لا مكان للأدب


  

بسم الله الرحمن الرحيم

كلما كبروا ونضجوا صحبة ( الفيديو كليب ) كلما أيقنا أن التراث والأدب الأصيل يحتاج لجهود جبارة لحمايته وتطويره، فالصيحات تفتر وتسخن ثم ما تلبث أن تخمد بعد سنتين وربما ثلاث سنواتº فلا أحد يذكر أبناء الكليب إلا بالسخرية والتنقيص، أما الأدباء الجادين فنحن نعود إلى مؤلفاتهم حتى نهاية القرون، أتذكر مداعبة أطلقها البعض ومفادها أن فيفي عبده ( الراقصة) صدمت بسيارتها الفارهة ( المرسيدس ) سيارة الأديب نجيب محفوظ ( الفيات ) القديمةº فصاح بها قائلاً: ( قلة أدب )، فردت عليه قائلة: ( شوف قلة الأدب جابت ليَّ إيه، وعملت فيك إيه )º ثم أشارت على المرسيدس وعلى سيارته المهترئة!

عندما أتصفح ( الفضائيات ) أتمنى أن أجد قناة خاصة بــ (الأدب والثقافة )º قناة واحدة مقابل أربعون قناة فيديو كليب يا بلاش!! قناة ندعوها بقناة (الأدب والثقافة ) نستضيف بها الشعراء والأدباء، والمثقفين والمفكرينº يديرها مفكر وأديب متمرس!!

أتمنى هذا، وأتساءل دوماً لماذا تصل عطسة (الصبوحة ) إذا عطست بسرعة البرق إلى آخر مواطن عربي يقيم في قرية نائية عبر الفضائيات التي صارت بارعة في نقل كل خبر شارد وواردº عن أي راقصة أو مغنية أو....أو...، ولا نعرف شيئاً عن واحد من أكبر علمائنا أو شعرائنا الذين رفع الله بهم قدر الأمة!!

لماذا تنشغل الفضائيات وتشغل المشاهدين بقضية طلاق المطربة الفلانية من رجل الأعمال الفلاني، ولا تذكر أديباً كبيراً يعيش مرارة الشيخوخة، أو عالماً صابراً على ابتلاء الله له؟

لماذا تمتليء صحفنا بصور الفنانات وأخبارهن أولاً بأول، وتتجاهل الشعراء والمفكرين الذين عصروا أرواحهم على الورق ليساهموا في موكب المعرفة والجمال؟ ألا يدل هذا على أننا نعيش مرحلة نكوص حضاري، مرحلة تدير ظهرها للمبدعين وتسلط الأضواء بسخاء على كل ما هو سطحي، وزائف وعابرº لينشأ جيل سطحي لا يعرف غير نانسي عجرم (أكرمكم الله تعالى)!!

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply