سجلوا اسمي في المدرسة الجديدة ونقلوا أوراقي إليها.. اشتروا لي الكتب والكراسات.. جهزوا أشياء المدرسة كلها.. ونسوا الأهم بالنسبة لي.. صديقاتي!
تمر السنون الدراسية وتتشكل خلالها صداقات كثيرة بين الفتيات وتتعلق الفتاة خلالها بالصديقات اللاتي تعرفت عليهن وانتقلت معهن من سنة إلى أخرى. وتحدث المشكلة حين تضطر الفتاة إلى تغير المدرسة التي كانت تدرس بها، وقد ينسى الأهل وسط تفكيرهم باختيار الأفضل لابنتهمº قضية الصديقات، وهي من المسائل المهمة إلا أنه مما لاشك فيه أن مسألة الدراسة وجودة المدرسة تأتي بالدرجة الأولى لأن الهدف الأساسي من الذهاب إلى المدرسة التعلم والاستفادة قدر الإمكان من المعلومات المتاحة..
ولعل الكثيرات قد اضطررن إلى مفارقة صديقة لهن خلال الانتقال من مرحلة دراسية إلى أخرى، إلا أن هذا لا يعني نهاية العالم، ولا يعني نهاية الصداقة التي كانت تربطهن بتلك الصديقة، كما أن الحياة فيها الكثير من الصديقات الجيدات الجديدات التي يمكن التعرف عليهن..
وإقامة الصداقات تحتاج منا أن نوظف الذوق والفكر والقلب والضمير معاً، ويعرف علماء النفس الصداقة على أنها علاقة بين شخصين أو أكثر تتسم بالجاذبية المصحوبة بمشاعر وجدانية، ويضيف البعض الآخر بأنها علاقة اجتماعية وثيقة دائمة تقوم على تماثل الاتجاهات بصفة خاصة، وتحمل دلالات بالغة الأهمية تمس توافق الفرد واستقرار الجماعة.
الصفات المهمة في الصديقة:
لا بد من توفر صفات معينة في الصديقة التي نختارها أو نرغب في مصادقتها، فمن أهم الصفات التي أكد الإسلام على ضرورة توفرها في الأصدقاء: العلم والحكمة والعقل والزهد والخير والفضيلة والوفاء والخلق الكريم والإخلاص والأمانة والصدق.
ويرى علماء النفس أن من الصفات المهمة التي يجب أن تتوفر في الصديقة: الثقة بالنفس والميل إلى الحياة الاجتماعية، مع خفة الظل والانبساط، بالإضافة إلى صفة التدين وكل ما يشير إلى الإيمان بالله وأداء الفرائض الدينية.
ويلعب التوافق في الأفكار والاهتمامات والطباع دور مهماً في اختيار الصديقة والاستمرار معها، كذلك يجب أن تكون الصديقة حافظة للسر وحسنة الظن، وأن تكون سريرتها وعلانيتها واحدة، صادقة وصدوقةº فإن رأت عيباً في صديقتها تنصحها وتقوّم مسلكها، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \"انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً فقال رجل: يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوماً، أرأيت إن كان ظالما كيف أنصره؟ قال تحجزه أو تمنعه عن الظلم فإن ذلك نصره\" رواه البخاري.
معايير الصداقة:
لاشك في أن صداقة الدراسة يتوفر فيها قدر من التماثل في العمر والاهتمامات، إلا أنه لابد من توفر قدر من التماثل في سمات الشخصية والقدرات العقلية والقيم والظروف الاجتماعية.
أهمية اختيار الصديق:
عادة ما تتم الصداقة بين الفتيات بالصدفة، وقد يكون السبب في ذلك تواجدهن على مقعد واحد أو تقديم المساعدة من إحداهن للأخرى.
إلا أنه من المفترض أن تبنى الصداقة على المعرفة والاختيار لا الصدفة، رغم أنه لا يمكننا أن ننكر وجود بعض الصداقات التي أتت نتيجة الصدفة وكانت مثمرة وقوية، إلا أنه لابد من المبادرة في اختيار الصديقات حسب المعايير الصحيحة إذ حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في اختيارنا للصديق يقول: \"المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل\".
وتعتبر الصداقة وإقامة العلاقات مع الآخرين من الحاجات الأساسية للفتيات، وبالتالي يؤثرن ويتأثرن بعضهن ببعض وقد يتورطن في انحرافات خلقية نتيجة مصاحبة صاحبات السوء، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار قابلية الإنسان للتأثير والتأثر بالأجواء التي يعيشها، خاصة تأثره بالأصدقاء، وأن هذا التأثير ليس مرئياً ولا فجائياًº عرفنا حينئذ خطورة الصداقة في حياة الإنسان والمجتمع وضرورة الاهتمام بها من قبل الأفراد والجماعات، وهنا يجب على الأسر مساعدة بناتهم من أجل اختيار الصديقة الصالحة، من خلال توضيح معايير الصداقة لهن وصفات الصديقة غير السوية، مع المتابعة المستمرة لذلك.
ذلك أن تأثير الصديقة على صديقتها ليس تأثيراً ملموساً يمكن أن نلاحظه مباشرة، بل هو تأثير تدريجي، يومي وغير ظاهر.. ومن هنا فإن بعض اللواتي ينحرفن بسبب الصداقات لا يشعرن بالانحراف إلا بعد فوات الأوان.
أهمية الصداقة:
تخشى بعض الفتيات نتيجة ما تسمعه عن صديقات السوء أو عن زمن الصداقة المنتهي من الإقدام على تكوين صداقات جديدة، الأمر الذي ينعكس سلباً على حياتهن الاجتماعية، إذ أكدت الدراسات النفسية اقتران افتقار القدر المناسب من الأصدقاء بالعديد من مظاهر اختلال الصحة النفسية والجسمية، مثل الاكتئاب والقلق والملل وانخفاض تقدم الذات والتوتر والخجل الشديد والعجز عن التصرف المناسب عندما تستدعي الظروف التعامل مع الآخرين.
يقول (د. ليون) الذي أجرى دراسته على 4725 شخصاً في ولاية (كاليفورنيا) والتي استغرقت تسع سنوات: \"إن نسبة الوفيات ترتفع عند الأشخاص الذين لا يسعون إلى تكوين صداقات.. أو الذين لديهم عدد محدود من الأصدقاء.. بل إنهم يكونون أكثر من غيرهم عرضة لأمراض القلب والسرطان والتوتر النفسي والشعور بالاكتئاب\".
نصائح مفيدة لصداقة حقيقية:
هناك عدة نصائح إن تقيدت بها والتزمت بمضمونها وصلت (بإذن الله) إلى جوهر الصداقة الحقيقية، منها:
1- المحبة في الله.
2- أن تكوني ودودة مع من صديقتك وأن تشعريها باهتمامك بها، وأن تسألي عنها باستمرار وتزوريها حتى تزيد المودة بينكما.
3 ـ أن تكوني صادقة في كل ما تقولينه لها، وتجنّبي الكذب فالكذب يحطم الثقة بين الأصدقاء فلا يمكن أن تستمر صداقة مبنية على الكذب.
4 ـ الحرص على احترام مشاعرها فإن مراعاة المشاعر عنصر أساسي للمحافظة على الصداقة فعاملي صديقتك كما تحبين أن تعاملك.
5 ـ أنصتي إليها: ودعيها تتكلم لتفصح عما بداخلها، وأظهري لها الاهتمام وشاركيها الحديث عن موضوع الذي يثير اهتمامها..
6 ـ ساعديها إن لجأت إليك.
7 ـ خففي حزنها واجلي همها إن أتتك باكية حزينة فالصديق وقت الضيق.
8 ـ لها عليك حق النصح مع الابتعاد عن الانتقاد الجارح.
9 ـ لا تستغليها في أي أمر كان، خاصة في الواجبات المدرسية، فإن ذلك حتماً سيؤثر على استمرار صداقتكما، فإن أسوأ أنواع الصداقة أن تحمل شعار \"المصلحة\"!
10 ـ احفظي أسرارها: هذه نقطة مهمة جدا لضمان استمرارية صداقتكما، فإن حفظت أسرارها حفظت أسرارك واحترمتك.
11-. التغاضي عن الأخطاء البسيطة حتى لا تشعر كل منكما بأنها مقيدة في كلامها وتصرفاتها خوفاً من الخطأ.
قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه -: (ثلاث تثبت لك الود في صدر أخيك: أن تبدأه بالسلام وتوسع له في المجلس وتدعوه بأحب الأسماء إليه)..
صداقة في نهاية الطريق:
قد تصل الصداقة إلى نهاية الطريق نتيجة فقدان أحد العناصر السابقة، وقد تصل إلى نهايتها نتيجة ظروف أخرى لا يد لأحد منا فيها، كوجود صداقات جديدة، فربما أصبح لديك أو لدى صديقتك اهتمامات أو هوايات لا تشتركان معا فيها، وهو ما يسبب التباعد بينكما أو انتقال أحدكما من الفصل أو المدرسة، وهو لا يعني انتهاء الصداقة، إلا أنه يفتح المجال لكليكما أن تكوِّنا صداقات أخرى.
المهم أن يبقى التواصل بينكما وأن يتفهم كل منكما ظروف الآخرº لتحافظا على تلك الصداقة التي جمعت بينكما.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد