اسمه: علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، السيد الإمام الهاشمي العلوي المدني، أبو الحسين، ويقال أبو الحسن، ويقال أبو محمد، ويقال أبو عبد الله، أمٌّه أم ولد اسمها سلامة بنت ملك الفرس يَزدَجِرد وقيل غزالة.
مولده: ولد سنة ثمان وثلاثين تقريبًا.
شيوخه: روى عن أبيه الحسين الشهيد، وعن صفية أم المؤمنين، وعن أبي هريرة، وعائشة، وأبي رافع وعمه الحسن وابن عباس وأم سلمة والمسور بن مخرمة وزينب بنت أبي سلمة وغيرهم.
الرواة عنه: حدث عنه أولاده أبو جعفر الباقر محمد وعمر وزيد وعبد الله، والزهري وعمرو بن دينار، وزيد بن أسلم، ويحيى بن سعيد، وأبو الزناد، وحبيب بن أبي ثابت وهشام بن عروة وأبو الزبير المكي والأعرج وأبو حازم وخلق كثير.
ثناء العلماء عليه: قال ابن سعد: كان ثقة مأمونًا كثير الحديث عالما رفيعًا ورعًا.
قال زيد بن أسلم: ما رأيت فيهم مثل علي بن الحسين (يعني أهل البيت).
قال الزهري: ما رأيت قرشيّا أفضل من علي بن الحسين.
وقال: ما كان أكثر مجالستي مع علي بن الحسين، وما رأيت أحدًا كان أفقه منه ولكنه كان قليل الحديث.
قال نافع بن جبير: كان علي بن الحسين رجلا له فضل في الدين.
قال سعيد بن المسيب: ما رأيت أورع منه.
قال مالك: لم يكن في أهل البيت مثله.
قال حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد: سمعت على بن الحسين وكان أفضل هاشمي أدركته يقول: يا أيها الناس أحبونا حب الإسلام فما برح حبكم حتى صار علينا عارًا.
قال العجلي: مدني تابعي ثقة.
قال أبو نعيم: زين العابدين ومنار القانتين، كان عابدًا وفيّا وجوادًا حفيّا.
قال ابن حجر: ثقة ثبت عابد فقيه فاضل مشهور.
من أحواله وأقواله: عن هشام بن عروة قال: كان علي بن الحسين يخرج على راحلته إلى مكة ويرجع ولا يَقرَعُها، وكان يجالس أسلم مولى عمر فقيل له: تدع قريشًا وتجالس عبد بني عدي، فقال: إنما يجلس الرجل حيث ينتفع.
قال عبد الرحمن بن أدرك: كان علي بن الحسين يدخل المسجد فيشق الناس حتى يجلس في حلقة زيد بن أسلم، فقال له نافع بن جبير. غفر الله لك أنت سيد الناس تأتي تتخطى حتى تجلس مع هذا العبد، فقال علي بن الحسين: العلم يُبتغى ويُؤتى ويُطلب من حيث كان.
عن يحيى بن سعيد عن علي بن الحسين قال: يا أهل العراق أحبونا حبّ الإسلام ولا تحبونا حبّ الأصنام، فما زال حبكم حتى صار علينا شينًا.
قلت: ردّ على الشيعة الغلاة الذين يحبون الذوات بغلو إلى أن أوصلوهم لدرجة أعلى من النبيين والملائكة المقربين، فهذا زين العابدين - رحمه الله - يقول أحبونا حبّ الإسلام. أي: على قدر تحصيلهم من شعائر الإسلام وهذا هو الحب في الله الذي هو أوثق عرى الإسلام.
قال جويرية ابن أسماء: ما أكل علي بن الحسين بقرابته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - درهما قط.
قال المقبري: بعث المختار بن أبي عبيد إلى علي بن الحسين بمائة ألف فكره أن يقبلها، وخاف أن يردها، فاحتبسها عنده حتى قتل المختار، فبعث يُخبر عبد الملك وقال: ابعث من يقبضها، فأرسل إليه عبد الملك: يا ابن العم خذها قد طيبتها لك، فقبلها.
عن أبي نوح الأنصاري قال: وقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين وهو ساجد فجعلوا يقولون: يا ابن رسول الله النار. فما رفع رأسه حتى طفئت فقيل له في ذلك فقال: ألهتني عنها النار الأخرى.
روى ابن عساكر بسنده إلى مالك قال: أحرم علي بن الحسين فلما أراد أن يلبي قالها فأغمى عليه وسقط من ناقته فهشم، ولقد بلغني أنه كان يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة إلى أن مات وكان يسمى زين العابدين لعبادته.
عن أبي حمزة الثمالي: أن علي بن الحسين كان يحمل الخبز بالليل على ظهره يتبع به المساكين في الظلمة ويقول: إن الصدقة في سواد الليل تطفئ غضب الربّ. وعن عمرو بن ثابت قال: لما مات علي بن الحسين وجدوا بظهره أثرًا مما كان ينقل الجُرب بالليل إلى منازل الأرامل.
وقال شيبة بن نعامة: لمامات عليُّ وجدوه يعول مئة أهل بيت.
قال الذهبي: لهذا كان يُبخّل، فإنه ينفق سرّا ويظن أهله أنه يجمع الدراهم. حدث علي بن الحسين بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: \"من أعتق نسمة مؤمنة أعتق الله كل عضوٍ, منه بعضو منه من النار حتى فرجه بفرجه\" {متفق عليه} فأعتق علي غلامًا أعطاه فيه عبد الله بن جعفر عشرة آلاف درهم.
عن عمرو بن دينار قال: دخل علي بن الحسين على محمد بن أسامة بن زيد في مرضه فجعل محمد يبكي فقال: ما شأنك؟ قال: علي دين، قال: وكم هو؟ قال: بضعة عشر ألف دينار، قال: فهي عليَّ.
قال علي بن الحسين: إني لأستحيي من الله أن أرى الأخ من إخواني فأسأل الله له الجنة وأبخل عليه بالدنيا، فإذا كان غدًا قيل لي: لو كانت الجنة بيدك لكنت بها أبخل وأبخل.
قال أبو حازم، ما رأيت هاشميّا أفقه من علي بن الحسين سمعته وقد سئل: كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر عند رسول الله ؟ فأشار بيده إلى القبر ثم قال: بمنزلتهما منه الساعة.
قلت: حتى يخسأ الشيعة المتنقصين للشيخين فهذا واحد ممن يتشيعون له يضعهما مكانتهما التي أنزلهما الله إياها.
عن جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي بن الحسين قال: جاء رجل إلى أبي فقال: أخبرني عن أبي بكر؟ قال: عن الصديق تسأل؟ قال: وتسميه الصديق؟ قال: ثكلتك أمك، قد سماه صديقًا من هو خير مني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرون والأنصار، فمن لم يسمه صديقًا فلا صدّق الله قوله، اذهب فأحب أبا بكر وعمر وتولهما فما كان من أمر ففي عنقي.
عن علي بن الحسين قال: إن الجسد إذا لم يمرض أَشِرَ (تكبر) ولا خير في جسد يأشر.
وكان يقول: اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في لوائح العيون علانيتي، وتقبّح في خفيات العيون سريرتي، اللهم كلما أسأتُ أحسنتَ إليّ فإذا عدت فعد علي، وكان من دعائه: اللهم لا تكلني إلى نفسي فأعجز عنها، ولا تكلني إلى المخلوقين فيضيعوني.
عن الزهري: سألت علي بن الحسين عن القرآن فقال: كتاب الله وكلامه.
قلت: فكلامه - سبحانه - صفة من صفاته، وصفاته غير مخلوقه. لا كما قالت الشيعة والمعتزلة: القرآن مخلوق، وكذبوا.
وجاءه رجل فقال: جئتك في حاجة وما جئت حاجّا ولا معتمرًا، قال: وما هي؟ قال: جئت أسألك متى يبعث عليّ؟ قال: يبعث والله يوم القيامة ثم تُهمّه نفسه.
قلت: هذا أيضا تكذيب للشيعة الذين يؤمنون بعودة علي لأنه في ظنهم في السحاب لم يمت، وهي من العقائد الفاسدة التي أدخلها عليهم ابن سبأ اليهودي المفسد للدين.
عن أبي يعقوب المدني قال: كان بين حسن بن حسن وبين ابن عمه علي بن الحسين شيءٌ فما ترك حسن شيئًا إلا قاله وعليّ ساكت، فذهب حسن فلما كان في الليل أتاه عليُّ فخرج فقال عليّ: يا ابن عمي إن كنتَ صادقًا فغفر الله لي، وإن كنت كاذبًا فغفر الله لك السلام عليك، قال: فالتزمه حسن وبكى حتى رثى له.
عن أبي جعفر محمد بن علي قال: إنا لنصلي خلفهم يعني بني أميَّة من غير تقية وأشهد علي أبي أنه كان يصلي خلفهم من غير تقية.
قلت: هذا أيضا تكذيب للشيعة الكذبة الذين يؤمنون بالتقية، ويكذبون على آل البيت في قول أبي جعفر المكذوب عليه: التقية ديني ودين آبائيº والتقية هي إظهار غير الباطن.
قال علي بن الحسين: والله ما قُتل عثمان - رحمه الله - على وجه الحق.
وكان - رحمه الله - يلبِس في الصيف ثوبين ممشقين من ثياب مصر ويتلو قوله - تعالى -: قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق {الأعراف: 32}.
وفاته: توفى - رحمه الله - سنة أربع وتسعين.
والله من وراء القصد.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد