مكة حيث يحظر السلاح ويحرم قتل كل حي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

خطبة الوداع: حقوق الإنسان التي ذكر نبي الإسلام أتباعه بها قبيل وفاته

تقول كتب سير رسول الإسلام محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -، انه وفي ختام حجة الوداع خطب ماسميت بعدها بـ\" خطبة الوداع \"، ذكر فيها بحقوق الإنسان في دين الإسلام، لتكون آخر ما يسمعه أتباعه منه.

اليوم وبمناسبة عيد الأضحى، ولحاجة المسلمين تذكر مضامين تلك الخطبة التي مثلت إعلان وتأكيد لانتصار القيم على المعارك، في مكة حاضرة السلم الأولى في العالم التي يحرم فيها السلاح، والقتل مطلقا.

(نيوزيمن) يعيد نشر نص الخطبة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم:

 

أيها الناس اسمعوا قولي، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا.

أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا، وكحرمة شهركم هذا، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت، فمن كان عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، وإن كل ربا موضوع ولكن لكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون.

قضى الله أنه لا ربا، وإن ربا عباس بن عبد المطلب موضوع كله وأن كل دم كان في الجاهلية موضوع وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وكان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية.

أما بعد أيها الناس فإن الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبدا، ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك فقد رضي به بما تحقرون من أعمالكم فاحذروه على دينكم.

أيها الناس إن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا، يحلونه عاما ويحرمونه عاما، ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله ويحرموا ما أحل الله.

إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم ثلاثة متوالية ورجب مضر، الذي بين جمادى وشعبان.

أما بعد أيها الناس، فإن لكم على نسائكم حقا، ولهن عليكم حقا، لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه وعليهن أن لا يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح(1) فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف واستوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمات الله فاعقلوا أيها الناس قولي، فإني قد بلغت، وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا، أمرا بينا، كتاب الله وسنة نبيه.

أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه. تعلمون أن كل مسلم أخ للمسلم وأن المسلمين إخوة فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه فلا تظلمن أنفسكم.

اللهم هل بلغت؟

* قال ابن إسحاق صاحب أوثق سيرة عن الرسول- كان الرجل الذي يصرخ في الناس بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بعرفة ربيعة بن أمية بن خلف. قال يقول له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قل يا أيها الناس إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول هلا تدرون أي شهر هذا؟ فيقول لهم فيقولون الشهر الحرام فيقول قل لهم \"إن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة شهركم هذا\" ; ثم يقول قل \"يا أيها الناس إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول هل تدرون أي بلد هذا؟ \" قال فيصرخ به قال فيقولون البلد الحرام، قال فيقول قل لهم \"إن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة بلدكم هذا\".

قال ثم يقول قل \"يا أيها الناس إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول هل تدرون أي يوم هذا؟ قال فيقوله لهم. فيقولون يوم الحج الأكبر قال فيقول قل لهم إن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا.

 

* وقوله - عليه السلام - في خطبة الوداع ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان إنما قال ذلك لأن ربيعة كانت تحرم في رمضان وتسميه رجبا من رجبت الرجل ورجبته إذا عظمته، ورجبت النخلة إذا دعمتها، فبين - عليه السلام - أنه رجب مضر لا رجب ربيعة، وأنه الذي بين جمادى وشعبان وقد تقدم تفسيره قوله إن الزمان قد استدار وتقدم اسم ابن أبي ربيعة المسترضع في هذيل، وأن اسمه آدم وقيل تمام وكان سبب قتله حرب كانت بين قبائل هذيل تقاذفوا فيها بالحجارة فأصاب الطفل حجر وهو يحبو بين البيوت كذلك ذكر الزبير.

 

(1) كان عرب الجاهلية يضربون نساءهم، ولذا طالبهم الرسول هنا بتخفيف الضرب، وليس كما يفهمه بعض المفسرين أنه تشريع لضرب الزوجات، ولذا قال محمد الغزالي - رحمه الله - \"عدوان الرجل على المرأة كعدوان المرأة على الرجل مرفوض عقلاً ونقلاً وعدلاً ولا أدري كيف قيل هذا الكلام ونسب إلى رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -).

فأين قوله - تعالى -: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) وقوله: (أمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف) وأين قوله - عليه الصلاة والسلام -:((استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك...))

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply