أحداث في الطريق والوصول إلى تبوك:
بعد تعبئة الجيش وتوزيع المهام والألوية والرايات، توجه الجيش الإسلامي بقيادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك، ولم ينتظر أحدًا قد تأخر، وقد تأخر نفر من المسلمين يظن فيهم خير، وكلما ذكر لرسول الله اسم رجل تأخر قال - صلى الله عليه وسلم -: «دعوه، إن يك فيه خير فسيلحقه الله - تعالى - بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه»([1]).
أولاً: قصة أبي ذر الغفاري:
قال ابن إسحاق: ثم مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سائرًا، فجعل يتخلف عنه الرجل، فيقولون: يا رسول الله، تخلف فلان، فيقول: «دعوه، فإن يك فيه خير فسيلحقه الله - تعالى -بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه»، حتى قيل: يا رسول الله، قد تخلف أبو ذر، وأبطأ به بعيره. فقال: «دعوه، فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه» وتلوَّم([2]) أبو ذر على بعيره، فلما أبطأ عليه، أخذ متاعه فحمله على ظهره، ثم خرج يتبع أثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماشيًا، ونزل رسول الله في بعض منازله، فنظر ناظر من المسلمين فقال: يا رسول الله، إن هذا الرجل يمشي على الطريق وحده، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كن أبا ذر»([3]) فلما تأمله القوم قالوا: يا رسول الله، هو والله- أبو ذر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده»([4])، ومضى الزمان، وجاء عصر عثمان، ثم حدثت بعض الأمور وسُيِّر أبو ذر إلى الربذة، فلما حضره الموت أوصى امرأته وغلامه: إذا مت فاغسلاني وكفناني ثم احملاني فضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمرون بكم فقولوا: هذا أبو ذر. فلما مات فعلوا به كذلك فطلع ركب فما علموا به حتى كادت ركائبهم تطأ سريره، فإذا ابن مسعود في رهط من أهل الكوفة، فقال: ما هذا؟ فقيل: جنازة أبي ذر، فاستهل ابن مسعود يبكي، فقال:
صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يرحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده»، فنزل فوليه بنفسه حتى دفنه([5]).
وفي هذه القصة دروس وعبر منها:
1- ما تعرض له أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه - من الصعوبات والمخاطر التي نجاه الله منها وقواه بالصبر عليها، لقد بذل أبو ذر جهدًا كبيرًا في المشي على قدميه وهو يحمل متاعه على ظهره حتى لحق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمينº لكي ينال شرف الجهاد في سبيل الله([6]).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد