إن جامعة الملك عبدالله يرجى لها الخير وأنه إنما افتتحت من أجل مصلحة هذه الأمة ومن أجل إعادة هذه الأمة على ما كانت عليه سابقا من ريادتها للعلوم قاطبة. والهدف الذي قامت عليه الجامعة وأنشئت من أجله هدف نبيل وكل مسلم يسعى إليه ويرغب في أن يكون سببا من أسباب علو ورفع درجة هذه الأمة ومن أسباب علو هذه الأمة على غيرها من الأمم لذلك فإن الملك عبدالله يشكر على هذه الخطوة المباركة التي لعلها إن شاء الله تكون من أسباب الخير ومن أسباب رفعة درجة الأمة.
لكن قد يكون هناك أشياء خفية وتفاصيل غير موافق عليها من قبل ولي الأمر وتكون قد خفيت عليه لذلك فإن الوصية في مثل هذا أن يكون هناك لجان شرعية في مثل هذه الجامعة لتفقد هذه العلوم والنظر فيها والنظر فيما خالف منها الشرع فيبعد لأن ما خالف الشرع فإنه لا يكون صحيحا ولا صوابا ونحن ننظر إلى عدد من العلوم أدخلت فيها نظريات وآراء شاذة غريبة ودرست في هذه العلوم من مثل نظرية التطور والنشأة وغيرها من النظريات, ولذلك فإن الوصية إيجاد لجان شرعية للنظر في هذه الأقسام وهذه الدراسات للنظر في مدى موافقتها للشرع وعدم مخالفتها لأحكامه وبذلك يحصل فوائد عظيمة:
من أول هذه الفوائد: إرضاء رب العزة والجلال بجعل تدريس هذه العلوم غير مخالف للشرع وبعدم تمكين من لا يعرف أحكام الشرع من إدخال نظريات وآراء مخالفة للحق ومخالفة للصواب ومخالفة للشرع.
وثانيا: أنه يحصل بذلك تحقيق المصالح فإن الشريعة إنما جاءت بجلب المصالح ودرء المفاسد فكل ما نهت عنه الشريعة فهو مفسدة وإبعاده من الأمور المرغب فيها شرعا، وكل أمر أمرت به الشريعة فإنه مصلحة للعباد وفيه تحقيق لما فيه الخير والسعادة. ولذلك فالعمل بطريقة الشرع يترتب عليه تحقيق المصالح ودرء المفاسد.
الثالث: أن وجود بعض المخالفات الجزئية قد يكون سببا من أسباب صد الناس عن الخير الكثير في مثل هذه المشاريع العظيمة ومثال هذا مثل الثوب النظيف الناصع إذا وجدت فيه أدنى خطة قلم فإن الناس يتفادونه ولا يلبسونه وهكذا أيضا في مثل هذه المشاريع الطيبة. ومما يتعلق بهذا ما ذكره الأخ أبو سالم من جهة الاختلاط فإن الاختلاط إذا نظر الإنسان فيه وجد فيه من المفاسد الشيء الكثير، فمن نظر في أحوال تلك الجامعات وتلك المدارس المختلطة وجد شرورا عظيمة فيها درءها الله عز وجل عنا بتبني حكومة الملك عبدالله سياسة عدم الاختلاط في التعليم وإذا نظرنا في الجامعات المختلطة وجدنا من المفاسد الشيء الكثير فهناك مثلا تحرش جنسي نجد أن بعض ضعاف النفوس يتحرشون بالنساء سواء في المكاتب أو في قاعات الدراسة أو في المصاعد أو في الممرات ومثل هذا يؤثر على نفسيات النساء ويجعل الجامعة تبتعد عن هدفها الأساس .
ثم إن الاختلاط يؤدي إلى مفسده أخرى بجعل الرجال ينظرون إلى النساء والنساء إلى الرجال فتشتعل قلوبهم بذلك عن الهدف الأساس الذي قدموا له وأنشئت الجامعات ودور التعليم من أجله ألا وهو التعليم.
ثم أنه يترتب عليه أيضا مفاسد من اشتغال قلوب أولياء أمور الطالبات وأزواجهم وكذلك نساء الرجال عندما يذهب زوجها إلى مثل هذه الجامعة أي جامعة مختلطة فإن المرأة تبقى متحيرة نفسيتها متردده وتبدأ تشك في أي تصرف يقوم به زوجها وبعد أن يفد إليها يريد الراحة والسكن يجدها مشتغلة القلب فلا تمكنه من مراده ويترتب على ذلك الشيء الكثير وقد يترتب عليه مفاسد طلاق ومفاسد نزاعات أسرية وخلافات وشقاق.
ثم أيضا من مفاسد الاختلاط ما يحصل من الابتزاز واستغلال حاجات الطلاب والطالبات ويحصل ابتزاز الآن في الهواتف بأمور أقل من هذا فإذا كان أحد الجنسين يمسك أمرا مهما من أمور الجنس الآخر فإنه قد يبتزه ويجعله يقدم على أفعال لا يرغبها ولا يريدها وهذا مشاهد في بعض دور التعليم التي أنشئت على الاختلاط ثم يترتب على ذلك أيضا مفسدة اغتصاب وجبر النساء على ما لا يردنه في مثل هذا الأمر ونحن نشاهد هذا في الكثير من الدول وإذا كانت المرأة العفيفة في بيتها قد أغلقت أبوابها ولم تتكلم مع أحد يقوم ضعاف القلوب بالقفز عليهن والاعتداء على شرفهن فكيف في الدور المختلطة ومن هنا فإن الاختلاط مفسدته عظيمة وشره كبير. وأنا ما تحدثت بمثل هذا إلا من المحبة العظيمة لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله الذي له منزلة عالية في القلوب لما قدمه للأمة من خدمات عظيمة جليلة شكرها كل مؤمن في مشارق الأرض ومغاربها.
كذلك أيضا رغبت أن تكون هذه الأهداف السامية التي سعى إليها المقام الكريم محققة على أعلى درجات التحقق بحيث لا يكون هناك ما يخدش فيها ولا أن يكون فيها ما يكون مؤثرا على هذا الهدف العظيم، ثم إن هذه الجامعة نريد أن تكون على أعلى الدرجات وأن تخدم الأمة وأن تحقق الأهداف العظيمة التي سعى إليها بتأليف هذه الجامعة وإنشائها ورغبة في قيام الجامعة بهذه الأهداف العظيمة النبيلة تكلمت ما تكلمت به وأسأل الله جلا وعلا أن ينفع بهذه الجامعة وأن يجعلها من أسباب الهدى والخير والصلاح.
وفي هذا المقام إني أحث كل من كان لديه قدرة على المساهمة في هذه الجامعة أن يحتسب للأجر في المساهمة فيها سواء كان بتقديم علم أو بتقديم خدمات فنية أو إدارية أو غير ذلك فإن هذا من القربات لأن الجامعة أنشئت على هدف نبيل ولذلك السعي للمساهمة فيها بكل ما نستطيع قربة. ومن ذلك محاولة إبعاد كل ما يكون مسيئاً إليها من سمعة أو كلام أو نحو ذلك وكذلك محاولة ابعاد كل تصرف يقوم به بعض المسؤلين في الجامعة والتي نظن أن مقام خادم الحرمين الشريفين عبدالله لا يرضى به فإننا قد سمعنا تلك المقالة الجميلة التي قالها وفقه الله قبل العام في انتقاد الصحف والقائمين عليها بنشر صور النساء فهذا يدلنا على أن مثل هذه التصرفات ليست صادرة من خادم الحرمين الشريفين وإنما هي من بعض المسؤلين وولي الأمر يسعى إلى خير هذه البلاد ويسعى فيما يحقق المصلحة وما يحقق رفعة شأن هذه الأمة الإسلامية وجعل الأمم الأخرى تستفيد منها بحيث تكون مصدرا للعلم لا مجرد مستقبل له.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد