هذه نفسية مريضة لا يمكن أن تكون نفسية إصلاح وتهذيب.
صاحبها يرى القذاة في عين أخيه، يركَّز على السواد القاتم، ويرى الثقوب الموغلة في الصغر، وهو لا يرى إلا الخنس في أنف الظبي، والكَلَف في صفحة البدر.
يرى نجاحات غيره إساءات موجهة إليه شخصياً، يفرح للسقوط، وما يراه هو كذلك، وخاصة إذا كان الضحية من أقرانه، ولا يكف عن التذكير بأنه قد قال كذا فوقع ما قلل، أو أنه قد أساء الظن فوقع ما كان يخشاه، أو أن قلبه غير مطمئن لفلان، فعجيب أمر هذا القلب الذي لا يكاد يطمئن أبداً.
صاحب هذه النفسية لا يحسن البناءº لأن لبناته إنما هي مفردات صروح الآخرين التي يسعى لتحطيمها بحجج شتى، تؤزه إلى ذلك نفسيته المّوارة بالضغينة، والتواقة للانتقام.
المسكون بالكراهية لا يمكن أن يصنع جيلاً سوياً، بل يورث هذه الكراهية لمن بعده، فتجد التلاميذ والأتباع أشبه ما يكونون بالوحوش الضارية تنهش لحوم الضحايا، وربما ارتد إلى أستاذهم عقله، فساءه تجاوزات الأتباع التي لم يأمر بها، ولكن اتسع الخرق على الراقع، وشب عمرو عن الطوق، وللأستاذ النصيب الأوفى من تبعة ذلك.
المسكون بالكراهية لا يرى الجمال ولا يحس به، حالت حجبٌ وسحبٌ دون إحساسه برهافة مشاعر الآخرين.
ما أشد قتامة الحياة مع الكراهة والكارهين.
ومن هنا حث الإسلام على المحبة (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) وحث علة الأخوّة (إنما المؤمنون إخوة).
مجتمع الكراهية مجتمع غير شرعي، وإن برر الكاره كراهيته بألوان شتى من النصح والهجر، فالنصح لا يتجاوز إلى بغض النفوس بل إلى إصلاحها، والهجر سلاح تقويم لا تشفي وانتقام.
والله الموفق
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد