رسول الإسلام في عيون منتقديه


  

بسم الله الرحمن الرحيم

مني الإسلام - من قديم الزمان - بأعداء لا ينامون يضمرون له الكيد وينسجون الخيوط ويحيكون المؤامرات لذهاب دولته وسلطانه وقد حاول هؤلاء التشكيك في القرآن فلم يفلحوا فحاولوا التشكيك في سنة -رسول الله صلى الله عليه وسلم - فباءت محاولتهم بالفشل.

وبين الحين والآخر تتعالى بعض الأصوات الحاقدة تحاول النيل من رسول الإسلام - صلى الله عليه وسلم -. فمنذ نحو اثني عشر قرنا يعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكبر أعداء الأوربيين، كما كان الهجوم عليه هدفا للإمبراطورية البيزنطية وأوربا عموما - سواء على الصعيد العقدي أو الصعيد الدعائي-من جانب المؤرخين الأوربيين المدعومين برجال الدين النصارى في البلاد الخاضعة لسيطرة المسلمين أمثال \"يوحنا الدمشقي وتيودور أبو قرة وإلياس وعبد المسيح الكندي وغيرهم\".

 

وكانت هذه الدعاية قائمة على أساطير وأكاذيب جديدة لكتاب لم يعدموا الجهل بالأحداث التاريخية وكانت ثمرة هذه الدعاية ما اصطلح على تسميته منذ ثلاثة قرون في أوربا باسم أسطورة محمد.

ويوجد الكثير من الكتابات الغربية التي كتبت لأهداف دفاعية خاصة بإثبات عقائد النصارى مثل أعمال موير والأب لاما نس أو أعمال الموتورين مثل الأب الدومينيكاني ثيري الذي كان يكتب باسم مستعار حنا زكريا.

 

عشرة قرون من الادعاء الباطل والافتراء

إن المتتبع للمفاهيم التي يتبناها الأوربيون حول نبي الإسلام محمد - صلى الله عليه وسلم - تبين جهلهم وحقدهم وتعصبهم وعدوانيتهم الواضحة وأحكامهم المسبقة المتأصلة وتحزبهم الطاغي ولا ينطبق هذا على الشعوب الجاهلة والساذجة بل ينطبق على أكبر علمائهم وفلاسفتهم ورجال الدين والمفكرين والمؤرخين حتى أنه خلال القرون التي شهدت انطلاق الفكر الأوربي من القرن الثاني عشر وحتى السابع عشر لم يكن لدى أي من هؤلاء المفكرين الشجاعة في تحري المعرفة الحقة والموضوعية عن الإسلام ونبيه. فلا ألبرت الكبير ولا توماس الأكويني ولا روجر بيكون في القرن الثالث عشر ولا فرنسيس بيكون ولا باسكال ولا سبينوزا في القرن السابع عشر...لم يحاول أي من هؤلاء أن يبذل جهدا لفهم الإسلام مع أنهم كانوا يعرفون بشكل أو بآخر الفلاسفة والعلماء العرب ولم يدخروا وسعا في مهاجمة آرائهم ودينهم.

 

في القرن السابع عشر نجد فرنسيس بيكون وهو داعية المذهب التجريبي الشهير يحكي في أحد مقالاته والمسمى الخدعة يحكي مثلا أن محمدا قال للعرب ذات يوم إنه يستطيع أن ينادي الجبل ليأتي إليه وقد كان الجبل بعيدا ولكن بعد أن ناداه محمدا لم يأت ولم يتحرك وهنا قال محمد لهم إذا كان الجبل لم يأت إلى محمد فإن محمدا سيذهب إلى الجبل.

 

وقد شهد رينان على تحامل أبناء جنسه وملته من المستشرقين على محمد يقول رينان: \"لقد كتب المسيحيون تاريخا غريبا عن محمد. إنه تاريخ يمتلئ بالحقد والكراهية له... لقد وصمه دانتي بالإلحاد في رواية الجحيم وأصبح اسم محمد عنده وعند غيره مرادفا لكلمة كافر أو زنديق أو كاردينالا لم يفلح في أن يصبح بابا فاخترع دينا جديدا أسماه الإسلام لينتقم به من أعدائه\".

 

 سورة النجم

من بين الأخطاء المنتشرة بين المستشرقين هو أنه في سورة النجم من المفترض أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - تلقى الوحي عن ملك كان يراه في الأفق الأعلى وحسب تفسيرهم المتخيل فإنهم أضافوا كلمة ملك بين قوسين مثلما فعل المستشرق بلاشير.

إن المدهش أن هؤلاء المستشرقين الذين يتسرعون في نقد الأحاديث يصدقون بسهولة الأحاديث الضعيفة والمكذوبة المتعلقة بحالة النبي - صلى الله عليه وسلم - خلال استقبال الوحي.

 

حسية الرسول - صلى الله عليه وسلم -  المفترى عليها

لقد اتهم المستشرقون الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالشبق الجنسي وكانت حجتهم الوحيدة التي يسوقونها هي أنه تزوج بثلاث عشرة امرأة والناظر إلى زيجات الرسول يجد ببساطة أنها ليست زيجات من يبحث عن الشهوة فالخيال السقيم وغير المنضبط من جانب الأوربيين قد جعل من زيجات الرسول أمرا شهوانيا.

يرى شبرنجر في كتابه حياة محمد وثقافته: برغم أن تعدد الزوجات بين العرب قبل محمد كان شائعا إلا أن الإفراط فيه كان يعد عملا غير أخلاقي ولذلك وجد محمد أنه لابد أن يهدأ الرأي العام بوحي خاص.

لقد كتب فرانتس بول كتابا بعنوان حياة محمد يطفح بالكراهية والتعصب ضد محمد والإسلام وهو أحد أكثر الكتب حقارة عن النبي والإسلام. يقول في كتابه:

 \"إن محمدا يبدو لنا بصورة مثيرة للاشمئزاز حين يجعل الوحي في خدمة شبقه الجنسي ومحاولة نفي التهمة عنه هي مشروع جرئ لكنه بلا أمل. \"

لقد تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - السيدة خديجة وعمره خمس وعشرون عاما أما هي - رضي الله عنها - فقد كانت سنها تقترب من الأربعين وكانت قد تزوجت قبله مرتين وظلت له زوجة وحيدة إلى أن ماتت بعد أن أمضى معها حوالي ثمان وعشرين عاما وظل وفيا لذكراها طوال حياته لدرجة كانت تسبب الغيرة في نفوس بعض زوجاته - صلى الله عليه وسلم - فيما بعد.

ولقد كانت حياته - صلى الله عليه وسلم - وما هو معروف من سيرته طوال حياته قبل وبعد البعثة ينفي نفيا قاطعا أنه كان رجلا شهوانيا.

لقد كان عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في أول زواج له بعد السيدة خديجة قد تجاوز الخمسين وهي السن التي تنطفئ فيها جذوة الشهوة وتنام الغرائز الحسية بدنيا وتقل فيها الحاجة الجنسية إلى الأنثى وتعلو فيها الحاجة إلى من يؤنس الوحشة ويقوم بأمر الأولاد والبنات اللاتي تركتهن السيدة خديجة - رضي الله عنها -.

 

سياسة الرسول تجاه خصومه

لقد أطلق المستشرقون العنان في نقدهم لسياسة الرسول تجاه خصومه من اليهود والمسيحيين وكانوا يخفون سمو أخلاقه - صلى الله عليه وسلم - في التعامل معهم كما لا يتحدثون عن غدر اليهود ونقضه المواثيق والعهود والتحالف مع أعداء الإسلام للنيل منه والكيد له.

 

الهجوم على القرآن

ولقد تعرض القرآن الكريم باعتباره الركيزة الأساسية للإسلام لهجمات كثيرة من الذين كتبوا ضد الإسلام سواء في الشرق أوفي الغرب وكان ذلك بدءا من النصف الثاني للقرن الأول الهجري السابع الميلادي حتى الآن.

ولقد بدأ يوحنا الدمشقي حوالي [650 -750م] هذا الهجوم بتوجيه عدة انتقادات على النسق العام للقرآن ثم تبعه في ذلك إثيوميوس ريجابنيوس في كتابه العقيدة الشاملة.

ولكن أول هجوم مفصل على الإسلام كان في أعمال نيكيتاس البيزنطي في مقدمة كتاب نقد الأكاذيب الواردة في كتاب العرب المحمديين المسلمين ولا يعرف شيئا عن حياته سوى أنه ذاعت شهرته في النصف الثاني من القرن التاسع عشر حيث كان مجادلا لاذعا ضد الإسلام وكذلك ضد الكنيسة الأرثوذكسية بأرمينيا في كتاب نقد خطاب ملك أرمينيا وكذلك ضد الكنيسة الكاثوليكية في روما في كتاب علم القياس الأساسي.

ولكن أكبر هجوم جدلي على القرآن والإسلام هو ما قام به إمبراطور بيزنطة جان كانتاكوزين في كتابيه ضد تمجيد الملة المحمدية وضد الصلوات والتراتيل المحمدية كان هذا الهجوم في الشرق وباللغة اليونانية وهناك هجوماً على القرآن باللغة السريانية والأرمينية والعربية.

وبسقوط القسطنطينية في يد المسلمين عام 1453 م توقف الهجوم البيزنطي على القرآن والإسلام وتولت أوربا المسيحية الأمر من بعد فبدأ الكاردينال نيقولا دي كوسا [1401 -1464 م] مسيرة الهجوم الجديدة وكان بتوجيه من البابا بيوس الثاني، كتب نيقولا كتاب نقد وتفنيد الإسلام وكذلك رسالة هجاء في القرآن تحت عنوان غربلة القرآن وقسم هذه الرسالة إلى ثلاثة كتب:

في الكتاب الأول زعم إثبات حقيقة الإنجيل استنادا إلى القرآن وفي الكتاب الثاني عرض وتوضيح للمذهب الكاثوليكي وفي الكتاب الثالث زعم بعض التناقضات في القرآن. كما قام عدد من الآباء الدومينكانيين والجزويت بنشر كتب هاجموا فيها القرآن والإسلام منهم:

دينيس لوشارترو في كتابه في مواجهة الخداع المحمدي والفونس سبينا في كتابه التحصين الإيماني وجان دي تيريكر يماتا في كتابه بحث للرد على الأخطاء الرئيسية الخادعة لمحمد.

ومن بداية منتصف القرن التاسع عشر يبذل المستشرقون كل ما في وسعهم ليبدوا موضوعيين في كتاباتهم وفي جعل كتاباتهم أكثر دلالة وأكثر جدية وموضوعية وأكثر تدقيقا في المنهج اللغوي لكن دون فائدة ذلك لأن الدوافع الداخلية التي تضطرم بالحقد في قلوبهم ضد الإسلام والقرآن والرسول ظلت كما هي بل زادت تأججا.

 

وترجع الجرأة الجهولة هذه للمستشرقين إلى:

1- جهل المستشرقين باللغة العربية.

2- ضحالة ونقص معلوماتهم عن المصادر العربية.

3- سيطرة الحقد على الإسلام الذي ورثوه ورضعوه منذ طفولتهم على عقولهم وتسببه في عماء بصيرتهم.

4- نقل المستشرقين الأكاذيب حول القرآن والإسلام بعضهم من بعض وتأكيدهم لها وتمثل ذلك في كتابات كل من هرشفيلد وهورفيتس وسباير.

5- الالتزام التنصيري شديد التعصب

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply