الـحـمـد لله وبـعـد.
قال - تعالى -:\"وَلِتَستَبِينَ سَبِيلُ المُجرِمِينَ\"[الأنعام: 55].
قال ابن كثير:\"أَي وَلِتَظهَر طَرِيقُ المُجرِمِينَ المُخَالِفِينَ لِلرٌّسُلِ وَقُرِئَ\"وَلِتَستَبِينَ سَبِيلَ المُجرِمِينَ\"أَي وَلِتَستَبِينَ يَا مُحَمَّد أَو يَا مُخَاطَب سَبِيلَ المُجرِمِينَ.ا.هـ.
إن من الأمورِ المهمةِ لأهلِ السنةِ أن يحذروا من طرقِ أهلِ البدعِ في التلبيسِ والتدليسِ عليهم.
وفي هذا الموضوع أود أن أبينَ لأهلِ السنةِ طريقةً من طرقِ المبتدعةِ عموماً، والرافضةِ خصوصاً في تلبيسهم وتدليسهم على أهلِ السنةِ.
والمتابعُ للمناظرةِ التي حصلت في\"قناة المستقلة\"يجدُ أن المتناظرين من الرافضةِ استخدموا هذا الأسلوبَ.
أما المكيدةُ التي يتبعها الرافضةُ في التدليسِ والتلبيسِ على أهلِ السنةِ هي أنهم يدخلون علينا عن طريقِ السنةِ ويقولون: قال العالمُ الفلاني كذا، وقال العالمُ الآخرُ كذا...\"ويضعون أسماءً تشابه أسماءَ علماءٍ, معتبرين عند أهلِ السنةِ، وهم في الأصلِ رافضةٌ.
قال الألوسي في\"مختصر التحفة الإثنى عشرية\"(ص 32):\"ومن مكايدهم أنهم ينظرون في أسماءِ المعتبرين عند أهلِ السنةِ فمن وجدوهُ موافقاً لأحدٍ, منهم في الاسمِ واللقبِ أسندوا روايةَ حديثِ ذلك الشيعي إليه، فمن لا وقوف له من أهلِ السنةِ يعتقدُ أنهُ إمامٌ من أئمتهم فيعتبرُ بقولهِ ويعتدُ بروايتهِ...\".ا.هـ. ثم ذكر أمثلةً لذلك نأتي عليها بشيءٍ, من التفصيلِ.
1 - الـسٌّـدِّي:
هناك رجلان يقالُ لهم السدي.
الأول: السدي الكبير، والثاني: السدي الصغير.
ولنقف على شيءٍ, من ترجمةِ كلِ واحدٍ, منهما لكي يميز أهلُ السنةِ بينهما، وتتضحُ لهم الحقائقُ، ولا يغتروا بكذبِ الرافضةِ.
قال المزي في\"تهذيب الكمال\"(3/132) عند ترجمة السدي الكبير: إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السٌّدِّي، أبو محمد القرشي الكوفي الأعور، مولى زينب بنت قيس بن مخرمة، وقيل: مولى بني هاشم، أصله من حجازي، سكن الكوفة، وكان يقعد في سُدةِ باب الجامع بالكوفة فسمي السٌّدِّي، وهو السدي الكبير.ا.هـ.
ومما جاء في ترجمته: قال عبدان الأهوازي: كان إذا قعد غطى لحيته صدره. وقال محمد بن أبان الجُعفي، عن السدي: أدركت نفرا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم: أبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وابن عمر. كانوا يرون أنه ليس أحدٌ منهم على الحال الذي فارق عليه محمداً - صلى الله عليه وسلم -، إلا عبد الله بن عمر.
أما السدي الصغير قال عند المزي أيضا (26/392): محمد بن مروان السدي الصغير، وهو محمد بن مروان بن عبد الله بن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكوفي، مولى عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب.ا.هـ.
والسدي الصغير من الوضاعين الكذابين عند أهل السنة، وهو رافضي غال، وله ترجمة في كتب الرافضة مثل\"الكنى والألقاب\"للقمي (2/311 – 312) فقال في ترجمة السدي الكبير والصغير: أبو محمد إسماعيل بن عبد الرحمن الكوفي المفسر المعروفة أقواله في كتاب\"التبيان\"وغيره، كان نظير مجاهد وقتادة والكلبي والشعبي ومقاتل ممن يفسرون القرآن الكريم بآرائهم عده الشيخ (يعني الطوسي) في أصحاب السجاد والباقر، وعن ابن حجر أنه صدوق متهم رمي بالتشيع من الرابعة، وعن السيوطي أنه قال في الإتقان: أمثل التفاسير تفسير إسماعيل السدي، روى عنه الأئمة مثل الثوري وشعبة انتهى. حكي أنه أدرك أنس بن مالك ورأى الحسين بن علي، وقال الترمذي: وثقه سفيان الثوري وشعبة ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم. توفي في حدود سنة 128، وهو السدي الكبير.
والسدي الصغير حفيده محمد بن مروان بن عبد الله بن إسماعيل بن عبد الرحمن الكوفي، روى عن محمد بن السائب الكلبي كتاب التفسير ذكره الخطيب البغدادي وقال: قدم بغداد وحدث بها، وقال انه ضعيف متروك الحديث، والسدي بضم السين وتشديد الدال المهملتين منسوب إلى منسوب سدة مسجده الكوفة، وهي ما يبقى من الطاق المسدود.ا.هـ.
2 – الطبري:
ومن ذلك محمد بن جرير الطبري رجلان أحدهما سني والآخر رافضي.
أما السني فهو محمد بن جرير بن يزيد بن كثير الآملي الطبري أبو جعفر المؤرخ المفسر الإمام، ولد في آمل طبرستان، واستوطن ببغداد وتوفي بها في 310 هـ، له عدة مصنفات من أشهرها:\"جامع البيان عن تأويل آي القرآن\"، وقد أثنى على تفسيره كثير من العلماء منهم الخطيب البغدادي في\"تاريخ بغداد\"(2/163) حيث قال:\"لم يصنف أحد مثله\". وقال الخطيب أيضا (12/163) عن أبي حامد الإسفراييني:\"لو سافر رجل إلى الصين في تحصيل تفسير ابن جرير لم يكن كثيرا\". وصنف أيضا\"تهذيب الآثار\"، و\"تاريخ الرسل والملوك\"، و\"اختلاف الفقهاء\"، وقد كان الإمام الطبري صاحب مذهب مستقل كالمذاهب الأربعة المعروفة، وله أنصار وأتباع، ودرس مذهبه في الفقه كثير من العلماء، ومن أشهرهم أبو الفرج المُعافي بن زكريا النهرواني المعروف بالجريري نسبة إلى مذهب أبي جعفر.
فائدةٌ:
الإمام ابن جرير الطبري لم يتزوج ولم يكن له ولد يكنى به فقد حل ضيفا على الربيع بن سليمان في مصر عندما جاءه أصحاب الربيع في مكان سكناه وقالوا له: تحتاج قَصرِيِّة وزير – وعاء يعمل فيه الماء -، وحمارين، فقال لهم: أما القصرية فأنا لا ولد لي وما حللت سراويلي على حرام ولا حلال قط.
أما الطبري الرافضي فقد ترجم له الإمام الذهبي في\"الميزان\"(3/499) فقال:\"رافضي له تواليف، منها كتاب\"الرواة عن أهل البيت\"، رماه بالرفض عبد العزيز الكناني.ا.هـ.
وترجم له أيضا في\"السير\"(14/282) فقال:\"قَالَ عَبدُ العَزِيزِ الكتَّانِيّ: هُوَ مِنَ الرَّوَافض، صَنّف كتباً كَثِيرَة فِي ضلاَلتهِم، لَهُ كِتَاب:\"الرٌّوَاة عَن أَهلِ البَيت\"، وَكِتَاب:\"المسترشد فِي الإِمَامَة\".ا.هـ.
وقد خلط بعض علماء التراجم بينه وبين طبري أهل السنة كما ذكر ذلك الحافظ الذهبي في\"الميزان\"(3/499) فقال عند ترجمة طبري أهل السنة:\"أقذع أحمدُ بنُ علي السليماني الحافظَ فقال:\"كان يضع للروافض، كذا قال السليماني، وهذا رجم بالظن الكاذب، بل ابن جرير من كبار أئمة الإسلام المعتمدين، وما ندعي عصمته عن الخطأ، ولا يحل لنا أن نؤذيه بالباطل والهوىº فإن كلام العلماء بعضهم في بعض ينبغي أن يُتَأنى فيه، ولا سيما في مثل إمام كبير، فلعل السليماني أراد الآتي.ا.هـ.
والآتي هو محمد بن جرير بن رستم الرافضي.
وقال الحافظ ابن حجر في\"اللسان\"(5/115) عن أحد شيوخه ممن اغتر بكلام السليماني فقال: ولو حلفت أن السليماني ما أراد إلا الآتي – يقصد محمد بن جرير بن رستم الرافضي – لبررت... وقد اغتر شيخ شيوخنا أبو حيان بكلام السليماني فقال في الكلام على الصراط في أوائل تفسيره: وقال أبو جعفر الطبري وهو إمام أئمة الإمامية: الصراط بحرف الصاد من لغة قريش... إلى آخر المسألة، ونبهت عليه لئلا يغتر به، فقد ترجمه – أي الإمام ابن جرير – أئمة النقل في عصره وبعده، فلم يصفوه بذلك، وإنما ضره الاشتراك في اسمه واسم لقبه ونسبته وكنيته ومعاصرته وكثرة تصانيفه، والعلم عند الله - تعالى -، قاله الخطيب.ا.هـ.
وقد نسبت كتب إلى ابن جرير أهل السنة كتبا صنفها الروافض من ذلك كتاب\"بشارة المصطفى\"، وهو كتاب في منزلة التشيع، ودرجات الشيعة، وكرامات الأولياء كما ذكر ذلك سزكين في\"تاريخ التراث العربي\"(1/291)، والكتاب لأبي جعفر محمد بن علي الطبري ثالث من فقهاء الشيعة ترجم له أغابزرك الطهراني في\"الذريعة إلى تصانيف الشيعة\"(3/117).
والإمام ابن جرير قد ابتلي بتهمة الرفض لأسباب ذكرها الدكتور محمد أمحزون في كتاب\"تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة من روايات الطبري والمحدثين\"(1/187 – 201) فليرجع إليه فهو مبحث نفيس جدا.
3 – ابنُ قتيبة:
وابن قتيبة اثنان سني وشيعي،
أما السني فقد ترجم له الحافظ الذهبي في\"السير\"(13/298) فقال:\"العَلاَّمَةُ، الكَبِيرُ، ذُو الفُنُونِ، أَبُو مُحَمَّدٍ,، عَبدُ اللهِ بنُ مُسلِمِ بنِ قُتَيبَةَ الدِّينَوَرِيٌّ... ذِكرُ تَصَانِيفِهِ:\"غَرِيبُ القُرآنِ\"،\"غَرِيبُ الحَدِيثِ\"، كِتَابُ\"المعَارِفِ\"، كِتَابُ\"مُشكِلِ القُرآنِ\"، كِتَابُ\"مُشكِلِ الحَدِيثِ\"، كِتَابُ\"أَدَبِ الكَاتِبِ\"، كِتَابُ\"عُيُونِ الأَخبَارِ\"، كِتَابُ\"طَبَقَاتِ الشٌّعَرَاءِ\"، كِتَابُ\"إِصلاَحِ الغَلَطِ\"، كِتَابُ\"الفَرَسِ\"، كِتَابُ\"الهَجو\"، كِتَابُ\"المَسَائِلِ\"، كِتَابُ\"أَعلاَمِ النٌّبُوَّةِ\"، كِتَابُ\"المَيسِرِ\"، كِتَابُ\"الإِبلِ\"، كِتَابُ\"الوَحشِ\"، كِتَابُ\"الرٌّؤيَا\"، كِتَابُ\"الفِقهِ\"، كِتَابُ\"معَانِي الشِّعرِ\"، كِتَابُ\"جَامِعِ النَّحوِ\"، كِتَابُ\"الصِّيَامِ\"، كِتَابُ\"أَدَبِ القَاضِي\"، كِتَابُ\"الرَّدِ عَلَى مَن يَقُولُ بِخَلقِ القُرآنِ\"، كِتَابُ\"إِعرَابِ القُرآنِ\"، كِتَابُ\"القِرَاءاتِ\"، كِتَابُ\"الأَنوَاءِ\"، كِتَابُ\"التَّسوِيَةِ بَينَ العَرَبِ وَالعَجَمِ\"، كِتَابُ\"الأَشرِبَةِ\".ا.هـ.
وقال الألوسي في\"مختصر التحفة الاثنى عشرية\"(ص 32):\"وعبد الله بن قتيبة رافضي غالٍ, وعبد الله بن مسلم بن قتيبة من ثقات أهل السنة، وقد صنف كتابا سماه بـ\"المعارف\"، فصنف ذلك الرافضي كتابا، وسماه بالمعارف أيضا قصداً للإضلال.ا.هـ.
4 – ابنُ بَطة وابنُ بُطة:
وابن بَطة وابن بُطة أحدهما سني والآخر رافضي، فابن بَطة – بفتح الباء – هو السني ترجم له الذهبي في\"السير\"(16/529) فقال:\"الإِمَامُ، القُدوَةُ، العَابِدُ، الفَقِيهُ، المُحَدِّثُ، شَيخُ العِرَاقِ، أَبُو عَبدِ اللهِ عُبَيدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَمدَانَ العُكبَرِيٌّ الحَنبَلِيٌّ، ابنُ بَطَّةَ، مُصَنِّفُ كِتَابِ\"الإِبَانةِ الكُبرَى\"فِي ثَلاَثِ مُجَلَّدَاتٍ,.ا.هـ.
أما ابن بُطة الرافضي فقد ترجم له القمي في\"الكنى والألقاب\"(1/227) فقال: عند العامة – يقصد أهل السنة – أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن حمدان بن بطة العكبري الحنبلي صاحب\"الإبانة\"الذي مدحه جمع من علمائهم، وقدحه خطيب بغداد، توفي سنة 387 هـ. وعندنا – يعني الشيعة – أبو جعفر محمد بن جعفر بن بُطة القمي المؤدب الذي ذكره\"جش\"وقال: كان كبير المنزلة بـ\"قم\"، كثير الأدب والفضل والعلم الخ. وعن ابن شهر أشوب: الحنبلي بالفتح والشيعي بالضم.ا.هـ.
5 – ابنُ حَجر:
رأينا في مناظرات المستقلة كيف دلس ولبس الرافضة في أسماء العلماء، فتجدهم يقولون:\"قال ابن حجر\"، ولكن مشايخ أهل السنة وخاصة الشيخ عثمان الخميس - حفظه الله - يرد عليهم بسؤال:\"من ابن حجر؟\". فيقول:\"صاحب الصواعق المحرقة\". فيرد الشيخ عثمان:\"صاحب الصواعق المحرقة هو ابن حجر الهيتمي وليس ابن حجر العسقلاني، وعند إطلاقك لاسم ابن حجر فإنه يتبادر إلى الأذهان ابن حجر العسقلاني، وليس ابن حجر الهيتمي. فلا بد من إيضاح من تقصد بكلامك.
وبعد هذاº نجد أن مكائد الرافضة كثيرة جداً في حق أهل السنة، والكذب دين يدينون به، وهذه أحدها، وقد عد صاحب\"التحفة الاثنى عشرية\"جملة من مكائدهم ضد أهل السنة، واختصرها الألوسي في\"مختصر التحفة الاثنى عشرية\"، فذكر عشرين مكيدة من مكائدهم، ورُد على كل مكيدة بما يناسبها.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد