بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
جاء في كتاب صبح الأعشى في صناعة الإنشا للقلقشندي: "الجملة الثانية في عقيدة جنكز خان وأتباعه في الديانة إلى أن أسلم من أسلم منهم وما جرت عليه عادتهم في الآداب وحالهم في طاعة ملوكهم
أما عقيدتهم فقد قال الصاحب علاء الدين بن عطاء ملك الجويني: إن الظاهر من عموم مذاهبهم الإدانة بوحدانية الله تعالى، وأنه خلق السموات والأرض، وأنه يحيي ويميت، ويغني ويفقر، ويعطي ويمنع، وأنه على كل شيء قدير، وأن منهم من دان باليهودية، ومنهم من دان بالنصرانية، ومنهم من اطّرح الجميع، ومنهم من تقرّب بالأصنام. قال: ومن عادة بني جنكز خان أن كل من انتحل منهم مذهبا لم ينكره الآخر عليه ثم الذي كان عليه جنكز خان في التديّن وجرى عليه أعقابه بعده الجري على منهاج ياسة «1» التي قررها، وهي قوانين خمنها من عقله وقرّرها من ذهنه، رتب فيها أحكاما وحدّد فيها حدودا بما وافق القليل منها الشريعة المحمدية، وأكثرها مخالف لذلك سماها الياسة الكبرى"
ثم قال: "ومن طرائقهم أنهم لا يتعصبون لمذهب"
حال التتر يشبه الحالة المثالية التي يدعو إليها عامة التنويريين من عدم التعصب لدين وعدم التعرض للخلافات الدينية ودائماً يصورون أنه عند نبذ التعصبات الدينية كما يزعمون سيعيش العالم في سلام ووئام
والواقع أن الناس إذا خلت قلوبهم من التدين الصادق فإنها لن تصير ورقة بيضاء بل هناك أطماع وشهوات وبلايا تصير هي من تحرك ، وهؤلاء التتر كانوا أهل بطش شديد وارتكبوا المجازر العظيمة في المسلمين مما لا يقره دين
وهكذا شابههم القوى الغربية في زماننا ممن يتكلمون عن التسامح الديني ثم هم أبطش الخلق في الحروب
حال التتر في اطراح الولاء والبراء الديني يشبه حال العالمانيات سواء المتطرفة مثل النازية أو المتوسطة كالسائدة اليوم وهم لا يريدون بهذا إلا تخلية قلبك لولاء وبراء جديدين يتعلقان بمفهوم الدولة الحديثة ومصالحها
الولاء والبراء عقيدة حتمية لأي إنسان يحمل عقيدة ولا يخلو إنسان من ذلك وتصوير أن مطلق الولاء والبراء يعني الهلاك الحتمي تهويل عالماني معروف وهذا يمارسه بعض المنتسبين للملة إذا لم يعجبه بعض مفردات الولاء والبراء العقائدي
فخطاب التسامح السائد هو في حقيقته خطاب لتخلية القلب من ولاء وبراء معين ليحل محله آخر هذا صنيع التتر قديماً وصنيع القوم حديثاً
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد