السيرة النبوية وصحة المصادر


 

بسم الله الرحمن الرحيم

يعاني النصارى واليهود من الشك الكبير في تراثهم الديني بل في أقدس ما لديهم وهو ما يسمونه (الكتاب المقدس)، فهم مختلفون أو قل يجهلون الكثير عن الشخصيات التي كتبت الأناجيل (القانونية منها وغير القانونية)، والكلام في التشكيك فيمن كتبوا الأناجيل مشهور ومعلوم، والمعلومات عن الأصول التي تمت الترجمة منها تكاد تكون معدومة، والحديث عن ما يسمونهم بــ (الآباء الأولون) حديث محتكر بين طائفة معينة ومن يدخل منهم الإسلام يتكلم بأنه كله كذب ولولا ذلك لخرج للعوام، فهم إذا في شك كبير من كتابهم وتراثهم الفكري والتاريخ، وهذا مصداق قول الله - تعالى -: \" وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب \" [الشورى من الآية: 14].

ويستر عيبهم أن الدين حكر على الأحبار والرهبان، وأن العوام ليس لهم من الدين سوى بعض القضايا الذهنية التي يعتقدونها كقضية الفداء والصلب مثلا عند النصارى، وبعض الشعائر التعبدية التي يلتزم بها القليل. ولا يلام عليها الباقين.

هذا حال أقرب الديانات لنا ــ النصرانية ــ والأمر أسوء في اليهودية والبوذية وغيرهما من الديانات الأخرى.

أما نحن المسلمين فنعرف عن نبينا - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام -رضوان الله عليهم- كل شيء...نعرف عنه - صلى الله عليه وسلم - مأكله ومشربه وملبسه ومشيته وجلسته، وكيف كان ينام، وكيف كان يضحك، وما كان يحب ويكره من الطعام، ونعرف صلاته وغزواته، وحاله في بيته مع نسائه وأطفاله وأحفاده، ونعرف عن نبينا ما لا يعرفه أحدنا عن أبيه.

وهذه مِنَّة من الله عظيمة يجب التنبيه عليها لمن يعرض السيرة النبوية، فنحن حين نعرض السيرة النبوية نتكلم عن علم مدون، وليس عن قصص مفترى. ونتكلم عن حقائق وأشخاص معروفة ومعلومة وليس عن أشخاص وهمية. ويعرف أهمية هذا من يناظر النصارى ويختلط بهم.

وأمر آخر يجب التنبيه عليه وهو أن الكتب التي تأخذ منها السيرة النبوية ــ ومنها كتب التفسير ــ تثبت الروايات الضعيفة والمكذوبة للرد عليها وتضعيفها. فلا يعني أبدا وجود هذه الروايات في كتب السير أنها صحيحة فلا بد من الالتفات إلى التعليق الذي يذكره المؤلف على القصة.

مثل قصة الغرانيق العلا التي أوردها المفسرون في سورة النجم ولم يقل أحد منهم أن القصة صحيحة بمعنى أنه نزل في القرآن آيات تقول عن اللآت والعزى \" أنهم هم الغرانيق العلا وإن شفاعتهم لترتجى \" فلم تكن هذه أبدا يوما من الأيام آيات من كتاب الله وتم نسخها أو حذفها.

ومثل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى زينب في ثياب شفافة فأعجبته وسعى في طلاقها من زيد ليتزوجها هو - صلى الله عليه وسلم -.

هذه الروايات ومثلها ترد في كتب السير ــ ومنها كتب التفسير ــ لتكذبيها والرد عليها.

وليس مجرد وجودها هو إثبات لها كما يفتري أهل الكتاب، فالواجب على من يعرض السيرة أن ينبه على هذا الأمر.

وقد يبدوا هذا الأمر بسيطا إلا أنك حين تعلم أن دعاة التبشير ينقلون هذه الأشياء لمن يسمعونهم من المسلمين والنصارى ويقولون لهم ها نحن ننقل لكم من كتبهم هم التي يدرسونها. يتبين لك مدى أهمية التنبيه على هذا الأمر، وعلى هذا المسلك الفاسد الذي هو في حقيقة أمره كذب ليس إلا.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply