تعريف السيرة:
والسيرة لغة: السنة والطريقة (المعجم الوسيط، ومختار الصحاح).
وتطلق ويراد بِها طريقة سير الإنسان في هذه الحياة، ومعنى سيرة فلان أي طريقته ومسيرته وما كان عليه شأنه في حياته.
السيرة النبوية من حيث اللغة مسيرة حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكيف سارت أيامه ولياليه.
التعريف بالاصطلاح: هي ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من مولده إلى وفاته، إلا أن أهل السير ضموا إلى سيرته العطرة ما قبل ولادته - صلى الله عليه وسلم -، لأنه له ارتباط بسيرته من وجهين:
1- وصف الحالة قبل مولده ومبعثه لينظر ما كان فيها من انحراف في الاعتقاد وانحلال في السلوك، وكيف آلت الأمور بعد ذلك.
2- لوجود بعض الإرهاصات والعلامات والبشارات ذات الصلة بمولده.
ومن هنا قسم العلماء سيرته - صلى الله عليه وسلم - إلى ثلاثة أقسام، هي:
1-المبتدأ: والمراد به مبتدأ العالم من خلق آدم والرسالات من بعده، وقصص السابقين من الأمم الغابرة.
2- المبعث: والمراد به ما كان قبل مبعثه من المولد والرضاعة والنشأة قبل البعثة.
3- المغازي: وهي التي تشكل جزءاً كبيراً من السيرة في الفترة المدنية.
العلوم ذات الصلة بالسيرة:
أولاً: السنة:
والسنة هي ما أضيف إلى النبي- صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خُلقية أو خُلِقُية.
وتعنى كتب السنة في الغالب بتتبع الألفاظ والأحوال المتعلقة بالعقائد والأحكام، وليس لها ارتباط بالأحداث والتاريخ.
ثانياً: الدلائل:
والدلائل جمع دليلة وهي العلامة على الشيء، وتسمى أيضاً علامات النبوة. والمقصود بها ما كان علامة إثبات وصدق نبوة الرسول - صلى الله عليه وسلم -. ويدخل في الدلائل مايلي:
1- تبشير الرسل والأنبياء به - صلى الله عليه وسلم -.
2- تبشير الكتب السابقة به - صلى الله عليه وسلم - من التوراة والإنجيل والزبور وقبل ذلك صحف إبراهيم- عليه السلام -.
3- ما أخبره الكهان والرهبان بقرب مبعث نبي وأنه يكون من أمره كذا وكذ.
4- طهارة النبي- صلى الله عليه وسلم - في آبائه وأجداده ونسبه وكونه مصطفى.
5- ما ورد في شأن ولادته.
6- إخباره - صلى الله عليه وسلم - بالأمور الغيبية، والتي حدثت أو ستحدث.
وممن صنف في هذا المجال:
1- الإمام أبو نعيم الأصبهاني في كتابه دلائل النبوة(مطبوع في مجلد واحد، تحقيق د. القلعجي).
2- دلائل النبوة للإمام البيهقي(مطبوع في سبع مجلدات).
ثالثاً: الخصائص:
والخصائص هي جمع خصيصة: وهي ما كان مختصاً بشيء أو مختصاً به ذلك الشيء. والخصائص هي ذكر ما انفرد به النبي - صلى الله عليه وسلم - من غيره:
1- من الأنبياء مثل كونه خاتم الأنبياء والمرسلين، ونزول القرآن عليه المعجزة الخالدة وغيرها.
2- من سائر أمته في الأحكام الخاصة به، مثل جواز التعدد له بأكثر من أربع وغيرها.
3- ما انفردت به أمته عن غيرها من الأمم مثل حل الغنيمة وأنها شاهدة على الأمم السابقة.
وأشهر كتب الخصائص:
كتاب الخصائص الكبرى للإمام السيوطي، وكتاب(الأنوار بخصائص المختار) للإمام ابن حجر العسقلاني.
رابعاً: المعجزات:
والمعجزات جمع معجزة وهي كل ما يعجز عنه الغير. وفي الإصطلاح هو الأمر الخارق للعادة، يظهر على يدي مدعي النبوة تصديقاً لنبوته، يتحدى به غير أو يتحدى به أتباعه.
والمعجزات حسية ومعنوية: القرآن الكريم معجزة حسية ومعنوية:
ومن المعجزات الحسية للنبي- صلى الله عليه وسلم - انشقاق القمر-نبع الماء من بين أصابعه- سلام الحجر عليه وتسبيح الحصى له.
ومن أشهر من كتب في هذا الشيخ عبد العزيز السلمان في كتابه معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم -.
خامساً: المغازي:
والمغازي جمع غزوة والفرق بين الغزوة والسرية هي أن الغزوة ما كان فيها، مشاركة النبي - صلى الله عليه وسلم -، والسرية تكون فيها بعث أصحابه. ومن أشهر من كتب في هذا: (1) مغازي ابن إسحاق. (2) مغازي الواقدي.
سادساً: السير:
والسير جمع سيرة، وهو في الحقيقة يعني جزء من الغزوات، إلا أن يكون التصنيف في هذا النوع تميز بدراسة النظام الإسلامي في مسائل الدولة والنواحي العسكرية والتعامل مع المنهزمين والجهاد وشؤونه، وما ينبغي قبل لقاء العدو وأحكام الحرب والسلم. ومن أشهر من كتب في هذا: (1) كتاب السير للإمام الأوزاعي. (2) كتاب السير الكبير والصغير لمحمد بن الحسن الشيباني. (3) كتاب شرح السير الكبير للسر خسي.
سابعاً: حقوق المصطفى - صلى الله عليه وسلم -:
وهو ما يتعلق بالآداب والحقوق اللازمة للرسول- صلى الله عليه وسلم - ويبدأ هذا الباب بـ
1- وجوب تصديقه والإيمان تصديق ما جاء به ووجوب محبته.
2- وجوب نصرته ونصرة دينه ووجوب محبة آله.
3- وجوب الاقتداء به.
ومن أشهر من كتب في هذا:
(1) كتاب الشفا بحقوق المصطفى للقاضي عياض. (2) المواهب اللدنية في المنح المحمدية لشهاب الدين القسطلاني.
ثامناً: الشمائل:
وهي الخصال الحسنة والطبائع الحسنة في السيرة، فهي التي تتعلَّق بصفات النبي - صلى الله عليه وسلم - الباطنة والظاهرة، ومنها دوابه وسيوفه وأحواله الحياتية من شرابه وطعامه ومن أخلاقه تواضعه وحلمه وصدقه وشجاعته. ومن فوائد ذكر الشمائل:
1- معرفة الشمائل المحمدية وسيلة إلى امتلاء القلب بتعظيمه، وذلك وسيلة إلى تعظيم شريعته، وتعظيم الشريعة واحترامها وسيلة إلى العمل بها.
2- معرفة الشمائل سبب لمعرفة حسنه وإحسانه - صلى الله عليه وسلم -، وذلك داع إلى محبته، ومحبته - صلى الله عليه وسلم - هي روح الإيمان.
3- العمل بهذه الشمائل ونشرها بين الناس فيه خدمة عظيمة له - صلى الله عليه وسلم -.
4- نشر شرعه فيه كل الخير والسعادة.
5- حصول التلذذ بذكر شمائل النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ومن أشهر من كتب في هذا:
(1) شمائل النبي- صلى الله عليه وسلم - للإمام الترمذي.
(2) الأنوار في شمائل النبي المختار - صلى الله عليه وسلم - للإمام البغوي.
فوائد دراسة سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -:
1- معرفة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعميق الإيمان به، وفهم شخصيته - صلى الله عليه وسلم -.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: - صلى الله عليه وسلم -: \"والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني مات ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار\" رواه مسلم. والسيرة تظهر من خلال أحداثها صدق نبوته وصحة رسالته، وتدفع كل الشبه التي تثار حول هذه النبوة التي يجب الإيمان والتصديق بها، ولا يكمل إيمان المرء وإسلامه إلا بها، فهو لم يكن عبقرياً متميزاً ولا مصلحاً.
وهاهو الصحابي الجليل سلمان الفارسي، كان مجوسياً ثم صار نصرانياً، وظل يبحث عن الحقيقة حتى وصل إليها بالتعرف على النبي - صلى الله عليه وسلم -، والتأكد من أنه رسول الله. يقول سلمان: (خرجت أبتغي الدين فوقعت في الرهبان بقايا أهل الكتاب، قال الله - عز وجل -:
(يعرفونه كما يعرفون أبناءهم) فكانوا يقولون هذا زمان نبي قد أطل يخرج من أرض العرب له علامات من ذلك شامة مدورة بين كتفيه خاتم النبوة، فلحقت بأرض العرب وخرج النبي- صلى الله عليه وسلم - فرأيت ما قالوا كله ورأيت الخاتم، فشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) [رواه الطبراني ورجاله ثقات 8/241].
2- تعظيم محبته - صلى الله عليه وسلم -.
ومحبته طريق لمحبة الله تعالى ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) وهي فرض لازم وأمر مؤكد، عن أنس- رضي الله عنه- قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: \" لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين\" رواه البخاري.
وعندما أخبر عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- النبي - صلى الله عليه وسلم - قائلاً: \" يا رسول الله لأنت أحب إليَّ من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال له عمر: فإنه الآن والله أنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الآن ياعمر\" رواه البخاري.
عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: \" ثلاث من كن فيه
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد