لا يمكن للمرء أن يكتب عن الإدارة في الإسلام عامة و المستلهمة من منهج قيادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - خاصة، دون أن يتعمق في جانب جوهري و أساسي يغفل عنه كثير من المديرين و المهتمين، رغم أهميته القصوى، في مستقبل أية منظمة، ألا وهو إدارة الابتكار و الإبداع و التي اعتبرها بعض علماء الإدارة البارزين (مثل عالم الإدارة الأشهر \"بيتر دراكر \")من بين وظائف المدير الأساسية مثلها مثل التخطيط و التنظيم و التوجيه و الرقابة و إن كنت أعتبر أنه لا قيمة لوظائف الإدارة الأخرى ما لم تقم على الابتكار و الإبداع و تدعمه و تؤدي إليه و تشيعه في كافة أرجاء التنظيم. وهذا ما نحاول أن نطوف حوله في هذه المقالة
الإدارة عمل عقلي لا عملي:
لا بد من تأكيد ابتداء على أن الإدارة بكافة وظائفها عبارة عن عمل عقلي وليس عمل عضلي بأي حال من الأحوال.
ويتوقف نجاح أي قائد وفعاليته في إدارته على مدى إعمال عقله واستخدامه في هذه الإدارة. فكل وظائف الإدارة من تخطيط، وتنظيم، وتوجيه، ورقابة تقوم على استخدام عقله وإعمال فكره وليس استخدام العضلات.
والفرق شاسع بين ذلك المدير الذي يدير العمل وذلك الذي يؤدي العمل.
فالأول يعمل عقله وفكره ليحقق ما يصبو إليه من نتائج بواسطة الآخرين، والآخر يعمل معهم أو يعمل لهم ولكنه في جميع الأحوال لا يديرهم، وما أسهل وأسلس عمل الأول، وما أصعب العمل مع الثاني وأشقه عليه وعلى من يعمل معه.
لذا فإن القائد الفذ هو من يؤمن ابتدءا بأنه إنما يدير عقول الأفراد، لا أجسادهم ولا عضلاتهم، وعلى قدر نجاحه في تفجير طاقاتهم الإبداعية والابتكارية على قدر ما يكون نجاحه ونجاح منظمة والوصول به إلى أعلى درجات التميز والتفوق، وبناء ما يسمى بالميزة التنافسية الدائمة sustainablcomptitivadvantag وهذه هي المهمة الأساسية لأي قائد وخاصة على المستوى الاستراتيجي.
مكانة العقل في الاسلام:
و لذلك لا نجد مذهبا كرم العقل كالإسلام و لا شيئا كرمه الإسلام في الإنسان كالعقل و إذا أردت أن تقف إلى بعض مظاهر هذا التكريم حاول إحصاء الآيات التي تناولت العقل، و الفكر، و اللب، و الفؤاد، بكل مشتقاتها في القرآن الكريم و مواضعها التي تدل على تكريم الذين يعقلون و يتفكرون ويتدبرون و لوم الذين لا يتفكرون ولا يعقلون و لا يفقهون، و اعتبار أرقى طبقة من طبقات المؤمنين هم أولي الألباب. \"الذين يتفكرون في خلق السماوات و الأرض و يذكرون الله قياما وقعودا و على جنوبهم \".
و لن أقف لأحصي عدد الآيات التي تناولت ذلك، و حتى الكتب التي تناولت مكانة العقل و الفكر في الإسلام، سواء بشكل كامل، أو جزئي و إنما ما يهمني هو أن نقف على مدى اهتمام الإسلام للعقل و تكريمه له، لفت نظر الإدارة في أي مستوى إلى النظر إليه باعتباره أعظم طاقة يجب تفجيرها لأعظم مورد يجب الاستفادة منه و هو المورد البشري.
و الذي يتحدد بناء عليه مقدار ما تحققه الأمم و المنظمات من تأخر أو تقدم، و ما يحققه أي قائد من نجاح أو فشل.
مقدمات و محددات الابتكار:
إن الابتكار و الإبداع في المنظمات مقدمات و محددات يجب على الإدارة أن تعملها، و تعمل على تحقيقها، فإنها إن وجدت، وجد الابتكار و من أهم هذه المحددات أو المقدمات الضرورية للابتكار:
1. تدعيم الجانب الإنساني في المنظمة و الارتقاء بإنسانية الأفراد و احترام إرادتهم وفكرهم و مشاعرهم.
2. إعلاء شأن المشاركة و اعتبار كل فرد ليس مجرد منفذ و إنما مشارك في اتخاذ القرارات و وضع الخطط.
3. شيوع روح الإحساس بالمسئولية في كافة أرجاء التنظيم، وتحول كل فرد في هذا الإحساس و كأنه المسئول الأول والأعلى عن المنظمة حتى وإن كان في أدنى درجات السلم الإداري.
4. الفهم التام والواضح لرسالة المنظمة وأهدافها وغاياتها الاستراتيجية والاقتناع بها والاستعداد للتضحية بأي شيء لتحقيقها.
5. البعد عن البيروقراطية والجمود في الهياكل التنظيمية، واعتبارها وسيلة وليست غاية، وتمتعها بالمرونة والعضوية(Organicity) بما يتيح للأفراد أكبر قدر من حرية الحركة نحو الابتكار والإبداع دون وضعهم في قوالب الجمود والتحجر.
6. تمكين الأفراد بما تحمله هذه الكلمة من معنى وجعلها حقيقة وليست مجرد أمنية أو شعار (mploympowrmnt) خاصة وأنها أصبحت من ضمن المفردات الإدارية التي تعتبر من بين التوجهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية. ولا يمكن تحقيقها بالطبع دون توافر ما سبق ذكره من مقدمات ومحددات.
7. وجود نمط قيادي إنساني تشاوري يتبنى العمل بروح الإبداع والابتكار ويحسن تهيئة الظروف المختلفة لذلك.
8. تبني نمط القيادة المعرفية التي تسعى إلى جلب المعرفة ونشرها وإتاحتها لكافة الأفراد بالقدر المناسب وفي الوقت المناسب وبالأسلوب المناسب.
9. الإحساس بالأمن والأمان والاستقرار داخل منظمته، والتحرر من كل أي مظهر من مظاهر الخوف الذي يمكن أن تسببه له المنظمة أو إدارتها، فالإنسان الخائف غير الآمن على نفسه أو أهله أو ماله، لا يمكنه أن يفكر أو يبدع، خاصة إذا كان هذا الخوف الناتج عن قهر الإدارة أو تسلطها أو تعنتها هو أعدى أعداء الابتكار والإبداع، فإذا وجد في أمة أو منظمة مات فيها الإبداع والابتكار وهذا من أهم ما يفسر سر فشل النظم الاستبدادية المتسلطة القائمة على سلطة البطش والقهر البوليسي، وإهدار حرية الفرد وكرامته، وانتهاك سيادة القانون وسلطته، حتى وإن كان من صنع أيديها....
10. خلق مناخ ابتكاري إبداعي يقوم على كل ما سبق ويدعمه ويحافظ عليه بشكل دائم ومستمر بحيث يتمكن الفرد بمجرد التواجد فيه من ممارستها عمله بأعلى درجات الإبداع والابتكار.
فالقائد الفعال هو ذلك الذي يعمل على إيجاد مثل هذا المناخ وإدارته بكفاءة وفعالية والحفاظ على هذا الوضع باستمرار، وهذا هو التحدي الأساس أمام الإدارة.
مظاهر من إدارة الابتكار في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
قد يتعجب البعض حينما يعلمون أن منهج الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم على كافة أركان ومقومات النمط القيادي الابتكاري الذي يدعم ويشجع الابتكار في أعلى درجات، وذلك في كل مظاهر إدارته - صلى الله عليه وسلم -.
ولعل من بين أعظم جوانب شخصيته القيادية العبقرية الفذة أنه تمكن ببساطة ويسر من تفجير الطاقات الإبداعية والابتكارية لصاحبته على اختلاف قدراتهم ومستوياتهم وجعل كلا منهم يعمل عقلية وفكرة لخدمة الفكرة التي آمن بها وذلك بأعلى درجات الكفاءة والفعالية الفردية والتنظيمية.
فقد جعل كل منهم قائداً متميزا في مجاله، تستشعر أعلى درجات المسئولية، وينغمس في العمل لفكرته بكل كيانه ووجدانه، ويشارك ويبدع ويبادر بتقديم أفكاره ورأيه دون حتى انتظار أن يطلب ذلك منه.
ولعل هذه واحدة من أعلى درجات النمط القيادي الابتكاري والذي ظهرت أمارته في مواقف عدة أشهرها يوم بدر، ومبادرة الحباب بن المنذر باقتراح موضع لنزول الجيش الإسلامي غير ذلك الموضع الذي أمر به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والذي دل على مدى إحساسه بالمسئولية والمشاركة والمبادرة وإعمال فكره وعقله في جغرافية المكان وكأنه القائد الأعلى للجيش، وليس مجرد جندي عادي...
ولعلي لا أتجاوز الحقيقة حين أقرر أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد استطاع أن يحقق بهؤلاء الأفراد العاديين في عاداتهم وطباعهم ومستوى حضارتهم وإمكاناتهم أعمالا غير عادية تفوقوا بها على أكثر الدول المحيطة بهم عدة وعتاداً وتنظيماً، وحضارةً وهي الفرس والروم، الدولتين العظميين حينئذٍ,، وهذا هو ما أعتبره بحق معيار نجاح أي قائد.
غزوة الأحزاب كنموذج:
رغم أن سيرته مليئة بمظاهر النمط الابتكاري إلا أنني سوف أكتفي بالإشارة إلى موقف واحد فقط هو غزوة الأحزاب محاولا الغوص في بعض جوانب إدارته الابتكارية والإبداعية لها - صلى الله عليه وسلم - والتي تمثلت في الآتي:
1. إدارة الجانب المعرفي والمعلوماتي:
حيث يظهر من سياق السيرة عن هذه الغزوة أن المعلومات قد وصلت إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عما يدبره اليهود بتأليب المشركين وتحزيبهم ضد المسلمين بعدد كبير لا طاقة لهم به، وأن هذه المعلومات التي حصل عليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - كانت دقيقة، وفي الوقت المناسب، ولعل هذا ما جعل لها قيمة في اتخاذ القرار لمواجهة الخطر القادم.
ثم إن الأهم من وصول المعلومة هو حسن توظيفها، وإشاعتها ونشرها ليعرفها كافة العاملين في المنظمة ليكونوا جميعاً على نفس المستوى المعرفي لقيادتهم. لذلك بادر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعقد جلسة شورى عاجلة من ذلك النوع الذي يطلق عليه الآن \" العصف الذهني \" حيث ذكر تلك المعلومات لعموم المسلمين وأوقفهم على طبيعة الخطر القادم وحجم المشكلة التي سوف يتعرض لها المسلمون وطلب منهم المشاركة بالرأي والفكر للتصدي لذلك.
ولعل هذا يحمل في طياته أخص خصائص الإدارة المعرفية، التشاورية التي تسعى إلى إدارة عقول وفكر من معها وليس مجرد أجسادهم، وتفجر طاقاتهم الإبداعية والابتكارية بجعلهم يستشعرون المسئولية وينغمسون في المشاركة والعملº وقد كان.
2. الفكرة المبتكرة:
يعرف الابتكار في أبسط معانيه بأنه التوصل إلى وسيلة جديدة غير مألوفة لتحقيق نفس الهدف.
وهو ما حدث بالفعل في ذلك المناخ الإبداعي الذي صنعه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لصحابته.
فلم تكد الأفكار يقدح زنادها حتى طرأت فكرة لأحد صحابته المغمورين حينئذٍ,، والذي لم يكد أن يتحرر من الرق حتى ظهرت تلك الأزمة، وهو سلمان الفارسي – رضي الله عنه - فانغمس بكل وجدانه وكيانه عقلاً وفكراً وإحساساً في ذلك المناخ الذي بتحول فيه الفرد العادي إلى مشارك ومبادر مبدع ومبتكر بشكل غير عادي.
وكانت فكرته المبتكرة وغير المألوفة عند العرب حينئذٍ, هي حفر خندق في الجزء الذي يمكن اقتحام المدينة منه وهو بين لا بتين مرتفعتين، وهو ما يدل على مدى انغماس سلمان- رضي الله عنه- وانهماكه في التفكير المسئول والقائم على دراسة ومعرفة بجغرافية الموقع وإعمال عقله وفكره لحل المشكلة، وكأنه القائد الأعلى والمسئول الأوحد عن حلها.
وكم كانت فكرة موفقة وصائبة قلبت الموازين، وحولت ضعف المسلمين قوة، وقوة المشركين ضعف، وشكلت لهم مفاجأة استراتيجية لم يحسبوا لها حساباً وقلبت خططهم وتدبيرهم رأساً على عقب ووضعتهم في موضع الدفاع بدلاً من الهجوم وأفقدتهم ميزة العدد والعدة التي كانوا يتمتعون بها.
3. اغتنام الفرصة وحسن توظيف الطاقات الإبداعية للأفراد:
لقد تمكن المسلمون من خلال الفكرة الملهمة والمبتكرة لسلمان الفارسي – رضي الله عنه- وأرضاه، من وقف تهديد المشركين والحد منه، ولكن ظل تهديد اليهود قائماً وهم الذين حزبوا هؤلاء المشركين أصلاً، وتقع ديارهم في مؤخرة المسلمين ويكشفون عوراتهم، ولو سمحوا للمشركين بدخول المدينة من قبلهم، وهي الجهة الوحيدة المتبقية لذلك، لأصبح المسلمون في وضع من أحرج ما يمكن، هذا بالرغم مما بين المسلمين واليهود من مواثيق وعهود على عدم السماح بأن يتم غزو أياً منهم من قبل الآخر، ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعلم أنه لا عهد ولا ذمة لليهود فهم قتلة الأنبياء \" وكلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم\" ولا يأمنهم إلا واهم .. ومع ذلك لم يبن قراره تجاههم على مجرد الظن والتخمين وإنما تأكد من خيانتهم من خلال وفد أرسله إليهم ليجس نبضهم ويستطلع موقفهم وأكدوا له خيانتهم، وتبجحهم وفجورهم.
وهنا كان أكثر المواقف حرجاً في هذه الأزمة، ولكن من فضل الله - سبحانه وتعالى - ظهرت فرصة عظيمة وهي إسلام أحد المشركين من غطفان وكان يدعى نعيم بن مسعود، وقدم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلن إسلامه ويضع نفسه تحت تصرفه وقيادته.
فما كان من الرسول - صلى الله عليه وسلم - بحكمته وحنكت قيادته وحسن تصرفه وتوظيفه للطاقات الإبداعية والابتكارية لشخص لم يكد يعلن إسلامه، إلا أن يضع ثقته فيه يوجهه للقيام بمهمة عقلية يترك له فيها حرية التصرف ويمكنه من أدائها بما يتراءى له والهدف هو كما وجهه الرسول - صلى الله عليه وسلم - ألا يعلن إسلامهº فهو في المسلمين فرداً لن يضيف شيئاً إذا انضم إلى صفوفهم المعلنة، وإنما عليه أن يخذل عنهم، فإنما الحرب خدعة أو كما قال له - صلى الله عليه وسلم- وهنا ترى كيف أدار الرسول - صلى الله عليه وسلم - الأمر من جانبه الفكري والعقلي الإبداعي، حيث انطلق نعيم بن مسعود كما هو معروف في السيرة، ووضع خطة متقنة لإفساد العلاقة التحالفية بين اليهود والمشركين وزرع بذور الشك والفرقة بينهم بحيث ينفض عقدهم وحلفهم ويفشل كيدهم وتدبيرهم ويرجع جمعهم دون إلحاق أي أذى بالمسلمين، وكل ذلك بدون استخدام سهم واحد، وإنما من خلال إعمال الفكر واستخدام العقل بأعلى درجات الفعالية والإبداع.
فذكر نعيم لليهود- باعتباره حريصاً عليهم وحليفاً لهم - أن المشركين سوف يرحلون ويتركونهم وحدهم لمحمد ينفرد بهم وينتقم منهم لما فعلوه، فطلبوا منه النصح فقال: اطلبوا منهم رهائن من أبنائهم فإن فعلوا كانوا صادقين، وإلا فإنهم ينوون الغدر بكم فاحذروهم ولا تمكنوهم من دخول المدينة من جهتكم.
ثم تحول إلى المشركين وقال لهم باعتباره واحد منهم إن اليهود قد ندموا على فعلتهم وخافوا من انتقام محمد وأرادوا مصالحته وتأمين أنفسهم وإثبات صدقهم له وذلك بأخذهم أفضل أبنائكم وتقديمهم له فداء على ما فعلوه، فتعجب المشركون ولكنه قال امتحنوهم بأن يسمحوا لكم بدخول المدينة من قبلهم وسوف ترون، وبالفعل وجد المشركون ما قاله نعيم حقاً حينما طلبوا من اليهود ذلك، فرفضوا على الفور، وتأكد اليهود بأن نعيم كان صادقاً حيالهم ورفضوا السماح للمشركين باقتحام المدينة من قبلهم، وانفض هذا الحلف اللعين بهذه الحيلة الذكية المبتكرة.
وتم القضاء على أخطر عقبة في هذه الغزوة بجهد فرد عادي تم توظيفه بأفضل ما يمكن أن يوظف به قائد أحد أفراده ليحقق أعلى درجات الإبداع في أدائه.
4. ا لوقوف على حقائق الأمور
لم يقنع الرسول - صلى الله عليه وسلم - بمجرد تخمين ما يمكن أن يتخذه المشركون من قرارات بعد ذلك، هل سوف يرحلون، أم يستمرون في الحصار، أم يهاجمون بطريقة أو بأخرى، وحتى يقف على حقائق أمرهم ويعرف قرارهم ليبني موقفه على اليقين أراد أن يرسل من يأتيه بخبرهم، بالذهاب إليهم ومخالطتهم كأنه أحدهم والوصول إلى قادتهم، ومعرفة ما يفكرون فيه دوم أن يشعر به أحد وأن يعود ليخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويحكي ذلك حذيفة بن اليمان فيما بعد لأحد شباب المسلمين بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
حينما انتدب الرسول - صلى الله عليه وسلم -أحدهم لهذه المهمة ولكنهم لشدة البرد والخطر، والجوع والخوف وطول الحصار لم يجب أحد.. حتى حدد حذيفة بن اليمان، فقام وذهب بين صفوف المشركين وكما قال جلست بين مجموعة منهم كان فيها أبو سفيان والبرد شديد فقال أبو سفيان على كل منكم أن يتعرف على من معه فبدأ حذيفة بمن قبله وسأله من أنت وبذلك لم يسأله أحد وكان ذلك منه حسن تصرف وسرعة بديهة، ثم أخذ أبو سفيان يتكلم عن حرج موقف المشركين ونفاذ مؤنتهم وما فعلته الريح والعواصف والبرد بهم، وأنهم ليس أمامهم إلا الرحيل في الغداة. ثم رجع فأخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ليقف بذلك على حقائق الأمور، ويحدد الخطوة التالية على بينة، ويبني قراراته دائماً على معرفة يقينية وحقيقية وكل ذلك من خلال وسائل وأساليب بشرية من أفراد عاديين وليس بوسائل إعجازية خارقة لا يقدر عليها البشر.
وهذا هو مناط القدوة والأسوة لكل قائد في أي موقع كي يدير كما كان يدير الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليفجر الطاقات الإبداعية والابتكارية في الأداء. ولعمل الفكر قبل العمل، والعقل قبل العضل.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد