بعد نزول آيات المدثر قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو إلى الله وإلى الإسلام سرًّا، وكان طبيعيًا أن يبدأ بأهل بيته، وأصدقائه، وأقرب الناس إليه.
1- إسلام السيدة خديجة - رضي الله عنها -:
كان أول من آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من النساء، بل أول من آمن به على الإطلاق السيدة خديجة - رضي الله عنها -، فكانت أول من استمع إلى الوحي الإلهي من فم الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -، وكانت أول من تلا القرآن بعد أن سمعته من صوت الرسول العظيم - صلى الله عليه وسلم -، وكانت كذلك أول من تعلم الصلاة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبيتها هو أول مكان تُلي فيه أول وحي نزل به جبريل على قلب المصطفى الكريم - صلى الله عليه وسلم - بعد غار حراء.
كان أول شيء فرضه الله من الشرائع بعد الإقرار بالتوحيد إقامة الصلاة، وقد جاء في الأخبار حديث تعليم الرسول - صلى الله عليه وسلم - زوجه خديجة الوضوء والصلاة، حين افترضت على رسول اللهº أتاه جبريل وهو بأعلى مكة فهمز له بعقبه في ناحية الوادي فانفجرت منه عين، فتوضأ جبريل - عليه السلام -، والرسول ينظر ليريه كيف الطهور للصلاة، ثم توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما رأى جبريل توضأ، ثم قام جبريل - عليه السلام - فصلى به وصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بصلاته، ثم انصرف جبريل - عليه السلام - فجاء رسول الله خديجة فتوضأ لها، يريها كيف الطهور للصلاة، كما أراه جبريل - عليه السلام -، فتوضأت كما توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم صلى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما صلى به جبريل - عليه السلام -.
2- إسلام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -:
وبعد إيمان السيدة خديجة دخل علي بن أبي طالب في الإسلام، وكان أول من آمن من الصبيان، وكانت سنه إذ ذاك عشر سنين على أرجح الأقوال، وهو قول الطبري وابن إسحاق، وقد أنعم الله عليه بأن جعله يتربى في حجر رسوله - صلى الله عليه وسلم - قبل الإسلام، حيث أخذه من عمه أبي طالب وضمه إليه. وكان علي - رضي الله عنه - ثالث من أقام الصلاة بعد رسول الله وبعد خديجة رضي الله عنها.
وقد ذكر بعض أهل العلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا حضرت الصلاة خرج إلى شعاب مكة، وخرج معه علي بن أبي طالب مستخفيًا من أبيه، ومن جميع أعمامه، وسائر قومه، فيصليان الصلوات فيها، فإذا أمسيا رجعا، ليضمهما ذلك البيت الطاهر التقي بالإيمان، المفعم بصدق الوفاء وكرم المنبت.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد