في إحدى زيارتها لباكستان قالت للرئيس الباكستاني كيف تلقى الله يا ضياء الحق وأنت لم
تطبق شرع الله - عز وجل -؟
فبكى الرئيس الباكستاني..وسط تصفيق الحضور
هل تعلمين من هي تلك المرأة؟!
إنها أختك أم المجاهدين (زينب الغزالي)
ولدت الحاجة زينب الغزالي الجبيلي بقرية \"ميت يعيش\" مركز ميت غمر في محافظة الدقهلية من دلتا مصر في 2 يناير 1917ونشأت في جو مفعم بالعمل السياسي والوطني من أول يوم في حياتها، فقد كانت عائلتها العريقة تضم كل ألوان الطيف السياسي من الإخوان المسلمين إلى الشيوعيين مروراً بالوفد والتنظيمات الحكومية
وتمتد جذور أرومتها إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من طرف أبيها، أما طرف أمها فينتهي إلى الحسن بن علي - رضي الله عنهما -..كما تحتفظ بذلك العائلة، موثقاً من دواوين الأنساب.
من حصاد الخير
وإلى جانب نشاطها الدعوي الذي لم يخمد له أوار، كانت الحاجة زينب الغزالي صاحبة قلم وعقل، كما كانت صاحبة روح وقلب فقد كان بيتها داراً للتربية.
وأموالها رافداً للتمويل وعائلتها ظهيراً ونصيراً وقلمها سيفاً مشهراً فقدمت للمكتبة الإسلامية عدداً من الكتب وآلاف المقالات التي سكبت فيها عصارة فكرها، وصاغتها من مداد الحق عبر عشرات الدوريات التي كتبت فيها، ولها عدد من المحاضرات التي ألقتها. ومن كتبها:
الأربعون النبوية / شرح وتحليل لأربعين حديثاً نبوياً شريفاً.
ملك وآمال شعب / دراسة اجتماعية سياسية عن الملك سعود.
أيام من حياتي / وثيقة من أدب السجون والمعتقلات.
نحو بعث جديد / مقالات منوعة في فقه الحركة والدعوة.
إلى ابنتي \"جزآن\" / ردود على رسائل في التربية والإرشاد الاجتماعي.
مشكلات الشباب والبنات في مرحلة المراهقة (جزآن) / معالجة إسلامية تربوية لأهم مراحل العمر لدى البنين والبنات.
نظرات في كتاب الله / (3 مجلدات) وهو أول تفسير نسائي للقرآن الكريم.
وتعددت أسفارها إلى السعودية وباكستان والجزائر واليمن والكويت وأوروبا في مهمات دعوية، تعايش فيها قضايا الإسلام والمسلمين من فلسطين إلى الشيشان مروراً بقضايا التحرر الإسلامي في الخمسينيات إلى قضايا التصفية الدعوية في الستينيات إلى البعث الإسلامي الجديد في السبعينيات إلى الصحوة الإسلامية في الثمانينيات إلى معركة التطويق والمحاصرة في التسعينيات التي تجلت في البوسنة والهرسك وألبانيا وكوسوفو وجنوب السودان والعراق وأفغانستان.
وكم التقت الراحلة الكريمة خلال هذه الجولات بالملوك والرؤساء والوزراء والمسؤولين وهي تجسد صبر الخنساء وإقدام صفية وتقوى (علي) وذكاء (معاوية) - رضي الله عنهم - أجمعين.
وفي وسط عائلة الجبيلي التي ضمت الوزراء والساسة والقادة، كما ضمت الشيوعيين والباشوات، عاشت زينب الغزالي فوق ضغوط الأسرة، بل وظّفت كل ما آتاها الله من جاه ومال وقوة شخصية وكمال طبع في تأسيس عمل دعوي إسلامي في العائلة والقطر والديار الإسلامية، كانت فيه قطب الرحى، وبيت القصيد:
ولو أن النساء كمثل هذي لفُضّلت النساء على الرجال
اعتقال المجاهدة الصابرة
وفي 20 أغسطس 1965 أصدر النظام حكمه باعتقال المجاهدة الصابرة زينب الغزالي، وفي بربرية وتوحش ترويه في كتابها المؤلم (أيام حياتي) عاشت خلف القضبان، في ظروف لا يطيقها بشرº أنياب الكلاب، وفتك الذئاب، ولسع السياط ووحشية الجلادين... والإجرام يصب من فوق رأسها صباً، فيشوي الجلد واللحم، ويفري الجسد والعظم ومعها في هذا الجحيم الناصري، قلة من المؤمنين والمؤمنات من آل الهضيبي وآل قطب وآل العشماوي الذين ثبتوا، على رغم ما معهم من وسائل الترغيب والترهيب بدءاً من التهديد بالقتل الفاجر، وانتهاء بالتلويج بكراسي الوزارات، حتى أفرج عنها في 9 أغسطس 1971 بعد ست سنوات أمضتها في سجون عبد الناصر.
أم المجاهدين
وبعد وفاة عبد الناصر وتوسط جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز - رحمه الله - لدى السادات للإفراج عن المجاهدة الصابرة (زينب الغزالي) خرجت من قبضة الشياطين، لتسخر بيتها ووقتها ومالها، وعلمها وتاريخها وجهادها في تربية جيل مؤمن بشمولية الإسلام من الأخوات الراغبات في الدعوة إلى الله والثبات على طريقه، وكأنها تعيد الجولة التي لاقت الأهوال في سبيلها بتجميع العاملات في المجال الدعوي فالتف حولها كوكبة من الشابات المسلمات أواخر السبعينيات من القرن العشرين، منهن الإعلامية الشهيرة (كريمان حمزة) والداعية الإسلامية (هالة الجيار) والمحامية (هدى عبد المنعم) و(نادرة وعزة الجرف) و(د. مكارم الديري)
والداعية المشهورة (ياسمين الخيام) \"إفراج الحصري\" التي قامت على غسلها وشهدت آخر الأنفاس الطبية للراحلة، والكاتبة الصحفية (صافي ناز كاضم).
أناديك أم الصابرين- بمهجتي *** وكلي دعاء من سناك مطيّـب
سلام وريحان وروح ورحمـة *** عليك وممدود من الظل طيـب
فقد عشت للحق القويم منـارة *** تشد إليها كـل قلـب وتجـذب
وكنت بحق منبع الحب والتقـى *** ومدرسة فيها العطاء المذهـب
ودارك كانت مثل دار \"ابن أرقم\"*** تخرج فيها من بناتـك أشهـب
فرحن أيا أماه- في كل موطن ***يربين أجيالاً على الحق أدبـوا
ولا ضير ألا تنجبي، تلك حكمة *** طواها عن الأفهام سر محجب
فقد عشت أماً للجميع وأمة
بهذه الأبيات من قصيدة طويلة- أشجى وأبكى الدكتور جابر قيمحة، وسكب عبراته على أم الصابرين زينب الغزالي:
التي نُصحت في الله فانتصحت ونوديت إلى الله فلبت وأجابت
وأوذيت في الله فصبرت وما لانت وبذلت في الله.. فكانت كالريح المرسلة وعرفت الطريق.. فما بدليت تبديلاً
فإن كنت قد غادرت دنيا بزيفها *** إلى عالم الخلد الذي هو أرحـب
ستلقين أم المؤمنيـن خديجـة *** وفاطمة الزهراء فرحى ترحـب
وحفصة والخنساء والصفوة التي *** تعالت شموساً للهدى ليس تغرب
عليك سلام الله في الخلد زينـب *** وإن نعيـم الله أبقـى وأطيـب
مواقف من حياتها
أجبرها نظام عبد الناصر على التطليق من زوجها الفاضل، الحاج محمد سالم سالم، لكنها عاشت في المعتقل، وخارجه مثالاً وفياً لا نظير له، لهذا الزوج الصبور الباذل في سبيل الله وخرجت من المعتقل، وقد رحل عن الدنيا بعد أن ترك وصية في محكمة الفيوم الشرعية يؤكد فيها أنها زوجته وأن طلاق المكره لا يقع، وأنه يموت وهي زوجته.
في إحدى زياراتها لباكستان، وكان برفقتها الكاتب الإسلامي بدر محمد بدر، قالت لضياء الحق الرئيس الباكستاني- كيف تلقى الله يا ضياء الحق وأنت لم تطبق شرع الله - عز وجل -؟ فبكى الرئيس الباكستاني وسط تصفيق الحضور جميعاً.
في أثناء مناقشة رسالة الزميل الصديق د. إبراهيم البيومي غانم بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أصر أحد المناقشين العلمانيين على أن يؤكد أن جميع الأديان عند الله سواء، وعلى رغم احتشاد القاعة برموز من كبار الشخصيات الإسلامية فإن الحاجة زينب الغزالي الجريئة وقفت حين صمت الجميع وقالت ثلاث مرات: (إن الدين عند الله الإسلام) فنزل على القاعة جلال وجمال وقوة في الحق ليس لها مثيل، على رغم التقاليد الجامعية التي تمنع مشاركة الجمهور على الإطلاق
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد