بسم الله الرحمن الرحيم
اسمه ونسبه وكنيته:
هو الإمام الحافظ، الحجة الناقد، النسابة البارع محمد بن موسى بن عثمان بن موسى بن عثمان بن حازم الحازمي أبو بكر الهمذاني.
ولادته:
ولد الإمام الحازمي في سنة ثمان وأربعين وخمس مائة للهجرة النبوية في مدينة بغداد واستوطنها.
طلبه للعلم ورحلاته العلمية:
طلب العلم بالعراق، وتنقل بين مدنه، ورحل إلى المشايخ فيها وفي أصبهان والجزيرة والشام والحجاز، وكان من الفقهاء المبرزين والمحدثين الحفاظ تفقه بفقه الإمام الشافعي وتعمق فيه وسجل أدلته، قال أبو عبد الله الدبيثي: تفقه ببغداد في مذهب الشافعي، وجالس العلماء، وتميز، وفهم، وصار من أحفظ الناس للحديث ولأسانيده ورجاله، لما برز أيضا في علم النسب وعلم المؤتلف والمختلف فيه، وأخذ الفقه أيضا عن إمام الحنابلة في وقته عبد الله بن أحمد الخرقي، وفي الفقه المالكي أخذ عن محمد بن طلحة البصري المالكي بها.
أبرز مشايخه في الأمصار:
سمع من أبي الوقت السجزي حضورا وله أربع سنين، وسمع من شهر دار بن شيرويه الديلمي، وأبي زرعة بن طاهر المقدسي الحافظ، وأبي العلاء العطار، ومعمر بن الفاخر، وأبي الحسين عبد الحق اليوسفي، وعبد الله بن الصمد العطار، وشهدة الكاتبة، وأبي الفضل عبد الله بن أحمد خطيب الموصل، وأبي طالب محمد بن علي الكتاني الواسطي،، وأبي العباس أحمد بن ينال الترك، وأبي الفتح عبد الله بن أحمد الخرقي، وأبي موسى محمد بن أبي عيسى المديني، وأقرانهم بالعراق وأصبهان والشام والحجاز.
علمه وورعه وإنجازاته العلمية وثناء العلماء عليه:
بلغ في الفقه والحديث مبلغا رفيعا وجمع، وصنف، وبرع في فن الحديث خصوصا في النسب. واستوطن بغداد.، مع زهد، وتعبد، ورياضة، وذكر. صنف في الحديث عدة مصنفات، وأملى عدة مجالس، وكان كثير المحفوظ حلو المذاكرة، يغلب عليه معرفة أحاديث الأحكام. أملى طرق الأحاديث التي في \"المهذب\" للشيخ أبي إسحاق، وأسندها، ولم يتمه.
وقال أبو عبد الله بن النجار في \"تاريخه\" كان الحازمي من الأئمة الحفاظ العالمين بفقه الحديث ومعانيه ورجاله. ألف كتاب \"الناسخ والمنسوخ\"، وكتاب \"عجالة المبتدئ في النسب\"، وكتاب \"المؤتلف والمختلف في أسماء البلدان\". وأسند أحاديث \"المهذب\"، وكان ثقة، حجة، نبيلا، زاهدا، عابدا، ورعا، ملازما للخلوة والتصنيف وبث العلم أدركه الأجل شابا، وسمعت محمد بن محمد بن محمد بن غانم الحافظ يقول: كان شيخنا الحافظ أبو موسى المديني يفضل أبا بكر الحازمي على عبد الغني المقدسي، ويقول: ما رأينا شابا أحفظ من الحازمي، له كتاب \"في الناسخ والمنسوخ\" دال على إمامته في الفقه والحديث ليس لأحد مثله.
قال ابن النجار: وسمعت بعض الأئمة يذكر أن الحازمي كان يحفظ كتاب \"الإكمال\" في المؤتلف والمختلف ومشتبه النسبة، كان يكرر عليه، ووجدت بخط الإمام أبي الخير القزويني وهو يسأل الحازمي: ماذا يقول سيدنا الإمام الحافظ في كذا وكذا؟ وقد أجاب أبو بكر الحازمي بأحسن جواب.
ثم قال ابن النجار: سمعت أبا القاسم المقرئ جارنا يقول، وكان صالحا: كان الحازمي - رحمه الله - في رباط البديع، فكان يدخل بيتة في كل ليلة، ويطالع، ويكتب إلى طلوع الفجر، فقال البديع للخادم: لا تدفع إليه الليلة بزرًا للسّراج لعله يستريح الليلة. قال: فلما جن الليل، اعتذر إليه الخادم لأجل انقطاع البزر، فدخل بيته، وصف قدميه يصلي، ويتلو، إلى أن طلع الفجر، وكان الشيخ قد خرج ليعرف خبره، فوجده في الصلاة.
قومن غريب مارواه من حديث قوله: أخبرنا محمد بن ذاكر بقراءتي، أخبركم حسن بن أحمد القارئ، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا علي بن عمر، حدثنا يعقوب بن إبراهيم البزاز، حدثنا العباس بن يزيد، حدثنا غسان بن مضر، حدثنا أبو مسلمة، قال: سألت أنس بن مالك: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستفتح بالحمد لله رب العالمين؟ فقال: إنك لتسألني عن شيء ما أحفظه، وما سألني عنه أحد قبلك، قلت: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في النعلين؟ قال: نعم. قال الذهبي:
هذا حديث حسن غريب، وهو ظاهر في أن أبا مسلمة سعيد بن يزيد سأل أنسا عن الصلوات الخمس، أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستفتح - يعني أول ما يحرم بالصلاة - بدعاء الاستفتاح أم بالاستعاذة، أم بالحمد لله رب العالمين؟ فأجابه أنه لا يحفظ في ذلك شيئا.
فأما الجهر وعدمه بالبسملة فقد صح عنه من حديث قتادة وغيره عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم.
من أشهر تلاميذه:
روى عن الحازمي المقرئ تقي الدين ابن باسويه الواسطي، والفقيه عبد الخالق النشتبري وجلال الدين عبد الله بن الحسن الدمياطي الخطيب، وآخرون.
وفاته:
توفي الحازمي وهو شاب فقد مات أبو بكر الحازمي في شهر جمادى الأولى سنة أربع وثمانين وخمس مائة وله ست وثلاثون سنة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد