صالح العلوي عملاق شعراء المهجر الشرقي


  

بسم الله الرحمن الرحيم

يُعدٌّ صالح بن حامد العلوي (1320هـ -1386هـ) (1903-1967م) واحداً من عمالقة الشعر العربي في المهجر الشرقي، وهو رائد الأدب الرومانسي في اليمن.

ولد بسيؤون عام 1903م من أم إندونيسية من أصل حضرمي، تزوّجها أبوه في سورابايا.

 

وقد تعوّد صالح العلوي على الهجرة من وقت مبكِّر، وكانت هجرته الأولى في نهايات عقده الثاني، وبالتحديد عام 1923م، حيث سافر برفقة أبيه إلى سنغافورة، وبقي يتردّد عليها، وكانت آخر رحلة له إليها عام 1954م، وقد زار إندونيسيا، وله كتاب مخطوط عن رحلته إليها بعنوان \"رحلتي إلى إندونيسيا\".

 

وله شعر كثير نُشِر في \"الرسالة\" و\"أبولو\" و\"النهضة الحضرمية\"، وقد هاجر إلى مصر عام 1954م، وشارك في الحياة الثقافية فيها.

 

ويعدّ صالح بن علي الحامد العلوي أحد شعراء المهجر الشرقي البارزين، وقد نشر الكثير من أشعاره في صحف المهجر الشرقي مثل \"النهضة الحضرمية\" وغيرها.

 

وقد أوحت له شواطئ جاوة الجميلة بقصيدة عذبة تعد واحدة من أرق الشعر الرومانسي المعاصر، وتضعه في مصاف شعراء الرومانسية الكبار، مثل: علي محمود طه، وأبي القاسم الشابي، وإبراهيم ناجي، وصالح جودت، ومحمود حسن إسماعيل..وغيرهم.

 

ويقول في هذه القصيدة:

 

قف واشهَدِ العجبَ العُجاب ***  آيُ الجمَـــــالِ بلا حِجاب

 

فالكونُ جَــــلَّلَهُ السَّنا ***  والجـــوٌّ راقَ بهِ وطـــاب

 

فانظر إلى الشَّفَـقِ المنَــوِّ *** رِ وهوَ مخضُـــوبُ الإهــاب

 

والريـحُ تملـؤُ في الفضـا *** ءِ الرَّحبِ أشــرعةَ السَّحــاب

 

تجــري كقافــلِةِ الحَيا ***  ة فما لرحلتِهــا إيــاب

 

وحينما اضطرت شاعرنا ظروف الحرب العالمية الثانية للابتعاد عن هذه الديار والمكوث في حضرموت، أخذ يشكو ظروف الحرب الطاحنة وما سبَّبته له من \"تمادي البعاد\" عن جاوة الجميلة، التي يطلب منها أن تزوره في خياله:

 

يا جَنَّتي فارقـتٌ سوحَكِ باكِياً *** ورحلتُ عن مغنــاكِ غَيرَ عَزوفِ

 

إن لم أَزُركَ وحالَ دونَكِ حائلٌ *** زوري بطيفِكِ في الخَيـــالِ وطُوفي

 

لولا عوادي الحربِ لم تطُل النَّوى *** سحقاً لها كم دلهمَت بصُـرُوفِ

 

وبعد أن نشر صالح بن حامد العلوي عدداً من القصائد في \"أبولو\" و\"النهضة الحضرمية\" وغيرها، جمع خمساً وأربعين قصيدة من قصائده ونشرها في ديوان بعنوان \"نسمات الربيع\"

 

ويمتلئ هذا الديوان بالقصائد الوجدانية التي تجعله علماً من أصحاب الاتجاه الرومانسي في الشعر العربي المعاصر، يقول في قصيدة \"هل تذكرين؟ \" مخاطباً حبيبته:

 

هـل تذكرينَ وأنتِ والأترابِ في القصرِ المنير؟

 

تمرحـنَ أمـــلاكاً مجنَّـحةً بأفوافِ الحرير

 

لمّا انسَلَلتِ لموعِـــدي في روعةِ الرَّشأِ الغرير

 

فنَزَ الفؤادُ إليكِ مـــن جَذَلٍ, وحاولَ أن يطير

 

وبهذا الديوان \"نسمات الربيع\" قدَّم نفسه للحياة الأدبية صوتاً قوياً في شعر المهجرº يكتب الشعر على النسق التقليدي في أغراضه المختلفة، فيُحافظ على الوزن والقافية، ويعتبر البيت وحدة القصيدة مما يؤدِّي إلى تفككها ـ كما في القصيدة المشار إليها سابقاً \"وفد\" - ويقلِّد القدامى في معانيهم وصورهم الخيالية وألفاظهم وتراكيبهم.

 

ولكنه في بعض قصائده مثل: \"الصباح الوليد\" و\"هل تذكرين\" و\"على الشاطئ\"، حاول أن يكتب القصيدة الرومانسية متأثراً بعدد من الرومانسيين العرب، ومنهم: علي محمود طه (ت1949م)، وقد اعترف الشاعر بإعجابه العميق به، وإبراهيم ناجي (ت1953م)، والشابي (ت1934م) والتيجاني يوسف بشير (ت1947م)، وإلياس أبي شبكة (ت1947م).

 

ومن العجيب أن ديوان الشاعر الثاني \"ليالي المصيف\" يكاد يكون قسمة بين الشعر الكلاسيكي والشعر الرومانسي، فمن الأول قصيدته في الشيب التي جعل عنوانها \"الشيب الباكر\"، ومنها:

 

  أنكَـــرَت باكِرَ المشيـبِ بفود *** يَّ فقـالــت: لقد رأَيتُ عجيبا

 

كيفَ دَبَّ المــشيبُ فيـكَ وما *** زالَ رداءُ الصِّبـــا عليكَ قشيبا

 

قلتُ: لا تعجبي، لَقِيـتُ صروفاً *** تترُكُ الرٌّضعَ والمفــــاطِمَ شيبا

 

ما مِن الســــنِّ ما ترَينَ ولكِن *** هكَذا شأنُ من يُـــلاقي الخطوبا

 

أنا ذاك الشَّادي الذي شَـرِبَ الـ *** أحزانَ صرفاً ولا يزالُ طـــروبا

 

مغرماً بالجمالِ صَبــــًّا وإن لم *** يلقَ من مغنَمِ الغــــرامِ نصيبا

 

أنا من في شعــــورِه كادَ يفنى *** ومنَ الوجدِ والجَـوى أن يذوبا

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply