أُصيب بصدمة نفسية


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

رجل طُرِد من عمله فأُصيب بصدمة نفسية، آخـر احـترق بيته فأُصيب بصدمة نفسية، ثالث خسِر في تجارته فأُصيب بصدمة نفسية، امرأة تزوّج عليها زوجها فأُصيبت بصدمة نفسية، ثانية اكتشفت أن زميلتها في العمل هي ضرّتها فأُصيبت بصدمة نفسية، ثالثة طُلّقت فأُصيبت بصدمة نفسية، إلى غير ذلك مما نسمع به بين الحين والآخر بهذه العبارة (أُصيب بصدمة نفسية).

ومما لا شك فيه أن هذه الصدمات النفسية لم تكن تُعرف عند أسلافنا، ولم تعرف إلى نفوسهم طريقاً.

لمـاذا؟

أعُدِمَ الإحساس عندهم؟ أم أنهم لا يُحسّون؟

أم أن نفوسهم تختلف؟ أو تغيّر الزمان؟

ما السِّـرّ إذن؟

السِّـرّ – بارك الله فيكم – يكمن في الإيمان بالله والرضا بالقضاء.

السِّـرّ يكمن في صدق الإيمان بالله (فَلَيَعلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعلَمَنَّ الكَاذِبِينَ)، حتى يتبيّن الصادق في إيمانه من الكاذب، وحتى تظهر حقيقة الإيمان بالركن السادس من أركان الإيمان: الإيمان بالقدر خيره وشرّه. حلوه ومُرِّه، والتسليم لله -سبحانه و تعالى- في مواطن القضاء والقدر.

وحقيقة الصبر، واحتساب الأجر، وصدق الإيمان بالقضاء والقدر تظهر على محكّ "الصدمة الأولى"، فمن صبر عند الصدمة الأولى... عند تلقّي الخبر... عند وقوع الفاجعة.

من صَبَر في هذه المواطن، وعوّد نفسه عليه، وتصبّر، لم تضرّه نازلة تنزل به، و"إنما الصبر بالتّصبّر" كما في الصحيحين عنه -عليه الصلاة والسلام-.

ومن صَبَر في هذا الموضوع "عند الصدمة الأولى"، وصبر في تلك الحالة" أول وقوع الخبر"، من كان كذلك لم يُصب بأذى.

ومن آمن بالله وحقق الإيمان بالقضاء والقدر، وأيقن أن الكلّ من عند الله [الخير والشر]، وآمن أيضاً أن الله لم يخلق ولم يُقدّر شرّاً محضاً خالصاً، علِمَ أن ما يُصيبه ليس شرّاً على كل حال (لا تَحسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَل هُوَ خَيرٌ لَّكُم).

ثم نَظَر إلى المُقدَّر بعين البصيرة فتلمّح المنحة في طيّ المحنة، ثم تذكّر أن هذه الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة، وليس لها قدر عند العقلاء، وأنها دار ابتلاء وامتحان، وأنه خُلِق في كَبَـد... في همٍّ, وغمٍّ, ونكـد (لَقَد خَلَقنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ,).

طُبِعت على كدرٍ, وأنت تُريدها *** صفواً من الأقـــذاء والأكدار

ومُكـــــلّف الأيام ضد طباعهـا *** مُتطلّب في الماء جذوة نار

فإذا استحضر المسلم أو المسلمة هذه الأمور مُجتمعة هانت عليه المصائب فلم يجمع على نفسه كُومة مصائب!

فالمصيبة التي وقعت من خسارة أو حريق أو طلاق أو زواج زوج!

* مصيبة المرض النفسي.

* فوات الأجر بالجزع والتّسخّط.

* تحصيل الإثم بالتّسخّط.

والمسألة تحتاج إلى صبر ومُصابرة، وجهد ومُجاهَدة (أَم حَسِبتُم أَن تَدخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَعلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُم وَيَعلَمَ الصَّابِرِينَ)، والله يتولّى السرائر.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply