أم الدحداح .. الأنصارية .. فهلم نشتم من عبير سيرتها ..


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

- أم الدحداح الأنصارية واحدة من نساء الصحابة اللاتي كان لهن دور جليل في تاريخ الإسلام، وهي واحدة ممن آثرن نعيم الآخرة المقيم على متاع الدنيا الزائل.

 

- أسلمت أم الدحداح حين قدم مصعب بن عمير المدينة سفيراً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليدعو أهلها إلى الإسلام حيث كانت ممن ناله شرف الدخول في الإسلام، كما أسلمت أسرتها كلها، ومشوا في ركب الإيمان.

 

- زوجها الصحابي الجليل أبو الدحداح، ثابت بن الدحداح أو الدحداحة بن نعيم بن غنم بن إياس حليف الأنصار، وأحد فرسان الإسلام، وأحد الأتباع الأبرار المقتدين بنبي الإسلام - صلى الله عليه وسلم -، والسائرين على نهجه الباذلين في سبيل الله نفسهم وأرواحهم وأموالهم.

 

- وقد كان لأبي الدحداح أرض وفيرة في مائها، غنية في ثمرها، فلما نزل قوله - تعالى -: (من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً) قال أبو الدحداح: فداك أبي وأمي يا رسول الله، إن الله يستقرضنا وهو غني عن القرض؟ قال: (نعم يريد أن يدخلكم الجنة به) قال: فإني إن أقرضت ربي قرضاً يضمن لي به ولصبيتي الدحادحة معي في الجنة؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: (نعم) قال: فناولني يدك. فناوله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده، فقال: إن لي حديقتين: إحداهما بالسافلة والأخرى بالعالية، والله لا أملك غيرهما قد جعلتهما قرضاً لله - تعالى -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اجعل إحداهما لله، والأخرى دعها معيشة لعيالك)، قال: فأشهدك يا رسول الله أني جعلت خيرهما لله تعالى: (فعل ذلك لأن الله - تعالى -يقول\"من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا\") وهو حائط فيه ستمائة نخلة، قال: (إذاً يجزيك الله به الجنة).

فانطلق أبو الدحداح حتى جاء أم الدحداح، وهي مع صبيان في الحديقة تدور تحت النخل، فأنشأ يقول:

هداك الله سبل الرشاد  إلى سبيل الخير والسداد

بيني من الحائط بالوداد فقد مضى قرضاً إلى التناد

أقرضته الله على اعتمادي   بالطوع لا من ولا ارتداد

إلا رجاء الضعف في المعاد ارتحلي بالنفس والأولاد

والبر لا شك فخير زاد قدمه المرء إلى المعاد

 

قالت أم الدحداح - رضي الله عنها -: ربح بيعك! بارك الله لك فيما اشتريت، ثم أجابته أم الدحداح وأنشأت تقول:

بشرك الله بخير وفرح   مثلك أدى ما لديه ونصح

قد متع الله عيالي ومنح   بالعجوة السوداء والزهو البلح

والعبد يسعى وله قد كدح     طول الليالي وعليه ما اجترح

 

شاعر وزوجه شاعرة

ثم أقبلت أم الدحداح - رضي الله عنها - على صبيانها تخرج ما في أفواههم، وتنفض ما في أكمامهم حتى أفضت إلى الحائط الآخر. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كم من عذق رداح في الجنة لأبي الدحداح).

 

(اللهم احشرنا معهم واجمنا بهم في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين)

 

- وكان أبو الدحداح - رضي الله عنه - مثالاً فريداً في التضحية والفداء، فإنه لما كانت غزوة أحد أقبل أبو الدحداح والمسلمون أوزاع قد سقط في أيديهم، فجعل يصيح: يا معشر الأنصار إلي أنا ثابت بن الدحداحة، قاتلوا عن دينكم فإن الله مظهركم وناصركم، فنهض إليه نفر من الأنصار، فجعل يحمل بمن معه من المسلمين، وقد وقفت له كتيبة خشناء، فيها رؤساؤهم، خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعكرمة بن أبي جهل، وضرار بن الخطاب فجعلوا يناوشونهم، وحمل عليه خالد ابن الوليد الرمح فأنفذه فوقع ميتاً - رضي الله عنه -، واستشهد أبو الدحداح فعلمت بذلك أم الدحداح، فاسترجعت، وصبرت، واحتسبته عند الله - تعالى -الذي لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply