الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فمن خلال اطلاعي لم يظهر لي أن هذا الأمر متفش وظاهر بل هو قليل جدا، ولكن نظراً لبشاعة الجريمة، وكثرة الحديث عنها قد يظنها البعض ظاهرة.
أما أسباب زنا المحارم في جملتها فهي أسباب الزنا بشكل عام مع اقترانها بفساد الفطرة وانتكاسها فزنا المحارم مما يمجه العقلاء من مسلمين وغيرهم فلا يقع فيه إلا فاسد الطبع منتكس الفطرة ولعل من الأسباب:
أولاً: المجاهرة بالذنوب من مرتكبيها مما يشجع الغافلين عليها والمجاهرة محرمة واقترانها بالذنب تزيده حرمة وإثماًº لقوله - صلى الله عليه وسلم -: \"كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه\" رواه البخاري (5721) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
ثانياً: الفضائيات:
فقلَّ أن تجد شخصا وقع في مثل هذه القاذورات إلا وفي بيته تلك القنوات الهابطة والتي تدعو إلى الرذيلة وتحارب الفضيلة ليلا ونهارا وبشتى الصور من أغان راقصة مثيرة جدا بحيث تُبرَز فيها المفاتن وكذا بث المسلسلات والأفلام الماجنة الساقطة والتي تدعو إلى الفاحشة وتعلم الناشئة طرق الوصول إليها وكيفية فعلها وتسهِّل عليهم العواقب الناتجة عنها.
ثالثاً: المجلات المثيرة:
والتي لا تكاد تدخل مكتبة أو تموينات إلا وتجدها بارزة ظاهرة وقد ظهر على غلافها صورة مراهقة أو فاتنة من بنات المسلمين أو غيرهم ممن ماتت غيرتهم وقلَّت ديانتهم وتسبب ذلك في ابتلاء كثير من الناس بعشق الصور وهذه المجلات مع الأسف تطبع وتباع في بلاد المسلمين من غير حسيب ولا رقيب وترخيص مثل هذه المجلات أسهل مئات المرات من فسح مجلة نافعة.
رابعاً: أغاني الغزل والحب والهيام:
فالغناء كما قيل بريد الزنا وهذه الأغاني والتي انتشرت انتشار النار في الهشيم فلا أعرف إذاعة أو قناة مرئية إلا ما رحم ربي وقليل هي إلا وتبث تلك الأغاني بأصوات مثيرة خاصة أصوات النساء وسهلوا للناس استماعها فكان الواحد لا يستمع لها إلا في البيت أو السيارة أما الآن فأصبح في جيب كل واحد أغان لا تعد ولا تحصى في جواله فتجد كثيرا من المشاة قد جعلوا سماعات في آذانهم يستمعون لها وكأنهم سيفقدون شيئا ثميناً لو فاتهم استماعها، بل وجعل كثير من أبناء المسلمين تلك الأغاني نغمة لجوالاتهم فأشغلوا المصلين، وآذوا المسلمين.
وتحريم مثل هذه الأغاني الساقطة محل اتفاق بين العلماء حتى مَن أباح الغناء منهم. قال - تعالى -(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشتَرِي لَهوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيرِ عِلمٍ, وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُم عَذَابٌ مُهِينٌ) (لقمان: 6) عن أبي الصهباء البكري أنه سمع عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - وهو يسأل عن هذه الآية (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشتَرِي لَهوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ) فقال عبد الله بن مسعود: الغناء والله الذي لا إله إلا هو، يرددها ثلاث مرات. رواه ابن جرير 14/51 وكذا قال ابن عباس وجابر وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد ومكحول وعمرو بن شعيب وعلي بن بذيمة والحسن البصري وغيرهم. انظر تفسير ابن كثير 6/295.
خامساً: البلوتوث:
فهذه التقنية الحديثة مع الأسف أساء كثير من الناس استخدامها فأصبحت وسيلة لنشر الرذيلة، ومقاطع الزنا، واللواط، والفاحشة بأنواعها فما أن تجلس مع شاب من الشباب إلا ويخبرك بما تشيب له الولدان مما تحتويه تلك المقاطع من أمور منكرة وأصبح الناس يتبادلون تلك المقاطع بكل يسر وسهولة فما أن تجلس مجلساً إلا ويبدءون بتشغيل البلوتوث ويتبادلون تلك المحرمات فأشاعوا الفاحشة ونشروها ناسين أو متناسين قوله - تعالى -(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبٌّونَ أَن تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدٌّنيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لا تَعلَمُونَ) (النور: 19).
سادساً: الشبكة العنكبوتية:
فمع ما فيها من خير كثير إلا أن أنظار كثير من المستخدمين تتجه للمواقع الإباحية بل قد أنشئت جملة من المواقع العربية والتي أنشأها عدد من الشباب متخصصة في تبادل تلك المقاطع بحيث تسهل على الباحث فتكون مجموعة له في مكان واحد وكل يدلي بدلوه مع تشجيع المشتركين له على الزيادة وطلب المزيد متناسين أن كل مطلع على تلك الصور فعليهم من الآثام والأوزار مثل أوزارهم فكم من مشاهد وكم من مطلع عليها فويل لمن كان هلاكه بذنوب غيره فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: \"ومَن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام مَن تبعه لا ينقص ذلك مِن آثامهم شيئاً\" رواه مسلم (2674) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- ومع الجهود الجبارة التي تبذلها مدينة الملك عبد العزيز وغيرها من محاولة حجب هذه المواقع إلا أن الاختراقات وتجاوز البروكسي موجود ويتبادل الشباب البروكسيات لتجاوز المدينة وأنا هنا أشيد بمدينة الملك عبدالعزيز على الجهود الكبيرة التي تبذلها في حجب تلك المواقع وأدعوها للمزيد من بذل الجهد وأدعو الجميع للتعاون معها وذلك بتزويدها بكل موقع يدعو للرذيلة مع عدم الالتفات لتلك الأصوات الداعية لعدم الحجب بدعوى وعي الناس وعدم الوصاية عليهم.
سابعاً: التساهل في عدم التفريق بين الأولاد أثناء النومº امتثالاً لقوله - صلى الله عليه وسلم -: \"مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها لعشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع\" رواه أحمد (6737) وأبو داود (495) وحسنه النووي في الرياض /72.
ثامناً: الثقة العمياء ببعض الأقارب مع عدم صلاحهم مما يُجرِّيء من لا خلاق له منهم على الوقوع بمثل هذه الموبقات.
تاسعاً: إدمان المخدرات والمسكرات:
فبتناولها يفقد المرء عقله ومن فقد عقله فعل كل ما يخطر على باله من معروف ومنكر فتجد بعضا من متعاطي المخدرات قد لا يجد وسيلة لقضاء وطره سوى محارمه بسبب قربهم منه وسهولة الوصول إليهم مع استبعادهم أن يُقدم على ذلك.
عاشراً: جلساء السوء:
فمن جالس من يواقع مثل هذه الأمور فإنه سيتأثر بذلك مما قد يهوِّنه عليه صاحبه مدعيا أن الأمر طبيعي عن أبي موسى -رضي الله عنه- عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: \"مَثَلُ الجَليس الصالح والسَّوءِ كحاملِ المسكِ ونافخ الكِير، فحاملُ المِسكِ إمّا أن يُحذِيك، وإِمَّا أن تَبتاعَ منهُ، وإمّا أن تجِدَ منه ريحاً طيِّبةً. ونافخُ الكِير إمّا أن يَحرِقُ ثيابك، وإمّا أن تجِدَ ريحاً خَبيثةً\" رواه البخاري (5407)ومسلم (6644).
الحادي عشر: تبادل القصص المقروءة والمتضمنة لزنا المحارم:
وهي مع الأسف منتشرة وخاصة على الشبكة العنكبوتية وبعض المفسدين يقوم بتأليفها وترويجها في المنتديات بأسلوب جذاب وطريقة خبيثة لنشر هذا المنكر وإرسالها لأكبر قدر من مشتركي البريد الالكتروني في أي موقع.
الثاني عشر: تهاون بعض النساء بلباسهن أمام محارمهن، وكذا تهاون بعض الأمهات بلابس أولادهن ذكورا وإناثا فتجد البعض يلبس القصير جدا بحيث قد يظهر الفخذ، أو لبس الشفاف، أو المفتوح والضيقº مما قد يغري بعض ضعاف النفوس بالاعتداء عليهم.
الثالث عشر: ضعف الإيمان:
فضعيف الإيمان قريب وقد لا يتورع من الوقوع في براثن تلك المحرمات عن أبي هريرة -رضيَ الله عنهما- عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: \"لا يَزني الزاني حينَ يزني وهو مؤمن، ولا يَسرقُ حينَ يَسرقُ وهو مؤمن\" رواه البخاري (6662) ومسلم (165) لذا الواجب على المسلم أن يجاهد نفسه على زيادة إيمانه ليتحصن به من الوقوع في تلك المنكرات.
العلاج:
أولاً: وجوب الزواج على كل من يخشى على نفسه الوقوع في المنكراتº ليعف ويحفظ نفسه من الوقوع فيها والزواج من أسهل الطرق وأيسرها لتحصين الفرج قال - عليه الصلاة والسلام -: \"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء\" رواه البخاري (4778)ومسلم (1400) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.
ثانياً: عدم الخلوة بالأجنبيات أو بذات محرم ممن لا يأمن الفتنة بها والفتاة الصغيرة التي تُشتهى وهذا محل اتفاق ولو كان الغرض حسناًº لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح قال - صلى الله عليه وسلم -: \"لا يخلون أحدكم بامرأة فإن الشيطان ثالثهما\" رواه أحمد1/18 وأبو يعلى (141) من حديث عمر - رضي الله عنه - وصححه ابن حبان 10/436.
ثالثاً: منع بث تلك القنوات الهابطة، وعدم شراء المجلات المماثلة، وبيان خطورة ذلك للأولاد وغيرهم من الناشئة ليقتنع بمنعه منها فكل واحد منا قادر على منع دخولها أو حجبها عن بيته عن ابن عمرَ -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: \"كلٌّكم راعٍ, وكلٌّكم مَسؤولٌ عن رَعيَّته، والأميرُ راعٍ,، والرجلُ راعٍ, على أهلِ بيتهِ، والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ زَوجِها وَوَلِدِهِ، فكلٌّكم راعٍ, وكلكم مسؤولٌ عن رعيَّته\" رواه البخاري (5079) ومسلم (4680).
رابعاً: متابعة الأولاد والبنات صغاراً وكباراً، وعدم تركهم يذهبون ويخرجون كيفما أرادوا خاصة عند الخوف من مثل هذه الأمور.
خامساً: ما ذكره العلامة ابن القيم - رحمه الله - تعالى- بقوله: \"وعشق الصور إنما يبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله -تعالى- والمعرضة عنه المتعوضة بغيره عنه فإذا امتلأ القلب من محبة الله والشوق إلى لقائه دفع ذلك عنه مرض عشق الصور ولهذا قال الله -تعالى- في حق يوسف: (كَذَلِكَ لِنَصرِفَ عَنهُ السٌّوءَ وَالفَحشَاءَ إِنَّهُ مِن عِبَادِنَا المُخلَصِينَ) (يوسف: 24) فدل على أن الإخلاص سبب لدفع العشق وما يترتب عليه من السوء والفحشاء التي هي ثمرته ونتيجته فصرف المسبب صرف لسببه \" ا. هـ زاد المعاد 4/265 وقال - رحمه الله - تعالى-: \"والناظر يرمي مَن نظره بسهام غرضها قلبه وهو لا يشعر فهو إنما يرمي قلبه ولي من أبيات:
يا رامياً بسهام اللحظ مجتهداً*** أنت القتيل بما ترمي فلا تصب
وباعث الطرف يرتاد الشفاء له ***توقّه إنه يأتيك بالعطب
روضة المحبين /97
وقال - رحمه الله - تعالى-: \"وإنما شرف النفس وزكاتها وطهارتها وعلوها بأن تنفي عنها كل خطرة لا حقيقة لها ولا ترضى أن يخطرها بباله ويأنف لنفسه منها ثم الخطرات بعد أقسام تدور على أربعة أصول: خطرات يستجلب بها العبد منافع دنياه، وخطرات يستدفع بها مضار دنياه، وخطرات يستجلب بها مصالح آخرته، وخطرات يستدفع بها مضار آخرته فليحصر العبد خطراته وأفكاره وهمومه في هذه الأقسام الأربعة \" ا. هـ الجواب الكافي / 108
وفي الجملة تكون المعالجة بمنع الأسباب التي ذكرتها أعلاه فالوقاية خير من العلاج.
وهنا أشير إلى أن الزنا لا يثبت عند جمهور العلماء إلا بأحد أمرين:
الأول: إقرار الزاني أو الزانية بالزنا وأن يكون المقرٌّ مختارا صحيح العقل بالغا وأن يقيم على إقراره إلى أن يقام عليه الحد.
الثاني: أن يشهد عليه بالزنا أربعة رجال مسلمين عدول أحرار وأن لا يرجع أحد منهم عن شهادته حتى إقامة الحد.
العقوبة
الجريمة أحيانا قد يقترن بها ما يستوجب زيادة العقوبة في الدنيا أو الآخرة عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رجلٌ: يا رسول الله أيٌّ الذنبِ أكبر عندَ الله؟ قال: \"أن تدعُوَ لله ندّاً وهو خَلقك\" قال: ثمَّ أيٌّ؟ قال: \"ثمَّ أن تَقتلَ وَلدَك خشيةَ أن يَطعمَ معك\". قال: ثم أيٌّ؟ قال: \"ثمَّ أن تزاني حَليلةَ جارك\" فأنزلَ الله - عز وجل - تصديقها (والذينَ لا يَدعونَ مع الله إلهاً آخرَ ولا يقتلونَ النَّفسَ التي حرَّم الله إلا بالحقّ ولا يَزنونَ ومَن يَفعل ذلك يَلقَ أثاماً) (الفرقان: 68) رواه البخاري (6708) ومسلم (217) وعقوبة الزاني معلومة بنص الكتاب والسنة فعقوبة الزاني البكر جلد مئة وتغريب عام، قال - تعالى -: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ, مِنهُمَا مِائَةَ جَلدَةٍ, وَلا تَأخُذكُم بِهِمَا رَأفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُم تُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَليَشهَد عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ المُؤمِنِينَ) [النور: 2]، وجاء التغريب في جملة أحاديث رواها البخاري (2549) ومسلم (1697).
أما الزاني الثيب فحده الرجم حتى الموتº كما صحت بذلك الأخبار عنه - صلى الله عليه وسلم - فقد رجم ماعزاً والغامدية -رضي الله عنهما- رواه البخاري (6438) ومسلم (1692) هذا في الجملة ولكن نظراً لبشاعة هذه الجريمة فقد جاء الشرع الحكيم بقتل مرتكبها عن البراء -رضي الله عنه- قال: لقيت خالي ومعه الراية، فقلت: أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى رجل تزوّج امرأة أبيه من بعده: أن أضرب عنقه، أو أقتله وآخذ ماله. رواه أحمد (18208) والترمذي (1360) والنسائي(3333) وابن ماجه (2677) وحسنه الترمذي وقال: \"والعملُ على هذا عند أصحابِنَا، قالوا: مَن أتَى ذَاتَ مَحرَمٍ, وهو يعلمُ فَعَليهِ القَتلُ. وقال أحمدُ: مَن تَزَوَّجَ أُمَّهُ قُتِلَ. وقال إسحاقُ: مَن وَقَعَ عَلَى ذَاتِ مَحرَمٍ, قُتِلَ. \" ا. هـ.
وتنفيذ هذه العقوبة منوط بولي الأمر فليس لكل فرد أن يقيمها قال ابن قدامة - رحمه الله - تعالى-: \"إن الأصل تفويض الحد إلى الإمامº لأنه حق لله -تعالى- فيفوض إلى نائبه\" ا. هـ المغني 9/51 وقال - رحمه الله -تعالى-: \"لا يجوز لأحد إقامة الحد إلا الإمام أو نائبهº لأنه حق الله -تعالى- ويفتقر إلى الاجتهاد، ولا يؤمن في استيفائه الحيف فوجب تفويضه إلى نائب الله -تعالى- في خلقه، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقيم الحد في حياته ثم خلفاؤه بعده\" ا. هـ الكافي 4/234 ولكون هذا الأمر يتطلب التحقق من ثبوت الزنا وانتفاء الموانع والشبهات التي تدرأ بها الحدود.
أما التحرش بلا مواقعة فعقوبته التعزيز الرادع وهو يختلف باختلاف الأشخاص والدواعي وانتشار الجريمة من عدمها فبعض الناس من أرباب السوابق فلابد من التشديد عليه بالعقوبة وآخر زلت به القدم فيعاقب عقوبة تمنعه من العودة لذلك مرة ثانية.
وهل المتحرَّش به كالفاعل هنا يختلف الحال فإن كان المتحرَّش به بالغا عاقلاً راضياً فهو مثله أما إن كان مكرها أو قاصرا فلا شيء عليه البتة.
التوبة
ومع عظم هذا الذنب الكبير إلا أن باب التوبة مفتوح للتائبين والحمد لله، قال - تعالى -: (وَالَّذِينَ لا يَدعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقتُلُونَ النَّفسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ وَلا يَزنُونَ وَمَن يَفعَل ذَلِكَ يَلقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَف لَهُ العَذَابُ يَومَ القِيَامَةِ وَيَخلُد فِيهِ مُهَاناً (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِم حَسَنَاتٍ, وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الفرقان: 70).
وعن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن امرأة من جهينة أتت نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وهي حبلى من الزنى فقالت: يا نبي الله أصبت حداً فأقمه علي. فدعا نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وليها فقال: \"أحسن إليها فإذا وضعت فائتني بها\" ففعل فأمر بها نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فشكت عليها ثيابها، ثم أمر بها، فرجمت، ثم صلى عليها، فقال له عمر: تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت فقال: \"لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى\" رواه مسلم (1696).
ومن هذا الحديث نستفيد أن للجنين حقاً في الحياة ولو كان ابن زنا فلو كان لا حرمة له، لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - برجمها قبل أن تضع حملها.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد