الصدق أبو القيم.. والأمانة أم الأخلاق.. من يتحلي بهما يسعد في دنياه، وينجو في آخرته، فنسعى لأن نكون قدوة حسنه لأبنائنا، فلا نكذب أمام أبنائنا مهما كانت الأسباب، ولنتبع تعاليم القرآن والسنة الشريفة فنحُدث أبنائنا عن الصدق والأمانة في حياة الرسول- صلى الله عليه وسلم - وقصص الصحابة الأجلاء.
تختلف الأساليب التي نختارها مع الأبناء الذي تعدوا سن الثانية عشر عن باقي الأساليبº لأن الأبناء في هذه المرحلة لن يتقبلوا بسهولة المفاهيم البسيطة في التعليم، بل علينا أن ننتهز أي فرصة أو أي مدخل نستطيع أن ندخل لهم به لنزرع معنى الصدق وننفرهم عن الكذب.
عقل كاذب:
كما وضحنا للأبناء الأصغر سناً معنى الكذب في القول يجب أن يتسع المفهوم هنا ليشمل أيضاً الكذب في الفعل وهو أن يفعل الإنسان فعلاً يوهم به حدوث شيء لم يحدث أو يعبر عن وجود شيء غير موجود، وذلك على سبيل المخادعة وهنا يجب أن نوضح للأبناء أن هذا النوع من الكذب أشد خطراً وأقوى تأثيراً ولنستدل على ذلك على قصة أخوة يوسف إذا جاؤوا أباهم عشاءً يبكون بكاءً كاذباً، وقالوا كذباً:
(( يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب))، (( وجاؤوا على قميص يوسف بدم كذب)) فجمعوا بين كذب القول وكذب الفعل، قال الله – تعالى - في سورة (يوسف): (( وجاءوا أباهم عشاءً يبكون قالوا يأبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين وجاءوا على قميصه بدمٍ, كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون )).
فبكاؤهم فعل كاذب، قصدوا به التعبير لأبيهم عن حزنهم على يوسف الذي أكله الذئب بزعمهم، وهم الجانون عليه إذا ألقوه في الجب.
إشارات كاذبة:
الكذب لا يوصف به القول والفعل فقط ولكن يشمل الحركات التعبيرية كإشارات اليد والعين والحاجب والرأس فإذا ما كانت هذه الإشارة غير مطابقة للواقع والحقيقة أصبحت كاذبة، فهذه الإشارات تقوم مقام القول في بعض الأحيان، فإماءة بالرأس بديل عن كلمة نعم على عمل يقول به الابن هي نوع من أنواع الكذب.
أساليب مختلفة لأبنائنا الكبار:
مناقشة أنواع الكذب وأشكاله في حياتنا اليومية وهنا يناقش الوالد ابنه في الإشكالات غير المباشرة التي يمكن للكذب أن يكون عليها مثال:
الكذب لإضعاف الناس:
يروي الوالد مواقف مختلفة عن استخدام الكذب بهدف المزاح والضحك ثم يسرع في توضيح موقف الدين الإسلامي منه: روي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال:
سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقول: \"ويل لمن يحدث بالحديث ويضحك القوم فيكذب، ويل له، ويل له\".
ويشرح الحكمة من هذا المنع أنه يجر إلى أكاذيب ملفقة على أشخاص معينين يؤذيهم الحديث عنهم، بالإضافة إلى أن مثل ذلك الأسلوب ينمي ملكة اصطناع الكذب وإشاعته، فيختلط الحق بالباطل، والجد بالهزل، إلا أن الكذب الذي على سبيل الافتراض المستميل مثل التمثيل الذي وراءه عظة أو عبرة فلا بأس به.
الكذب على الله ورسوله:
ويوضح الأب أن هذا الكذب من أشنع صور الكذب لأنه افتراء على الدين، وتلاعب بشرائع الله لعباده قال – تعالى - في سورة الحاقة: ((ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين)) الحاقة: 44-47.
الحالات التي يجوز فيها الكذب:
يوضح الوالد أنه كانت هناك ضرورة للكذب مثل الحالات التالية فيجوز فيها:
1- الكذب على العدو لتضليله إلا في حالة خيانة المعاهدات مع محاولة عدم اللجوء إلى ذلك.
2- أن يتوسط إنسان لإصلاح بين فريقين متخاصمين ولا يجد وسيلة إلا أن يضطر للكذب على مقدار الضرورة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً أو يقول خيراً).
3- أسلوب الحوار ( السيناريو ):
يفترض الوالد موقفاً ويجعل له سيناريو توضيحي مثال: الغش، يقول الأب لولده: أنت جالس في الفصل أثناء الامتحان النهائي، وقد درست له جيداً لكنك اكتشفت صعوبة السؤال الأخير الذي لم تدرسه جيداً، فشعرت بالغضب من المدرس، ولأن السؤال كان (اختر الإجابة الصحيحة) فكان من السهل النظر إلى ورقة زميلك ومعرفة الإجابة.
يبدأ الوالد بعد ذلك في مناقشة احتمالات تصرف ابنه في مثل هذا الموقف والعواقب المترتبة.
يمكن عمل سيناريوهات مشابهة أخرى عن المبالغة: (مثل أن يبالغ الولد في وصف مهارات رياضية مثلاً ليست فيه، وعواقب ذلك، عن الكذب على الأهل (مثال الكذب عن الموعد الحقيقي الذي عاد به إلى المنزل) … إلى غير ذلك، وفي كل موقف يناقش الوالد ولده في العواقب المترتبة.
وفي النهاية يجب أن يؤكد الأبوان دائماً على أن بالرغم من أن الكذب قد يبدو وكأنه يحل المشكلة اللحظية إلا أنه بالتأكيد سيقود إلى ثقة أقل في النفس، وعواقب وخيمة لعلاقاته مع أهله ومجتمعه وربه.
يروي الإمام مالك عن صفوان بن سليم أنه قيل لرسول الله- صلى الله عليه وسلم -: \"أيكون المؤمن جباناً؟ قال: نعم، فقيل له أيكون المؤمن بخيلاً؟ قال: نعم، فقيل أيكون المؤمن كذاباً قال: لا\".
عزيزي القارئ اتباعك للأسلوب المناسب لعمر ابنك أو أبنتك كما وضحنا سابقاً سيساعدك على الوصول للنتيجة المرجوة - إن شاء الله- .
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد