الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فإن آداب الهاتف الشرعية مخرّجة فقها على آداب الزيارة والاستئذان، والكلام، والحديث مع الآخرين، في المقدار، والزمان، والمكان، وجنس الكلام، وصفته، وجميعها معلومة أو في حكم المعلومة في نصوص الشرع المطهر، وتأتي في قائمة الفضائل والمحاسن التي دعا إليها الإسلام، لبناء حياة المسلم على الفضل والفضيلة، والأخلاق العالية الكريمة، ثم جميعها مبني على الرفق واللطف والتأسي بنبي هذه الشريعة المباركة العظيمة صلى الله عليه وسلم وهي آداب مطلوبة من الطرفين: المتصل والمتصل عليه وإن كان بعضها في جانب المتصل آكد من هذه الآداب:
{صحة الرقم}
تأكد أولا من صحة الرقم قبل الاتصال حتى لا تقع في غلط فتوقظ نائما، أو تزعج مريضا، أو تشغل غيرك عبثا فلا تتصل إلا بعد توفر أمرين: رقم مكتوب أمام بصرك أو متأكد منه في ذاكرتك، ولا تضع أصبعك على رقم الهاتف إلا وتتبعه البصر، فإن حصل فتلطّف بالاعتذار وقل: معذرة، ويا أيها المتَصل عليك لا تنفعل حينما يصل شيء من ذلك فتحمّله ولا تعنّف وأن قلت له (فضلا الرقم غلط)، فإنه إن كان غالطا حقيقة فهو غير آثم وقد أدخلت عليه السرور، ولا سبيل لك عليه شرعا، وإن كان متعمدا الإيذاء فقد نفذه سهم اللطف ولك الأجر وعليه الوزر.
{مراعاة وقت الاتصال}
فإن كان لك حاجة في الاتصال فاذكر أن للناس أشغالا وحاجات ولهم أوقات طعام، وأوقات نوم وراحة، فهم والحال ما ذكر أولى بالعذر منك لضرورة أو حاجة فعليك تحرّي الوقت المناسب، مراعيا ظروف العمل وارتباطات أخيك، مراعيا ما لدى أهل البيت من أوقات نوم، وراحة، وطعام، وانظر كيف أمرت الشريعة الأرقاء والصغار بالاستئذان في ثلاث أوقات: قبل صلاة الفجر، ووقت الظهيرة، وبعد صلاة العشاء، أما الأحرار البالغون فيجب عليهم الاستئذان في كل الأوقات.
والخلاصة: وظّف حسن التعامل مراعيا الوقت المناسب، وإذا اعتذر منك إلى وقت آخر فاقبل بانشراح صدر. وإذا قيل: انتظر فانتظر، وأنت منعّم البال غير متبرّم. وحكم مراعاة وقت الاتصال هذا في غير الأماكن العامة المفتوحة على مدار ساعات الليل والنهار، وهذا مستفاد من الاستئذان في آية الاستئذان ((ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم)) النور: 29.
{دقات الاتصال}
التزم الاعتدال والوسط بما يغلب على الظن سماع منبه الهاتف، ولا تحد هنا دقات الاتصال بثلاث للحديث المتفق عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فلينصرف)) للحديث الأخر المبين لحكمة الاستئذان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((إنما جعل الاستئذان من أجل البصر))، لكن أحذر الإفراط والمبالغة دفعا لإيذاء المهاتف ومن حوله وإزعاجهم. وهذا من أساليب الإثقال والعنف، وفعل الظلمة والمروعين، ومثله في عصرنا المنبه الكهربائي على أبواب البيوت فلتستعمل بلطف لا بعنف وإطالة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد