ذرية إسماعيل عليه السلام


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن استن بسنته واهتدى بهديه واقتفى أثره وسار على نهجه إلى يوم الدين. أما بعد:

 

ذرية إسماعيل:

وبارك الله في ذرية إسماعيل فتناموا وصاروا قبائل، وانتشروا في الجزيرة العربية، وصاروا يسمون العرب المستعربة، وقد بقوا على دين أبيهم إبراهيم - عليه السلام - مدة من الزمن، ثم بدأ النقص عندهم، ودخلت عليهم البدع من المجاورين لهم شيئاً فشيئاً، حتى دخلت عليهم عبادة الأصنام وكان أول من أدخل الشرك إلى العرب عمرو بن لحي الخزاعي.

 

روى البخاري عن سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ قَالَ: البَحِيرَةُ الَّتِي يُمنَعُ دَرٌّهَا لِلطَّوَاغِيتِ وَلا يَحلُبُهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَالسَّائِبَةُ الَّتِي كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِآلِهَتِهِم فَلا يُحمَلُ عَلَيهَا شَيءٌ قَالَ: وَقَالَ أَبُو هُرَيرَةَ: قَالَ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم -: ((رَأَيتُ عَمرَو بنَ عَامِرِ بنِ لُحَيٍّ, الخُزَاعِيَّ يَجُرٌّ قُصبَهُ فِي النَّارِ وَكَانَ أَوَّلَ مَن سَيَّبَ السَّوَائِبَ)).

 

 وفي المسند أيضاً عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أول من سيب السوائب وعبد الأصنام أبو خزاعة عمرو بن عامر، وإني رأيته يجرّ أمعاءه في النار)).

 

انحراف العرب عن الحنيفية:

ترك العرب دين أبيهم إسماعيل، وابتعدوا عن الحنيفية دين أبيهم إبراهيم، وانتشرت بينهم عبادة الأصنام والأوثان، وعددوا فيها إلى حد يثير السخريةº حيث كان الواحد منهم في سفره يجمع أربعة أحجار ثلاثةً لقدره وواحداً يعبده، وإن لم يجد حلب الشاة على كوم من تراب ثم عبده.

روى البخاري عن أبي رَجَاءٍ, العُطَارِدِيِّ يَقُولُ: كُنَّا نَعبُدُ الحَجَرَ فَإِذَا وَجَدنَا حَجَرًا هُوَ أَخيَرُ مِنهُ أَلقَينَاهُ وَأَخَذنَا الأخَرَ فَإِذَا لَم نَجِد حَجَرًا جَمَعنَا جُثوَةً مِن تُرَابٍ, ثُمَّ جِئنَا بِالشَّاةِ فَحَلَبنَاهُ عَلَيهِ ثُمَّ طُفنَا بِهِ فَإِذَا دَخَلَ شَهرُ رَجَبٍ, قُلنَا مُنَصِّلُ الأسِنَّةِ فَلا نَدَعُ رُمحًا فِيهِ حَدِيدَةٌ وَلا سَهمًا فِيهِ حَدِيدَةٌ إِلا نَزَعنَاهُ وَأَلقَينَاهُ شَهرَ رَجَبٍ, وَسَمِعتُ أَبَا رَجَاءٍ, يَقُولُ كُنتُ يَومَ بُعِثَ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم - غُلامًا أَرعَى الإبلَ عَلَى أَهلِي فَلَمَّا سَمِعنَا بِخُرُوجِهِ فَرَرنَا إِلَى النَّارِ إِلَى مُسَيلِمَةَ الكَذَّابِ.

وقد عبد قبائل من العرب الشمس والقمر، والملائكة والجن، والكواكب، وبعضهم عبد أضرحة من ينسب إليهم الصلاح. قال ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله - تعالى -{أفرأيتم اللات والعزى} قال: كان رجلاً صالحاً يلت السويق للحاج فلما مات عكفوا على قبره.

 

مقاصد العرب في عبادة الأوثان:

وكانت العرب تقصد بعبادة الأصنام عبادة الله والتقرب إليه عن طريقها، أو بواسطتها، وهم على طرق مختلفةº فبعضهم يقول: ليس لنا أهلية لعبادة الله - تعالى -بلا واسطة لعظمته، فاتخذناها لتقربنا إلى الله، وفرقة قالت: إن للملائكة عند الله جاهاً ومنـزلةً فاتخذنا أصناماً على هيئة الملائكة لتقربنا إلى الله، وبعضهم جعلوا الأصنام قبلة في عبادة الله مثل الكعبة قبلة في عبادته، وفرقة أخرى اعتقدت أن على كل صنم شيطاناً موكلاً بأمر الله، فمن عبد الصنم حق عبادته قضى الشيطان حاجته بأمر الله، ومنهم من يقصدون بذلك شفاعتهم عند الله، واتخاذهم زلفى إليه - سبحانه -. قال - تعالى -: {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} وقال - تعالى -عنهم: {ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله}

 

هل كانت العرب تعتقد في أصنامها النفع أو الضر؟

روى الترمذي عَن عِمرَانَ بنِ حُصَينٍ, قَالَ: قال النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم - لِأَبِي: ((يَا حُصَينُ كَم تَعبُدُ اليَومَ إِلَهًا قَالَ أَبِي: سَبعَةً سِتَّةً فِي الأرضِ وَوَاحِدًا فِي السَّمَاءِ قَالَ: فَأَيٌّهُم تَعُدٌّ لِرَغبَتِكَ وَرَهبَتِكَ قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاءِ قَالَ: يَا حُصَينُ أَمَا إِنَّكَ لَو أَسلَمتَ عَلَّمتُكَ كَلِمَتَينِ تَنفَعَانِكَ قَالَ: فَلَمَّا أَسلَمَ حُصَينٌ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمنِيَ الكَلِمَتَينِ اللَّتَينِ وَعَدتَنِي فَقَالَ: قُلِ اللَّهُمَّ أَلهِمنِي رُشدِي وَأَعِذنِي مِن شَرِّ نَفسِي)). قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَقَد رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ عَن عِمرَانَ بنِ حُصَينٍ, مِن غَيرِ هَذَا الوَجهِ.

بل كانوا عند الشدائد ينسون آلهتهم ويتخلون عنها كما قال - تعالى -: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الفُلكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُم إِلَى البَرِّ إِذَا هُم يُشرِكُونَ}.

وصلّ اللّهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply