ـــ خلق الله - عز وجل - الناس لعبادته وحده لا شريك له \" وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون \"[الذاريات: ] فكان آدم - عليه السلام - نبيا مرسلا، ثم كانت ذريته من بعده على التوحيد ألف عام حتى ظهر الشرك. ــ وأرسل نوح - عليه السلام - يدعو الناس إلى التوحيد، ومن يومها وموكب الدعوة إلى الله يسير.
ـــ دعوة الكل - بما فيها دعوة محمد - صلى الله عليه وسلم - هي الإسلام بمفهومه العام، الاستسلام لله...إخلاص العبادة لله - عز وجل - بشقيها الطاعة والنسك، أو الشرائع والشعائر -وموجز دعوتهم - عليهم الصلاة والسلام ــ أنها دعوة واحدة إلى منهج \" التوحيد \" بكل فروعه وأنواعه وموالاة أهله، وما يستلزمه ذلك من نبذ الشرك بكل صوره وألوانه، ومعاداة أهله.
ــ وفي القرآن جاء التعبير عن الرسالات جميعاً بأنها كتاب واحد قال - تعالى -: { وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه } [البقرة: 213]، وقال - تعالى -: { وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط } [الحديد: 25]. وقال - تعالى -: {الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان} [الشورى: 17]، وجُملةً { إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا. أولئك هم الكافرون حقا واعتدنا للكافرين عذابا مهينا }[النساء: 150، 151]... فالدين عند الله واحد \" إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب \" [آل عمران: 19] وليس هناك تعدد أديان وإنما تعدد رسالات. ولذلك من الخطأ الاعتقاد بتعدد الأديان.
وتدبر قول الله - تعالى -: { كذبت قوم نوح المرسلين } [الشعراء: 105]، ومعرف أن قوم نوح لم يكذبوا إلا نبيهم نوح - عليه الصلاة والسلام -، وإنما لما كانت الدعوات واحدة، أعتبر تكذيب قوم نوح لرسولهم ـ نوح - عليه السلام - تكذيب للرسل جميعا.
فالدين عند الله الإسلام ولا يقبل من الناس غيره {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين }.
هو دين إبراهيم - عليه السلام - قال - تعالى -: { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم. ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم } [البقرة: 127، 128] وقال - تعالى -:{ إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين } [البقرة: 131]
وهو دين يعقوب - عليه السلام - وبنيه من بعده قال الله :{ ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون. أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم واسحق إلها واحدا ونحن له مسلمون } [البقرة: 133، 132]
وجاء على لسان قوم موسى - عليه السلام -: { وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين} [الأعراف: 126]، وقال موسى لقومه:{ يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين } [يونس: 84]
وجاء على لسان نوح - عليه السلام - : {فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين} [يونس: 72]
وجاء على لسان يوسف - عليه السلام - :{ رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت ولي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين} [يوسف: 101]
وجاء على لسان الحواريين :{ فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون} [آل عمران: 52].
وفي آية أخرى: { وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأنا مسلمون } [المائدة: 111]
وجاء في خطاب سليمان - عليه السلام - إلى أهل اليمن: { إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم. أن لا تعلوا علي وأتوني مسلمين} [النمل: 30، 31]
{ يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين } [النمل: 38] { فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو. وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين} [النمل: 42]، وجاء على لسان الملائكة وهم يتكلمون عن قوم لوط - عليه السلام -: { فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين} [الذاريات: 35، 36].
فالدين واحد وإن تعدد الرسالات. وفي الحديث \" أَنَا أَولَى النَّاسِ بِعِيسَى ابنِ مَريَمَ فِي الدٌّنيَا وَالآخِرَةِ وَالأَنبِيَاءُ إِخوَةٌ لِعَلَّاتٍ, أُمَّهَاتُهُم شَتَّى وَدِينُهُم وَاحِدٌ \".
ــ ونجد في السيرة النبوية ربط بين الأشخاص التي عاصرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين من سبقوا.
يشبه أبو بكر - رضي الله عنه - بمؤمن آل فرعون ، وعروة بن مسعود الثقفي بالرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى، وعقبة بن معيط بقاتل ناقة صالح - عليه السلام -. وأبو جهل بفرعون، وأمية بن أبي الصلت بالذي آته الله آياته فانسلخ منها... وقريب من هذا \" إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ, حَوَارِيًّا وَحَوَارِيَّ الزٌّبَيرُ \" و\" لِكُلِّ أُمَّةٍ, أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيدَةَ بنُ الجَرَّاحِ.
ولا بد من الحرص على تبين هذا الحبل الممدود بين عباد الله وعباد الشيطان على مر العصور .
ـــ والقرآن الكريم يستخدم مع المكذبين للرسالة في كل العصور نفس الوصف فهم الملأ... الذين استكبروا. وجاء التعبير عن رفض دعوة الرسل - كل الرسل - بأنه عبادة للشيطان قال - تعالى -:{ ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين } [يس: 60]
والمطلوب هو توضيح هذا الربط بين عباد الله في كل زمان ومكان، وبين عباد الشيطان في كل زمان ومكان من خلال دراسة السيرة النبوية. وبيان أن السيرة النبوية ما هي إلا حلقة من حلقات الدعوة إلا الله عبر التاريخ، هي رسالة الله إلى البشرية بعد أن انحرفوا لردهم إلى الدين الحق. وهذا الربط أيضا يحدث نوع من الأنس بين مسلم اليوم ومسلمي الأمس سيد قطب.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد