الحمد الله الذي أوجب لعباده توحيده، وشكرٌ له الذي وعد من وحده الجنة ويزيده من فضله، وأشهد أن لا إله إلا الله مالك الخلق وكلهم عبيده، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، أعظم الموحدين، وقامع المشركين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فأعمال القلوب اهتم بها العلماء فصنفوا فيها المؤلفات، وابتدؤوا أعمالهم بالتذكير والحث عليها، ولذلك فإن أعمال القلوب تحتاج إلى مجاهدة وعناية، والنجاة مدارها على أعمال القلوب بالإضافة إلى أعمال الجوارح التي لابد أن تأتي صحيحة إذا صحّت أعمال القلوب، فلا يمكن أن تصح أعمال الجوارح ولا يكون هناك أعمال الجوارح إلا إذا صحت أعمال القلوب، فإذا صحت جاءت أعمال الجوارح صحيحة تبعاً لذلك.
والإخلاص هو أولها وأهمها، وأعلاها وأساسها، وهو حقيقة الدين، ومفتاح دعوة الرسل - عليهم السلام –: ((وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعبُدُوا اللَّهَ مُخلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ ))(البينة: 5)، ((أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الخَالِصُ))(الزمر: 3).
- والإخلاص هو لب العبادة وروحها، قال ابن حزم: النية سر العبودية، وهي من الأعمال بمنزلة الروح من الجسد، ومحال أن يكون في العبودية عمل لا روح فيه، فهو جسد خراب.
والإخلاص هو أساس قبول الأعمال وردها، فهو الذي يؤدي إلى الفوز أو الخسران، وهو الطريق إلى الجنة أو إلى النار، فإن الإخلال به يؤدي إلى النار، وتحقيقه يؤدي إلى الجنة، وسوف نتحدث عن الإخلاص في النقاط التالية:
معنى الإخلاص - من هو المخلص - أهمية الإخلاص - الإخلاص في العبادات - من عجائب المخلصين - أقوال العلماء في الإخلاص - تنبيهات في مسألة الإخلاص - الفرق بين الرياء ومطلق التشريك - علامات الإخلاص.
أما معنى الإخلاص:
خلص خلوصاً خلاصاً، أي صفى وزال عنه شوبه، وخلص الشيء صار خالصاً، وخلصت إلى الشيء وصلت إليه، وخلاص السمن ما خلص منه، فكلمة الإخلاص تدل على الصفاء والنقاء، والتنزه من الأخلاط والأوشاب، والشيء الخالص هو الصافي الذي ليس فيه شائبة مادية أو معنوية، وأخلص الدين لله قصد وجهه وترك الرياء، وقال الفيروزأبادي: أخلص لله ترك الرياء.
كلمة الإخلاص كلمة التوحيد، والمخلصون هم الموحدون والمختارون، وأما تعريف الإخلاص في الشرع فكما قال ابن القيم - رحمه الله -: هو إفراد الحق - سبحانه - بالقصد في الطاعة بأن تقصده وحده لا شريك له.
وتنوعت عبارات السلف فيه، فقيل في الإخلاص:
- أن يكون العمل لله - تعالى- ل
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد