ترجمة مختصرة للشيخ اللغوي عبد الرحمن بن عوف كوني حفظه الله


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

هو الشيخ اللغوي النحوي الفاضل، من بقايا علماء اللسان، صاحب الأخلاق الدمثة، و الأريحية الأبويَّة، الفقيه المالكي، عَلَم الحجاز المرفوع، والمدرِّس المسدَّد، مخرِّج الأجيال، نزيل مدينة رسول الله.

اسمه: ابن عوف كوني. واشتهر بالمشرق باسم عبد الرحمن بن عوف لأنه تمام اسمه المركبº لتيمٌّن أبيه باسم الصحابي الجليل(عبد الرحمن بن عوف الزٌّهري) حينما سمَّاه.

 

مولده: ولد - حفظه الله - في سنة 1371للهجرة، في بلد: (بوركينا فاسو) الأفريقية.

وذلك في قرية اسمها: (هُـندِي).

 

قبيلته: ينتمي - حفظه الله - إلى قبيلة: (كــُوِن)-بالكاف المعقودة المضمومة ثم الواو المكسورة- وهي تستوطن محلة: (بَنفُــورَا)، هذه قبيلة أبيه - رحمه الله -.

أما أخواله فمن بلد: (مالـي) الأفريقية من قرية اسمها: (فَنسُـكُـو)، من ضواحي مدينة (سيقو).

 

نشأته وبداية تحصيله العلمي: لقد كان أبوه تاجراً مشتغلاً بتربية المواشي -خاصة الأبقار-معدوداً من ذوي اليسار والسعة، انتقل بابنه إلى: (بـوبـو) وأقام فيهاº ولمحبة أبيه للعلم وأهله وكثرة مجالسته لهم قام بتوجيه ابنه (الشيخ ابن عوف) إلى الكتَّاب منذ الصغر.

لقد أرسل الأب ذو الديانة ابنَهُ إلى مدرسة أحد مشاهير أئمة المساجد الجوامع في وقته بتلك الناحية، وهو الإمام (بـَامُـي).

وكان له من العمر حينها ستٌّ سنوات، إلا أنه لم يلبث فيها طويلاً حتى انتقل إلى مدرسة أخرى: (مدرسة السـلام)º لقربها من دار سكناه، وكانت المدرسة تُدار من قبل الحاج (محمود يوسف سانقو)- رحمه الله -وعنه تلقى الكثير من بداياته المعرفية.

مكث في هذه المدرسة مدَّةً طويلة، قرأ فيها مبادئ العلوم الشرعية الشهيرة بتلك الديار من المتون اللغوية أو الفقهية وما شاكلها على يد ذلك المدير:

-متن الأخضري الفقهي.

-متن العشماوية.

-المقدمة العزيـَّة.

-الرسالة لابن أبي زيد القيرواني.

-مقامات الحريري ونحوها من المتون.

ويتخلَّل الدراسة قصٌّ مشاهدات المدير (سانقو) لطلابه ما رآهُ أثناء رحلته العلمية إلى دولة (مالي)، وخاصةً أخبار أكبر شخصية علمية عُرفت هناك، تُملأ منها العينُ ديانةً ومكانة.

وهو فضيلة الشيخ (أبو بكر دِنـبا واقِي)- رحمه الله -من قبيلة: (مـَرَكَ)، كان أحسنَ طلبة العلامة الشيخ (محمد المُـرُجـِيِّ)الذي تلقَّى العلم عن الشيخ(محمد يحى الولاتي الحوضي الشنقيطي)، فأثار ذلك شوقاً في نفس (الشيخ ابن عوف) إلى الرحلة في الطلب مما كان له الأثر البالغ في حياته المستقبلية.

 

رحلاته العلمية: وعند إشرافه على إنهاء مرحلة الدراسة المدرسية، رغب في السفر لطلب العلم قاصداً الشيخ (دنـبا) في دولة (مالي).

فطلب الإذن من والده في الذهاب، على أن يلتحق ببلد أخواله هناك ليطلب العلم الشرعي عند الشيخ، فلم يبدِ أبوه ممانعةً من ذلك، واستجاب له بتزويده ببُلغة من المال.

ولما بلغ الشيخَ قرأ عليه عدة كتب، منها:

-دليل القائد.

-نظم أصول مذهب مالك لابن أبي كف المحجوبي.

-شرحه إيصال السالك للولاتي.

-بعضاً من تحفة الحكَّام لابن عاصم.

-الدليل الماهر الناصح للولاتي.

ولما رأى الشيخ جدَّه وحرصه أحلَّه محلَّ الولد، وذلك من إحسان (الشيخ دنبا) واحتفائه بتلميذه، فلم يضيع (الشيخ ابن عوف) الفرصة فاسنتسخ لنفسه من فتاواه في فقه مذهب مالك شيئاً كثيراً.

ك(فتح الصمد بما في ساعة اليد) و (معيار العدل بأدلة القبض في الصلاة والسدل).

وفي أحيان أُخر كان ينسخ للشيخ بأمرٍ, منه ما يفتي به من نوازل، وقد اختصه بهذه الوظيفة ثقةً منه، عليه من الله الرحمة.

وفي المقابل كان (الشيخ ابن عوف) يصفه: \" بأنه أنبلُ مَن أخذ عنه في تلك البلاد\"، وكان لا يقدِّم عليه أحداً.

وأقام على ذلك حتى بلغت ديارهم فتوىً للشيخ العلامة محمد الأمين بن محمد المختار اليعقوبي الجكني الشنقيطي (صاحب أضواء البيان) من الحجاز، فحدَّثته نفسُهُ بالرحلة إليه.

واتفق أن باب التسجيل كان مفتوحاً للالتحاق بالجامعة الإسلامية فسجَّل فيها، وتم قبوله سنة1390 للهجرة.

ولازم دروس التفسير للشيخ الأمين بالمسجد النبوي، وشيئاً من دروس مراقي السعود ببيته إلى أن توفاه الله - تعالى -، وقد استفاد منه لمدة ثلاث سنوات، عليه رحمة الله.

ولازم بعده فضيلة الشيخ محمد المختار بن أحمد مزيد الجكني الشنقيطي - رحمه الله - لمدة عشر سنين، قرأ عليه كتباً عدة:

-جامع الترمذي (كاملاً).

-موطأ الإمام مالك.

-أجزاء من البخاري.

-أجزاء من مسلم.

-بعضاً من ابن ماجه.

-وبعضاً من الترغيب والترهيب للمنذري.

-وطلعة الأنوار في المصطلح، ونزراً من علم الرجال.

-وشيئاً من شرح الأشموني في النحو.

-مختصر خليل بن اسحاق، وكان آخر ما قرأه عليه في درسٍ, خاص، و توفي(الشيخ المختار)في سنة 1405 - رحمه الله - وقد بقي عليه ثلاثة أبواب من الكتاب لم تُستكمل.

وقبل وفاة المختار أتى إلى المدينة عالمٌ من شنقيط اسمه: أحمدٌّو بن محمدٌّو حامد الحسني الشنقيطي، فشرع في ملازمة درسه سنة 1407، وقد تفرَّغ للأخذ عنه لأكثر من اثنتا عشرة سنة، فقرأ:

-لامية الأفعال باحمرار وطرة ابن زين.

-الجامع بين التسهيل والخلاصة لابن بونه.

-مختصر خليل بن اسحاق.

إلى غير ذلك من الدروس التي لم يبلغنا خبرها.

 

مؤلفاته: لا يُعرف للشيخ مؤلفات مطبوعة، ولقد كان مصروف الهمِّ عن التصنيف- لا عن عجزٍ, أو كسل -، مهتماً بالاستزادة في التحصيل والطلب، وأغلب كتاباته على شكل حواشٍ, على كتب مكتبته الخاصة، وقد نشط فضيلته إلى جمع ما تفرَّق من أمالي شيوخه في العلوم وجمعها في أسفار مفردة ولم يتم العمل فيها بعدُ.

و لايحضرني شيء من أسمائها الآن.

ولا يزال الشيخ ابن عوف- حفظه الله - باذلاً وقته و جهده لإخوانه من طلبة العلم، يدرِّس العلوم في أغلب أوقات يومه لا فرق بين نهارٍ, وليل، وذلك على مدار السنة في بيته بالمدينة النبوية، وهو مقيمٌ بحسب نظام الدولة بغيةَ طلب العلم وتعليمه.

جزاه الله خيراً، ونفع به.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply