لو أن إنساناً استودعك أمانة، وأذن لك في الانتفاع بها بقدر حاجتك، فهل يجوز لك أن تبيع هذه الأمانة أو تتلفها بدون إذن صاحبها؟
كذلك نفسك أيها الإنسان..إنها أمانة عندك، قد استودعك الله إياها، فلا يحلّ لك أن تتصرف فيها بغير ما أذن لك فيه صاحبها، ومن ذلك ما يسمى بالانتحار..
لقد كنا نسمع عن هذه الظاهرة كثيراً في ديار الغرب، وليس ذلك بمستغرب، فإنهم قوم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، لكنها الآن بدأت تنتقل إلينا.. صحيح أنها لم تصل عندنا إلى حد الظاهرة، لكننا بدأنا نسمع عنها ما بين آونة وأخرى، من هنا وهناك.
يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً. ومن تحسّى سماً فقتل نفسه، فسمّه في يده، يتحسّاه في نار جهنم، خالاً مخلداً فيها أبداً. ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده، يجأ بها في بطنه في نار جهنم، خالداً مخلدا ًفيها أبدا)).
إنه وعيد شديد، لا يتجاهله إلا جاهل بليد، أو شقي عنيد، قد طمس الله بصيرته، وأعمى قبله، فلم يعد يرى إلا ما تحت قدميه..
قد يعجب بعض الناس ممن يقدم على قتل نفسه، بيده، وبإرادته، فما من أحد إلا وهو يحب الحياة، ويهرب من الموت.
لكن إذا عُرف السبب فلا عجب، فهذه إحدى الفتيات تفكر في الانتحار لأنها لم تجد عملاً دنيوياً! فهؤلاء قد جعلوا هذه الأغراض الدنيوية غاية مناهم، فلما لم يظفروا بها، أو فقدوها، رأوا أنهم فقد فقدوا مسوغ وجودهم، فقرروا إنهاء حياتهم بلا ثمن..
والمؤمن ليس له غاية يسعى إليها إلا رضا الله - عز وجل - والجنة، فغايته قد تجاوزت هذه الدنيا الفانية، إلى الآخرة الباقية، ونفسه قد جعلها وقفاً لله، لا يستعملها إلا في طاعته، وابتغاء مرضاته. هذا هو سر المسألة، فمن غفل عنه، رخصت عليه نفسه في غير ما أراد الله، فباعها للشيطان بثمن بخس، بل بلا ثمن.
وإن على وسائل الإعلام مسؤولية ضخمة، في ترسيخ الإيمان بالله واليوم الآخر في نفوس الناس، وبيان الغاية التي من أجلها خلقوا، فإن تخلت عن هذا الهدف النبيل، وأشغلت الناس بأخبار التافهين، وابتزاز الملايين، فلن تزداد هذه الظاهرة إلا ظهوراً وازدياداً، والله المستعان.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد