منزلة أهل البيت عند أهل السنة والجماعة


 
 

علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - رابع الخلفاء الراشدين 

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم خيبر: «لأعطين هذه الراية غدًا رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله». قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم: أيهم يعطاها؟ فلما أصبح الناسُ غدَوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: «أين عليٌّ بن أبي طالب؟ » فقيل: هو يا رسول الله يشتكي عينيه، قال: «فَأَرسِلُوا إليه» فأُتِيَ به، فبصق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عينيه ودعا له فَبَرَأَ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية. فقال عليُّ: يا رسول الله، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا. فقال: «انفُذ على رِسلِكَ حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فو الله لأَن يَهدِيَ اللَّـهُ بك رَجُلاً واحدًا خَيرٌ لكَ من أن يكونَ لك حُمرُ النَّعَمِ».

هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في أربعة مواضع من صحيحهº أولها في كتاب الجهاد والسير برقم (2942)، وثانيها في كتاب الجهاد والسير أيضًا برقم (3009)، وثالثها في كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - برقم (3701)، ورابعها في كتاب المغازي برقم (4210)، وكذا أخرجه الإمام مسلم في صحيحه برقم (2406)، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (1/333)، وفي فضائل الصحابة برقم (1037).

 

ترجمة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

هو علي بن أبي طالب - واسم أبي طالب عبد مناف - بن عبد المطلب - واسم عبد المطلب شيبة - بن هاشم - واسم هاشم عمرو - بن عبد المناف - واسم عبد مناف المغيرة - بن قصي - واسم قصي زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر. [فضائل الصحابة للإمام أحمد ج1 ص550].

وأم علي هي: فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، وقيل: هي أول هاشمية ولدت هاشميًا، وقد أسلمت وهاجرت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وماتت بالمدينة وشهدها النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قال ابن كثير - رحمه الله تعالى -: وكان له من الإخوة: طالب وعقيل وجعفر وكانوا أكبر منه، وله أختان: أم هانئ وجُمَانَةُ، قال: وكان عليُّ أحدَ العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى، وكان ممن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ,، وكان رابع الخلفاء الراشدين، وكان رجلاً آدم (أسمر)، أسلم قديمًا وهو ابن سبع سنين، وقيل: ابن ثمان، وقيل غير ذلك. وقيل: إنه أول من أسلم، والصحيح أنه أول من أسلم من الغلمان، كما أن خديجة أول من أسلمت من النساء، وزيد بن حارثة أول من أسلم من الموالي، وأبو بكر الصديق أول من أسلم من الرجال الأحرار. وكان سبب إسلام عليٍّ, صغيرًا أنه كان في كفالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -º لأنه كان قد أصابتهم سنة مجاعة فأخذه من أبيه فكان عنده، فلما بعثه الله بالحق آمنت خديجة وأهل البيت، ومن جملتهم علي، وكان الإيمان النافع المتعدي نفعه إلى الناس إيمان الصديق - رضي الله عنه -.

وهاجر علي بعد خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة، وكان أمره أن يقضي ديونه ويرد ودائعه، ثم يلحق به، فامتثل ما أمره به، ثم هاجر، وآخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين سهل بن حنيف، وذكر ابن إسحاق وغيره من أهل السير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخى بينه وبين نفسه، قال ابن كثير: وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة لا يصح منها شيءٌ لضعف أسانيدها وركة بعض متونها. وقد شهد علي - رضي الله عنه - بدرًا وكانت له اليد البيضاء فيها بارز يومئذ فغلب وظهر، وشهد أحدًا وقاتل قتالًا شديدًا وقتل خلقًا كثيرًا من المشركين وغسل عن وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدم الذي كان أصابه من الجراح حين شج في وجهه وكسرت رباعيته، وشهد يوم الخندق فقتل يومئذ فارس العرب - عمرو بن عبد ود العامري وشهد الحديبية وبيعة الرضوان، وشهد خيبر وكانت له بها مواقف هائلة، وشهد عمرة القضاء، وفيها قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنت مني وأنا منك». وشهد الفتح وحنينا والطائف، واعتمر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من

الجِعِرانة، ولما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك واستخلفه على المدينة، قال له: يا رسول الله، أتخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال: «ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي». وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم أميرًا وحاكمًا على اليمن، ومعه خالد بن الواليد، ثم وافى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع إلى مكة وساق معه هديًا، وأهل بإهلال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان علي رضي الله عنه من جملة من غسَّلهُ وكفنه وولي دفنه.

 

أولاد علي ومنهم عثمان وأبو بكر وعمر!!

وزوجه النبي - صلى الله عليه وسلم - فاطمة ابنته - رضي الله عنها - بعد وقعة بدر، فولدت له الحسن والحسين ومحسنًا، وزينب الكبرى، وأم كلثوم، وهذه قد تزوجها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، ومن أبناء علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - من غير فاطمة: العباس، وجعفر، وعبد الله، وعثمان من زوجته أم البنين، وهؤلاء الأربعة قتلوا في كربلاء مع أخيهم الحسين - رضي الله عنهم - أجمعين، ومنهم أيضًا عبيد الله وأبو بكر وهما من زوجته ليلى بنت مسعود، وقد قتلا أيضًا بكربلاء، ومنهم عمر من زوجته أم حبيب بنت ربيعة، وعمر هذا قد عُمِّرَ حتى بلغ خمسًا وثمانين سنة، ومنهم أيضًا محمد الأوسط من زوجته أمامة بنت أبي العاص بن الربيع بن عبد شمس، وأمها زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحملها وهو في الصلاةº إذا قام حملها وإذا سجد وضعها، وأما ابنه محمد الأكبر فهو ابن الحنفية، وهي خولة بنت جعفر بن قيس من بني حنيفة سباها خالد بن الوليد في خلافة الصديق أيام حروب الردة، فصارت لعلي - رضي الله عنه - فولدت له محمدًا هذا، ومن الشيعة من يدعي له الإمامة والعصمة، وقد كان من سادات المسلمينº ولكن ليس بمعصوم ولا أبوه معصوم، بل ولا من هو أفضل من أبيه من الخلفاء الراشدين قبله، ليسوا بواجبي العصمة كما هو مقرر عند أهل السنة والجماعة.

 

بيعة علي - رضي الله عنه - لكل من أبي بكر وعمر وعثمان

لما بويع الصديق - رضي الله عنه - يوم السقيفة، كان علي - رضي الله عنه - من جملة من بايعه بالمسجد، وكان بين يدي الصديق كغيره من أمراء الصحابة يرى طاعته فرضًا عليه وأحب الأشياء إليه - ولما توفي الصديق - رضي الله عنه - وقام عمر في الخلافة بوصية أبي بكر إليه بذلك - كان علي - رضي الله عنه - من جملة من بايعه، وكان معه يشاوره في الأمور، وقدم معه من جملة سادات الصحابة إلى الشام وشهد خطبته بالجابية، فلما طعن عمر - رضي الله عنه - وجعل الأمر شورى في ستة أحدهم علي، ثم خلص منهم بعثمان وعلي، فقدم عثمان على علي - رضي الله عنهما - سمع علي لعثمان وأطاع، فلما قتل عثمان - رضي الله عنه - يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين - على المشهور - عدل الناس إلى علي فبايعوه قبل أن يدفن عثمان، وقيل بعد دفنه، وقد امتنع عليّ - رضي الله عنه - من إجابتهم إلى قبول الإمارة حتى تكرر قولهم له واجتماعهم عليه وإلزامه بذلك، فحينئذ قبل منهم فبايعوه.

 

قتل أمر المؤمنين علي رضي الله عنه

تولى أمير المؤمنين عليٌّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - الخلافة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه على كره منه - كما تقدم-، واستمرت الفتن في عهده وكثرت وتلاحقت، حتى تنغصت عليه الأمور، واضطرب عليه جيشه، وخالفه أهل العراق، ونكلوا عن القيام معه، واستفحل أمر أهل الشام، وصالوا وجالوا يمينًا وشمالاً، وهم يزعمون أن الإمرة صارت لمعاوية بعد واقعة التحكيم، التي تم فيها خلع علي من أبي موسى وعمرو بن العاص، وتولية عمرو معاوية عند خلو الإمارة عن أحد، وقد كان أهل الشام يسمون معاوية الأمير بعد التحكيم، وكلما ازداد أهل الشام قوة ازداد أهل العراق ضعفًا، هذا وأميرهم علي بن أبي طالب خير أهل الأرض في ذلك الزمانº أعبدهم وأزهدهم وأعلمهم وأخشاهم لله - عز وجل -، ومع ذلك خذلوه وتخلوا عنه، حتى كره الحياة وتمنى الموت.

قال ابن كثير في البداية والنهاية: ذكر ابن جرير وغير واحد من علماء التاريخ والسير وأيام الناس: أن ثلاثة من الخوارج هم: عبد الرحمن بن عوف - المعروف بن مُلجَم الحميري ثم الكندي - حليف بني حنيفة المصري، والبُرَكُ بن عبد الله التميمي، وعمرو بن بكر التميمي، اجتمعوا فتذاكروا قتل عليّ إخوانهم من أهل النهروان، فترحموا عليهم، وقالوا: ماذا نصنع بالبقاء بعدهم! كانوا لا يخافون في الله لومة لائمº فلو شَرَينَا أنفسنا فأتينا أئمة أهل الضلال فقتلناهم فأرحنا منهم البلاد وأخذنا منهم ثأر إخواننا! فقال ابن مُلجَم: أما أنا فأكفيكم عليّ بن أبي طالب، وقال البُرَكُ: وأنا أكفيكم معاوية، وقال عمرو بن بكر: وأنا أكفيكم عمرو بن العاص، فتعاهدوا وتواثقوا على ذلك، وتواعدوا ليلة السابع عشر من رمضان.

فأما ابن مُلجَم: فسار إلى الكوفة وأعد عدته واستعان باثنين من إخوانه من الخوارج ووجد تشجيعًا من امرأة خارجية جعلت قتل علي جزءًا من صداقها الذي يصدقها إياه ابن ملجم، فسَمَّ سيفه وكَمَنَ لأمير المؤمنين عند باب المسجد الذي يدخل منه في صلاة الفجر، وضربه على قرنه فسال دمه على لحيته - رضي الله عنه -، ولقي ربه بعد هذه الضربة.

وأما الآخران فلم يفلحا في قتل صاحبيهما، وحاصل الأمر أن عليّا - رضي الله عنه - قتل يوم الجمعة سَحَرًا، وذلك لسبع عشرة خلت من رمضان سنة أربعين من الهجرة، فرضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين وأرضاهم. انتهى. ملخصًا من البداية والنهاية.

 

شرح الحديث

في هذا الحديث بيان لفضيلة علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -º فقد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يحبه اللَّـهُ ورسولُه، ويحب اللَّـهَ ورسولَه، وهذه ولا شك منقبة عظيمة له - رضي الله عنه -، كما أنه يحوي بيانًا لشجاعة عليّ رضي الله عنه، وأنه موفق من الله - تعالى -في قتال الكفار. قوله: «لأعطيَّن هذه الراية غدًا» قال الحافظ في الفتح: وقع في هذه الرواية اختصار، وهو عند أحمد والنسائي وابن حبان والحاكم من حديث بريدة بن الحصيب قال: لما كان يوم خيبر أخذ أبو بكر اللواء فرجع ولم يفتح له، فلما كان الغد أخذه عمر فرجع ولم يفتح له، وقتل محمود بن مسلمة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لأدفعن لوائي غدًا إلى رجل...» الحديث.والراية بمعنى اللواء، وهو العَلَمُ الذي في الحرب يعرف به موضع صاحب الجيش، وقد يحمله أمير الجيش، قال الحافظ: وقد

صرح جماعة من أهل اللغة بترادفها، ولكن روى أحمد والترمذي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «كانت راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سوداء، ولواؤه أبيض». قوله: «فبات الناس يدوكون»: أي يموجون ويخوضون.

وقوله: «فبصق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع». أما بَرَأَ: فبوزن: «ضَرَب»، ويجوز كسر الراء بوزن «عَلِم»، هذا وعند الحاكم عن عليّ نفسه - رضي الله عنه - قال: «فوضع رأسي في حجره ثم بزق في إلية راحته فَدَلَك بها عيني»، وعند البيهقي في الدلائل عن بريدة: «فما وَجِعَها عليّ حتى مضى لسبيله». أي مات. وعند الطبراني عن علي - رضي الله عنه -: «فما رَمِدتُ ولا صَدِعتُ مُذ دفع النبي - صلى الله عليه وسلم - إليَّ الراية يوم خيبر».

قوله: «فقال عليُّ يا رسول الله، أقاتلهم» بحذف همزة الاستفهام. أي: أَأُقاتلهم ؟

قوله: «حتى يكونوا مثلنا» أي حتى يسلموا.

وقوله: «فقال: انفُذ على رِسلِك» أي امض على هِنَتِكَ وتأنيِّك.

وقوله: «ثم ادعهم إلى الإسلام»، استدل به على أن الدعوة شرط في جواز القتال، والخلاف في ذلك مشهورº فبعض الأئمة يرى الدعوة إلى الإسلام شرطًا في جواز القتال، وبعضهم يجيز القتال بدون تقديم الدعوة إلى الإسلام، ويحمل الأمر في هذا الحديث على الاستحباب.

قوله: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا» يؤخذ منه أن تألف الكافر حتى يسلم أفضل وأولى من المبادرة إلى قتله، كما يؤخذ منه أن دعوة الناس بالرفق واللين ليدخلوا في طاعة الله - تعالى -وطاعة رسوله هو هدف الدعوة، وإظهار المحبة للناس لتأليفهم، وليس أنه يدعوهم من أجل أن يقيم عليهم الحجة ليدخلوا النار كما قد يتصور من لا فقه له.

قوله: «حُمرُ النَّعَم» بسكون الميم من «حمر»: جمع أحمر، وبفتح النون والعين من «نَعَم» أي الأنعام وهو من ألوان الإبل المحمودة، قيل: خير لك من أن تكون لك فتتصدق بها، وقيل: تقتنيها وتملكها، وكانت مما تتفاخر بها العرب.

رابعًا: بعض ما ورد في فضائل عليٍّ, رضي الله عنه فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كثيرة، ومناقبه غزيرة ومآثرهُ جمة كبيرة، ولقد وردت نصوص جمة في فضائله - رضي الله عنه - لا نستطيع استقصاءها في هذا المجال،

ولكننا سنقتصر على بعض الصحيح الذي ورد من النصوص في فضائله رضي الله - تعالى -عنه وعن الصحابة أجمعين، فمن ذلك:

1- إخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله: فمن ذلك حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - الذي سبق ذكره وتخريجه وشرحه. وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند مسلم وأحمد: «لأعطين هذه الراية رجلاً يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه». قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، فتشاورت لها رجاء أن أدعى لها، قال: فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليَّ بن أبي طالب فأعطاه إياها.. الحديث.

وحديث سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -: «كان عليّ قد تخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خيبر، وكان به رمد، فقال: أنا أتخلف عن رسول الله؟ فخرج عليُّ فلحق بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما كان مساء الليلة التي فتحها الله في صاحبها قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لأعطين الراية - أو ليأخذن الراية - غدًا رجلاً يحبه الله ورسوله - أو قال: يحب اللَّـهَ ورسولَه، يفتح الله عليه فإذا نحن بعلي... الحديث. [متفق عليه]

وحديث البراء - رضي الله عنه - في ذلك أيضًا، أخرجه الترمذي، وابن أبي شيبة، وغير ذلك من الأحاديث.

2- عليُّ - رضي الله عنه -: لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق: عن زرِّ بن حبيش قال: قال عليّ - رضي الله عنه -: «والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي إليَّ: أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق».

[أخرجه مسلم والترمذي وأحمد وغيرهم]

3- منزلة علي عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واختيار أمر الآخرة له ولفاطمة: عن علي - رضي الله عنه - أن فاطمة - رضي الله عنها - شكت ما تلقى من أثر الرحى، فأُتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبي، فانطلقت فلم تجده، فوجدت عائشة فأخبرتها، فلما جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته عائشة بمجيء فاطمة، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلينا وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبت لأقوم فقال: على مكانكما، فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، وقال: «ألا أعلمكما خيرًا مما سألتماني؟ إذا أخذتما مضاجعكما تكبران أربعًا وثلاثين، وتسبحان ثلاثًا وثلاثين، وتحمدان ثلاثًا وثلاثين، فهو خير لكما من خادم». [متفق عليه]

4- تكنية عليّ بأبي تراب ومداعبة النبي - صلى الله عليه وسلم - له: قال سهل بن سعد - رضي الله عنه -: دخل عليُّ على فاطمة - رضي الله عنها -، ثم خرج فاضطجع في المسجد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أين ابن عمك؟ » قالت: في المسجد، فخرج إليه فوجد رداءه قد سقط عن ظهره، وخلص التراب إلى ظهره، فجعل يمسح عن ظهره فيقول: «اجلس يا أبا تراب، اجلس يا أبا تراب»، وكان سهل بن سعد يقول: والله ما سماه إلا النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما كان له اسم أحبَّ إليه منه.

[أخرجه البخاري برقم: 3703]

5- ذكر محاسن عثمان وعلي - رضي الله عنهما - يسوء الخوارج: عن سعد بن عبيدة قال: جاء رجلٌ إلى ابن عمر - رضي الله عنهما -، فسأله عن عثمان، فذكر من محاسن عمله، قال: لعلَّ ذلك يسوؤك؟ قال: نعم، قال: فأرغَمَ اللَّـهُ بأنَفكِ، ثم سأله عن عليّ، فذكر محاسن عمله قال: هو ذاك بيته أوسط بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم ، ثم قال: لعلَّ ذلك يسوؤك؟ قال: أَجَل، قال: فأرغم الله بأنفك، انطَلِق فاجهَد على جَهدِك. [البخاري وأحمد]

6- قتال علي للمارقين والمتأولين وبيان أن في قتلهم أجرًا عظيمًا: عن سويد بن غفلة قال: قال علي - رضي الله عنه -: إذا حدثتكم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَلأَن أَخِرَّ من السماء أحبٌّ إليَّ من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يأتي في آخر الزمان قومٌ حُدَثَاءُ الأسنَانِ سُفَهَاءُ الأحلام يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانُهُم حَنَاجِرَهُم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم يوم القيامة». [متفق عليه وأخرجه أبو داود والنسائي وأحمد] وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يَقسِمُ قَسمًا إذ أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم، فقال: يا رسول الله اعدِل، فقال: «ويلك ومن يَعدِلُ إذا لم أَعدِل، قد خبتُ وخسرتُ إن لم أكن أعدِلُ». فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه فأضرب عنقه، فقال: دعه فإن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّمِيَّةِ، ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه فما يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نَضِيِّهِ - وهو قِدحُه - فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى إلى قُذَذِه فلا يوجد فيه شيء قد سبق الفَرثَ والدَّمَ، آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر، ويخرجون على حين فرقة من الناس، قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأشهد أن عليَّ بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس فأُتي به حتى نظرت إليه على نعت النبي - صلى الله عليه وسلم - لذي نعته. متفق عليه.

7- شهادة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن عليّا أَقضَى الصحابة: عن ابن عباس قال: قال عمر - رضي الله عنه -: «أقرؤنا أُبَيُّ وأقضَانا عليُّ، وإنا لندع من قول أُبَيّ، وذاك أنَّ أُبيًا يقول: لا أدع شيئًا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد قال الله - تعالى -: «مَا نَنسَخ مِن آيَةٍ, أَو نَنسَأها».

[أخرجه البخاري وأحمد]

8- عليُّ - رضي الله عنه - ومن معه أولى بالحق من معاوية ومن معه: عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تَمرُق مارقةٌ عند فُرقَةٍ, من المسلمين يقتلها أَولَى الطائفتين بالحق».

[أخرجه مسلم وأبو داود وأحمد] وعنه - رضي الله عنه - وكان يحدث عن بناء المسجد فقال: «كنا نحمل لبنةً لبنةً،

وعمارٌ لبنتين لبنتين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار»، قال: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن». [أخرجه البخاري وأحمد]قال الحافظ في الفتح: في هذين الحديثين دلالة واضحة على أن عليًا ومن معه كانوا على الحق، وأن من قاتلهم كانوا مخطئين في تأويلهم «ومع خطئهم فهم مأجورون لأنهم مجتهدون». والله أعلم.

9- قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي - رضي الله عنه -: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى». عن سعد بن أبي وقاص أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى تبوك واستخلف عليًا - أي على المدينة - فقال: أتخلفني في الصبيان والنساء؟ قال: «ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه ليس نبي بعدي».

10- قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعليّ: «أنت مني وأنا منك». عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: «أنت مني وأنا منك». أخرجه الترمذي وقال عقبه: وفي الحديث قصة، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

وأما القصة فأخرجها البخاري بتمامها، وفي نهايتها قال - صلى الله عليه وسلم - لعلي: «أنت مني وأنا منك»، وقال لجعفر: «أشبهت خلقي وخلقي». وقال لزيد: «أنت أخونا ومولانا». الحديث.

 

منهج أهل السنة هو الميزان

والأحاديث في فضائل علي كثيرة جدًا، وأما أنه معصوم فهذا غير صحيح لا هو ولا أحد من ذريته ولا أحد من البشر غير الأنبياء، فإن العصمة لم تثبت إلا للأنبياء فقط، وهذا في مذهب أهل الحقº أهل السنة والجماعة، أما من يدعي العصمة لعلي وبعض ذريته، أو يدعي لهم منزلة فوق منزلة البشر من المؤمنين الصالحين فقوله باطل مردود، إذ لا دليل عليه إلا ترهات وأباطيل اخترعوها من عند أنفسهم ما أنزل الله بها من سلطان، وقد هكلت في عليّ طائفتانº أما إحداهما فَغَلَت فيه وأفرطت حتى جعلته إلهًا يُعبد من دون الله، وهؤلاء شابهوا النصارى في غلوهم في عيسى ابن مريم - عليه السلام -، وأما الأخرى فكفرته ولعنته وأخرجته من الملة، وخرجوا عليه وأولئك شابهوا اليهود في تفريطهم في حق ابن مريم - عليه السلام -، واتهام مريم بالزنا، ولكل من الطائفتين خلف على مرِّ العصور، فالخوارج الذين كفروا عليًا - رضي الله عنه -، كفروه متأولين للقرآن الكريم على غير تأويله، والروافض الذين يعبدون عليًا من دون الله ورفعوه وبعض آل بيته فوق مرتبة الأنبياء والمرسلين والملائكة، إنما فعلوا ذلك بناءً على نصوص اخترعوها أو على فهم عجيب معوج لنصوص القرآن الكريم، وهؤلاء أمرهم أعجب من أمر الخوارج إذ أن مذهبهم يتلخص في أن الله - عز وجل - أنزل كتابه لمدح علي وفاطمة - رضي الله عنهما - وذريتهما، ولذم الصديق والفاروق، وذي النورين وعائشة وحفصة، والحكم على بقية الصحابة بالردة والكفر بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والحق أن هذا دين يختلف عن دين الإسلام الذي جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - من عند ربه. والحمد لله أولاً وآخرًا وظاهرًا وباطنًا.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply