إلى أرباب الفكر وحملة المنهج ( 9 )


  

بسم الله الرحمن الرحيم

ومن المعالم في تربية النبي - صلى الله عليه وسلم – لأصحابه..

 

الخامس عشر: التربية بالقصة.

إن القصة أمر محبب للناس، وهي مع ذلك تترك أثرها في النفوس، ومن هنا جاءت القصة كثيراً في القرآن الكريم، وأخبر - تبارك وتعالى - عن شأن كتابه فقال \" نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن \" وقال \" لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفترى \" وأمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال \" واقصص القصص لعلهم يتفكرون \" ولهذا فقد سلك النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا المنهج واستخدم هذا الأسلوب، فهذا شاب من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعى خباب بن الأرت - رضي الله عنه - يبلغ به الأذى والشدة كل مبلغ، فيأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - شاكياً له ما أصابه فيقول - رضي الله عنه -: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة فقلت: ألا تدعو الله؟ فقعد وهو محمر وجهه فقال: لقد كان من قبلكم يمشط بمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب، ما يصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين، ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله [رواه البخاري (3852] وحفظت لنا السنة النبوية العديد من المواقف التي يحكي فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - قصة من القصص، فمن ذلك: قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى الغار، وقصة الذي قتل مائة نفس، وقصة الأعمى والأبرص والأقرع، وقصة أصحاب الأخدود... وغيرها كثير.

 

السادس عشر: التربية بالموعظة.

للموعظة أثرها البالغ في النفوس، لذا فلم يكن المربي الأول صاحب الرسالة الغراء - صلى الله عليه وسلم - يغيب عنه هذا الأمر أو يهمله فقد كان كما وصفه أحد أصحابه وهو ابن مسعود - رضي الله عنه -: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا [رواه البخاري (68] ويحكي أحد أصحابه وهو العرباض بن سارية - رضي الله عنه - عن موعظة وعظها إياهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول: وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال رجل: إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا، وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ [رواه الترمذي (2676) وابن ماجه (42)] وحتى تترك الموعظة أثرها فإنها ينبغي أن تكون تخولاً وألا تكون بصفة دائمة، فعن أبي وائل قال كان عبد الله يذكر الناس في كل خميس فقال له رجل يا أبا عبد الرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم قال أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم وإني أتخولكم بالموعظة كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بها مخافة السآمة علينا [رواه البخاري (70) ومسلم (2821)].

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply