إلى أرباب الفكر وحملة المنهج ( 13 )


  

بسم الله الرحمن الرحيم

ومن المعالم في تربية النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه

 

الحادي والعشرون: الهجر.

وقد استعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - أسلوب الهجر في موقف مشهور في السيرة، حين تخلف كعب بن مالك - رضي الله عنه - وأصحابه عن غزوة تبوك، فهجرهم - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، لا يكلمهم أحد أكثر من شهر حتى تاب الله - تبارك وتعالى - عليهم، إلا أن استخدام هذا الأسلوب لم يكن هدياً دائماً له - صلى الله عليه وسلم - فقد ثبت أن رجلاً كان يشرب الخمر وكان يضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - … والمناط في ذلك هو تحقيقه للمصلحة، فمتى كان الهجر مصلحة وردع للمهجور شرع ذلك وإن كان فيه مفسدة وصد له حرم هجره.

 

الثاني والعشرون: استخدام التوجيه غير المباشر.

ويتمثل التوجيه غير المباشر في أمور منها: كونه - صلى الله عليه وسلم - يقول ما بال أقوام، دون أن يخصص أحداً بعينه، ومن ذلك قوله في قصة بريرة فعن عائشة - رضي الله عنها - فقالت أتتها بريرة تسألها في كتابتها فقالت إن شئت أعطيت أهلك ويكون الولاء لي، فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكرت ذلك فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ابتاعيها فأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق ثم قام رسول الله - صلى اللهم عليه وسلم - على المنبر فقال ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له وإن اشترط مائة شرط [رواه البخاري (2735) ومسلم] وكذلك حديث أنس - رضي الله عنه - أن نفرا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - سألوا أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عمله في السر فقال بعضهم لا أتزوج النساء وقال بعضهم لا آكل اللحم وقال بعضهم لا أنام على فراش فحمد الله وأثنى عليه فقال: ما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني» [رواه البخاري (1401)] وأحياناً يثني على صفة في الشخص ويحثه على عمل بطريقة غير مباشرة، ومن ذلك ما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان الرجل في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى رؤيا قصها على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكنت غلاماً أعزب، وكنت أنام في المسجد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فرأيت في المنام كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا فيها ناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار أعوذ بالله من النار، فلقيهما ملك آخر فقال لي: لن تراع، فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي بالليل، قال سالم: فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلاً [رواه البخاري (3738-3739] وأحياناً يأمر أصحابه بما يريد قوله للرجل، فعن أنس بن مالك أن رجلا دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه أثر صفرة وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قلما يواجه رجلا في وجهه بشيء يكرهه فلما خرج قال: لو أمرتم هذا أن يغسل هذا عنه [رواه أبو داود (4182)] وأحياناً يخاطب غيره وهو يسمع، فعن سليمان بن صرد قال استب رجلان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن عنده جلوس وأحدهما يسب صاحبه مغضبا قد احمر وجهه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فقالوا للرجل: ألا تسمع ما يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: إني لست بمجنون [رواه البخاري (6115) ومسلم (2610)]

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply