بسم الله الرحمن الرحيم
عبد الرحمن صالح العشماوي صوت شعري إسلامي يصدح في سماء نجد مشاركا أمته الإسلامية همومها وما أثقلها من هموم.
الشعر عنده صورة صادقة لمشاعر صادقة لما يحمله في قلبه من آمال وأماني يتمنى تحقيقها لهذه الأمة تتجلى في قوله:
قال لي صاحبي: وجدت كتابا
قلت: لا يخدعك العنوان
قال: عنوانه الكبير سلام عالمي
قلت: انجلى البرهان
إنما هذه أكاذيب عصر
يتلهى بأمره الشيطان
أمتي فيه السجينة تشكو
وتعاني مما جنى السجان
ولد الشاعر في قرية عــراء في منطقة الباحة بجنوب المملكة عام 1956م وتلقى دراسته الابتدائية هناك, وعندما أنهى دراسته الثانوية التحق بكلية اللغة العربية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ليتخرج منها 1397 للهجرة, ثم نال شهادة الماجستير عام 1403 للهجرة, وبعدها حصل على شهادة الدكتوراه من قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي عام 1409 للهجرة..
تدرج العشماوي في وظائف التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حتى أصبح أستاذاً مساعداً للنقد الحديث في كلية اللغة العربية في هذه الجامعة.. وعمل محاضراً في قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي حتى تقاعد قبل سنوات..
وهو شاعر إسلامي كبير خرج بالشعر الإسلامي من الظلام إلى النور, وأعاد إليه بريقه ورونقه في عصر الغناء والطرب, ولذلك نال شهرة كبيرة في الوسط الإسلامي وسينال بإذن الله - تعالى - أجراً عظيماً من الله - عز وجل- فالعشماوي هو صاحب القصائد التي تدعو إلى بزوغ فجر جديد في هذه الأمة الميتة, وهو صاحب الأسلوب الحماسي الذي لا يحتاج إلا إلى رجال يفهمون ما تعنيه أبيات قصائده التي تبكي حسرة على ما آلت إليه أمورنا, وهو في نفس الوقت يشحذ الهمم ويتكلم عن الأمل القادم وعن الإشراقة الجديدة للشمس التي يتمنى العشماوي أن تنير سماء الأمة الإسلامية من جديد..
للشاعر دواوين كثيرة مثل:
إلى أمتي
صراع مع النفس
بائعة الريحان
مأساة التاريخ
نقوش على واجهة القرن الخامس عشر
إلى حواء
عندما يعزف الرصاص
شموخ في زمن الانكسار
يا أمة الإسلام
مشاهد من يوم القيامة
ورقة من مذكرات مدمن تائب
من القدس إلى سراييفو
عندما تشرق الشمس
يا ساكنة القلب
حوار فوق شراع الزمن
و قصائد إلى لبنان
كما أن له مجموعة من الكتب مثل كتاب الاتجاه الإسلامي في آثار على أحمد باكثير، وكذلك له كتـــاب من ذاكرة التاريخ الإسلامي، بلادنا والتميز و إسلامية الأدب كما أنه له مجموعة من الدراسات مثل دراسة (إسلامية الأدب، لماذا وكيف؟).
ويأتي ديوان العشماوي \"شموخ في زمن الانكسار \"يهديه إلى طفل الحجارة الذي أعاد إلينا نبض الحياة ذلك الطفل المجاهد الشامخ فيقول له:
وقفت حين رأيت طفلا شامخا
قاماتنا من حوله تتقزم
طفل صغير غير أن شموخه
أوحى إلي بأنه لا يهرم
طفل صغير والمدافع حوله
مبهورة والغاصبون تبرموا
في كفه حجر وتحت حذائه
حجر ووجه عدوه متورم
من أنت يا هذا؟ ودحرج نظرة
نحوي لها معنى وراح يتمتم
أنا من ربوع القدس طفل فارس
أنا مؤمن بمبادئ أنا مسلم
سكت الرصاص فيا حجارتي حدثي
أن العقيدة قوة لا تهزم.
ويقول في قصيدته \"دمع ودم \":
أم تنام بطفلها
وتقوم تبحث عنه بين التائهين
وتدلها بعد العناء عليه أصداء الأنين
أماه هذا المعتدي وحش
وليس له خلاق
فقفي على جبل الصمود أمام جائحة الفراق
وثقي بأن الحق منتصر وأن الله باق
دمع ودم
أواه من قومي يلوكون الجراح ويسكتون
أواه من قومي يعون ولا يعون
ما عاد وجه القدس يحمل غير خريطة الألم
يرمي إلينا نظرة مزجت مدامعها بدم
وفي قصيدته \"نقش على حائط الجراح \"يقول:
قد أسال أطفالا ضمائرهم
تأبى الخداع وتأبى اليأس والعطبا
خاضت سفينتهم بحر الجراح ولم
تحفل بموج ولم تستأذن الرقبا
وأيقنوا بجلال الله فانطلقوا
لا يبتغون إلى غير الهدي سببا
تأملوا في روابيهم فما وجدوا
إلا الحصى أصبحت من حولهم لهبا
وكبروا فإذا الآفاق تمنحهم
آذانها وترى من أمرهم عجبا
خاضوا معاركهم والهاربون على
أرائك الصمت يستفتون من ذهبا
قد جئت أسال أطفال الإباء
رموا عدوهم وأحالوا صمته صخبا
هذي انتفاضتهم شبت مواقدها
فكيف نمنع عنها الزيت والحطبا
إن ديوان \"شموخ في زمن الانكسار \"يجعلك تنتفض كطائر جريح أمام حسرة الفجائع إنه الألم المسبع بالآهات والعذاب حيث يقول:
يا بني أمتي جراح اليتامى
قتلت في فمي نشيد الصفاء
ورمتني من الأسى في محيط
فأمامي موج وموج ورائي
لا تلوموا قصائدي حين تبكي
فهي مقطوعة من الأحشاء
يا بني أمتي بكاء حروفي
لو فطنتم إليه أسمى بكاء
وفي قصيدته \"لغة الحجارة \" التي حيا فيها الطفل الفلسطيني الشامخ الذي يواجه بالحجارة رصاص العدو يقول:
هذي الحجارة يا أبي لغة لنا
لما رأينا أن حاخاماتهم
يتلاعبون بنا فيرضى الأسقف
لما رأينا أن أمتنا على
أرض الخلاف قطارها متوقف
لغة الحجارة يا أبي رسمت لنا
وعد الإباء ووعدها لا يخلف
وغدت تنادينا نداء صادقا
وفؤادها من ضعفنا يتألف
لا تألفوا هذا الركون إلى
العدا فالمرء مشدود
على ما يألف
أبتاه لن يحمي أوطاننا
إلا حسام لا يفل ومصحف
وفي القصيدة الأخيرة من الديوان يقف الشاعر على أعتاب مستوطنة يهودية فيتكلم على لسان طفل فلسطيني فيقول:
يا أبي
كنا على التكبير نستقبل أفواج الصباح
وعلى التكبير نستقبل أفواج المساء
وعلى التكبير نغدو ونروح
وبه تنتعش الأنفس وتلتئم الجروح
وبه عطر أمانينا يفوح
فلماذا يا أبي لم نسمع اليوم الآذان؟
ولماذا اشتدت الوحشة في هذا المكان؟
يا بني اسكت فقد احرقني هذا السؤال
أنت لم تسأل
ولكنك أطلقت النبال
أو تدري لم لا نسمع هنا صوت الآذان؟
ولماذا اشتدت الوحشة في هذا المكان؟
هذه القرية ما عادت لنا
هذه القرية كانت آمنة
هي بالأمس لنا
وهي اليوم لهم مستوطنة
هكذا ينز الوجع عبر هذه الكلمات المرة.. إنه الشاعر المسلم المثقل بهموم أمته والمتطلع إلى انتصار الحق بالجهاد في قوله:
إذا شئت انتصار الحق فاطلب
جهاد أبي عبيدة والمثنى
ودع عنك الذي يسعى لدينا
وغن ذكر الجهاد وتغنى.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد