العلامة حامد الفقي المصري من الأشعرية والتصوف إلى العقيدة السنية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

من لا يعرف الأعلام؟!!

هذا الحبر البحر الرحب الإمام المُحدّث مؤسس شُعب الأنصــار للسنة..والدفاع عنها.. ونشرها.. وقمع البدعة..

شيخ بلادِ الكنانة.. العلم... إذا زار الحرم المكي تفرغ الكراسي للشيخ.. ويتزاحم الطلاب على كرسي الشيخ.. الحلقات كثيرة ولكن هذه الحلقة غير.. هذه اكتظت بالحضور.. الشيخ الأزهري حـامد الفقي - رحمه الله -..

 

درس بالأزهر.. وكان مع الطُرق الصوفية.. ولكن شاء الله لهُ خيراً..

نعم رجلٌ متجردٌ عن الهوى.. باحث عن الحق.. ولذلك وصل..

 

لن أحرق عليك- أخي القارئ - القصة.. ولكن ادع تلميذه العلم المُحدّث حماد بن محمد الأنصاري الأفريقي المدني المالكي - رحمه الله -...

الأنصــاري لأن نسبه يرجع إلى الصحابي سعد بن عبادة الأنصاري - رضي الله عنه -.

الأفريقي لأنهُ من دولة مالي.

المالكي فالشيخ مالكي المذهب.

 

يقول الشيخ حماد الأنصاري - رحمه الله -:

أما عن حيـــاة الشيخ حـامد الفقي: فعندمــا اجتمعتُ معه عام 1367هـ جئتُهُ وهو يُدرِّسُ \"تفسير ابن كثير\" عند (باب علي بالمسجد الحرام)، وعندمــا سَمِعتُهُُ، قلت: هذا هو ضالّتي، فكان يأخذ آيــات التوحيد ويسلّط عليها الأضــواء، وسمعتُهُ من بعيد، فجلست في حلقَتِهِ، وكانت أولُ حلقة أجلسُ فيها بالحرم وأنا شاب صغير، وكان عُمري لا يتعدّى الثانية والعشرين، وسمعت الدرس، وكان الدرسُ في تفسير آيــات التوحيد،

وبعدمـا انتهى الدرس وصلينا العشاء جاءنا شخصٌ سوري لا أتذكّر اسمَهُ الآن وقال للشيخ: أنا أرى أن تشربوا القهوة عندي.

فقال لهُ الشيخ: ومن معي.

قال لهُ الرجل: احضر من شئت.

وكان هذه أول أرى فيها الشيخ، على الرغم أنني سمعت عنه كثيراً، لأن شيخي [وهو الشيخ محمد عبد الله المدني التنبكتي] كان تلميذ الشيخ حامد الفقي.

 

الشيخ حامد الفقي وقصته مع الفلاّح

وذهبنا إلى بيت الأخ السوري، وعندمــا وصلنا إلى البيت وجلسنا قال لنا: أنا أريد أن أسلم لكم سيوفاً من الخشب، وسلم الأخ السوري كل واحدٍ, سيوفاً من الخشب، وقال لنا: تعالوا نتسايف أولاً، وبعد ذلك نشرب القهوة حتى نطبق النونين التين تركز عليهما الإسـلام، وأخذ كلٌّ واحدٍ, منَّـا سيفَهُ، وأَخَذَ مع صاحبه يتجاولان، حتى انتهينا من المجاولة جلسنا وشربنا القهوة.

 

وقلت للشيخ حامد الفقي - رحمه الله -:

يا شيخ أنا عندي سؤال؟

 

فقال:

ما هو سؤالك يا ولدي؟

فقلتُ لهُ:

كيفَ صرتَ موحداً وأنت درست في الأزهر؟ (وأنا أريدُ أن استفيد والناس يسمعون)

 

فقال الشيخ:

والله إن سؤالك وجيه.

قال:

أنا درست في جـامعة الأزهر، ودرست عقيدة المتكلمين التي يدرِّسونَها، وأخذت شهادة الليسانس... وذهبت إلى بلدي لكي يفرحون بنجاحي...

وفي الطريق مررتُ على فلاّح يفلح الأرض، ولما وصلت عندَه.. قال:

يا ولدي اجلس على الدكّة.. وكان عندهُ دكة إذا انتهى من العمل يجلس عليها، وجلستُ على الدكة وهو يشتغل، ووجدت بجانبي على طرفِ الدكة كتــاب، فأخذت الكتـاب ونظرت إليه... فإذا هو كتـاب \"اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية\" لابن القيمº فأخذت الكتــاب أتسلى به، ولما رآني أخذت الكتــاب وبدأت أقرأ فيه.. تأخر عني... حتى قدّر من الوقت الذي آخذ فيه فكرة عن الكتــاب.

 

وبعد فترة من الوقت وهو يعمل في حقلِهِ وأنا أقرأ في الكتاب جاء الفلاّح وقال:

السلام عليكم يا ولدي، كيف حالك؟ ومن أين جئت؟

فأجبتهُعن سؤالهِ.

 

فقال لي:

والله أنت شاطر، لأنك تدرجت في طلبِ العلم حتى توصلت إلى هذه المرحلةº ولكن يا ولدي أنا عندي وصية.

 

فقلتُ:

ما هي؟

 

قال الفلاّح:

أنت عندك شهادة تعيشك في كل الدنيا في أوربا في أمريكا، في أيِّ مكان.

ولكنها ما علمتك الشيء الذي يجب أن تتعلمه أولاً.

 

قلتُ:

ما هو؟!

 

قال:

ما علمتك التوحيد!

 

قُلتُ لهُ:

التوحيــد!!

 

قال الفلاّح:

توحيـــد السلــــف.

 

قلتُ لهُ:

وما هو توحيد السلــف؟!!

 

قال لهُ:

انظر كيف عرف الفلاّح الذي أمامَك توحيـد السلـف.

هذه هي الكتب:

كتــاب \"السنـــة\" للإمام أحمد الكبير.

وكتـاب \"السنــة\" للإمام أحمد الصغير.

وكتـاب \"التوحيد\" لابن خزيمة.

وكتـاب \"خلق أفعال العباد\" للبخاري.

وكتـاب \"اعتقاد أهل السنة\" للحافظ اللالكائي.

وعدَّ لهُ كثيراً من كتب التوحيد.

وذكر الفلاّح كتب التوحيد للمتأخرين.

وبعد ذلك كتب شيخ الإســلام ابن تيمية وابن القِّيم.

 

وقال لهُ:

أنــا أدلك على هذه الكتب إذا وصلت إلى قريتك ورأوك وفرحوا بنجاحك.. لا تتأخر ارجع رأساً إلى القاهرة.. فإذا وصلت القاهرة.. ادخل (دار الكتب المصرية) ستجد كل هذه الكتب التي ذكرتُها كلها فيها.. ولكنها مكدّسٌ عليها الغبار.. وأنا أريدك تنفض ما عليها من الغبار وتنشرها.

 

وكـــانت تلك الكلمــــــات من الفــلاّح البسيط الفقيه.. قد أخذت طريقَها إلى قلبِ الشيخ حامد الفقي.. لأنها جاءت من مُخلِص.

 

كيف عرف الفلاّح طريق التوحيد

 

إنني استوقفت الشيخ وسألتُهُ:

كيــف عرف الفلاّح كل ذلك؟!

 

قال الشيخ حامد:

لقد عرفَهُ من أُستاذِهِ (الرمال).. هل تسمعون بـ(ــالرمال)؟

 

قلتُ لهُ:

أنا لا أعرف (الرمَّال) هذا.. ما هي قصتُهُ؟

 

قال:

(الرمَّال) كان يفتش عن كتب سلفه.. ولما وجد ما وجد منها.. بدأ بجمع العمال والكنّاسين.. وقام يُدرّس لهم.. وكان لا يُسمح لهُ أن يُدرسَ علانيــة.. وكان من جُملَتِهم هذا الفلاّح.. وهذا الفلاّح يصلح أن يكون إماماً من الأئمة.. ولكنهُ هناك في الفلاحة.. فمن الذي يصلح أن يتعلم؟!

ولكن ما زال الخيرُ موجوداً في كُلّ بلدٍ, حتى تقوم الساعـة.

 

ولما رجعتُ إلى قريتي في مصر وذهبتُ إلى القاهرة.. ووقفت على الكتب التي ذكرهــا لي الفلاّح كلها ما عـدا كتـــاب واحد ما وقفت عليه إلاّ بعد فترة كبيرة.

 

وبعد ذلك انتهينـا من الجلســةِ وذهــب الشيخ حـامد الفقي.. وكان يأتي إلى السعودية ونستقبلهُ ضمن البعثة المصرية أيّام الملك فاروق كل عام.. وكــانت هذه القصة هي إجــابة للسؤال الذي سألتُهُ للشيخ حـامد في مجلس الرجل السوري.

 

المرجع: المجموع للشيخ حماد الأنصـاري (1/294-297)

 

وهكــــــذا

خرجت كلمــات التوحيد وتصحيح الاعتقــاد.. من قلب الفلاّح الفقيه المخلص.. إلى قلب الشاب الأزهري الأشعري الباحث عن الحق والمتجرد عن الهوى.. فلقيت عند هذا المتجرد وقوفاً عند الدليل والبرهان.. وقمع مادة التأويل.. ووقوفاً عند ما قالهُ الله والرسول - عليه السلام -..

 

فهذه قصة انتقال الشيخ من عقيدة الأشاعرة إلى عقيدة التوحيد..

إلى صفــاء الاعتقــاد..

إلى ما وقف عنده الصحابة والتابعين..

فاعترض وتدخل المأولين!

ف- رحمه الله -..

عندمــا كان وقافاً عند الحق..

ولأنه علم معروف فلن أذكر مآثره الطيبة الخيرة غي نصرة السنة والدفــاع عنها ونشرها..

كم من كتاب في أحاديث النبي - عليه السلام - حققها هذا الشيخ الفاضل..

بل أسس جماعة ومكتبةً لنصرة السنة المحمدية..

 

أما تصوفه فهو محور حديثنا في النقطة التالية...

 

لماذا أقسو على الصوفية؟!

 

هذه الأسطر القادمة..

هي بيان من الشيخ موجز عن خلاصة ما وصل إليه عن الصوفية وتصوفهم..

الشيخ الذين كان يوماً من الأيام مع هؤلاء الضلال الجهال..

نزع غشاوة الظلمة بنور الاتباع قامعاً ظلمات الابتداع..

فهو هنا ناصحاً وموجهاً ومعلماً ومحذراً..

وأيضاً فهو يبرر أن كان قد أحسوا منه شدة..

فإنه قد عاش وضاق طعم المرارة..

فأراد أن لا يذوقها غيره..

فإلى كلماتهِ وتوجيهاته - رحمه الله -:

 

إن هذه الطرق الصوفية المنتشرة في الناس اليوم تروج الكفر والوثنية والدجل وتعمل جاهدة لتأليه الدجالين واعتصار دمــاء الجماهير لتتضخم جيوب شيوخها أولياء الشيطان وتنشر في الناس ظلمات الجاهلية الأولى وتحارب الله ورسوله وتهيء الأمة الإسلامية بهذه الجاهلية العمياء وهذه التقاليد الخرافية وهذه الغباوة البهيمية لتكون لقمة سهلة الهضم للأعداء، هذه الطرق الصوفية هي المعول الذي هدم به اليهود والفرس صرح الإسلام، هذه الطرق الصوفية هي اليد الأثيمة التي مزقت رقعة الدولة الإسلامية، وشيوخ الطرق الصوفية هم الذين يمكنون المستعمرين في مراكش وتونس والجزائر والهند وفي السودان وفي مصر وفي كل مكان من البلاد الإسلامية وهم سماسرة المستعمر وخدمه المخلصون في خدمته إذلال المسلمين واستغلالهم.

 

ولقد كُنتُ واحداً منهم وعرفت دخائل أمورهم وخبايا زواياهم وسيء مكرهم وخبث قصدهم، فالحمد لله الذي أنقذني وهداني إلى الإسلام الحق الذي بعث الله به رسله ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، وإني بكيدهم وكفرهم ووثنيتهم أعرف، ولذلك أنا أشد حرباً عليهم ولا أزال حرباً عليهم ما بقي فيَّ عرق ينبض بالحياة مُستعيناً بربي وحده، متأسياً بالرسولِ الكريم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم صابراً على كل ما يكيد به أعــداء أنفسهم من حزبِ الشيطان، أعداء الرحمن مؤمناً بأن العاقبة للمتقين وأن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.

 

مُقتطف من جُملة أحاديث للمُهتدي إلى مُعتقدِ أهل السنة والجماعة بعد تركه لضلالات المبتدعة أصحاب الطُرق الصوفية..

الشيخ محمد حامد الفقي - رحمه الله -.

مؤسس جماعة أنصار السنة المحمدية بمصر.

وأحد العُلماء المحققين الأثبات.

من كتاب:

جماعة أنصار السنة المحمدية بمصر.

 

الشيخ الأزهري الشافعي وموقفهُ من الدعوة الوهابية

 

ولا ريب أن يكون ديدن المصلحين المتبعين لمنهج أهل السنة.. الإنصــاف والبعد عن الشططِ والهوى.. فهو ينظر بالميزان الحق.. الكتاب والسنة.. فمن كان عليهما سائر وبهما آخذ ومتبع فإنه منا أهل البيت.. ومن كان على غير هذا ولو كان من كان فهو خصم لنا ولو كان أقرب قريب.. الحب في الله والبغض في الله.. لا الحب في حزب أو جماعة أو طريقة.. بل في الله!! حب صحيح صافي لا حب الغشاشين..

 

الشيخ حبهُ وعلاقته بهذه الدعوة أنطلق منذ تخرج من الأزهر.. وقصة الفلاّح المعروفة والذي دلهُ على كتب أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح أهل الحديث ومن يطلق عليهم أعدائهم بالوهابية.. فقرأها الشيخ الأزهري الشافعي بتجرد.. فوصل إلى الحقيقة.. ونزع العقائد الباطلة وأصبح موحداً متبعاً لسلفِ الصالح.. فقد تحول من عقيدتهِ الأشعرية ومن علم الكلام وطرائق التصوف.. إلى الاتبـــاع لني الهدى والرحمة محمد بن عبدالله الهاشمي عليه وعلى آله الصلاة والسلام..

 

فبداية علاقته مع هذه الدعوة حين قرأ كتب أصحاب هذه الدعوة فتأثر بها لأنه كان متجرداً باحثاً عن الحق..

 

ثم كانت خطوته الثانية.. وهي نصرة دعوة سيد الأنبياء والمرسلين بنشر الدعوةِ الصحيحة إلى الكتاب والسنة.. ونبذ البدع.. والأمر بالاتباع للنبي - عليه السلام -.. ونشر كتب العقيدة السلفية.. ونشر كتب السنة والأحاديث الصحيحة.. وفتح الحِلق لتعليم الجُهال أصول الدين وتلاوة القرآن.. والرد على أهل الكفر والزندقة.. وأهل البدع والأهواء.. وكان شديداً في فضح الصوفية المتسترة بستارِ الإسلام.. مبيناً انحرافاتها.. كاشفاً خفايها.. فاضحاً تقيتها.. وله نشاطٌ خاص في نُصرة السنة المحمدية.. حتى أسس جماعة لهذا الغرض أسمها [جمــاعة أنصــار السنة المحمدية] وفقهم الله..

 

وقد أشهر الشيخ حسامه لبيان الحق.. وفضح الأكاذيب على دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - أو ما يطلقون عليها بـ(ـالدعوة الوهابية).. ونعم والله بدعوة تدعوا لإخلاص العبادةِ للوهاب الله - عز وجل -.. وإن كانوا يشتقونها من أسم موسسها فلتسمى باسمه المحمدية..

لقد ألف كتاباً سماه \"أثر الدعوة الوهابيــة في الإصلاح الديني والعمراني في جزيرة العرب وغيرها\"

وقد نفع الله به، وقد طبعَ طبعتهُ الأولى عام 1354هـ بمطبعة النهضة شارع عبدالعزيز بمصر.

 

وقال الشيخ الأزهري محمد حامد الفقي - رحمه الله - في مقدمته:

\" أما بعدº فهذه نبذة لطيفة في بيان حقيقة الدعوة الوهابية وإمامها وشيعتها وأنصارها، وقصة إزاحة الأوهام وإبطال الأكاذيب التي نسجت حولها، وذلك لتخبط الكثير من الناس في شأنها\"

 

وقال في موطن آخر:

\" الوهابيــة نسبة إلى الإمام المصلح شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب مجدد القرن الثاني عشر، وهي نسبة على غير القياس العربي والصحيح أن يقال المحمدية، لأن اسم صاحب هذه الدعوة والقائم بها هو محمد، لا عبدالوهاب. \"

 

وقال في صفحات أخرى:

\" وإن الحنابلة متعصبون لمذهب الإمام أحمد في فروعه ككل أتباع المذاهب الأخرى، فهم لا يَدَّعون، لا بالقول، ولا بالكتابة أن الشيخ ابن عبدالوهاب أتى بمذهب جديد، ولا اخترع علماً غير ما كان عند السلف الصالح، وإنما كان عملهُ وجهدهُ إحيـاء العمل بالدينِ الصحيح وإرجـاع الناس إلى ما قررهُ القرآن في توحيد الألوهية والعبادة لله وحده ذلاً وخضوعاً، ودعاءً، ونذراً، وحَلِفاً، وتوكلاً، وطاعة شرائعهِ، وفي توحيد الأسمـاء والصفات، فيؤمن بآياتها كما وردت، لا يحرف ولا يؤول، ولا يُشبِّه، ولا يُمثل، على ما ورد بلفظِ القرآن العربي المبين، وما جاء عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وما كان عليه الصحابة وتابعوهم والأئمة المهتدين، من السلف والخلف رضوان الله عليهم، في كل ذلك وأن تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله لا يتم على وجهه الصحيح إلاَّ بهذا\".

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply