قال - تعالى -: (سماعون للكذب أكالون للسحت) المائدة الآية: 42.
فإنه مما تحزن عليه القلوب ما يجري اليوم في الساحات الانتخابية من أناس يبيعون دينهم بعرض زائل من هذه الحياة الدنيا، راضين ببيع سمعتهم ووطنهم الحبيب مقابل عروض مادية مغرية تقدم لهم، فيا للأسف! ما بالنا نرى من قد هان عليه وطنه الغالي الذي طالما ردد تلك الأنشودة التي حفظها أبناؤنا ورددوها وكم قالها أيضاً هؤلاء وهي: وطني حبيبي، وطني الغالي، فأين ترجمة هذه المحبة وتلك المشاعر تجاه هذا الوطن الحبيب على أرض الواقع؟ وكيف قبل ضمير هؤلاء بالتلاعب في وطنهم وغشهم له وتقديم من لا يصلح لكي يكون قائماً على شؤون هذا الوطن الحبيب؟
فلقد قرأنا وسمعنا عن ذلك الأمر الذي رفضه أصحاب العقول والقيم والمبادئ ألا وهو الرشوة.
فالرشوة جرم عظيم واعتداء مشين على هذا الشعب الطيب، وقبل أن نتكلم عن الرشوة وأصحابها لابد لنا أن نقف وقفة جادة مهمة مع هذا الأمر وهو أن الذي يرشي الناس قد أفسد في الأرض قبل إصلاحها، فكيف سيدخل المجلس ويهتف بالإصلاح ومحاربة الفساد وهو أول من سعى في الأرض مفسداً فيها، فهل هذا الشخص هو الذي سيكون أهلاً لكي يمثل شعبنا، وأريد أن أهتف بكلمة لأصحاب الرشاوى: هل هذه هي فكرتكم وتصوراتكم عن الشعب الكويتي بأنه قد ينقاد ويسير وراء هذه المغريات؟ فأقول كلا والله، فإنك تجد في هذا الشعب الطيب أصحاب النفوس الطيبة والأيادي المعطاءةº عزة في النفس وكرامة لا تباع بعروض رخيصة، وستجد فيهم حرصهم على بلدهم وبذلهم للغالي والنفيس من أجل حمايته وصيانته وبقاء سمعته شامخاً، ولا أعتقد أن من حمل هم وطنه وبلده بأنه سيهون عليه بيعه بمقابل حقيبة أو ساعة ماركة، أو مقابل تقديم المهور وتذاكر السفر، فإن من عاشر هذا الشعب وجد أنه لا تغريه مثل هذه الأشياء، فها هم يسافرون متى يشاؤون بمال أعطاهم إياه الله - تعالى -، ولكن قد تكون هناك فئة استجابت لهؤلاء لمرض في القلوب وضعف في النفوس وبُعد عن الدين، فاستجابوا لمن أرادوا أن يبيعوا هذا البلد بثمن بخس، فإننا لو تأملنا بالرشوة لوجدناها كما عرفها العلماء فمنهم من قال إن الرشوة هي: ما يعطيه الشخص الحاكم وغيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد، وقيل هي: ما يعطى :لإبطال حق أو إحقاق باطل، وقيل\" هي بذل المال فيما هو غير مستحق على الشخص، فالرشوة مال سحت حرام على آخذه وآكله ويلزمه رده قبل فوات الأوان وخروج الروح من الجسد لتلقي ما قدمت وأخرت فالرشوة كبيرة من كبائر الذنوب.
قال الإمام الذهبي - رحمه الله - في قوله - تعالى -: (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام)º أي لا تصانعوهم بها ولا ترشوهم ليقتطعوا لكم حقاً لغيركم وأنتم تعلمون أن ذلك لا يحل لكم، وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: \"لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الراشي والمرتشي\".
فمن هنا يتبين لنا أن للرشوة عواقب وخيمة ومضار عظيمة فهي مغضبة لله - تعالى -ومخالفة لدينه وشرعه، وفيها إفساد للمجتمع فقد تسبب العقوبة من الله - تعالى -والهلاك والخسران في الدارين، ولو يستشعر الراشي والمرتشي أنه قد لعن وطرد من رحمة الله لكف عن هذا الفعل وتاب وعاد إلى الله مستغفراً متنبهاً إلى أنها مكيدة ومصيدة من مصائد الشيطانº فأقول لكم من كان قلبه على بلده ووطنه الحبيب اختر لبلدك ولأبنائك ولهذا الجيل والنشء القادم بإذن الله من هو ذو كفاءة وأهل بأن يكون سبباً في الإصلاح ما استطاع في الإفساد ونشره.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد