أمنا سودة بنت زمعة رضي الله عنها


 

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد جعل الله لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم - درجات لا يضاهيهن فيها أحد من نساء العالمين، ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ) (الأحزاب: 32).

وكذلك في سورة الأحزاب: ( وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما ) 53 (الأحزاب).

لا شك أن المسلم مطالب بالصدق، وتحري الحقيقة فيما يرويه، وما يقصه، عموماً، ولكن إذا كان الأمر يمس أمه وأباه، وجب عليه زيادة الحرص والدقة، فإذا كان الأمر يتعلق بأمه من زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، كان من الضروري الحذر الشديد عند تناول حياتهن، وسيرتهن رضي الله عنهن.

وأمنا سودة، - رضي الله عنها -، لها خصوصيتها، فهي من المؤمنات الأوليات، المهاجرات للحبشة والمبتليات، بفقدان الزوج في الحبشة، وهي التي أعانت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على تربية بناته بعد أن فقد أمنا خديجة - رضي الله عنها -، ولقد تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شوال سنة عشر من النبوة، كما ذكر ذلك المباركفوري في كتابه المحقق، الرحيق المختوم، وكل كتب السير. وكانت أولى أزواجه - صلى الله عليه وسلم - لحوقاً به، فعن عائشة - رضي الله عنها - أن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - قلن للنبي - صلى الله عليه وسلم - : \"أيٌّنا أسرع بك لحوقا ً؟ قال: أطولكن يداً، فأخذوا قصبة يذرعونها فكانت سودة أطولهن يداً، فعلمنا بعد أنما كانت طول يدها الصدقة، وكانت \" أي سودة \" أسرعنا لحوقاً به، وكانت تحبٌّ الصدقة\"، (أخرجه البخاري في صحيحه).

وكانت سودة - رضي الله عنها - \"امرأة طويلة\" و\"كانت ثقيلة ثبطة\" وفي شرح المعاني \"(ثقيلة) أي من عظم جسمها. قوله: (ثبطة) بفتح المثلثة وكسر الموحدة بعدها مهملة خفيفة أي بطيئة الحركة\".

وأنزلت فيها آية الحجاب: \"فأنزل الله آية الحجاب\"، و\"كان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها، لعائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تبتغي بذلك رضا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - \". (أخرجه البخاري في صحيحه).

وأخرج مسلم في صحيحه \"قالت (أي عائشة): فلما كبرت (أي سودة) جعلت يومها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة. قالت يا رسول الله: قد جعلت يومي منك لعائشة، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم لعائشة يومين يومها ويوم سودة\".

وعن ابن عباس قال: خشيت سودة أن يُطلِّقها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: \"لا تُطلقني وأمسكني واجعل يومي لعائشة ففعل، فنزلت: ( فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير ) (النساء: 128)، فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز كأنه من قول ابن عباس. قال أبو عيسى: \"هذا حديث حسن غريب\"، هكذا في صحيح مسلم.

وكانت عائشة - رضي الله عنها - تمدحها، حيث: \"وصفتها بقوة النفس وجودة القريحة وهي الحدة بكسر الحاء\" كما أخرجه مسلم في صحيحه.

ولقد بحثت في الكتب التسعة في موسوعة الحديث لشركة حرف، فلم أعثر على قصة الطلاق، ولا بكائها وجلوسها، - رضي الله عنها -، له - صلى الله عليه وسلم - في الطريق، وأظن أن هذه قصص اختلقت من قول ابن عباس \"خشيت سودة أن يطلقها\".

وجاء في (تحفة الأحوذي ج8- ص 320) عن طلاقها من النبي - صلى الله عليه وسلم - وقعودها في الطريق \"قلت:رواية ابن سعد هذه مرسلة فهي لا تقاوم حديث ابن عباس.وما وافقه في أن سودة خشيت الطلاق فوهبت ليلتها لعائشة\".

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply