{مِنَ المُؤمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ فَمِنهُم مَّن قَضَى نَحبَهُ وَمِنهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبدِيلاً}(الأحزاب 23).
في حوالي الساعة التاسعة من صباح يوم الأربعاء (السادس عشر من شهر سبتمبر عام 1931م) طويت صفحة من صفحات النضال ضد المحتل الغاشم باعتلاء الشيخ \"عمر المختار\" بعد أن جاوز عقده السابع أعواد المشنقة بعد جهاد مرير يربو على الثلاثين من السنين، لم يكن له فيها وطن ولا حدود ولا إقليم ولم يكن قائداًً قومياًº بل كان زعيماً ومجاهداً عالمياً حيث دك معاقل الفرنسيين في مملكة كانم بنيجيريا وواداي في تشاد والسودانº ونشر الإسلام في ربوع الصحراء ثم دخل في حروب طاحنة مع الإنجليز في مصر، وبعدها ولج ميدان التاريخ بجهاده ضد الفاشست الإيطاليين فأبلى فيهم بلاء حسناً، فنكّل في جندهم، وشتت شملهم، ونال منهم شر نيلة، فما ذهب ميمنة إلا و فلّها، وإذا توجه إلى ميسرة كسرها وإذا اقتحم معركة فك عقدها.
من منّا لا يعرف هذا الاسم ولم يتردد في ذاكرته أو في زوايا الكتب والتاريخ؟ هل نسينا أم تناسينا!؟ ألم يتغن باسمه الشعراء كالرصافي والكاظمي والمهدوي وغيرهم، وما أحوجنا اليوم لمثل هؤلاء، فمتى كثر النفاق طاب الكلام على الإخلاص، وإذا كثرت الخيانة طاب الكلام على الأمانة، وإذا ظهر الشح والبخل تطلع الفؤاد لأخبار الكرم والكرماء، وإذا ظهر الجهل تطلعت العقول لأخبار العلم والعلماء، وإذا فترت الهمم عن الذود عن حياض المسلمين اشتاقت الأفئدة لمعرفة تضحيات الأبطال والشهداء.
وعوداً على بدء ففي اليوم التالي لإعدام أسد الصحراء عنونت صحيفة التايمز في مقال عريض صدرته لصفحاتها تحت عنوان \"نصر إيطالي\": \"حقق الإيطاليون انتصاراً خطيراً ونجاحاً حاسماً في حملتهم على المتمردين السنوسيين في برقة، فقد أسروا وأعدموا الرجل الرهيب عمر المختار شيخ القبيلة العنيف الضاري.. ومن المحتمل جداً أن مصيره سيشل مقاومة بقية الثوار، والمختار الذي لم يقبل أي منحة مالية من إيطاليا، وأنفق كل ما عنده في سبيل الجهاد وعاش على ما كان يقدمه له أتباعه، واعتبر الاتفاقيات مع الكفار مجرد قصاصات ورق، كان محل إعجاب لحماسته وإخلاصه الديني، كما كان مرموقاً لشجاعته وإقدامه\".
ومليحة شهدت لها ضراتها *** والفضل ما شهدت به الأعداء
ولد الشيخ عمر المختار بن عمر بن فرحات من عائلة غيث، المنتمية إلى قبيلة المنفة في منطقة البطنان من برقة عام (1276 هـ 1862م) وكانت نشأته في بيت عز وكرم، تحيط به شهامة العرب وحرية البادية، وقد توفى والده في طريقه للحج فأوصى إلى الشيخ حسين الغرياني برعاية ابنه عمرº وكان الشيخ حينها في السادسة عشرة من عمره.
نشر الإسلام:
بدأ تعليمه المبكر في زاوية جنزور ثم انتقل إلى الجغبوب التي كانت معقل قيادة الحركة السنوسية، فتخرج الشيخ عمر المختار من مدرسة الأجيال وصانعة الرجال الزوايا السنوسية التي جمعت منهاج الدين في الحياة، وكان حجر الأساس فيها هو التعليم ونشر الإسلام على أساس التوحيد الخالص، وهي دعوة دينية هادئة سبيلها الحكمة والموعظة الحسنة.. تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، لا تتجاوز حد التبليغ، فمن قبِل منها فلنفسه، ومن لم يقبِل فشأنه وما اختار، وتأثر بفضلاء أشاوس مغاوير عباد زهاد علماء من الحركة السنوسية وعلى رأسهم شيخها الفاضل أحمد الشريف السنوسي - رحمه الله -، وكان الشيخ عمر المختار حسنة من حسنات السنوسية الجمّة.
وقد ظهرت علي الشيخ - رحمه الله - علامات النباهة ورجاحة العقل منذ الصغر، وظل محل إعجاب وثناء كل من عرفه حتى لقي ربه - عز وجل - مقبلاً غير مدبر، فكان ذلك أكبر دليل على صدقه في التعامل مع الناس وفي إقباله على الله.
وقد عينه الشيخ السيد المهدي السنوسي شيخاً على زاوية القصور في الجبل الأخضر فقام بأعباء المهمة خير قيام، من التعليم والدعوة والإصلاح، وسار في الناس سيرة غبطه عليها العقلاء وزادت من مهابته عند غيرهم، ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن اختياره للقيام على أمور هذه الزاوية كان مقصوداً من قبل الشيخ المهدي السنوسيº حيث إن هذه الزاوية كانت في أرض قبيلة العبيد التي عرفت بشدة الشكيمة وصعوبة المراس، فوفقه الله في سياسة هذه القبيلة، ونجح في ترويضها بما أودع فيه من صفات القيادة والحكمة.
ثم كلف بأمر الجهاد في واداي، فقارع الاستعمار الفرنسي الذي كان قد بدأ زحفه إلى وسط أفريقيا فبذل الوسع حتى لفت الأنظار عزمه وحزمه وفراسته. قال عنه الشيخ المهدي السنوسي: \" لو كان لدينا عشرة مثل المختار لاكتفينا\" وبقى في واداي يعمل على نشر الإٍ,سلام ودعوة الناس وتربيتهم إلى جانب قتال الفرنسيين وحماية بلاد المسلمين وكانت المناطق التي يتولى المختار قيادتها وحراستها أمنع من عرين الأسد ولا يخفى ما في ذلك من إدراك القيادي المسلم لواجبه تجاه دينه ووطنه.
وفي عام (1906م) رجع إلى الجبل الأخضر ليستأنف عمله في زاوية القصور ولكن ذلك لم يكن ليستمر طويلاً، فقد كانت المعارك قد بدأت بين الحركة السنوسية والبريطانيين في منطقة البردي والمساعد والسلوم على الحدود الليبية المصرية، ولقد شهد عام (1908م) أشد المعارك ضراوة والتي انتهت بضم منطقة السلوم إلى الأراضي المصرية تحت ضغوط بريطانيا على الدولة العثمانية.
بعدها عاد الشيخ إلى زاوية القصور يدير شئونها مرة أخرى حتى امتدت يد الفاشست الآثمة إلى التراب الليبي في مطلع أكتوبر (1911م)، هب الشيخ عمر المختار كعادته ليكون في طليعة من لبى نداء الجهاد، وهبّ ليقود حركة وقفت في مواجهة الغزاة عشرين عاماً، سطر فيها الشيخ عمر المختار ومن معه من المجاهدين الأبطال ملاحم أسطورية تحدث عن عظمتها وقوتها الأعداء قبل الأصدقاءº ولقد ذكر الجنرال لرودلفو جراستياني في كتابه الذي سماه \"برقة الهادئة\" يقصد أنها هادئة بعد إعدام الشيخ عمر المختار والقضاء على حركة الجهاد فيها - إنه نشبت بينه وبين المختار (263) معركة ومواجهة في مدة عشرين شهراً فقط، فأعظم به من بطل وأكرم به من شهيد.
ورغم أن المختار جاوز الستين من عمره، كان على إيطاليا وجنرالاتها أن يخوضوا حرباً لا هوادة فيها لمدة ثمانية أعوام أخرى كانت أصعب وأطول سني الحرب كلها، ولقد جردت إيطاليا كل ما لديها.. آلاف الجنود والمدافع والدبابات والطائرات والضباط والقادة الذين تخرجوا من الكليات العسكرية المتقدمة والتي كانت مصدراً يفخر به الغرب على المسلمين، لكن الذي لم يدركه الإيطاليون وأدركه الشيخ عمر المختار أن المقاييس في مثل هذه الأحوال لا تخضع دائماً للتقديرات المادية، فقوة الإيمان وعزائم الرجال وتجردهم في سبيل الله يرجح الموازين ويخزي الظالمين.
ونستمع إلى كلمات المختار من وراء السنين تجلو الهمة والعزيمة والإصرار التي يتميز بها عندما دعا إلى التفاوض مع إيطاليا: \"إنا حاربناكم ثمانية عشر عاما ولا نزال بعون الله نحاربكم ولن تنالوا منا بالتهديد.. لن أبرح الجبل الأخضر مدة حياتي ولن يستريح الطليان فيه حتى تواري لحيتي التراب\".
إن أمة مثل هذه لا سبيل لقهرها إلا بالقضاء عليها، وما أحوج المسلمين اليوم لأن يدركوا مثل هذه العبرة، وأن يتعلموا مثل هذا الدرس.
جرائم حرب:
وقد تفنن الإيطاليون في سبل البطش والعدوان بصورة شتى مختلفة انتهكت الدين والأنفس والمال والبلاد والأعراض. ولكي أكون منصفاً أنقل تلك الصور بأقلام غربية:
يقول مراسل بريطاني عن فظائع الإيطاليين: \"إني أرفض البقاء مع جيش من العصاة وقطاع الطرق والقتلة.. الإيطاليون تعاملوا مع ليبيا كأرض موعودة\".
يقول لوثروب ستودارد: \"ألم تحمل الطائرات الإيطالية الشيوخ من الليبيين ويتم إلقاؤهم من السماء\" (انظر حاضر العالم الإسلامي ترجمة عجاج نويهض وتعليق شكيب أرسلان مج2/ص70).
يقول فرانسيس ما كولا ـ وهو مراسل بريطاني ـ في كتابه ITALYAS WAR FOR DESERT عبد الحميد شقلوف بعنوان (الغزاة) (ص267): \"أبيت البقاء مع جيش لا هم له إلا ارتكاب جرائم القتل، وإن ما رأيته من المذابح، وترك النساء العربيات المريضات وأولادهن يعالجون سكرات الموت على قارعة الطريق جعلني أكتب إلى الجنرال كانيفا كتاباً شديد اللهجةº قلت له فيه: إني أرفض البقاء مع جيش لا أعده جيشاً بل عصاة من قطاع الطرق والقتلة\".
ولم يبق بعد تلك الصور المزرية أمام إيطاليا إلا خيار واحد، وهو أن تقطع عن المجاهدين كل إمكانية للإمداد، فجمعوا كل الليبيين في برقة في معسكرات اعتقال جماعية مع ماشيتهم وأغنامهم، وأحرقوا بعد ذلك الأخضر واليابس، ومدوا الأسلاك الشائكة على طول الحدود الليبية المصرية من البحر إلى ما بعد الجغبوب على امتداد ثلاثمائة كيلومتر وبعرض ستة أمتار وارتفاع مترين تقريباً وقد استغرق العمل في مد هذا السور ستة أشهر تقريباً وكلف مبالغ طائلة.
وكانت تقوم بحراسة هذا الجدار الهائل ومراقبته السيارات المسلحة والطائرات، وكانت هنالك أوامر ثابتة بإطلاق النار على من يحاول عبور السياج، لكن ذلك لم يكن ليفت في عضد المجاهدين الذين وطنوا أنفسهم على إحدى الحسنيين، فاستمروا في قتالهم شهوراً عديدة حتى كان يوم الجمعة (28 ربيع الثاني 1351هـ - 11سبتمبر 1931م) إذ فاجأتهم كتيبة من الجيش الإيطالي من الرتل السابع من الخيالة في جنوب قرية سلنطة، ودارت بين الطرفين معركة سقط فيها أكثر المجاهدين وبلغ عددهم (12) وقتل جواد الشيخ فوقع به على الأرض جريحاً، وقاتل حتى نفدت ذخيرته فأسره بعض الجنود الذين تعرفوا عليه، وكان ذلك إيذاناً بانتهاء الجهاد والمقاومة حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
وبسرعة انعقدت محكمة صورية لمحاكمته في (15 سبتمبر 1931م) وواضح جداً صورية المحكمة وزيفها وصدر حكم المحكمة بإعدام الشيخ عمر المختار شنقاً وعند سماعه لمنطوق الحكم قال الشيخ عمر المختار: \"الحكم حكم الله لا حكمكم المزيف. إنا لله وإنا إليه راجعون\".
لحظة تاريخية:
وفي يوم الأربعاء (الثاني من جمادى الأولى 1351هـ، 16 سبتمبر 1931م) وفي مدينة سلوق جئ بالمعتقلين وبجمع غفير من الناس ليشهدوا الإعدام ووضع الجلاد الحبل حول عنقه، وصعدت روحة الطيبة تشكو إلى ربها عنت الطواغيت وظلم الظالمين. أسكنه الله فسيح جناته، وجزاه الله عن الإٍ,سلام خير الجزاء.
لقد كان جهاد الشيخ المختار ورفاقه ضد الإيطاليين درساً من الدروس العظيمة لرفض الظلم والاستعباد والمضي في ثبات على طريق الجهاد مهما كانت الظروف والإمكانيات، ولعل من المفيد هنا أن أستعرض بإيجاز بعضاً من السمات والخصال التي كونت شخصية عمر المختار فتوحدت خلفه صفوف الليبيين وأصبح علماً على جهادهم، وانتشرت أخبار بطولاته فأيقظت الرأي العام الإسلامي والعالمي فصارت الصحافة تعنى عناية جادة بمصير ليبيا، وكانت قد تناقص اهتمامها بعد انسحاب الأتراك من الحرب عام (1912م):
إن أوضح سمات المختار ولا شك هي قوة إيمانه بالله، وصدق توكله عليه، ومع هذا الإيمان الراسخ كان الشيخ عمر المختار واسع الأفق عالماً بواقعه، مدركاً لما يجري حوله متابعاً له، وقد كان ذلك أكبر عون له على مواقفه وقوتها قبل أصدقائه، وما أعظم أن يجتمع الإيمان والفقه بالواقع، وما أقبح أن يتفرقا! ويتجسد ذلك عندما اقترح عليه البعض السفر للحج قال: \"لن أذهب، ولن أبرح هذه البقعة حتى يأتي رسل ربي، وأن ثواب الحج لا يفوق ثواب دفاعنا عن الوطن والدين والعقيدة\".
إن شخصيته القيادية وإعانته على تأليف قلوب من حوله وتوجيههم كما أثبت ذلك في إدارته لشؤون زاوية القصور وفي نجاحه في قيادة الجهاد بمراحله ومتطلباته المختلفة: من التخطيط للمعارك وقيادتها إلى متابعة أصداء الجهاد في الداخل والخارج والتفاعل معها.
ومن السمات الجلية التي عززت من مكانته في قلوب العالمين كان خياره الاستراتيجي الجهاد لا الاستسلام ولم يعرف هذا المصطلح، حتى آخر حياته، فقد حاول الإيطاليون معه بكل المحاولات بإغراقه بالمال تارة و منحه الجاه والأوسمة والألقاب، وبنشر الشائعات عنه حيناًº فقال قولته \"إنني لم أكن لقمة طائبة يسهل بلعها على من يريد، ومهما حاول أحد أن يغير من عقيدتي ورأيي واتجاهي فإن الله سيخيبه\" وقال فيه آسره القائد جراتسياني: \"كان عمر المختار حريصاً على عقيدته، يواجه كل من يتعرض لها بسوء متصلبا ومتعصبا لدينه، وأخيراً كان فقيراً لا يملك من حطام الدنيا إلا حبه لدينه ووطنه\".
هذا بالإضافة إلى الخبرة الطويلة التي اكتسبها من ميادين القتال حتى أصبح ذا كفاءة عالية في استخدام المتوافر من القدرات، وفي استغلال طبيعة ميدان المعركة، وذلك بشهادة القادة من أعدائه كما يذكر جراتسياني عنه أنه ترك المواجهة في الصحراء واتخذ من الجبال مقراً له فكان ذلك من أكبر العوائق أمام الإيطاليين في صراعهم مع المجاهدين.
وفي هذا كله كانت أقواله تصدقها الفعال، بل إن الصدق كان من أبرز سماته على الإطلاق، الصدق مع الله.. الصدق مع النفس، ومع الآخرين حتى إن كانوا ألد الأعداء، كحديثه ليلة إعدامه مع القائد جراتيسياني فسأله: \"لماذا حاربت بشدة متواصلة الحكومة الفاشستية؟ \".
أجاب الشيخ: من أجل وطني وديني.
سأله جراتسياني: إذن ما الذي كان في إعتقادكم الوصول إليه؟
أجاب الشيخ: لا شئ إلا طردكم من بلادي لأنكم مغتصبون، أما الحرب فهي فرض علينا وما النصر إلا من عند الله.
سأله جراتسياني: هل أنت تحارب من أجل السنوسية؟
نظر إليه الشيخ نظرة حادة كالوحش المفترس وأجاب: لست على حق فيما تقول ولك أن تظن ما ظننت، ولكن الحقيقة الساطعة التي لا غبار عليها أنني أحاربكم من أجل ديني ووطني لا كما قلت.
سأله مرة أخرى: هل أمرت بقتل الطيارين هوبر وبياتي؟
فأجاب الشيخ، نعم، كل الأخطاء والتهم في الواقعº هي مسؤولية القائد، والحرب هي الحرب.
السؤال الأخير: لما لك من نفوذ وجاه، في كم يوم يمكنك أن تأمر الثوار بأن يخضعوا لحكمنا ويسملوا أسلحتهم وينهوا الحرب؟
فأجاب الشيخ جوابه الأخير: لا يمكنني أن أعمل أي شيء.. نحن أقسمنا أن نموت كلنا الواحد بعد الآخر ولا نسلم أو نلقي السلاح، وأنا هنا لم يسبق لي أن استسلمت، وهذا على ما أظن حقيقي وثابت عندكم\".
وعقب انتهاء المقابلة قال جراتسياني \"لقد خرج من مكتبي كما دخل إليه، وأنا أنظر إليه بكل إعجاب وتقدير\".
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد