أئمة الزهد المرضيين الحارث المحاسبي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

أبو عبد الله الحارث بن أسد المحاسبي، البصري المولد، البغدادي المنـزل والوفاة، أحد الزهاد المتكلمين بالعبادة والزهد والمواعظ، كانت وفاته ببغداد سنة (234 هـ) - رحمه الله تعالى -.

كان المحاسبي - رحمه الله - عالماً بالأصول والمعاملات، واعظاً مبكياً في وعظه، له كتب كثيرة في الزهد وفي أصول الديانات والعقائد والرد على المعتزلة والرافضة وغيرهما.

أخذ عن الإمام الشافعي، كما ذكر أبو منصور البغدادي في (أصول الدين)، وروى عنه جماعة منهم الجنيد - رحمه الله -.

من مؤلفاته رسالة المسترشدين، شرح المعرفة، البعث والنشور، التوهم، الرعاية لحقوق الله.

قال الإمام الذهبي - رحمه الله -: ((والمحاسبي العارف صاحب التواليف: صدوق في نفسه، وقد نقموا عليه بعض تصوٌّفِه وتصانيفه)) (ميزان الاعتدال: 1ـ 199).

وقال الإمام أحمد بن حنبل عن الحارث المحاسبي: ((جالسه المغازلي ويعقوب وفلان فأخرجهم إلى رأي جهم هلكوا بسببه. فقيل له: يا أبا عبد الله يروي الحديث وهو ساكن خاشع من قصته، فغضب الإمام أحمد وجعل يحكي ولا يعدل خشوعه ولينه ويقول: لا تغتروا بنكس رأسه فإنه رجل سوء، لا يعرفه إلا من قد خبره، لا تكلمه ولا كرامة له)). (الفروع للمقدسي: 2 ـ149) (تلبيس إبليس: 163).

وقال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - معللا كره الأمام أحمد لصحبة الناس للمحاسبي: ((بل إنما كره ذلك لأن في كلامهم من التقشف وشدة السلوك التي لم يرد بها الشرع، والتدقيق والمحاسبة الدقيقة البليغة ما لم يأت بها أمر، ولهذا لما وقف أبو زرعة الرازي على كتابه (الرعاية) قال: هذا بدعة. ثم قال للرجل الذي جاء بالكتاب: عليك بما كان عليه مالك والثوري والأوزاعي والليث، ودع عنك هذا فإنه بدعة)) (البداية والنهاية: 10ـ330).

قال ابن الجوزي - رحمه الله -: ((كان الإمام أحمد بن حنبل ينكر على الحارث المحاسبي خوضه في الكلام ويصد الناس عنه فهجره أحمد فاختفى في داره ببغداد ومات فيها ولم يصل عليه إلا أربعة نفر)). (المنتظم لابن الجوزي: 11 ـ309)

فالمحاسبي - رحمه الله - من العباد الزاهدين، ومن الذين تكلموا في الرقائق والمواعظ فأبكى، وشهد له كثير من معاصريه بالصلاح والتقوى، ولكن انتقد عليه أمران أساسيان:

الأول: علم الكلام، وأخذه برأي جهم.

الثاني: إيراده الأحاديث الضعيفة والموضوعات في كتبه وتصانيفه، واعتمادُهُ عليها وجعلُها (أُصولا) يَبني على ما تضمَّنته من المعاني والأحكام، والله أعلم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply