عندما تموت الغيرة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إن موضوع الغَيرة موضوعٌ ذو أهمية كبيرة خاصة في هذه الأيام التي كثر فيها الفساد، والتي يسعى فيها أعداء الإسلام لإفساد المرأة المسلمة بشتى الوسائل. وحقيقة فإن أعداءنا استطاعوا تحقيق شيء ليس بالقليل في جهودهم ضد المرأة المسلمة، ساعدهم على ذلك ضعف الغيرة، أو موتها عند كثير من الرجال، وعدم حماية الرجال أصحاب القوامة لأعراضهم من زوجة وبنت وأخت وأم وقريبة. والمصيبة العظمى أن موت الغيرة لم يعد صفة للذين ابتعدوا عن تعاليم الإسلامº فقد جرفتهم الحضارة المزعومة إلى الهاوية السحيقة، وإنما أصبحت صفة لبعض الملتزمين المحافظين على تعاليم الإسلام الظاهرة، مما يجعلك تستغرب من هؤلاء الرجال الذين يتساهلون في حراسة أعراضهم من كل غادر فاجر متربص ساع في إفساد نساء المؤمنينº لذلك كان لزاماً أن نكتب في هذا الموضوع وإن لم نكن أهلاً لذلكº لأن المفروض أن يكتب عن هذا الموضوع من هو أكثر علماً وبحثاً وتحقيقاً، لكن من باب المساهمة في نصح المسلمين كتبت عن هذا الموضوع لعله يُحيي الغيرة في قلوبهم، فيقومون بحراسة أعراضهم قبل فوات الأوان. نسأل الله - عز وجل - أن يجعل عملنا خالصاً له وحده، وأن يعيد المسلمين إلى التمسك بتعاليم الإسلام السمحة العادلة.

 

* تعريف الغيرة:

الغيرة: بفتح الغين وسكون الياء وفتح الراء، وأصله من الأنفة والحمية، وقيل: المنعº لأن الرجل الغيور يمنع أهله من التعلق برجل أجنبي بنظر، أو غيره.

 

قال عياض: هي مشتقة من تغير القلب، وهيجان الغضب بسبب المشاركة فيما به الاختصاص، وأشد ما يكون ذلك بين الزوجين، وقال العلاّمة بكر أبو زيد في كتابه القيّم «حراسة الفضيلة»: الغيرة هي ما ركبه الله في العبد من قوة روحية، تحمي المحارم، والشرف، والعفاف من كل مجرم وغادر.

 

أنواع الغيرة: الغيرة نوعان هما:

1 - الغيرة المحمودة: وهي المعتدلة الشرعية التي تجعل صاحبها يحمي محارمه من الوقوع في المنكر، ومن اختلاطهن بالرجال الأجانب.

 

2 - الغيرة المذمومة: وهي أن يشك الرجل في أهله، ويتجسس عليهم ويظن بهم السوء، وهم بعيدون عنه كل البعد، وكم انهارت من الأسر، وكم وقعت من نساء في الفاحشة بسبب اتهام الرجل لها بالفاحشة، فيوسوس بها الشيطان أن تعمل الفاحشة! فهي على كل حال متهمة، فتتجاوب مع ضعف إيمانها، وهذا بسبب هــذه الغيرة المذمومة التي يبغضـــها الله - تعالى - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن من الغَيرة ما يحبه الله، ومنها ما يبغضه الله، فأما الغيرة التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يبغضها اللهº فالغيرة في غير الريبة»(1).

 

قال بدر الدين العيني في «عمدة القاري»: قال شيخنا: لكن ذلك يختلف باختلاف الأشخاصº فرب رجل شديد التخيل فيظن ما ليس بريبة ريبة، ورب رجل متساهل في ذلك فيحمل الريبة على محمل يحسن به ظنه.

 

* أهمية الغيرة:

الغَيرة غريزة فطرية، وصفة ربانية، وسجية نبوية، وخلق محمود، وصفة حسنة. لقد كانت الغيرة أمراً مهماً، حتى في الجاهلية قبل الإسلام، حتى وصل بهم إلى الغلو في هذا الأمر أن كانت تدفن البنت وهي حية خوفاً من أن تعمل الفاحشة إذا كبرت، حتى قال شاعرهم يبين حماية الرجل لمحرمه:

 

منعَّمة ما يستطاع كلامها *** على بابها من أن تزار رقيب

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply