وفاة فضيلة الشيخ علي جابر إمام الحرم المكي السابق


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

​​توفي الليلة الماضية فضيلة الشيخ علي بن عبدالله بن علي جابر إمام المسجد الحرام سابقًا

وذلك إثر مرض ألم به منذ فترة طويلة، والمعروف أن الشيخ علي جابر كان إمام الحرم المكي من عام 1401 إلى رمضان 1409ه، وكان مدرسًا في الفقه المقارن بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة.

والشيخ علي بن عبدالله بن صالح بن علي جابر قد بلغت شهرته في وقت من الأوقات آفاق العالم الإسلامي فحنجرته التي تمتلك صوتا شجيًا في ترتيل القرآن الكريم كانت حاضرة في أسماع المسلمين وهم يتجهون صوب المسجد الحرام، من خلال التلفاز والإذاعة لسماع هذا الصوت الندي والذي كان يؤم المصلين في صلاة القيام خلال شهر رمضان المبارك.

نشأته:

ولد الشيخ علي جابر في مدينة جدة عام 1373هـ وبالتحديد في شهر ذي الحجة، إلا أنه عند بلوغه الخامسة من عمره انتقل إلى المدينة المنورة مع والديه لتكون مدينة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - مقر إقامته برفقة والديه.

يقول الشيخ علي جابر عن تلك المرحلة: (بعد انتقالي إلى المدينة النبوية التحقت بمدرسة دار الحديث فأكملت بها المرحلة الابتدائية والإعدادية، ثم انتقلت إلى المعهد الثانوي التابع للجامعة الإسلامية وبعدها دخلت كلية الشريعة وتخرجت فيها عام 95/1396هـ بدرجة امتياز، ثم التحقت بالمعهد العالي للقضاء (بالرياض) عام 96/1397هـ وأكملت به السنة المنهجية للماجستير، ثم أعددت الأطروحة وكانت عن (فقه عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - وأثره في مدرسة المدينة)، ونوقشت الرسالة عام 1400هـ وحصلت على درجة الماجستير).

حياته العملية:

اعتذر الشيخ علي جابر عن القضاء بعد حصوله على الماجستير، بعد أن تم تعيينه قاضيا في منطقة (ميسان)، بالقرب من الطائف، ثم صدر أمر ملكي كريم من الملك خالد بن عبد العزيز -رحمه الله- بإخلاء طرفه من وزارة العدل، وتعيينه محاضرًا في كلية التربية بالمدينة المنورة فرع جامعة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة وبالتحديد في قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية.

وباشر التدريس بها في العام الجامعي 1401هـ، إلا أن طموح الشيخ علي جابر جعله يقرر بعد ذلك إكمال الدراسات العليا، ويتحدث عن ذلك قائلا:

"الإرادة الربّانية شاءت أن أواصل الدراسة الجامعية في مراحلها العليا حتى يتسنى لي الحصول على أكبر قسط من العلم، وحتى يتسنى لي الالتقاء بعدد آخر من العلماء في غير المنطقة التي عشت فيها، وبحمد الله تم لي ذلك، فقد انتقلت إلى الرياض وظفرت بمشايخ أجلاء".

كان حلم الشيخ علي جابر أن يحصل على الدكتوراه بعد حصوله على الماجستير عام 1400 هـ، بعد انقطاع دام سنوات عديدة، لكنه استطاع أن يتقدم بأطروحته في الفقه المقارن لنيل درجة الدكتوراه في رسالته بعنوان (فقه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق) التي نوقشت في الثاني والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 1407هـ وحصل بموجبها على مرتبة الشرف الأولى.

حصل على الدكتوراه وفي الوقت نفسه كان إماما لصلاة التراويح في المسجد الحرام. ويوضح أحد المقربين منه تلك المرحلة بالقول (في اليوم الذي حصل فيه الشيخ جابر على الدكتوراه كان دوره في الإمامة، حيث كانت مقسّمة على ثلاثة أئمة فيؤم أحد المشايخ يوما ويرتاح يومين، وصادف أن ذلك اليوم كان نصيبه، ورغم ذلك لم يغب عن الإمامة فجاء من المطار مباشرة إلى المحراب ليقوم بواجبه).

ثم أصبح الشيخ بعد ذلك عضوًا من أعضاء التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة حيث يدرس الفقه المقارن.

وقد آتاه الله الشيخ صوتًا شجيًا جميلًا في قراءة القرآن وتجويده حتى كان أعجوبة عند الناس، وقد فقد صوته فترة خضع فيها للعلاج، ويذكر أن الملك خالد - رحمه الله - قد خرج معه إلى المسجد الحرام وقدمه للصلاة عند تعيينه بالحرم.

ثم إن الشيخ عندما ترك الإمامة في المسجد الحرام بعد عام 1409هـ لم يلتزم بالإمامة في مسجد آخر، وإنما كان المصلون يطلبون منه التقدم للصلاة بهم في عدة مساجد إذا كان الشيخ موجودًا عند إقامة الصلاة.

وكان يطلب من الشيخ إمامة الناس بالتراويح في مسجد بقشان بجدة بحكم أنه أقرب المساجد إلى بيت الشيخ وكونه مسجدًا جامعًا.

وقد أمّ الشيخ فيه المصلين عام 1410هـ وبعده بعدة سنوات ثم أن الشيخ أتعبه المرض فلم يقدر على الوقوف طويلًا فكان يصلي نصف الصلاة ويكمل الصلاة معه شاب آخر، ثم لم يعد الشيخ يؤم بالناس التراويح لأن الوقوف يثقل عليه.

رحم الله الشيخ وأدخله فسيح جناته.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply