إعدام الخائن فخر الدين المعني


  

بسم الله الرحمن الرحيم

26 شوال 1044هـ - 12 أبريل 1635م:

هو الوالي الخائن، والأمير العميل فخر الدين بن قرقاص بن معن الدرزي، أمير منطقة الشوف اللبنانية، وبيت المعنيين، لهم عراقة قديمة بلبنان، ويزعمون أن نسبهم ينتهي إلى الأمير «معن بن زائدة» الشهير ولكن هذا لا يصح.

وكان فخر الدين المعني الجد قد دخل في خدمة السلطان سليم الأول سنة 922هـ لما رأى من قوته واستعداده لأخذ بلاد الشام من المماليك، ونظير ذلك جعله سليم الأول أميراً على الشوف وجبل لبنانº فازداد نفوذه، وعمل على جعل الولاية في عقبه، فظلت ولاية لبنان في بيت المعني حتى اعتلى فخر الدين بن المعني الحفيد أو الثاني ولاية لبنان وذلك سنة 999هـ، وكان رجلاً وصولياً كبيراً استطاع أن يستولي على بلاد كثيرة منها صيدا وصفد، وبيروت وأجزاء من سوريا، وقويت شوكته بشدة، وأصبح له جيش كبير يبلغ أربعين ألفاً من الدروز والنصيرين، والنصارى والأراذل من أهل الشام([1]).

بعد أن شعر فخر الدين بقوته كاشف بالعداوة، وخرج عن الطاعة، وراسل الإيطاليين فأمدوه بأموال كثيرة، ودفعت له جمهورية البندقية كميات كبيرة من الذهب لبناء القلاع والحصون، ثم أعلن العصيان سنة 1022هـ، فأرسل إليه السلطان أحمد الأول جيشاً بقيادة والي الشام أحمد باشا الحافظ، وكان من قبل يتشكك في نوايا فخر الدين، ويحذر الدولة العثمانية من توسعاته، فلما علم فخر الدين بقدوم الجيش العثماني لمحاربته فر قبل اللقاء، واتجه إلى إيطاليا، ومكث فيها سبعة أعوام حتى عُزل أحمد باشا الحافظ عن ولاية الشام، فعاد فخر الدين للبنان، وعفا عنه السلطان «عثمان الثاني».

بعد أن عاد فخر الدين للبنان مرة أخرى لم يرتدع مما جرى في المرة السابقة، فأعاد الكرة، وجمَّع حوله كل أعداء الإسلام، وازداد في غيه وعتوه، وبلغ أتباعه مئة ألف مقاتل، وعاود العصيان وشق عصا الطاعة، فأرسل إليه السلطان «مراد الرابع» جيشاً بقيادة والي دمشق فانتصر عليه، وأسره وولديه، وبعث بهم للسلطان «مراد الرابع» الذي عاملهم بإحسان وعفا عنهم رغم أنهم أكثر الناس خيانة وعصياناً وعمالة للصليبيين والإيطاليين خصوصاً، إضافة لكفرهم وضلالهم.

هذه المعاملة الطيبة من جانب الدولة العثمانية شجعت «قرقماز» حفيد فخر الدين المعني بالتحرك، فعندها أعاد السلطان «مراد الرابع» النظر في التعامل مع فخر الدين، فأصدر قراراً بإعدامه وولديه، وتم إعدام فخر الدين يوم 26 شوال 1044هـ - 12 أبريل 1635م لتنتهي بذلك حياة خائن ظل على خيانته وعصيانه قرابة الخمسين سنة، عمل خلالها على إضعاف الدولة العثمانية، وتقوية الدروز والنصيريين، وسائر الملاحدة بالشام.

والدروز فرقة باطنية من أتباع المذهب الإسماعيلي، تؤله الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، والذي أسس هذه الفرقة رجل اسمه «نشتكين الدرزي» بالتعاون من رجل آخر اسمه «حمزة الفرغاني» وذلك في مصر سنة 408هـ، وعقيدة هذه الفرقة خليط من عدة أديان وأفكار وفلسفات، وتعتمد على السرية الكاملة على عقائدها فلا يعلمها حتى عوام هذه الطائفة، ومن أهم معتقداتها:

(1) يعتقدون بألوهية الحاكم بأمر الله، وأن روح الله - جل وعلا - قد حلت في علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، ثم الحاكم الفاطمي، وأن الأنبياء والرسل جميعاً لا أصل لهم، وينكرونهم جميعاً.

(2) يقولون بتناسخ الأرواح، وأن الثواب والعقاب يكون بانتقال الروح من جسد صاحبها إلى جسد أسعد أو أشقى، وينكرون الجنة والنار.

(3) ينكرون القرآن الكريم، ويقولون: إنه من وضع سلمان الفارسي، ولهم مصحف خاص بهم وضعه لهم «كمال جنبلاط» يسمونه المنفرد بذاته.

(4)  يكفرون سائر أتباع الديانات، وهم أشد الناس عداوة للمسلمين، ويحرمون التزاوج من غيرهم.

(5)  لا يصومون رمضان، ولا يحجون الكعبة.

(6)  ينقسم المجتمع الدرزي من الناحية الدينية إلى قسمين:

1- الروحانيين: وهم الذين يعلمون أسرار الطائفة، وهم ثلاثة أقسام: رؤساء، وعقلاء، وأجاويد.

2- الجثمانيين: الذين يعتنون بالأمور الدنيوية، وهم قسمان: أمراء، وجهال.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply