتهم، ويحموا أعراضهم وشرفهم من كل مجرم غادر يسعى لإفساد المجتمع بأسماء وهمية: كتحرير المرأة، والمطالبة بخروجها من بيتها من أجل إفسادها، وإفساد المجتمع بها ومساواتها بالرجل في أشياء تختص بالرجال، ومحاولة إشراك المرأة في جميع مجالات الأعمال سياسيًا وإعلاميًا وعسكريًا، وغير ذلك لتفسد هي ويفسد المجتمع بها.
نسأل الله السلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، ونسأله -سبحانه- أن يحفظ أعراضنا وأموالنا ودماءنا من كل كافر حاقد ومجرم عابث.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
(١) رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
(١) رواه الترمذي.
(٢) رواه مسلم وأحمد والترمذي.
(٣) رواه البخاري ومسلم.
(٤) رواه البخاري والنسائي.
(٥) رواه البخاري ومسلم.
(٦) رواه أحمد والحاكم.
(٧) رواه البخاري.
(٨) رواه البخاري ومسلم والنسائي.
(٩) رواه البخاري.
(١) رواه مسلم.
(٢) رواه أحمد.
(٣) متفق عليه.
(١) متفق عليه.
(٢) متفق عليه.
(١) متفق عليه.
(٢) رواه الترمذي.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد