الحمد لله الرحيم الودودِ القريبِ المجيب، والصلاة والسلام على الحبيب، وعلى آله وصحبِه ومن تبعَه من كلِّ لبيبٍ, أرِيب.
وبعد، فإذا كان ذِكرُ الأحبةِ حُلواً على اللسانِ حبيباً إلى القلوبº كما قال الشاعر:
أَعيدُوا لي الحَديثَ بذِكرِ لَيلى ** أَعِيدُوه فَدَيتُكُمُ أَعِيدُوا
جَرى قلمُ السَعادةِ باسمِ لَيلى ** فَطابَ بذِكرِها عيشي الرَغيدُ
فكيف بِذِكرِ الحبيبِ - صلى الله عليه وسلم -؟!
طِبتُم فَطابَ حَديثٌ توصَفونَ بِهِ ** مُكَرَّراً ذِكرُهُ ما كَرَّتِ الحُقُبُ
فما مشى على الأرضِ مَن كان له مثلُ شَمائلِه** وشِيَمِه - صلى الله عليه وسلم -؟
شِيَمٌ مَتى ذُكِرَت بِمَحفَلِ سادةٍ,** خَضعَت وَناديها النَّدِيٌّ تَعَطَّرا
وَلَقَد أُكرِّرُ حَمدَه مُتَلذِّذاً ** وَالشَّهدُ ألطفُ ما يَكون مُكرَّرا
فكيف لا يطيبُ الحديثُ عن الحبيبِ - صلى الله عليه وسلم - وهو أحبٌّ الخلقِ إلى الحقِّ وأعظمُ الناسِ كَمالا وجَمالا وجَلالاً.
ولقد خَلَوتُ مع الحَبيب وبَينَنَا ** سِرُّ أرَقٌّ منَ النسيمِ إذا سَرى
فَدُهِشتُ بينَ جَمالِهِ وجَلالِهِ ** وغدا لِسانُ الحالِ عنِّي مُخبِرا
فأَدِر لِحَاظَكَ في مَحاسِنِ وَجهه** تَلقَ جَميعَ الحُسنِ فيه مُصَوَّرا
لو أنَّ كُلَّ الحُسنِ يَكمُلُ صُورةً ** ورآهُ كان مُهَلِّلاً ومُكَبِّرا
فلا أحسنَ من ذِكرِ الحبيبِ - صلى الله عليه وسلم - وسَماعِ حديثِه، كما قال ابنُ فَرَح - رحمه الله -:
غرامي صحيحٌ والرجا فيك مُعضَلُ ** وحُزني ودمعي مُرسَلٌ ومُسَلسَلُ
ولا حَسنٌ إلا سَماعُ حديثِكم** مُشافَهةً يُملَى عليَّ فأنقلُ
ورَحِمَ الله مَن قال:
لا سَكَّن اللهُ قلباً عَنَّ ذِكرُكُمُ ** فلم يَطِر بجناحِ الشوقِ خفَّاقا!
لو شاء حَملِي نسيمُ الرِّيح حين هفا** وافاكُمُ بفتًى أضناهُ ما لاقى
ولله دَرٌّ ابنِ دقيقِ العيد حيث قال:
يا سائراً نحوَ الحجاز مُشمِّراً ** اجهَد فَدَيتُك فِي المَسِير وَفِي السٌّرى
إن كَلَّتِ النٌّجبُ الركائبُ تارةً ** فأعِد لَهَا ذِكر الحَبيب مُكَرَّرا
وما أحسنَ ما قيل:
فَتىً أَعجَزَ المُدَّاحَ نَظمُ صِفاتِهِ ** فَقَد فَنِيَت أَقلامُنا وَالقَراطِسُ
كَريمٌ يَفوحُ الطِّيبُ مِن طِيبِ ذِكرِهِ ** فَتَعبَقُ عَنِّي مِن ثَناهُ المَجالسُ
وما ألطفَ ما قيل:
لولا ثناؤك ما تضوَّع نَشرُها ** أرَجاً ولا سَرَّ الرٌّبا مَسراهُ
تِلكُم بِضاعَتُكم تُرَدٌّ إليكُمُ ** والشيءُ قد يُهدَى إلى مولاهُ
ولا ريبَ أنَّ ذِكرَ شمائلِ الحبيبِ ينفعُ القلب ويزيدُ الحُب، كما قال ابنُ دقيق العيد - رحمه الله -:
كم ليلةٍ, فيكَ وَصَلنا السٌّرَى ** لا نَعرِفُ الغَمضَ ولا نَستَرِيح
واختلَفَ الأَصحاب مَاذَا الَّذِي** يُزِيلُ مِن شَكواهُمُ أَو يُرِيح
فَقِيلَ تَعرِيسُهُم سَاعَةً ** وقلتُ بل ذِكراك وهوَ الصَّحِيح
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد