الإنسان بطبعه وغريزته ميال للاجتماع بالآخرين والتعاون معهم وإنشاء الصلاة الحميمة بهم وهذا ما شجعه الإسلام أيضا وقد أنشأ العلاقات الاجتماعية الحميمة والروابط الإيمانية القوية.
هذا وقد نظم الإسلام هذه العلاقات تنظيما دقيقا فقد حدد أنواع هذه الروابط وعدد الواجبات نحوها فجعل أول هذه الصِلاة مع أقرب الناس إلى الفرد مع الوالدين فأمر ببرهما وطاعتهما واحترامهما ثم انتقل إلى الصلة بالزوج فجعل الصلة بين الزوجين قائمة على الحب والاحترام المتبادل وأداء كل منهما لواجباته تجاه الآخر واحترام حقوقه، ثم انتقل إلى الصلة بالولد وجعلها قائمة على الرعاية والتربية الحسنة من قبل الوالدين مع العطف والمساواة بينهم ثم الصلة مع الأخوة فأمر الصغير باحترام الكبير وأمر الكبير برحمة الصغير والعطف عليه كذلك عمق الصلة بالأقارب والأرحام وأمر بصلتهم وزيارتهم وتقديم المساعدة لهم. والأقربون أولى بالمعروف.
كذاك امتدت الصلة إلى الأصدقاء والأصحاب فنظم العلاقة معهم وحدد الواجبات تجاههم وكذاك حدد العلاقة مع الجيران بالاحترام والتعاون والمساعدة وإبعاد الأذى والضرر عنهم.
ووسع الصلة حتى امتدت إلى هذا المجتمع الواسع فنظم هذه الصلة وحدد الواجبات تجاه هذا المجتمع وعناصره وجعل التعاون وأداء الحقوق والواجبات والعمل على رفعة هذا المجتمع أساس هذه الصلة بل امتدت الصلة بالدولة والأمة ونظم هذه العلاقة على أساس العمل على الطاعة والاحترام والتقيد بالنظام والدفاع عن الوطن ومحبة جميع أفراده وأفرد هذه الأمة والتعاون معهم جميعا على رفع مكانة هذا الوطن والافتخار بهذه الأمة: ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) آل عمران 110.
إذا مواضيع الصلة كثيرة وقد مرّ بعضها معنا وفي موضوع هذا الأدب \" آداب الصلة\" أخص بالبحث آداب الصلة: أـ بالرحم، ب ـ بالجار، ج ـ بالمريض، دـ بالميت. \"التعزية\".
أ - آداب صلة الرحم
1 - زيارة الأرحام باستمرار، وتفقد أحوالهم، وإدخال السرور عليهم ابتغاء مرضاة الله - تعالى -.
قال - تعالى -: (وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل..) الإسراء 26.
وقال - تعالى -: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) النساء 1.
وعن علي – رضي الله عنه - عن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: من سرّه أن يمدّ له في عمره ويوسّع له في رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء، فليتق الله، وليصل رحمه رواه البزار.
2 - تجنب قطيعة الرحم والانشغال عن برها وصلتها بمتاع الدنيا وتحصيل الأموال.
قال - تعالى -: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقّطّعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) محمد 23.
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه - قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك. قالت: بلى. قال: فذلك لك.
ثم قال: اقرؤوا إن شئتم: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقّطّعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمّهم وأعمى أبصارهم) رواه البخاري ومسلم.
وعن جبير بن مطعم – رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله يقول: لا يدخل الجنة قاطع رحم رواه البخاري ومسلم.
روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: يقول الله - عز وجل -: أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها إسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته رواه أبو داود والترمذي.
3 - صلة الرحم بالقيام بنصيحتهم وإرشاد ضالهم، وهداية شاردهم، وتذكير غافلهم ودعوة معرضهم إلى الله وعبادته وأداء الفرائض واجتناب المعاصي. قال تعال: (وأنذر عشيرتك الأقربين) الشعراء 214.
وعن أبي هريرة– رضي الله عنه - أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال: لما نزلت هذه الآية: (وأنذر عشيرتك الأقربين) دعا رسول الله قريشا فاجتمعوا فعم وخص وقال: يا بني عبد شمس، يا بني كعب بن لؤي، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار، فإني لا أملك لكم من الله شيئا غير أن رحما سأبلها ببلالها. رواه مسلم.
4 - صلة الرحم بالتصدق عليهم إن كانوا فقراء ومن تصدق على أقاربه كان ثوابه عند الله عظيما لأن له أجر الصلة وأجر الصدقة.
عن أنس – رضي الله عنه - قال: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالا من نخل وكان أحب أمواله إليه بيرحاء وكانت مستقبلة المسجد وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يدخلها ويشرب من ماء فيها طيّب. قال أنس– رضي الله عنه -: لما نزلت هذه الآية (لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا مما تحبون). جاء أبو طلحة إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن الله - تعالى - أنزل عليك: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) وإنّ أحب مالي إليّ بيرحاء وأنها صدقة لله - تعالى -أرجو برّها وذخرها عند الله - تعالى -فضعها يا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - حيث أراك الله. فقال رسول الله: بخ ذلك مال رابح ذلك مال رابح وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين. فقال أبو طلحة– رضي الله عنه -: أفعل يا رسول الله. فقسّمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه. رواه البخاري ومسلم.
5 - تجنب مقابلة السيئة بمثلها، والقطعية بمثلها، أو انتظار زيارتهم ردا على كل زيارة.
قال - تعالى -: (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل. )
وعن أبي هريرة أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عليهم، ويجهلون عليّ، فقال: إن كنت كما قلت فكأنما تسفّهم الملّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك رواه مسلم. و المل: الرماد الحار.
وعن عبدالله بن أوفى– رضي الله عنه -: قال: كنا جلوسا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لا يجالسنا اليوم قاطع رحم، فقام فتى من الحلقة، فأتى خالة له قد كان بينهما بعض الشيء، فاستغفر لها واستغفرت له، ثم عاد إلى المجلس، فقال النبي– صلى الله عليه وسلم -: إن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم رواه الأصبهاني.
وعن عبدالله بن عمر – رضي الله عنه - ما عن النبي– صلى الله عليه وسلم - قال: ليس الواصل بالمكافئ ولكنّ الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها رواه البخاري.
6 - تجنب الخلوة بأجنبية أو مصافحتها أثناء زيارة الأرحام كبنات الخال وبنات الخالة، وبنات العم وبنات العمة، والالتزام بآداب الزيارة من غض البصر، وحفظ اللسان.
قال - تعالى -: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم) النور 30.
وعن ابن عباس– رضي الله عنه - أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال: لا يخلوّن أحدكم بإمرأة إلا مع ذي رحم - رواه البخاري ومسلم.
وعن عقبة بن عامر – رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار، أفرأيت الحمو، قال: الحمو الموت. رواه البخاري ومسلم.
الحمو: قريب الزوج كأخيه وابن أخيه وابن عمه وقريب الزوجة كذلك.
ب - آداب الجار:
1 - ابتداء الجار بالسلام إذا لقيه، مع السؤال عن حاله، والبشاشة في وجهه.
2 - عيادته في مرضه، والمسارعة إلى إسعافه عند الحاجة أو الاستدعاء.
3 - تعزيته عند إصابته بمصيبة، أو حلول كارثة به، أو وفاة عزيز عليه، وفتح بيته لذلك إن استدعى الأمر والقيام معه في عزائه، وإعانته على شدائده ونوائبه.
4 - مشاركته في فرحه، وتهنئته عند حلوله ومحبة الخير له، والسرور لسروره.
5 - الصفح عن زلاته وسقطاته، والتغاضي عن تقصيره وسيئاته، ومعاتبته برفق وأدب على هفواته.
6 - التلطف في معاملة أبنائه، والإحسان إليهم، والرفق بهم ونصيحتهم بالمعروف.
7 - غض البصر عن أهله، وتجنب متابعة أسراره، والحفاظ على حرمته، وملاحظة داره عند غيبته.
8 - غض الصوت تجنبا لمضايقته. وخفض صوت المذياع والرائي خصوصا في أوقات راحته.
9 - تجنب إيذائه بتضييق الطريق عليه، أو طرح الأقذار قرب داره، أو التجاوز على حدوده أو التطاول عليه في البنيان فتنحجب عنه الشمس والهواء.
عن عائشة رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: من ظلم قيد شبر من الأرض طوّقه إلى سبع أرضين رواه البخاري ومسلم.
عن أبي هريرة– رضي الله عنه - أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال: والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه رواه البخاري ومسلم.
وفي رواية لمسلم: لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه.
بوائقه: شره.
10 - بذل النصيحة له، والإخلاص في مشوراته وإرشاده إلى ما يجهله من أمر دينه ودنياه.
11 - تحمل الأذى منه، والصبر على جفائه، وإعراضه.
أتى رجل إلى ابن مسعود – رضي الله عنه - فقال له: إن لي جارا يؤذيني ويشتمني ويضيق عليّ، قال: اذهب فإن هو عصى الله فيك فأطع الله فيه.
12 - بذل المعروف له، وإعانته بالنفس والمال، وإهداؤه من طعام داره، وفاكهته، وتلبيته في قضاء حوائجه.
قال الله - تعالى -: ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا، وبذي القربى واليتامى، والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب ) النساء 36.
عن ابن عمر– رضي الله عنه - وعائشة – رضي الله عنها - قالا: قال رسول الله: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي شريح الخزاعي – رضي الله عنه - أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت.
وعن أبي ذر – رضي الله عنه - قال: إن خليلي أوصاني: إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها، ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف رواه مسلم.
13 - إعطاء كل جار حقوقه التي يستحقها فالجيران ثلاثة: جار له ثلاثة حقوق وهو من لك به صلة قرابة فإن له حق الجوار وحق الرحم وحق الإسلام، وجار له حقان وهو الجار المسلم فإن له حق الجوار وحق الإسلام، وجار له حق واحد وهو الجار الكافر فإن له حق الجوار فقط.
عن عبدالله بن عمر– رضي الله عنه - ما أنه ذبح شاة فقال: أأهديتم لجاري المشرك؟ فإني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه رواه البخاري ومسلم.
وعن عائشة – رضي الله عنها - قالت: قلت يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ قال: إلى أقربهما منك بابا. رواه البخاري.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال: أتدرون ما حق الجار؟ إن استعان بك أعنته، وان استنصرك نصرته، وإن استقرضك أقرضته، وإن افتقر عدت عليه، وإن مرض عدته، وإن مات تبعت جنازته، وإن أصابه خير هنأته، وإن أصابته مصيبة عزيته، ولا تستعل عليه بالبناء، فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، وإذا اشتريت فاكهة فأهد له، فإن لم تفعل فأدخلها سرا، ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده، ولا تؤذه بقتار قدرك إلا أن تعرف له منها. ثم قال: \" أتدرون ما حق الجار؟ والذي نفسي بيده لا يبلغ حق الجار إلا من - رحمه الله - رواه الطبراني.
قال الإمام الغزالي: آداب الجار أن يبدأ بالسلام ولا يطيل معه الكلام، ولا يكثر عليه وعن حاله السؤال ويعوده في مرضه، ويعزيه عند مصيبته، ويقوم معه في عزائه، ويهنئه في فرحه، ويشاركه في سروره، ويتلطف في معاملة أولاده، ويصفح عن زلاته، ويعاتبه برفق عند هفواته، ويغض بصره عن حرمه، ويعينه في نوائبه، ولا يتطلع من السطح إلى عوراته ولا يضايقه بصوته، ولا يؤذيه بوضع الجذع على جداره، ولا يصيب الماء في ميزابه، ولا يطرح التراب في فنائه، ولا يضيق طريقه إلى داره، ولا يتبعه بالنظر فيما يحمله إلى بيته، ويستر ما ينكشف من عوراته، ولا يغفل عن ملاحظة داره عند غيبته ولا يسمع عليه كلاما من عدوه، ويرشده إلى ما يجهله من أمر دينه ودنياه.
جـ - آداب عيادة المريض:
1 - المبادرة إلى زيارته في أول المرض.
قال الأعمش: كنا نقعد المجلس، فإذا فقدنا الرجل ثلاثة أيام سألنا عنه فإن كان مريضا عدناه.
2 - تكرار الزيارة كل يومين أو ثلاثة لمؤانسته وإدخال السرور على قلبه فلقد سميت زيارة المريض (عيادة) من العودة للزيارة وتكرارها.
عن ثوبان أن رسول الله– صلى الله عليه وسلم - قال: إن المسلم إذا عاد أخا له لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع قيل يا رسول الله وما خرفة الجنة؟ قال: جناها. رواه مسلم.
3 - الدعاء للمريض عند قعوده عنده.
عن عائشة – رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله– صلى الله عليه وسلم -: يعود بعض أهله، ويمسحه بيده اليمنى، ويقول: اللهم رب الناس، أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما. رواه البخاري ومسلم.
وعن ابن عباس ما عن النبي قال: من عاد مريضا لم يحضره أجله، فقال عنده سبع مرات: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله من ذلك المرض. رواه أبو داود والترمذي.
4 - تجنب تهويل المرض، وكثرة السؤال عنه، وذكر أحد توفي في مثل مرضه.
عن ابن عباس – رضي الله عنه - أن عليا خرج من عند رسول الله– صلى الله عليه وسلم - في وجعه الذي توفي فيه، فقال الناس: كيف أصبح رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال: \" أصبح بحمد الله بارئا\". رواه البخاري.
5 - تبشير المريض، وتطبيب نفسه بالشفاء، وبث روح الثقة في نفسه، ورفع حالته المعنوية، وإدخال السرور على قلبه وتذكيره بثواب الرضا عن الله والصبر على بلائه.
قال - تعالى -: (وإذا مرضت فهو يشفين ) الشعراء 80.
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله– صلى الله عليه وسلم -: ( إذا دخلتم على مريض فنفسوا له في أجله فإن ذلك لا يرد شيئا ويطيب نفسه ) رواه الترمذي.
6 - إظهار شفقته، وعرض خدمته، وعدم التكلم إلا بخير.
عن أم سلمة – رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله– صلى الله عليه وسلم -: إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيرا فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون.
7 - غض البصر عن عورات المريض أو ما يتعلق بحاجاته وأدويته الخاصة.
8 - خفة الجلسة وتجنب القعود لفترة طويلة إلا إذا رغب المريض وأنس بذلك، حرصا على راحته.
9 - طلب الدعاء من المريض، بعد الدعاء له، فإن المريض يكون في حالة قرب والتجاء إلى الله.
عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - قال: قال رسول الله– صلى الله عليه وسلم -: إذا دخلت على مريض فمره فليدع لك فإن دعاءه كدعاء الملائكة.
10 - ترغيب المريض بأن يصبر على قضاء الله وأن لا يلج ويستبطئ الشفاء فيدعو على نفسه بالموت.
فعن أنس – رضي الله عنه - أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال: لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه فإن كان لا بد فاعلا فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني ما كانت الوفاة خيرا لي. رواه البخاري ومسلم.
11 - توصية أهل المريض والذين يقومون بخدمته بحسن معاملته والصبر على ما يصدر منه من أقوال وأفعال.
12 - يحسن الظن بالمريض أن يتأدب بما ورد عن الإمام الغزالي.
قال الغزالي: آداب المريض الإكثار من ذكر الموت، والاستعداد له بالتوبة، ودوام الحمد والثناء على الله والالتجاء إلى التضرع والدعاء، وإظهار العجز والفاقة، والتداوي مع الاستعانة بخالق الدواء وإظهار الشكر عن القوة، وقلة الشكوى وإكرام الجلساء، وترك المصافحة.
د - آداب الصلة بالميت \"التعزية\":
1 - الدعاء للميت عند العلم بموته.
عن ابن عباس – رضي الله عنه - ما قال: قال رسول الله– صلى الله عليه وسلم -: الموت فزع، فإذا بلغ أحدكم وفاة أخيه فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون، وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم اكتبه عندك في المحسنين، واجعل كتابه في عليين، واخلفه في أهله في الغابرين، ولا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده. رواه ابن السني.
2 - الصلاة على الميت واتباع الجنازة حتى يفرغ من دفنها.
قال رسول الله: من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معه حتى يصلي عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ورجع قبل أن تدفن يرجع بقيراط رواه البخاري.
3 - الموعظة عند القبر أثناء الدفن والدعاء للميت بعد ردم التراب.
عن علي – رضي الله عنه - قال: كنا في جنازة في بقيع الفرقد فأتانا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة، فنكس رأسه وجعل ينكس بمخصرته (عصاه) ثم قال: ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة فقالوا: يا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أفلا نتكل على كتابنا، فقال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي عمرو – رضي الله عنه - قال: كان النبي– صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: استغفروا لأخيكم فإنه الآن يسأل رواه أبو داود.
وقال الشافعي - رحمه الله -: ويستحب أن يقرأ عنده شيء من القرآن وإن ختموا القرآن كله كان حسنا.
4 - مساعدة أهل المتوفى بتقديم ما يمكن من الخدمات أثناء تجهيز الميت وخروجه ودفنه والمساعدة في إعداد الطعام لأهل الفقيد لأنهم في وضع لا يساعدهم على تحضير الطعام والانشغال به.
فقد روي أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - حين قتل جعفر بن أبي طالب – رضي الله عنه - قال: اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنه قد أتاهم أمر شغلهم. رواه أبو داود والترمذي.
5 - المبادرة إلى التعزية مع إظهار الحزن والتأسف لمن يواسيهم ويعزيهم ومع الترحم على الميت وتعداد مآثره.
عن ابن مسعود – رضي الله عنه - عن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: من عزّى مصابا فله مثل أجره رواه الترمذي.
عن ابن عمر – رضي الله عنه - ما قال: قال رسول الله– صلى الله عليه وسلم -: اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم رواه أبو داود والترمذي.
6 - التلفظ بالمأثور من الكلام والانتباه إلى تجنب الزلل فيه والتجاوز إلى ألفاظ لا تليق بالمسلم ويمكن أن يقول: أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك.
7 - بذل النصيحة لأهل الميت بالصبر والسلوان، وتذكيرهم بثواب الله، وتقبل قضائه وقدره، وبأجر المحتسب الصابر ومنعهم من لطم الخدود، وشق الجيوب، والصراخ والنحيب، وذلك بالموعظة الحسنة.
قال - تعالى -: ( وبشّر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) .
عن أسامة بن زيد – رضي الله عنه - قال: أرسلت إحدى بنات النبي – صلى الله عليه وسلم - إليه تدعوه وتخبره أن صبيا لها في الموت فقال للرسول: إرجع إليها فأخبرها أن لله - تعالى - ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر وتحتسب. متفق عليه.
8 - ترك الابتسام عند التعزية وتجنب الضحك أو اللغو بباطل الكلام أو قلة الاكتراث فكلها من علامات قسوة القلب، ومن لم يتعظ بالموت لم يتعظ بشيء.
9 - التعزية خلال ثلاثة أيام، لا زيادة عليها.
وقد روي أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال: لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدّ على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرا رواه البخاري.
10 - يستحب قراءة القرآن والدعاء للميت عند حضور الجنازة وعند التعزية.
قال الشافعي:
إني معزيك لا أني على ثقة **** من الخلود ولكن سنة الدين
فما المعزى بباق بعد ميته **** ولا المعزي ولو عاش إلى حين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد