الشاعر المعلم الهادي آدم


  

بسم الله الرحمن الرحيم

يموت الكثيرون..في كل يوم نسمع ببعضهم ونرى بعضهم، ولكننا نقابل موتهم ببعض الأسف، أو بلا أسف يذكر أحيانا، ولكن عندما يموت شخص كان يمثل مؤسسة أثرت بنشاطها في شتى مناحي الحياة فإنك ستتوقف حينها طويلا، وتقفز أياديه البيضاء إلى سطح مخيلتك، وترتسم إنجازاته في ذاكرتكº لترسخ فيها بقدر رسوخ أعماله الضاربة بجذورها في حياة الناس.

 

وعندما يتعلق الأمر بالمربي الهرم، والتعليمي، والشاعر الفذº الهادي آدم فإن الكلمات قد تلهث في سبيل التعبير بعبارات جامعة مانعة لحياة رجل أثرى ساحة التعليم في السودان بخلاصة خبراته وتجاربه، ورفد الساحة الإبداعية السودانية والعربية بإنتاجه المتميز شكلا ومضمونا.

 

كان لقائي الأول به عام 2000م في المركز الثقافي العراقي، وكانت فرحتي عظيمة برؤية شاعر كبير في قامته.. كنت أصطحب كلماته منذ طفولتي في قصيدته (الأم) التي درسناها في المرحلة المتوسطة:

من كان يسقيني ومن يطعم ** وأنا على مهدي أصم أبكم

من ذا يترجم صرختي ويحيلها ** معنى فيدرك ما أقول ويفهم

أمي ويا لفؤادها من جنة ** كم ذا نعمت بها وكم ذا أنعم

 

وعندما زرته في منزله بحي المزاد بالخرطوم بحري استقبلني بتواضعه الجم، وحفاوته البالغة، وكنت في غاية السعادة وأنا أستمع إلى رؤاه الثاقبة في الأدب والحياة، وينتابني الفخر وهو يستمع إلى أعمالي المتواضعة ويبدي رأيه حولها.. وكانت فرحتي غامرة حين أهداني مجموعته الشعرية الكاملةº يزينها إهداء بخط يديه.. أورثني الثقة بنفسي والتي كدت أفقدها في ظل التجاهل والإهمال اللذَين يجابَه بهما المبدعون في بلادنا.

 

ورحت مشدوها أطالع أعمال الهادي آدم وأنا مبهور بهذا الزخم الإبداعي المتنوع في دواوينه: (كوخ الأشواق)، و(نوافذ العدم)، و(عفوا.. أيها المستحيل).. وشدتني تلك النظرة النافذة إلى الحياة في شعره، والفلسفة الاجتماعية التي سكب فيها عصارة تجاربه في الحياة، ووجدتني في آخر الأمر أقرر إجراء دراسة عن شعرهº علها تلعب دورا يسيرا في تسليط الضُوء على هذا الإنتاج الثرّº الذي لم يجد في بلادنا ربع ما يستحقه من الحفاوة والتقديرº فكانت النتيجة دراسية بعنوان (النقد الاجتماعي في شعر الهادي آدم: القصيدة القصة نموذجا).

 

ألا رحم الله الأستاذ الهادي آدم الذي ظل طيلة حياته منارة للإبداع، ومربيا للأجيال بعمله قرابة نصف قرن في مجال التدريس، ونرجو أن يهتم الباحثون، والجهات المعنية بدراسة مؤلفاته، والاستفادة من تجاربه الذاخرةº حتى تستنير بها الأجيال القادمة، وتسترشد بتجاربه وخبراته المديدة.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply