بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
الكتاب: جوانب من سيرة الإمام عبد العزيز بن باز - رحمه الله -
رواية محمد بن موسى الموسى\" مدير مكتب سماحة الشيخ\"
إعداد: الشيخ محمد بن إبراهيم الحمد
عدد الصفحات: 617 من القطع المتوسط
عرض: يوسف بن عبد الله الصمعاني
يعد فن كتابة السير من الفنون الهامة، لأنها في المقام الأول تحتفظ لأجيال الأمة بوصفٍ, لشوامخها، لارتشاف الهدي، وارتسام الخطى، إلى جانب معرفة الحق لأهل الحق. وهذا النوع من الفن يحتاج إلى مصداقية هي عصبه، وطريقة عرض مناسبة تبرزه، ولعل هذا الكتاب فيما أدعي قد جمع بين المنهجين، مما يجعلك محصوراً بين دفتيه سابحاً بين سطوره، لا ترغب ببلوغ شاطئه. \" وتأتي أهمية هذه الرواية لأمور عديدة منها: -
1- أنها تتحدث عن سيرة لإمام دانت له قطوف العلوم، ونواحي الحكمة فهو أمة في الخير وقدوة في الهدى والتقوى.
2- أن جوانب العظمة في سيرة هذا الإمام لا تكاد تحصى كثرة مما يجعل هذه السيرة ميداناً فسيحاً لمن أراد التأسي والاقتداء.
3- أنها تمثل صورة حية للإسلام الصحيح، والاقتداء بسيد المرسلين، وسلف هذه الأمة الصالح.
4- أن صاحب هذه السيرة عاش عمرا ًمديداً وشاهد أحوالاً متباينة وعاصر طبقات إثر طبقات. ومع ذلك أثر وأثرى، وأفاد وأجاد، وامتاز بحسن التعامل مع المتغيرات واختلاف الطبقات.
5- أن هذه الرواية تحمل في طياتها لفتات تربوية عملية عظيمة.
6- أن صاحبها رجل عاش بين أظهرنا، ورحل من بيننا منذ وقت قريب، فهو ممن عاش في القرون المتأخرة، ومع ذلك نال ما نال من مجد، وفضل، وسؤدد مما جعل صدى هذه السيرة أوسع وتأثيرها في النفوس أوقع.
7- المكانة العالية التي يحتلها سماحة الإمام الشيخ عبد العزيز - رحمه الله - في نفوس المسلمين.
8- أن راوي هذه السيرة رجل عاصر سماحة الشيخ عبد العزيز - رحمه الله - حيث عرفه منذ زمن بعيد وشاهده عن كثب، ولازمه كظله....
9- أن هذه الرواية تحتوي على جوانب كثيرة من سيرة سماحة الشيخ، وأكثر ما فيها لم ينشر قبل ذلك. \" بدأ المؤلف بمقدمة ذكر فيها دوافعه نحو كتابة هذه الرواية، وعرض مجمل لما ورد فيها، ثم ترجمة لراوي هذه السيرة الشيخ محمد بن موسى الموسى - حفظه الله - تعالى -، وعلاقته بسماحة الشيخ عبد العزيز -رحمه الله تعالى-.
بعدها دخل المؤلف في صلب الكتاب \" الرواية \" فعرض نبذة يسيرة لسماحة الشيخ عبد العزيز - رحمه الله -، وشيء من أخبار صباه، وأبرز صفاته الخُلُقِية، والأعمال التي تولاها، ثم سرد لمؤلفاته وآثاره العلمية، وعرض لنظام الشيخ السنوي واليومي، ووصف لما يدور في مجلسه الخاص وعمله الرسمي. ثم عرض المؤلف لصلاته - رحمه الله -، ومنزلتها عنده، وهديه فيها متأسياً برسول الهدى - عليه الصلاة والسلام -، وفي ثناياه ذكر حادثة عجيبة تدل على حرصه - رحمه الله - على الصلاة جاء فيها \"... وبعد أن علم أن الناس قد صلوا صلى،... وقال: هذه أول مرة تفوتني صلاة الفجر!.. \" ثم حاله - رحمه الله - في رمضان، والحج الذي فيه \" تعلو همته، ويتضاعف نشاطه.. فيقوم بالأعمال العظيمة في خضم الزحام، وضيق الأوقات....، ويحرص كل الحرص على تطبيق السنة بحذافيرها في حجه حتى مع كبر سنه، ووهن عظمه.. \" وحاله في الأعياد وغيرها من المناسبات الشرعية. ثم تحدث المؤلف عن شيء من مكارم أخلاقه - رحمه الله -: فذكر بعض الشواهد والقصص على تواضعه، ومنها أنه: \" في يوم... حضر إلى مسجد ليلقي فيه محاضرة، فلما شعر بأن المسجد مفروش بالحصير، وأن سجادة قد وضعت له خاصة طواها بنفسه، وطرحها جانباً.... \" \" وفي عرفة عام 1418هـ كان جالساً في المصلى، ومئات الناس حوله، فجئ له بفاكهة مقطعة، لأن عادته في المشاعر في الحج أنه لا يأكل في الغالب إلا الفاكهة، والتمر، واللبن، فلما وضع أمامه قال: أكلٌّ الحاضرين وضع لهم مثل هذا؟ قالوا: لا، فقال: أبعدوه، وغضب. \" ثم عرض لشيء من زهده وورعه فكان \"إذا أعطي شيئاًَ على سبيل الهدية من طيب أو سواك، أو بشت أو نحو ذلك، وكان بجانبه أحد أعطاه إياه، وقال: هدية مني إليك.. \"، وكان لا يأخذ مقابلاً عن ما يلقيه من أحاديث إذاعية أو ما ينشر من مقالات، وقد عرض المؤلف عدد من مراسلاته بهذا الخصوص، ومنها: \" من عبد العزيز بن باز إلى حضرة الأخ المكرم مدير مجلة المنار... وأخبركم أنه ليس من عادتنا أخذ مكافأة على ما ننشره من المقالات في الدعوة إلى الحق... \" ثم عرض لاهتمامه الفائق بالوقت، وقد كان للوقت في حياته - رحمه الله - شأن عظيم، فلا يحتقر اغتنام الجزء اليسير من الوقت \" ولهذا تقرأ عليه المعاملات والكتب وتوجه إليه العشرات من الأسئلة، وهو على الطعام، وهو في طريقه إلى الدوام، وفي مجيئه منه، ويقرأ عليه ويفتي وهو يغسل يديه بعد انتهائه من الطعام.... \" ومن أطرف ما رواه عن أدبه - رحمه الله -: \".... أنه لا يمد رجله وعنده أحد، حتى ولو كانوا من مرافقيه، مع أن الأطباء قد أوصوه بأن يجعل متكئاً يضع عليه رجله.. \" وقد ذكر من روائع كرمه وسخاءه - رحمه الله - صوراً شتى، وقصصاً عديدة، وقد كان \" لدى سماحته مكان مهيئاً للضيوف،... ربما اجتمع فيه عشرة أشخاص أو خمسة عشر وربما جلسوا أياماً، وربما شهوراً! \" قال الراوي: \" وفي يوم من الأيام قلت لسماحته: إن فلاناً ساكن عندنا منذ وقت طويل، فقال: لو استغنى عنكم ما جلس عندكم! \". ثم عرض لتفنن الشيخ في العلوم، وقوة ذاكرته، ومن عجائب ما ذكر: \".. أهدي إليه جهاز كمبيوتر قد خزن فيه ما في الصحيحين والسنن والمسانيد، وعندما حضر المختص لإطلاعه على نظام الجهاز وكيفية استخراج الحديث المراد وفي كم رواية ورد....، سأله سماحته عن بعض الأحاديث.... فجعل المختص يبحث، والشيخ يسأل ويقول: صحيح، وفي بعضها يقول بل ورد بلفظ كذا وكذا، وإذا بحث المختص عنه لم يجده في الجهاز، وعند الرجوع إلى أصل الكتاب يوجد طبق ما كان يحفظه - رحمه الله -..... قال المختص: يا شيخ أتينا بالجهاز على أننا قد حفظنا فيه كل شيء... ولكننا فوجئنا بأنك يا شيخ أحفظ من الكمبيوتر! \". ثم تحدث عن ثباته وشجاعته، وإنكاره للمنكر وبيان الحق والرد على من أخطأ كائناً من كان. ثم عرض لحكمته وسماحته وسكينته وصلته لأرحامه.. وطريقته ومنهجه في التعامل مع الآخرين على كافة المستويات: في بيته مع أولاده، وزوجاته، وجيرانه،.... ثم عرض فصلاً طويلاً في طرائقه - رحمه الله - في التعامل مع أهل العلم، ثم لمنهجه في التعامل مع ولاة الأمور. ثم لمنهجه مع المخالفين \" والذين ينطلق فيه من نصوص الشرع المطهر،.. فكان من منهجه مع المخالفين أنه لا يحمل كلامهم ما لا يحتمل، ولا يتقول عليهم ما لم يقولوه، ولم يكن يذكرهم بسوء أو تجريح.... \" قلت: ولعمري لقد عز في زماننا هذا الخلق. ثم تحدث عن منهج سماحته المتميز في قضية من أبرز القضايا الفقهية شهرة عنه والتي تحتاج إلى اجتهاد ونظر ثاقب ألا وهي الطلاق. ثم عرض المؤلف لموقفه الإيجابي - رحمه الله - من قضايا المسلمين الكبرى كقضية فلسطين وقضايا الجهاد في سبيل الله والتي كان له فيها القدح المعلى، فقد كان يعيش في قلب المعامع بدعمه، وتأييده، ونصحه، وبذله، وحضه، وحثه،... وسماحته إمام عصره في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهذا دأبه، ومنهج حياته، فلا يكاد يذكر له معروف إلا أيده، ودعا لصاحبه، ودعمه بكل ما يستطيع، ولا يكاد يذكر له منكر إلا بادر بإنكاره وتغييره ما ستطاع، وقد ذكر المؤلف منهجه وحاله مع تلك الشعيرة العظيمة، وبعض القصص والوقائع في ذلك. ثم تحدث المؤلف عن اهتمامه - رحمه الله - في بذل الجهد في طرائق الخير: من عمارة المساجد، ومساعدة راغبي الزواج، وأنواع المساعدات المالية التي يقدمها، والحسابات الخاصة بالأعمال الخيرية المسجلة باسمه - رحمه الله -، وعنايته بطبع الكتب النافعة، وبالدعوة إلى الله - تعالى -، ثم تعرض لفصاحته، وحاله في السفر، والكتب التي تقرأ عليه، ثم أورد نماذجاً من نوادر مكاتباته - رحمه الله - لأهل العلم. وبعد تجوال طويل بين خصائل الخير التي كان يتمتع بها سماحة الشيخ عبد العزيز - رحمه الله -، وفي آخر هذه الرواية عرض المؤلف لصحة الشيخ، وحاله في المرض \".. مع أن سماحته عاش في الجملة ممتعاً بالصحة والعافية إلا أنه أصيب بأمراض شديدة في أوقات متفرقة من عمره، وهذه الأمراض كفيلة في حطمه وإنهاكه وقطعه عما هو بصدده من العلم والتعليم، والقيام بمصالح المسلمين، إلا أن الأمر كان بعكس ذلك تماماً.. \" فسرد أمثلة رائعة في صبره، ورضاه، وقوة تحمله رحمة الله عليه. ثم عرض المؤلف لآخر الأيام والساعات من حياة الإمام عبد العزيز بن باز - رحمه الله - حتى اللحظة الأخيرة، قال ابنه أحمد: \" وجلست معه بعد ذلك حتى الساعة الواحدة والنصف، وسألني عن الساعة فأخبرته، فقال توكل على الله، نم، وصلى ما شاء الله أن يصلي، واضطجع على فراشه....، ولما أصبحت الساعة الثانية والنصف جلس وضحك ثم اضطجع، وبعد ذلك ارتفع نفسه، وحشرج صدره.... \" وبعده تحدث عن جنازة الإمام... والصلاة عليه، ودفنه... وصدق - رحمه الله -: \" إذا مت عرفتموني! \" ثم عرض المؤلف بعض المراثي، والمرائي....
وفي آخره قال: \" وفي الختام قد يظن ظان أنني قد بالغت في ذكر أوصاف سماحته، ووالله الذي لا إله غيره إنني ما بالغت ولا عدوت الحقيقة، وإنما حرصت كل الحرص على تحري الدقة، بل إن عندي من أخباره وسيرته ما لم أقله.... \"
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد