السؤال:
هل كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - عمل أو أي شكل من الوظيفة؟ يسألني كثير من غير المسلمين مثل هذا السؤال، لكنني لست متأكدًا من الجواب عليه، الذي أعرفه أنه كان راعيًا في مرحلة من عمره، وسافر للتجارة، وطبعًا كان يرعى شؤون المسلمين في المدينة بعد نهوض المسلمين فيها، فهل كان - عليه الصلاة والسلام - يعتمد على الآخرين في معيشته، مثل خديجة، - رضي الله عنها -، أو أبو طالب، أو أبو بكر، رضي الله عنه؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبعد:
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتكسب برعي الغنم قبل البعثة، كما جاء في صحيح البخاري (2262)، من حديث أبي هريرة، - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: \"مَا بعَث اللهُ نبيًّا إلاَّ رعَى الغَنَمَ\". فقال أصحابه، - رضي الله عنهم -: وأنتَ؟ فقال: \"نَعَم، كُنتُ أَرعَاها عَلَى قَرَارِيطَ لأَهلِ مَكَّةَ\". قال أحد رواته: يعني: كلٌّ شاةٍ, بقيراطٍ,، يعني القيراط الذي هو جزء من الدينار أو الدرهم. وزاول النبي - صلى الله عليه وسلم - التجارة فخرج إلى الشام في تجارة لخديجة - رضي الله عنها - مضاربةً - كما ذكره ابن إسحاق في السيرة، وأخرج البيقهي في السنن الكبرى (6/118)، من طريق الربيع بن بدر- وهو ضعيف- عن أبي الزبير، عن جابر، - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \"آجَرتُ نَفسِي مِن خَدِيجةَ سَفرَتَينِ بِقَلُوصٍ,..\".والقلوص هي النافة من الإبل، وقال الله - سبحانه وتعالى -: (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأكُلُ الطَّعَامَ وَيَمشِي فِي الأَسوَاقِ لَولَا أُنزِلَ إِلَيهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا)[الفرقان: 7].وقال أيضًا: (وَما أَرسَلنَا قَبلَكَ مِنَ المُرسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُم لَيَأكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمشُونَ فِي الأَسوَاقِ)[الفرقان من الآية: 20]. ومعنى وصفه - صلى الله عليه وسلم - ووصف الأنبياء بالمشي في الأسواق، أي للتكسب والتجارة طلبًا للربح الحلال، ثم لما شرع الله الجهاد بالمدينة، كان يأكل مما أباح الله له من المغانم التي لم تبح قبله، ومما أفاء الله عليه من أموال الكفار التي أبيحت له دون غيره، كما جاء في المسند (5094) عن ابن عمر، - رضي الله عنهما -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \"بُعِثتُ بينَ يَدَيِ السَّاعَةِ بالسَّيفِ حتَّى يُعبَدَ اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وجُعِل رِزقِي تحتَ ظِلِّ رُمحِي... \". وقال الحافظ ابن حجر، وهو يتحدث عن أفضل المكاسب: وفوق ذلك من عمل اليد ما يكتسب من أموال الكفار بالجهاد، وهو مكسب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه، - رضي الله عنهم -، وهو أشرف المكاسب لما فيه من إعلاء كلمة الله - تعالى - وخذلان كلمة أعدائه والنفع الأخروي. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد