بسم الله الرحمن الرحيم
معاذة بنت عبد الله العدوية:
عابدة زاهدة،. وعالمة متفقهة، كانت إذا جاء النهار قالت: هذا يومي الذي أموت فيه، فما تنام..
حتى إذا جاء الليل قالت: هذه ليلتي التي أموت فيها فلا تنام حتى تصبح.
وإذا جاء البرد لبست ثيابا رقيقا حتى يمنعها البرد من النوم وكانت تحيي ليلتها بالصلاة، فإذا غلبها النوم قامت فجالت في الدار وتقول: يا نفس أمامك لو قدمت أطالت رقدتك في القبر على حسرة.. ثم لا تزال تدور الصباح تخاف الموت على غفلة ونوم.. فكانت تصلي في اليوم والليلة ستمائة ركعة وتقول: عجبت لعين تنام وقد عرفت طول الرقاد في ظلم القبور.
وعن امرأة أرضعتها معاذة قالت: قالت لي معاذة:
يا بنية كوني من لقاء الله - تعالى - على حذر ورجاء، فإني رأيت الراجي محفوفا بحسن الزلفى لديه يوم يلقاه؟ ورأيت الخائف له مؤملا له زمان يوم الناس لرب العاملين ثم بكت.. وعندما مات زوجها لم تتوسد فراشا حتى ماتت وكانت تقول: والله ما أحب البقاء إلا لأتقرب إلى ربي بالوسائل.. وكانت تقول: صحبت الدنيا سبعين سنة فما رأيت فيها قرة عين قط.
وروت معاذة عن عائشة أم المؤمنين \" وأم عمرو بنت عبد الله بن الزبير وهشام ابن عامر.
وروى عنها أبو قلابة وقتادة ويزيد الرشك وغيرهم وررى لها الجماعة، وذكرها ابن حبان في الثقات.
وتوفيت - رحمها الله - سنة 101هـ
حفصة بنت سيرين:
سيدة جليلة، من سيدات التابعيات، أشتهرت بالعبادة وقراءة القرآن والحديث، وقرأت القرآن وهي ابنة إثنتى عشرة سنة وكان ابن سيرين إذا استشكل عليه شيء من القرآن قال: إذهبوا فاسألوا حفصة كيف تقرأ.
وكانت عابدة تجتهد في العبادة، فتدخل مسجدها فتصلي فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح ولا تزال فيه حتى يرتفع النهار وتركع ثم تخرج فيكون عند ذلك وضوؤها ونومها، حتى إذا حضرت الصلاة عادت إلى مسجدها مثلها. فكانت تقرأ نصف القرآن في كل ليلة، وكانت تصوم الدهر.. إلا العيدين.
وكان لها كفن، فإذا حجت وأحرمت لبسته، وإذا جاءت العشر الأخيرة من رمضان قامت من الليل فلبسته.. ومن أقوالها: يا معشر الشباب خذوا من أنفسكم وأنتم شباب، فاني رأيت العمل في الشباب.
وروت حفصة عن أخيها يحيى وأنس بن مالك وأم عطية الأنصارية وغيرهم.
زجلة العابدة الزاهدة:
محدثة ذات صلاح وعبادة.. صوامة قوامة.
كلمها نفر من القراء لما رأوها تجهد نفسها بالعبادة فقالوا لها: بنفسك، فأجابت: مالي وللرفق بها إنما هي أيام مبادرة، فمن فاته شيء لم يدركه غدا..: الله لأصلين لله ما أفلتتني جوارحي، ولأصومن لله حياتي، ولأبكين له ما حملت ألم عيني.. ثم قالت: أيكم يأمر عبده بأمر أن يقصر فيه؟
قال أبو عتبة الحواص: دخلنا على زجلة العابدة، وكانت قد صامت حتى إسودت، وبكيت حتى عميت \" وصلت حتى أقعدت. وكانت زجلة لا ترفع بصرها إلى السماء، وكانت تخرج إلى الساحل فتغسل ثياب المرابطين.
رابعة بنت سليمان الشامية:
عابدة من عابدات الشام، ومن كلامها: إن العبد إذا عمل بطاعة الله، أطلعه الجبار على مساوي عمله فتشاغل به.. توفيت بدمشق ودفنت في مشهدها بالقرب من المدرسة القيمرية في دمشق وفي رواية أنها دفنت بالقدس.
عفيرة العابدة:
عابدة من أهل البصرة، لا تنام الليل.
. قال لها نوح بن سلمة الوراق: بلغني أنك لا تنامين.
فبكت غفيرة وقالت: ربما اشتهيت أن أنام. فلا أقدر عليه، فكيف تنام أو مقدر على النوم من لا ينام عنه حافظاه ليلا أو نهارا.
قال نوح: فأبكتني والله - قلت في نفسي: أراني في شيء وأراك في شيء.
سألوها عن تعريف الولاية.. فقالت: ساعات الولي ساعات شغل عن الدنيا، ليس لولي في الدنيا ساعة يتفرغ فيها لشيء دون الله، ومن حدثكم أن وليا لله له شغل بغير الله - تعالى - فإنه كاذب.
آمنة الرملية:
عابدة زاهدة من عابدات القرن الثالث للهجرة كان يزورها العباد والزهاد في زمانها، دخل عليها بعض العابدين يسألونها الدعاء، فقالت لهم: لو أن الخاطبين خرسوا، ما تكلمت عجوزكم من البكم ولكن الدعاء سنة.. ثم قالت: جعل الله قراكم من الجنة \" وجعل ذكر الموت بيني وبينكم على بال، وحفظ علينا الإيمان وهو أرحم الراحمين..
إعتل بشر بن الحارث، فعادته آمنة من الرملة.. وبينما هي عنده إذ دخل الإمام أحمد بن حنبل يعوده.. فلما عرف الإمام بوجود آمنة عنده طلب من بشر بن الحارث أن يسألها الدعاء.. فقالت آمنة: اللهم إن بشر بن الحارث وأحمد بن حنبل يستجيرانك من النار فأجرهما.
شعوانة:
عابدة زاهدة بكاءه.. كانت تبكي في الليل والنهار فخافوا عليهـا العمى من كثرة بكائها، وكلموها في ذلك، فقالت: أعمى والله في الدنيا من البكاء، أحب إلي من أن أعمى في الأخرة من النار.
سألها الفضيل بن عياض أن تدعو الله له: فقالت له: يا فضيل أما بينك وبين الله - تعالى - سريرة ما أن دعوته استجاب لك.. فشهق الفضيل شهقة وخر مغشيا عليه: سمعت شعوانة شخصا يقول وكانت عند مالك بن دينار: لايبلغ حقيقة التقوى، حتى لا يكون شيء أحب إليه من القدوم على الله.
فخرت مغشيا عليها.
وكانت تقول: من استطاع منكم أن يبكى فليبك، وإلا فليرحم الباكي يبكى لمعرفته بما أتى إلى نفسه.
رابعة القيسية:
عابدة زاهدة متقشفة.. ذات فصاحة وبيان وكانت رفيقة لرابعة العدوية.
قيل لها: هل عملت عملا قط ترين أنه يقبل منك؟ قالت: إن كان شيء فمخافتي من أن يرد علي.
وقيل لها: لو أذنت لنا، ليجمع قومك ثمن خادم حتى يكفيك المؤونة وتتفرغي للعبادة، فقالت: والله إني لأستحي أن أسأل الدنيا ممن يملك الدنيا فكيف أسأل الدنيا ممن لا يملكها.
حسنة العابدة:
عابدة من عابدات البصرة.. تركت وراء ها نعيم الدنيا وأنكبت على العبادة تصوم النهار وتقوم الليل. وليس في بيتها شيء.
قالت لها امرأة: تزوجي، فقالت: هات رجلا زاهدا لا يكلفني من الدنيا شيئا، وما أظنك تقدرين على ذلك، فوالله ما في نفسي أن أعبد الدنيا ولا أنعم من رجال الدنيا.. فإن وجدت رجلا يبكى ويبكينى ويصوم ويأمرني ويتصدق.، نعمت.. وإلا فعلى الرجال السلام.
ميمونة أخت إبراهيم بن أحمد الخواص:
عابدة زاهدة، سلكت مسلك أخيها في الورع والتوكل، والزهد والتقشف.. دخل عليها أخيها ذات يوم فقال لها: إني اليوم ضيق الصدر، فقالت: \" من ضاق قلبه ضاقت عليه الدنيا بما فيها، ألا ترى قول الله - عز وجل -(( حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم)) سورة التوبة آية 118.
لقد كان لهم في الأرض متسع، ولكن لما ضاقت عليهم أنفسهم ضاقت عليهم بما فيها الأرض \".
دن طارق بيت أخيها يطلبه، ولم يكن موجودا فسألها متى يعود، فقالت له: من روحه بيد غيره من يعلم متى يرجع.
أم هارون الخرسانية:
عابدة، زاهدة، متقشفة.. ذات صلاح وتقوى تتلمذ لها كثيرون منهم، الزاهد الكبير أبو سليمان الدراني.. سألها سليمان يوما: ما تقولين الرجل يحب لقاء الله؟ قالت: ويحك.. ذاك رجل ثقلت عليه الطاعة وأحب الراحة منها.. فقال لها: فإنه إذا أحب البقاء في الدنيا، قالت: بخ بخ.. ذاك رجل أحب الطاعة، وأحب أن يبقى لها وتبقى له.
وقال أبو سليمان لأم هارون: أتحبين الموت... قالت: لا، قال: ولم تكرهين لقاء الله - تعالى -؟ فبكت ثم قالت: يا أبا سليمان: لو عصيت آدميا ما حببت لقاءه، فكيف أحب لقاء الله وقد عصيته.. فوقع أبو سليمان مغشيا عليه.
وكانت أم هارون تأكل الخبز وحده، وقالت: إني لأغتنم بالنهار حتى يجيء الليل، فإذا جاء الليل قمت في أوله، فإذا جاء السحر دنا الروح من قلبي.
وكانت أم هارون تأتي بيت المقدس من دمشق كل شهر مرة على رجليها.
مضغة أخت بشر بن الحارث الحافي:
عابدة تقية ورعة، أكبر أخوات بشر، وأكبر منه، و ماتت قبله، فحزن عليها حزنا شديدا وبكى بكاء كثيرا، فلما سئل في ذلك، قال: قرأت في بعض الكتب أن العبد إذا قصر في خدمة ربه سلبه أنيسه، وهذه أختي مضغة كانت أنيسي في الدنيا..
خنساء بنت رخدم:
عابدة من عابدات اليمن.. كانت تصوم كثيرا..
وصامت أربعين يوما حتى لصق جلدها بعظمها.. وبكت حتى ذهبت عيناها، وقامت من الليل حتى اقعدت من رجليها.. وكانت إذا جن الليل، وهدأت العيون تنادى بصوت لها حزين: يا حبيب المطيعين إلى كم تحبس جذوع المطيعين في التراب، ابعثهم حتى يتخيروا موعد الصادق.. وكان طاووس بن وهب بن منبه المتوفى سنة 110 هـ يعظم قدرها.
مخة أخت بشر بن الحارث الحافي:
من ربات العبادة والورع.. استأذنت على أحمد بن حنبل وقالت له - من وراء حجاب -: يا أبا عبد الله.. أنا إمرأة أغزل بالليل في السراج، فربما طفىء السراج فأغزل في القمر. فهل علي أن أبين غزل القمر من غزل السراج تقصد أنه قد لا تكون القطعة التي غزلتها في ضوء القمر بمثل جودة الغزل في ضوء السراج.
ففال لها الامام أحمد: إن كان عندك بينهما فرق فعليك أن تبيني ذلك ثم سألته قائلة: يا أبا عبد الله: أنين المريض شكوى؟ قال: أرجو ألا يكون ولكنه إشتكاء إلى الله - عز وجل -.. قال عبد الله: فودعته وخرجت، فقال الإمام: يا بني ما سمعت إنسانا يسأل عن مثل هذا.. من هذه المرأة؟ قال: هي أخت بشر الحافي.
قال الإمام أحمد.. محال أن تكون مثل هذه إلا أخت بشر.
عائشة بنت عمران بن سليمان المنوبي:
من ربات الزهد والتقشف.. نشأت في حجر أبيها فاعتنى بتربيتها وعلمها القرآن، وأتقنت حفظه ثم عكفت على الزهد والصلاح.. وكانت تعمل بيدها فتغزل الصوف وتقتات من مورده..
كانت متصدقة تبر الفقراء والمساكين وتسد عوز المحتاجين، ولا تدخر شيئا من كسبها..
روى عنها أنها كانت تقول، إذا بات بجيبها درهم و لم تتصدق به: الليلة عبادتي ناقصة..
أم غسان الأعرابية:
عابدة زاهدة، مكفوفة البصر، تأكل من عمل يدها فكانت تغزل الصوف: الحمد لله على ما قضى وارتضى، رضيت من الله ما رضى لي، وأستعين بالله على بيت ضيق الفناء، قليل الكواء، وأستعين بالله على ما يطالع من نواحيه.
منيفة بنت أبى طارق:
عابدة من عابدات البحرين.. كانت تجد سعادتها وسرورها في صلاة الليل فإذا أقبل الليل قالت: بخ بخ يا نفس قد جاء سرور المؤمنين، فتلبس، وتقوم إلى محرابها، ثم كانت إذا صلت العصر هجعت إلى غروب الشمس، وكان ذلك دأبها.. فلما قيل لها، لو جعلت هذه النومة في الليل كانت أهدأ وأسكن لبدنك قالت: لا والله لا أنام في ظلمة الليل مادمت في الدنيا ومكثت حالها هذه طيلة أربعين سنة..
حدث عامر بن مليك البحراني عن أمه أنها قالت: بت ذات ليلة عند. - إبنة أبي طارق، فما زادت على هذه الآية من أول الليل إلى آخره ترددها وتبكي ((وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله، ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم....))
منفوسة بنت يزيد الفوارس:
عابدة ناسكة، كثيرة البكاء من خشية الله، صابرة.. كانت لا تنقطع عن البكاء، فلما قيل لها في ذلك قالت: والله لوددت أن أبكى حتى تنقطع دموعى، ثم أبكى دما حتى لا تبقى جارحة من جسدي فيها دم، وكانت تقول: من لم يستطع البكاء، فليرحم الباكين، فإنما الباكي يبكى لريبة في نفسه، وبما جنى عليها وهو صائر إليه.. وكانت تبكى وتقول: إلهي إنك تعلم أن العطشان من حبك لا يروى أبدا.. وتصاب منفوسة في إبنها.. وحولها النساء معولات، وإذا هو في حجرها وهي تقول: والله لتقدمك أمامي أحب إلي من تأخرك ورائي ولصبري عنك أجدى من جزعي عليك وما حظ مصيبة تحل من التلف محلك، : تورث من العطب مثل مضجعك؟. ولئن كان فراقك حسرة، إن توقع أجرك لخيرة..
وكان الفضيل بن عياض يأتيها ويتردد إليها ويسألها الدعاء..
عجردة العمية:
عابدة من عابدات البصرة.. كانت تقوم من أول الليل حتى السحر وتنادي بصوت لها محزون:
إليك قطع العابدون دجى الليالي بتكبير الدلج.. ولا تزال تبكي، وتدعو في سجودها حتى يطلع الفجر، فكان ذلك ديدنها ثلاثين سنة.
قالت آمنة بنت يعلى بن سهيل: كانت عجردة العمية تغشانا، فتظل عندنا اليوم واليومين، فكانت إذا جاء الليل لبست ثيابها، وتقنعت، ثم قامت إلى المحراب فلا تزال تصلي إلى السحر، ثم تجلس فتدعو حتى يطلع الفجر.
طايفة:
عابدة من عابدات بيت المقدس، وكانت تتعبد فيه، فيقول لها وهب بن منبه: يا طايفة: ما أشد العمل عليك، فتقول: ما أجد لي شيئا أشد علي من طول الفكر، قال: وكيف ذلك؟ قالت: إني إذا تفكرت في عظمة الله وأمر الآخرة طاش عقلي وأظلم على بصري واسترخت لذلك مفاصلي فقال لها وهب بن منبه: إذا أنت وجدت ذلك فافزعي إلى قراء ة القرآن في المصحف.
فاطمة النيسابورية:
عابدة جليلة، كانت تتكلم في فهم القرآن وكانت ولية من أولياء الله - عز وجل -.
ومن كلامها: من لم يكن الله - عز وجل - منه على بال فإنه يتخطى في كل ميدان ويتكلم بكل لسان، ومن كان الله منه على بال أخرسه إلا عن الصدق، وألزمه الحياء منه والإخلاص له..: قالت: الصادق والمقرب في بحر تضطرب عليه أمواج يدعو ربه دعاء الغريق، يسأل ربه الخلاص والنجاة... وقالت من عمل على مشاهدة الله إياه فهو مخلص. وقال لها ذو النون المصري: عظيني وقد اجتمعا في بيت المقدس.. فقالت: إلزم الصدق وجاهد نفسك في أفعالك.. وتوفيت بمكة وهي ذاهبة للعمرة سنة 323 هـ
عائشة بنت عثمان بن سعيد النيسابوري:
عابدة زاهدة، كثيرة الزهد عظيمة الورع.. قالت لابنتها: لا تفرحي بفان ولا تجزعي من ذاهب، وافرحي بالله - عز وجل -.
وقالت لها: إلزمي الأدب ظاهرا وباطنا، فما أساء أحد الأدب في الظاهر إلا عوقب ظاهرا، وما أساء أحد الأدب باطنا إلا عوقب باطنا.. وقالت: من استوحش من وحدته فذاك لقلة أنسه بربه.
وقالت:من تهاون بالعبيد، فهو لقلة معرفته بالسيد، فمن أحب الصانع أحب صنعته.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد
التعليقات ( 1 )
شكر خاص
-خالد عبد الصمد
09:08:22 2020-10-01